وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

اغتصاب

نشر بتاريخ: 11/05/2018 ( آخر تحديث: 11/05/2018 الساعة: 12:03 )
اغتصاب
الكاتب: عيسى قراقع
كشف الباحثون الاسرائيليون بعد مرور سبعين عاما على النكبة عن ممارسات وحشية وقاسية تعرض لها السكان المدنيون الفلسطينيون خلال حرب 1948 وعمليات اعتقال واسعة طالت الكبير والصغير الرجل والمرأة وفرزهم في معسكرات: أما التصفية الميدانية المباشرة وإما الطرد خارج الوطن.
الفترة المفقودة من التوثيق التاريخي والتي هجر فيها شعبنا من قراه بفعل القوة المسلحة وارتكاب المذابح والتطهير العرقي وما رشح فيها من شهادات تشير الى عمليات اعتقال واسعة جرت بحق ابنا شعبنا تعرضوا خلالها لكل انواع البطش والقمع والمعاملة المهينة على يد عصابات وجنود منفلتين لا رقابة عليهم ينفذون سياسة جرائم ابادة على البشر و المكان.
لم اعد مستغربا حتى في الفترة الحالية عن سماع عمليات اغتصاب وتحرش جنسي وممارسات لا اخلاقية لجنود الاحتلال وضباطه ومحققيه مع المعتلقين الفلسطينيين، فهو امتداد لسياسة ممنهجة راسخة في العقل الاسرائيلي وثقافته وتربيته ونظرته الى كل فلسطيني، فالفساد الاخلاقي جزء من المؤسسة العسكرية الاسرائيلية وجزء من السياسة الرسمية المتواصلة والبعيدة عن كل النوازع الانسانية والاخلاقية.
خلال النكبة الفلسطينية وقعت عمليات اغتصاب بحق النساء والفتيات الفلسطينيات بعد اعتقالهن واحتجازهن وهذا ما كشفته تقارير منفردة في تلك الفترة للصليب الاحمر الدولي والامم المتحدة، وقد وصل الامر حسب التقارير ان النساء يبقين تحت رحمة الاسرائيلين عندما يتم اعتقال الرجال وارسالهم الى المعسكرات.
الباحث الاسرائيلي ايلان بابيه ذكر في كتابه التطهير العرقي في فلسطين ان مجموعة من الجنود الاسرائيليين اقتحمت احد المنازل فقتلت الاب وجرحت الام واغتصبت الابنة، وقد اصبحت النساء هدفا لجرائم حرب بشعة ارتكبها جنود الاحتلال ، وهذا ما ابرزه التاريخ الشفهي الذي رواه الضحايا والتي كشفت عن أفظع الجرائم اللاإنسانية والمخيفة التي حدثت خلال النكبة.
الذين ارتكبوا الجرائم لم يحاكموا، وعندما تكلم احدهم بعد مرور زمن طويل تحدث عن فتاة تم اعتقالها وجرى حلق شعرها وتناوب الجنود على اغتصابها وبعد ذلك قتلوها.
الاغتصاب للانسان والارض مستمر، اطفال يروون حكايات التحرش الجنسي بحقهم خلال استجوابهم في غرف التحقيق، نساء اسيرات يتعرضن لمعاملة لا اخلاقية ومهينة خلال الاعتقال والتحقيق معهن، واكثر من ذلك ما تتعرض له نساؤنا خلال الزيارات لأبنائهن على يد الجنود خلال التفتيشات المذلة.
ما كشفه الاسير اللبناني مصطفى ديراني عن عملية اغتصابه في معسكر اسرائيلي سري يفتح هذا الملف واسعا عن دولة احتلال بربرية تتصرف بهمجية مع كل اسير واسيرة فلسطينية وليس الهدف انتزاع معلومات بقدر ما هو تدمير النفس الانسانية وقتل الروح البشرية ، وما ترويه الاسيرات عن عمليات التعرية خلال الاعتقال وعدم مراعاة الخصوصية واستغلال النساء ووضعهن في ظروف قاسية وصعبة خلال الاعتقال يوضح الكثير من الجرائم الانسانية.
اغتصاب، هي النزعة العسكرية وتجريد الانسان من انسانيته، وهي هذا الانحدار المتواصل لدولة وصلت الى اقصى الفاشية والعنصرية ، قتل وجرح وهدم بيوت وحظر تجول واغلاق وحصار واعتقالات وتعذيب وتدمير ونهب، وهي رواية النكبة، الجروح المدفونة والشفاه الصامتة بعد سبعين عاما.
اغتصاب، من هنا دونم ومن هناك دونم، بعد تحويل الكواشين ستكون الارض كلها لنا، هذه القرية مخماس ما هي الا قريتنا مخماش، وهناك قرى كثيرة كلها لنا، حتى دمشق ونهر الفرات، هذا لسان حال الكاتب الاسرائيلي اسحق شاليف.
اغتصاب، هذه المرة لن نعفي عن الاسرى، اقتلوهم جميعا، وفي ذلك اليوم لم نهتم بالقبض على اسرى، فكل من حاول الهروب او يحمل السلاح نطلق عليه النار ونقتله، هذا لسان حال الكاتبة الاسرائيلية يميا تشرنوفيتش.
اغتصاب، القتل، وكيف ينفذ، الاغتصاب، وكيف ننجو من الموت، وكأنه لا يوجد في هذا العالم سوى قتلى وقتله، كنا نسكب السولر ونحرق ثيابا او بوابة خشب او سطحا من قش وننتظر كي نرى كيف تلتهمه النيران، بالنسبة لي القتلى والدم وكل شيء كانه لا شيء، هذا لسان حال المربي الاسرائيلي غابرئيل تيروش.
اغتصاب ، انهم يمشون بين الجثث، يوجهون ركلاتهم الى فك القتيل بقوة، لكي تتطاير اسنان الذهب من فمه، يفتشوا الجثث وينظروا ان كان هناك شيء يلمع في الفم هذا لسان حال الكاتب الاسرائيلي حاييم غوري.
اغتصاب، صراخ خلف الجدران، في العتمة، وحوش لا تعرف الرحمة، دماء على الصدر وعلى الساقين، صوت امرأة فلسطينيّة خرجت من الغياب تصرخ: دعوني اتكلم..دعوني اتكلم.