|
خبراء: الواقع البيئي في غزة يستدعي دعما عاجلا لتدارك الانهيار الكامل
نشر بتاريخ: 07/06/2018 ( آخر تحديث: 07/06/2018 الساعة: 15:10 )
غزة- معا- أكد خبراء بيئيون ومختصون اقتصاديون، أن واقع البيئة في قطاع غزة في تردٍ مستمر نتيجة القيود الإسرائيلية المتواصلة والخلافات السياسية الفلسطينية وما أعقب ذلك من سوء للأوضاع الاقتصادية خلال الأشهر الأخيرة، داعين إلى تكاتف محلي ودولي لمحاولة إنقاذ المرافق البيئية قبل الانهيار المرتقب حدوثه.
ورصد هؤلاء الخبراء انعكاسات سلبية خطيرة للظروف الاقتصادية على قطاعات البيئة المختلفة في القطاع الساحلي البالغ مساحته 365 كيلو متر مربع، مشددين على ضرورة أن تبذل الجهات المختصة جهدًا مضاعفًا تجاه الدول المانحة لحشد التمويل اللازم للبدء بتنفيذ مشاريع بيئية وتنموية في غزة. جاء ذلك خلال ندوة حوارية نظمها مركز العمل التنموي "معا" بالشراكة مع مؤسسة "هينرش بل"، بعنوان: "انعكاسات الواقع الاقتصادي المنهار على بنية البيئة في قطاع غزة.. مؤشرات ودلائل". وشدد الخبراء البيئيون والمختصون الاقتصاديون على عدم اقحام الخلافات السياسية الفلسطينية في القضايا الخدماتية والبيئية المختلفة، ووجوب قيام المجتمع الدولي بالضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي للسماح بإدخال المواد الأساسية التي تحظر إيصالها للقطاع منذ سنوات بذريعة إمكانية استثمارها لأغراض عسكرية. كما طالبوا بالسعي لتطوير الكفاءات القائمة على قطاعات البيئية المختلفة من خلال برامج تدريبية تساهم في تجاوز الأزمات المستمرة والمتراكمة. وأكد مدير التوعية البيئية في سلطة جودة البيئة، الدكتور أحمد حلس، أن قطاع غزة الذي يعاني من كثافة سكانية عالية تزيد عن مليوني نسمة، يشهد استنزافًا للموارد الطبيعية "بشكل رهيب جدًا وبأرقام لا يمكن تخيلها"، واصفًا الواقع البيئي بأنه "صعب جدًا". وذكر أن الحروب الإسرائيلية الثلاث على قطاع غزة بين عامي 2008 و2014م أحدثت تدميرًا ممنهجًا للبنى التحية، فاستهدفت آلة الحرب عن قصدٍ خزانات وشبكات مياه رئيسة بغرض إحداث شلل في إمدادات المياه الواصلة إلى منازل المواطنين. وبفعل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة بين حلس أن 120 ألف لتر مكعب من مياه المجاري غير المعالجة تضخ يوميًا إلى مياه البحر، تحتوي على طفيليات آدمية تقاوم الظروف المناخية ويمكنها نشر الأمراض بين المصطافين في فصل الصيف، في ظل أن البحر يعد متنفس السكان الوحيد. بدوره، حذّر مدير عام المياه والصرف الصحي في بلدية غزة، المهندس ماهر سالم، من أن البلدية قد لا تكون قادرة على الاستمرار في خدماتها أبعد من ستة أشهر بسبب توقف شبه كامل للمساعدات الخارجية، وضعف عمليات تحصيل الجباية الداخلية. وأكد سالم أن البلدية وفي ظل نقص الجباية لأقل من 7%، خصوصًا بعد التقليصات المالية التي أقرتها السلطة الفلسطينية بحق القطاع قبل أكثر من عام، باتت لا تغطي 30% من نفقاتها واحتياجاتها، كما بدت عاجزة عن دفع