|
مسيرة العودة تحدد مستقبل قطاع غزة
نشر بتاريخ: 23/05/2018 ( آخر تحديث: 23/05/2018 الساعة: 11:38 )
الكاتب: محمد حجازي
بدون أدنى شك أن مسيرة العودة حققت إنجازات كثيرة، أهمها أن الغزيين اختاروا شكل المواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، وهو الشكل الذي اختلف عليه الفلسطينيون في مراحل سابقة، الانتفاضة الشعبية غير المسلحة الأقل كلفة وتعطي نتائج سياسية أفضل. خاضت إسرائيل ثلاثة حروب كبيرة ضد قطاع غزة آلاف الشهداء والجرحى وتدمير هائل في المباني السكنية والمنشآت وخاصة الكهرباء وقبل ذلك خسرنا المطار ومنشآت الميناء، وكانت النتائج السياسية سلبية، أرادت حماس إنهاء الحصار ولم يحدث بل زاد كثيرا، وخاصة يعد الإجراءات التي فرضتها السلطة على قطاع غزة.
دشنت مسيرة العودة مسارا نضاليا هاما في هذه المرحلة وخاصة لحركة حماس، التي تسيطر على قطاع غزة منذ 11 عاما، خاصة بعد انسداد الأفق والخيارات أمامها رأت حماس في مسيرة العودة فرصة في تسليط الضوء على دورها وقوتها في المشهد السياسي كطرف أولا بسيطرته على القطاع وثانيا بتنافسه مع حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية في قيادة وتمثيل الشعب الفلسطيني ، وللنظر في تصريحات حركة حماس نلحظ مدى انتعاش الدور السياسي، حتى على صعيد المصالحة ارتفع وتيرة السقف السياسي من ملاحظات على التمكين والرواتب إلى عقد مجلس وطني توحيدي، وأي اتفاق يجب أن ينطلق من مسيرة العودة أي من قوة واستثمار حركة حماس لمسيرة العودة. استطاعت حركة حماس من إحداث استدارة في الرأي العام المحلي الذي كان يحملها مسؤولية ما آلت إليه الأمور في قطاع غزة، إلى مسؤولية السلطة الفلسطينية خاصة بعد الإجراءات ضد القطاع، التي زادت من معدلات الفقر والبطالة إلى مستويات غير مسبوقة، إلى جانب أن سلوك حماس في مسيرة العودة "رغم الملاحظات عليه" ولكنه حظي باحترام الفلسطينيين خاصة في الخارج، من خلال الحملات التي لاحظناها في الفترة الأخيرة، أخطأت قيادة السلطة كثيرا وهي صاحبة النضال الشعبي السلمي في إدارة واستثمار مسيرة العودة، كان من الممكن أن تتبناها من خلال إلغاء كافة الإجراءات العقابية التي لم تمس بنية حركة حماس الإدارية والتنظيمية بل مست الشعب بكل مكوناته، كان من الممكن أن تستثمر نضالات مسيرة العودة سياسيا في مواجهة صفقة القرن أو في مواجهة محاولات تهويد مدينة القدس أو في وقف الاستيطان أو إخراج دفعة من أسرانا الأبطال وحتى تبيض السجون الإسرائيلية كان يمكن الكثير، ولكن الانقسام كسر ظهر مسيرة العودة وجعل حركة حماس القوة التي تسيطر على القطاع ، تشعر بنشوة النصر وتحدد شروطها أولا يفك الحصار عنها كحركة وثانيا الاعتراف بها كلاعب رئيسي لا يمكن تجاهله، لذلك كانت حريصة على استمرار مسيرة العودة وعلى إيقاعها والتحكم بمستوى الزخم استنادا لواقع التحركات المصرية والقطرية فيما يخص فك الحصار. لكن في السياسة أشياء لا يمكن تجاهلها، لا يكفي تعاطف العالم مع الشعب الفلسطيني وإلا لكان الشعب الفلسطيني قد نال حقوقه في تقرير مصيره، حسابات السياسة والمصالح الحالية لا تتفق مع رغبات الفلسطينيين وخاصة مع حركة حماس، إذا أرادت حركة حماس استثمار ما يحدث، عليها أن لا ترفع سقف توقعاتها، فالرياح تهب في غير صالحها، ومن جهة أخرى تخفيض سقف التوقعات أو القبول بما تيسر لها من تنازلات هنا أو هناك يضعها في خانة التساؤلات على الصعيد الشعبي، التضحيات كانت كبيرة جدا تستحق منا جميعا أن نحترم عقول ووجدان الذين شاركوا وضحوا بدمائهم الزكية في ميادين مسيرة العودة، وحتى نكون أوفياء لهم علينا أن نلبي طموحاتهم بوحدة الفلسطينيين السياسية كما توحدوا في ميادين مسيرة العودة، الرد السياسي على عنجهية الاحتلال وإكراما للفلسطينيين جميعا وخاصة لأهل قطاع غزة هو بالذهاب للمصالحة بدون شروط، وعلى حركة حماس ان تتعلم كيف تكون قوة في المعارضة السياسية على أساس الشراكة في البرنامج السياسي التوافقي، وهذا الهدف السامي تدعمه كل القوى الفلسطينية، حيثما كانوا حلفاء في الميدان عليهم أن يكونوا حلفاء في السياسة. كثرة في الفترة الأخيرة تحركات سياسية لوقف مسيرة العودة، التي باتت تتحول مع الزمن إلى تقليد وفعل نضالي هام للتأكيد على حق العودة وقضية اللاجئين التي حاولت إدارة ترامب تهميشها وتجاهلها والقضاء عليها من خلال قطع المساعدات عن وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" ومحاولة إحالتها للتقاعد. مراهنة حركة حماس على مفاعيل مسيرة العودة تبقى ناقصة بدون إنجاز المصالحة، لأن الطرف الذي لديه القدرة على استثمار مسيرة العودة سياسيا هي السلطة الفلسطينية، ستبقى حماس على هامش التحركات الدولية لأنها فصيل سياسي غير معترف به، فك الحصار عن قطاع غزة تنهيه المصالحة، فلماذا نضع على سبيل المثال فتح معبر رفح أو إدخال سلع تجارية وإدخال مساعدات ثمنا لتضحيات شعبنا في مسيرة العودة، وهل من الحكمة أن يكون الثمن بهذا الشكل. |