|
الاحتلال يهدد تجمعات سكانية كاملة بالتهجير
نشر بتاريخ: 05/06/2018 ( آخر تحديث: 07/06/2018 الساعة: 09:16 )
القدس - معا - اصدر "بتسيلم" مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة، تقريرا حول التهجير القسري للمواطنين من اماكن سكنهم، حيث آلاف البشر الذين يعيشون في التجمعات الفلسطينية المنتشرة في منطقة C في الضفة الغربيّة معرّضون لخطر حقيقيّ بترحيلهم من قبل السلطات من مواقع سكناهم بتسويغات مختلفة.
وحسب التقارير التالية التي ترِد من باحثي بتسيلم حول وضع التجمّعات ومحاولات سلطات الاحتلال لطردهم. عشرات التجمّعات السكّانية التي يسكن فيها آلاف الفلسطينيين تنتشر في منطقة تبلغ مساحتها نحو 60% من مساحة الضفة الغربية تلك التي جرى تصنيفها كمناطق C ويعتاش سكّانها على الزراعة ورعي الأغنام، منذ عشرات السنين تطبّق سلطات الاحتلال سياسة هدفها تهجير هذه التجمّعات عبْر خلق واقع معيشيّ يصعب تحمّله إلى حدّ اليأس منه، ومن ثمّ الدفع بهؤلاء الفلسطينيين إلى الرحيل عن منازلهم - وكأنّما بمحض إرادتهم. تشمل هذه السياسة فيما تشمل فرض منع جارف على بناء المباني السكنيّة أو المباني العامّة في هذه التجمّعات ورفض وصلها بالمرافق الأساسية كالكهرباء والماء والامتناع عن شقّ طرق تسهّل الوصول إليها. عندما لا يجد السكّان مفرًّا ويبنون دون ترخيص تُصدر "الإدارة المدنيّة" أوامر الهدم بحقّ منشآتهم. في بعض الحالات يجري تنفيذ تلك الأوامر ولكن في جميع الأحوال يبقى تهديد الهدم شبحًا يحوم طيلة الوقت فوق رؤوس السكّان. في بعض التجمّعات هناك أسَر هدمت "الإدارة المدنيّة" منزلها عدّة مرّات. إضافة إلى ذلك فإن "الإدارة المدنيّة" تهدم جميع المرافق التي يُنشئها السكّان بأنفسهم - كالألواح الشمسيّة التي تزوّدهم بالكهرباء وآبار المياه وطرقًا تمّ شقّها - كما تصادر الصهاريج أو تقصّ الأنابيب التي تمدّ السكّان بالمياه. وحسب مركز "بتسيلم" فقد صرّحت جهات إسرائيلية على مر السنين أنّها تعتزم ترحيل جزء من سكّان التجمّعات إلى ما تسمّيه "مواقع تثبيت" (مواقع يسكنون فيها بشكل دائم) كأنّما بهدف تحسين مستوى حياتهم. هدف هذه المخطّطات - التي لم تُنشر في شأنها سوى معلومات جزئيّة - تركيز الفلسطينيين في مناطق ضيّقة داخل مواقع سكن مدينيّة وهذه ستصعّب عليهم مواصلة كسب رزقهم من الزراعة ورعي الأغنام. هكذا ستحقّق إسرائيل غايتها وتسلب من هؤلاء السكّان مناطق سكناهم لتستخدمها لاحتياجاتها هي. وكما هو الأمر في شأن جميع نواحي الحياة تحت وطأة الاحتلال، وضع هذه المخطّطات إسرائيليّون في تجاهُل تامّ لسكّان التجمّعات الذين لا يملكون أيّة قوّة سياسيّة - أو حتى قوّة تمثيليّة شكليّة - تمكّنهم من التأثير في عمليّات صنع القرار. هذا الواقع يصبح صارخًا على نحوٍ خاصّ في السياق الحاليّ نظرًا إلى أنّ هذه المخطّطات تفرض تغييرات حادّة على نمط حياة السكّان الفلسطينيين وتمسّ مسًّا خطيرًا بفرصهم لكسب الرّزق. لم يجرِ حتّى الآن تنفيذ أيّة خطّة بعد. تركّز سلطات الاحتلال مساعي التهجير في ثلاث مناطق في الضفة الغربية: