|
في حزيران ...
نشر بتاريخ: 07/06/2018 ( آخر تحديث: 07/06/2018 الساعة: 13:26 )
الكاتب: يونس العموري
كم هي مثقلة اجندتنا الفلسطينية بمحطات (نكبوية ونكسوية وتقاتلية ... ) وتكاد تكون مليئة بكل افعال الهم والغم والقتل والتقتيل والصراخ، بل صارت حافلة بهوامش الذبح على خلفية الإنتماء السياسي والحزبي برصاص الأخوة الاعداء، رفاق القيد والبيت ولربما القبر الواحد ... ولكل شهور العام لدينا الشيء الكثير من المرثيات لنمارس بواكينا .. ولنعايش أزماتنا ووقائعنا حتى صار لنا الكثير من المناسبات التي تنتظرنا لحراستها من عبث النسيان، وشقائق النعمان ما عادت تعرف هوية القاتل ان كان اخا ام رفيقا ام عدوا ، ومن زال يتربص بطريق الاحلام ....
هي الذكرى من جديد في حزيران الأليم، ولحزيران معنا أقاصيص وحكايا، فسقوط الجيوش العربية الزائرة على جبهات القتال، والتي تنزهت بساحات الوغى، كانت هنا... لتشهد بأم عينها كيف أُغتصبت ام المدائن وسيدة الروابي، ومدينة الله.... ولحزيران نقوش على اجسادنا حينما شهدنا سقوط اخلاقنا وقيمنا وأصبحنا كمن يتوسل ويستجدي سادة العصر الجديد وامراء المنابر وملوك الإقطاعيات بوطن يأن تحت ضربات ذوي القربى اكثر... بحزيران كانت لنا وقفات خزي وعار حينما صارت فلسطين عنوانا لممارسة فن العهر السياسي السلطوي ... وكنا ان ركعنا سجدا ركعا لمن يأتي مجددا مهللا مكبرا بالفتح الجديد... بحزيران الانقسام والانقلاب وسمه ما شأت شهدنا سقوط اقنعتنا وزيفنا حينما دوسنا كوفية ظلت لعشرات السنين متألقة متباهية على الروؤس .... وصرنا حراسا للقبور... ولوردة حمراء تحاول ام تنمو وسط خراب البساتين ... بحزيران كان الطريق طويل والمشوار صعب، وما بين الحزيرانين تبدلت القصص واختلفت المعايير والقيم، كنا نقول اننا لا نقبل القسمة على اثنين فصرنا نقبل قسمة اشياءنا على انفسنا ونحمل في ثنايانا كل تناقضات ابجدياتنا، وقسمتنا هذه قد طالت كل ما لايمكن ان يقبل القسمة فصار لنا وطنان ورئيسان واعلام اكثر... بحزيران تبدلت كل المعاني ... فكنا ان شهدنا جر جثث القتلى بشوارع البؤس والشقاء... وصلينا بالعراء وإمامنا هلل وكبر وركع وسجد واكتشفنا ان صلواتنا لرب غير رب الأخرين فكان القتل والذبح وضرب الهروات لمن صلى، فالأمير الجديد لم يجز للصلاة ان تستمر في ساحات ذاك المسمى امارة من أمنوا بالدين الجديد، وصار المشهد هنا في ظل الحكم الرشيد لسيد لغة الأرقام مختلف عن اللغات الأخرى ... فهو لا يعرف الا عمليات الطرح والجمع وحسابات ارقام الخزينة وإستثمار ودائع المواقف لرعاة العوالم وحتى ترضى امبرطوريات البزنس عن سلوك أولي الأمر منا .. فصرنا كمن يلوذ من فعل صلاة المؤمنين نحو تجارة الرق الجديد ... قيل لنا ستكون لنا الحرية والسيادة والاستقلال، ولكننا لابد ان نأخذ حصصنا من دمكم، ومن شعوركم بالمواطنة الكريمة، واصبروا وصابروا فموعد الفجر لابد قادم، وسيزول الليل وانفضوا عنكم غبار سنين شقاء كل حزيرانيات السنون، واستعدوا لممارسة الفرح، وكونوا كما هي الشعوب الأخرى حينما تتدافع نحو من يغني ويرقص ويمارس اللهو وسط المدائن ... فإستبشرنا كل الخير وروحنا نسترق السمع لمعتلي منصات التصريحات ونرقب تحركات سادتنا ونحلل ابتساماتهم ونعشق ظهورهم على شاشات عملاقة واصبحنا خبراء بلغة اجسادهم ونقرأ ما بين سطور بياناتهم، وخبرنا فنون التكتيك وما يقال وما لا يقال، وما يجب ان يقال وذاك المحرم على القول، وكانت لنا كل المواعيد ان هذا الحزيران لهذا العام سيكون نهاية حزيرانيات السقوط ... وكان ما كان من تأجيل لفرح السيادة والحرية والدولة وقيل لنا عودوا وانتظرونا من جديد لبشارة اخرى بعامكم القادم بسنة أتية... ولكن كونوا منتظرين هادئين كما يجب ان تكونوا والا فحزيران سيحمل لكم الجوع والقتل والهم والغم وابقوا على عهودكم وسيد لغة الارقام... صار ما صار بحزيران ونحن على موعد مع تموز الحرب ليأتي اب الإنتصار هناك حيث يتربع السيد على عرش مقاومته ولا يأبه لصوت الأمبرطور وكان ما قبل حزيرانهم ايار اندحار الغزاة عن الجنوب الذي عاد الى وسط وشمال الأرز... وهنا وجدتني متسائلا اي شهورنا الفلسطينية ستحمل لنا البشارة ما بعد حزيران المسمى حزيران النكسه وحزيران الإنقسام وحزيران التلظي والتشظي، فجاءت البشارة ايضا بحزيران ليكون الحوار لبلسمة جراح صلاة القتل والضرب بإمارة غزة والرقص بشوارع رام الله. فيا ايها السادة ويا أولي الأمر فينا ... ويا عمالقة الحضور الإعلامي ... ويا محترفي فن صناعة الكلام وصياغة فنون التكتيك ... هذا بيان حزيران الفقراء ... الذين يتأبهون لأن يغادروا مشهد المواعيد القادمة في الأجندة الفلسطينية ... اسمعوا جيدا واعلموا ان ثمة من يولد الأن وسيكبر غدا ولن يطيق رسم وجوهكم على مساحات الوطن ان بقيت هذه الأجندات فقط غما وهما وقتلا وذبحا .... ايها السادة، على مختلف مشارب فقهاءكم وتعاليم اديانكم وكتبكم التي صارت مقدسة، واراء امراءكم، ورؤية رعاة مشاريعكم، هي كلمة الفصل وكلمة العدل وبما سينطق به الشهداء ان عادوا، فليس في الوادي الا حجارته، ولن تكون الا لغة الضاد لغتنا، ويونس في باب الشمس سيتسلل نحو مغارته وخلوته ليمارس عشقه لنهيلته، وسيعدوا ركضا نحو جبال الجليل وينحدر نحو وديان الشمس ليصل الى قبلة الله الأولى، ويركع ساجدا مصليا عند جلجة المسيح، ويسير بدرب الألالم ليوجه لكم النداء من جديد بحزيران هذا بأن عودوا الى رشدكم وقولوا ما يجب ان يقال للفقراء الذين يعرفون ممارسة الحب والعشق قبل ان يتمشقوا بنادق من سطروا بالأحمر القاني ابجديات التاريخ .... |