|
لماذا الخيار الشعبي السلمي؟
نشر بتاريخ: 09/04/2018 ( آخر تحديث: 09/04/2018 الساعة: 13:01 )
الكاتب: د.ناجي صادق شراب
الخيار النضالي الشعبي هو خيار الشعوب التي وقعت تحت نير الاحتلال من قبل قوى إحتلال حكم سلوكها القوة المفرطة. وهو خيار بكل دلالته السياسية خيار حضاري ديموقراطي، يعكس واقع بين قوتين، الأولى قوة الشعب الذي لا يقهر، وهو صاحب حق ان يعيش مثل بقية شعوب العالم المتحررة الديموقراطية، وقوة دولة إحتلال عسكرية ليس لها حق في إحتلال شعب آخر وسلب أرضه.
وبهذا المعنى العام هي رسالة لكل شعوب الأرض بما فيها شعب الاحتلال ان هناك شعب مسلوبة حقوقه بفعل القوة العسكرية، وانه من منطق ثورة الحقوق ومناهضة التسلط والإستبداد وإنتهاك الحقوق على شعوب العالم الحر الديموقراطي أن تتحرك وتضغط على حكوماتها لتمارس ضغطها على إسرائيل الدولة المحتلة لتنهى هذا الاحتلال. وهذا هو الهدف النهائي لمثل هذه مسيرات. والرسالة الثانية ان الشعوب حيه باقيه لا يمكن إستئصالها، والهدف هنا واضح ان هناك شعب فلسطيني له كل مقومات الشعوب، شعب حضاري، تاريخي يمارس ويشارك أبنائه في عملية البناء الحضاري والسياسي ليس فقط على المستوى الداخلي بل على المستوى الحضاري العالمي. جوهر الفعل الشعبي إبراز البعد الإنساني، وحجم المعاناة التي يعانيها الشعب بفعل الاحتلال، والتركيز هنا على إبراز سلوكيات الاحتلال من قوة مفرطة، وغطرسة وعنصرية، وفي النهاية هذا السياسة ستجعل الاحتلال مكلفا وثمنه عاليا، يدفع ثمنه الشعب الفلسطيني الذي يقبع تحت الإحتلال لعقود طويلة، بل وجعله مكلفا وثمنه مرتفعا لدولة الاحتلال، وللشعب الإسرائيلي. والنتيجة الحتمية النهائية هو إنهاء الاحتلال، وممارسة الشعب الفلسطيني لكافة حقوقه المدنية والسياسية كبقية الشعب، في إطار دولة سياسيه مدنية ديموقراطية لا تشكل تهديدا لكل من حولها، ملتزمة بميثاق الأمم المتحده في حفظ السلم والامن العالميين ونبذ العنف والإرهاب، والتفكير مستقبلا عن حلول للتعايش المشترك بين الفلسطينيين والإسرائيليين بحكم التلاصق الجغرافي والعيش على نفس المكان، والتعاون البشري لما يحقق الإزدهار والتطور. وهنا في هذه الصورة المثالية تستبدل ثقافة السلام والتعايش والقبول المشترك محل ثقافة الحقد والكراهية والعنف والقتل والإلغاء وعدم الإعتراف بالآخر. هذا الخيار مارسته العديد من الشعوب كالشعب الهندي بزعامة ملهما غاندي هذا الرجل العجوز الضعيف، ولم يكن أحد يعرف ان في ضعفة هذا كانت قوة الهند وشعبها، وقوة أسلوبه، ونجح في هزيمة أكبر إمبراطورية في العالم بريطانيا. والنموذج الثاني جنوب افريقيا بزعامة الملهم نيلسون مانديلا، تبنيه أسلوب العصيان المدني والمقاومة السلمية بقيادة حزب المؤتمر، الذي نجح في تبيان العنصرية البغيضة التي تمارس على الأكثرية السوداء صاحبة الحق في ألأرض ضد ألأقلية البيضاء المسيطرة والمتحكمة في مصادر الحياة، هذه الصورة البغيضة من العبودية البشرية هي أجبرت العالم الحر على التحرك وممارسة الضغط على الأقلية البيضاء الحاكمة، وإنهاء هذه العنصرية بنظام سياسي ديموقراطي، ونموذج للممارسة الحقوق كافة، وصولا لصيغة التعايش المشترك. هذه المسيرة إحتاجت 99 عاما من النضال السلمي الشعبي، لذلك احد اهم مقومات الخيار السلمي الشعبي أنه يحتاج إلى وقت طويل، وإستمرارية وديمومة حتى يؤتى نتائجه، ويحتاج ثانيا إلى مشاركة جماهيرية واسعة، وثالثا تحتاج إلى مشاركه ودعم إقليمي ودولي من قبل الشعوب والمؤسسات الناشطة في مجال حقوق الإنسان، هذا المتطلبات كفيلة ان تسقط مقولات الإحتلال وتجعله يسعى هو للمطالبه بإنهاء إحتلاله. مسيرة الشعب الفلسطيني قد تكون الاولى في آلياتها وحجمها، وما يؤخذ على خيارات النضال الفلسطيني الإنقطاع بين الخيارات المتعددة لإنهاء الاحتلال واحيانا كثيرة غلبة الخيارات ذات البعد العسكري، والعمليات التي كانت تشكل رغم إظهار معاناة الشعب الفلسطيني مخرجا ومبررا لإسرائيل لوصف نضال الشعب الفلسطيني بالإرهاب. ومما يؤخذ أيضا على نضال الشعب الفلسطيني الذي لم ينقطع يوما ضد الإحتلال غياب الديمومة والإستمرارية، وهنا التداعيات السلبية لتشكيل السلطة او قيادة السلطة لتحديد الخيارات التي تركزت في المفاوضات فقط، دون دعم جماهيري سلمي، ولنجاح هذا الخيار السلمي لا بد من توافر عوامل كثيره، أولا الإبتعاد في أساليب التعبير عنها عن كل ما له علاقة بالعنف وألإرهاب، ودع إسرائيل تمارس قوتها المفرطة التي ستنقلب عليها، وراينا ذلك في أعقاب سقوط 22 شهيدا مدنيا سلميا عزل من السلاح، وثانيا توفير البيئة السياسية والإجتماعية الحاضنة، وهنا لا بد من إنهاء الإنقسام الذي كفيل إستمراره بإجهاض إنجازات المسيرة السلمية، وثالثا خلق الدعم الدولي والإقليمي وبالأحرى ستفرضه المسيرة السلمية للشعب الفلسطيني. هذا الخيار قد يكون متوازيا مع الخيارات الأخرى التي تفرضها القضية الفلسطينية من خيار للسلام والمفاوضات وتفعيل لخيار الشرعي والمسؤولية الدولية. في النهاية درس التاريخ الحتمب لا شيء يقف امام حركة الشعوب المناضلة من اجل الحقوق والسلام وإنهاء الاحتلال, لا يوجد إحتلال إنتصر على نضال ومقاومة شعب. |