أقل من 50% من رواتب الموظفين. وذكر سالم أن الأمر ذاته بات ينسحب على كامل بلديات قطاع غزة. وأعرب سالم عن أسفه لأن بلديته لا تستطيع تشغيل محطات المعالجة الموجودة قرب شاطئ البحر حال انقطاع الكهرباء، إذ تضطر لضخ المياه العادمة في البحر بدون معالجة وتلك كمية لا تقل عن 25 إلى 30 ألف لتر مكعب يوميًا. وذكر المهندس نهاد الخطيب، من مصلحة مياه بلديات الساحل، أن إسرائيل تمنع ادخال مواد أساسيةً لغزة تتعلق بتشغيل منشآت المياه والصرف الصحي، وتنفيذ المشاريع المرتبطة بذلك. ولفت النظر إلى إلغاء العديد من المشاريع التطويرية لقطاعات المياه والصرف الصحي بعد انتهاء مهلة المانحين للاستفادة من تلك المشاريع وذلك بسبب ظروف الحصار ومنع إدخال السلع إلى القطاع. وذكر الخطيب أن هذا الأمر انعكس بشكل سلبي من ناحية اقتصادية على المقاولين الفلسطينيين وسبب خسارات وانهيارات بين بعضهم، فضلًا عن تأثر المصانع والعمال. بدوره أكد الخبير الاقتصادي إبراهيم العجلة أن معدلات الفقر في قطاع غزة وصلت بحسب آخر تقرير لجهاز للإحصاء الفلسطيني إلى 53 % وأن أكثر من نصف السكان دخلوا خط الفقر العام. وبحسب العجلة، فإن خط الفقر لأسرة مكونة من خمس أشخاص هو 2450 شيكل. وقال: نحن أمام معضلة وحلقة مفرغة تقودنا إلى وضع أسوا مما كان عليه، طالما أن العوامل المعززة للتراجع الاقتصادي أكتر من تلك المعززة للتقدم الاقتصادي". وأكد أن التلوث البيئي يتطلب بنى تحتية ، وأنه لا يمكن أن يحدث انتعاش اقتصادي في ظل الحصار والانقسام، والتجربة دلت على ذلك. ويتقاطع مع العجلة رئيس منتدى الإعلام الاقتصادي ورئيس تحرير صحيفة الاقتصادية الصادرة من غزة محمد أبو جياب مشيرًا إلى سوء الأحوال الاقتصادية في غزة وانعكاساتها على الواقع البيئي من خلال إجراءات تجفيف المنابع والتمويل ووقف التمويل الدولي وتقليص رواتب موظفي السلطة بغزة، وأخيرًا التضييق على الشركات وتوقف العديد منها عن العمل. لذلك أصبحت البلديات عاجزة عن دفع رواتب موظفيها وحتى عن توريد قطاع الغيار والصيانة اللازمة لتقديم خدماتها، بحسب أبو جياب. وإن كان يعتقد بأن المجتمع الدولي لن يسمح بحدوث أزمة إنسانية في قطاع غزة "عبر الإبقاء على الإسعافات الدولية التي تحافظ على البقاء"، لكنه يرى أن خدمات البلديات ستنهار خلال أشهر إذا ما استمرت الأمور على حالها. ولفت أبو جياب النظر إلى أن الشركات الكبرى سجلت تراجعات كبيرة في السيولة النقدية دفعتها لتقليص إنفاقها في غزة إلى النصف وهذا ما يؤثر على مساهماتها المجتمعية والإنمائية غير النقدية التي تساهم بها تحت اتفاقات غير معلنة. ويشير إلى أن معادلة المواطن المفلس ستؤدي إلى بلديات مفلسة وكذلك قطاع خاص ينهار ويغلق أبوابه أمام موظفيه والذي هو ركيزة أساسية في بناء البلد ويساهم بنسبة 70% في تشغيل الأيدي العاملة في المجتمع. وأمام هذه المعطيات فإن أبو جياب يرى أن "الحديث عن البيئة مجرد ترف وتحصيل حاصل"، فقبل انهيار البيئة سينهار الاقتصاد والصحة والتعليم. |