جنوب جبال الخليل: نحو ألف إنسان نصفهم أطفال وفِتيَة يعيشون تحت تهديد التهجير من منازلهم وهدم قراهم. لقد سبق أنْ رحّل الجيش سكّانًا من هذه المنطقة في نهاية عام 1999 بحجّة إعلانها "منطقة إطلاق نار" منذ الثمانينيّات؛ ذلك رغم أنّ إسرائيل - كدولة احتلال - لا يحقّ لها إعلان مناطق كهذه داخل الأرض المحتلّة. في أعقاب التماسات رفعها السكّان إلى محكمة العدل العليا الاسرائيلية سُمح لهم بالعودة مؤقتًا إلى منازلهم إلى حين البتّ في الالتماسات وإصدار المحكمة قرارها؛ لكنّ شبح الترحيل ما زال باقيًا وما زالت أمام المحكمة التماسات في هذا الشأن لم يصدر الحُكم فيها بعد. منطقة "معليه أدوميم": في سنوات الثمانين والتسعين رحّلت "الإدارة المدنية" مئات البدو من عشيرة الجهالين عن مناطق سكناهم ومعيشتهم وذلك بهدف إقامة مستوطنة "معليه أدوميم"، ثمّ بهدف توسيعها. جرى نقل السكّان إلى موقع ثابت أقيم لأجلهم في جوار مزبلة أبو ديس. وحتّى بعد ذلك الترحيل ما زال نحو 3,000 فلسطيني آخرون من سكّان المنطقة مهدّدين بالترحيل. من هؤلاء 1,400 فلسطيني يسكنون في منطقة جرى تعريفها باسم 1E، جعلتها إسرائيل ضمن مسطّح نفوذ مستوطنة معليه أدوميم لتنشئ تواصلاً عمرانيًّا بين المستوطنة ومدينة القدس. منطقة الأغوار: هنالك ما يقارب 2,700 شخص يسكنون في نحو عشرين تجمّع رعوي في الأغوار، في أراضٍ أو على أطراف أراضٍ أعلنها الجيش مناطقَ إطلاق نار. تسعى "الإدارة المدنيّة" بوسائل مختلفة إلى منع هؤلاء الفلسطينيين من مواصلة السّكن في المنطقة ومن ضمن تلك الوسائل هدم منازلهم مرارًا وتكرارًا وإخلاؤهم المتكرّر لفترات قصير بحجّة التدريبات العسكريّة ومصادرة الصهاريج التي تزوّدهم بالمياه. من وراء هذه الممارسات المخالفة للقانون تسعى سلطات الاحتلال إلى تحقيق غاية سياسيّة صرّحت بها جهات رسميّة في مناسبات مختلفة وهي استغلال الوقت لفرض وقائع ثابتة على الأرض والسيطرة على تلك المناطق. كلّ هذا بهدف خلق ظروف تسهّل ضمّ هذه الأراضي إلى حدود دولة إسرائيل قانونيًّا في إطار تسوية مستقبلية؛ وحتى ذلك الحين تعمل إسرائيل على ضمّها فعليًّا. في هذه الأثناء وطيلة عشرات السنين حتى الآن تنتهك إسرائيل مرّة تلو المرّة حقوق الإنسان الخاصة بسكّان تلك التجمّعات بشكل منهجيّ وشامل وفظّ. سياسة إسرائيل هذه تناقض أحكام القانون الإنساني الدولي الذي يحظر النقل القسريّ لسكّان محميّين (إلاّ إذا جرى الأمر لأجل ضمانة سلامتهم أو لأجل أغراض عسكرية ضروريّة - وهذان استثناءان لا راهنيّة لهما في حالة هذه التجمّعات السكّانية). حظر النقل القسريّ يسري ليس فقط على النقل باستخدام القوّة وإنّما أيضًا على حالات يغادر فيها الناس منازلهم دون إرادتهم الحرّة أو نتيجة لضغط تعرّضوا له هم وأسَرهم. من هنا فإنّ الرّحيل عن بلدة في أعقاب ظروف معيشيّة لا تُحتمَل تعمّدت السلطات فرضها - عبر هدم المنازل أو الحرمان من الكهرباء والماء مثلاً - يُعتبَر نقلاً قسريًّا وبالتالي محظورًا، ما يشكّل جريمة حرب على الضالعين في ارتكابها تحمّل المسؤولية عنها شخصيًّا. |