وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ماهر الطاهر: الوحدة الوطنية أمر حيوي لا يجوز العبث بها وينبغي التفكير بها بأعلى درجات المسؤولية

نشر بتاريخ: 14/02/2008 ( آخر تحديث: 14/02/2008 الساعة: 20:15 )
بيت لحم-معا- أكد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية مسئول فرعها بالخارج د.ماهر الطاهر أن الوحدة الوطنية هي "أمر حيوى لا يجوز العبث بها، وينبغي التفكير بها بأعلى درجات المسؤولية، ونتنازل لبعضنا البعض على قاعدة التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية، مشيراً إلى أنه لا يمكن أن تقوم وحدة وطنية فلسطينية حقيقية ما لم يكن أساسها التمسك بالثوابت".

وقال الطاهر في مقابلة مع صحيفة العرب أون لاين الالكترونية " نحن في الجبهة الشعبية نقول لدينا وثيقة الوفاق الوطني، ولدينا اتفاق القاهرة..صحيح أن الرئيس عباس قال بعد الأحداث التي جرت في غزة أنه في حِلّ من هذا الاتفاق.. لكن نحن نقول لدينا أساس لإعادة بناء الوحدة الوطنية ومنظمة التحرير الفلسطينية هو وثيقة الوفاق الوطني واتفاق القاهرة".

وتابع: "يجب أن نسعى ونعمل بكل ما نستطيع من أجل توحيد الساحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الداخلي. ونحن نرى أنه مازال هناك أفق وإمكانية لإقامة هذه الوحدة، لأن إسرائيل لن تعطى شيئا للفلسطينيين، ولن تسلم بحق العودة، ولن تنسحب من القدس وستستمر ببناء المستوطنات وممارسة القمع والإرهاب ضد الشعب الفلسطيني، وبالتالي سنجد جميعا أن لا خيار أمامنا سوى خيار الوحدة الوطنية القائمة على أساس التمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية".

وعن إمكانية مشاركة الجبهة الشعبية في مجلس وطني فلسطيني يُستثنى منه بعض الفصائل أجاب: "نحن متمسكون باتفاق القاهرة، وسنظل متمسكين بهذا الاتفاق.. ونعتقد أنه المدخل السليم والمناسب لمعالجة الأوضاع في الساحة الفلسطينية. وعندما طرح عقد مجلس وطني بصيغته الحالية، وبأعضائه الحاليين، طرحنا في المجلس المركزي أن الجبهة ليست مع عقد هذا المجلس، وأنها تصر وتؤكد على موقفها بأن يتم عقد مجلس وطني جديد وشامل يضم كل القوى، ويسبقه حوار وطني فلسطيني شامل بين مجموع القوى من أجل الإعداد لهذا المجلس".
وعن دلالة المقاومة التي تقوم بها الفصائل المسلحة الفلسطينية وعلى رأسها الجبهة قال الطاهر"إن خيار المقاومة لدينا هو خيار استراتيجي تفرضه طبيعة المواجهة مع عدو استيطاني اجلائى عنصرى يرفض السلام، ويقدس القوة، ويعتقد واهما أنه من خلال الإرهاب والقوة سيستطيع أن يفرض املاءاته وشروطه على الشعب الفلسطيني، موضحاً "نحن في الجبهة الشعبية لم نتخذ قراراً بوقف العمليات حتى نقرر استئنافها".

وعن سؤال تعلق بتفعيل دور الجبهة الشعبية، أجاب الطاهر:"لا شك أن الجبهة قدمت تضحيات جمة، وتعرضت لضربات كبيرة..استشهد أمينها العام على أرض الوطن، وكان المرحوم أبو على مصطفى أول أمين عام فلسطيني يستشهد على أرض فلسطين. وقد شكل استشهاده ضربة ليست سهلة للجبهة الشعبية.

وتابع: "وقد راهنت إسرائيل على أنها قد تربكنا وتضعفنا ولكنها فشلت، وتمكنت الجبهة من انتخاب أمين عام جديد خلال فترة سريعة قبل أن يمضى أربعون يوما على استشهاد أبو علي، وتم ذلك على أرض الوطن، لأننا قبلنا التحدي، وكان قرارنا هو أن يكون أميننا العام على أرض الوطن. وبعد استشهاد أبو على اعتقل الأمين العام الجديد الرفيق أحمد سعادات في سجون السلطة، وذلك في ضوء العملية التي نفذناها رداً على استشهاد الرفيق أبو علي، عندما تم تنفيذ حكم شعبنا بالمجرم رحبعام زئيفي. وبعد ذلك تم اختطافه من سجن السلطة في أريحا إلى السجون الصهيونية. واعتقل نائب الأمين العام الرفيق عبد الرحيم ملوح، الذي أطلق سراحه قبل فترة"..

وأضاف الطاهر:"تعرضنا لضربات كبيرة، ومع ذلك، ورغم كل هذه الضربات، الجبهة لم تضعف..بل هي في اعتقادي صمدت وبرهنت أنها قادرة على الصمود ومواصلة النضال رغم أكثر الظروف صعوبة، وما زال في السجون الصهيونية مئات من كوادر وقيادات الجبهة".

وقال: "كل هذا لا يعنى أنني لا أوافق على ضرورة أن تعمل الجبهة الشعبية بتاريخها، وبتراثها المجيد، وبتضحياتها وبشهدائها على تفعيل دورها العسكري والجماهيري. وسيكون لدينا مؤتمر عام للجبهة.. لم يحدد تاريخه بدقة بعد، وهو المؤتمر العام السابع للجبهة. في هذا المؤتمر سنقيّم عملنا خلال المرحلة الماضية بإيجابياته، وسلبياته، أين أخطأنا وأين أصبنا.. وستتم وقفة معمقة وشاملة للتحضير لهذا المؤتمر، ونأمل أن يشكل محطة على طريق استنهاض أوضاع الجبهة وتفعيل دورها في الساحة الفلسطينية".

وتفسيراً لتراجع الجبهة عن المشاركة في المؤتمر الوطني الفلسطيني بعد أن كانت بين أعضاء اللجنة التحضيرية له، شرح الطاهر قائلاً: ".. نحن كان اجتهادنا أن بعض الفصائل الفلسطينية لن يحضر هذا المؤتمر، ولذا حين ناقش المكتب السياسي هذا الأمر كان اجتهادنا هو أننا نريد مؤتمراً تحضره كل الأطراف، ويتضمن حواراً وطنيا فلسطينيا شاملا حتى نتمكن من تحقيق موضوع الوحدة الوطنية الفلسطينية، ولا نريد أن نزيد من حالة التجاذبات في الوضع الداخلي الفلسطيني،كنا نريد عملاً فلسطينياً شاملاً لنتمكن من إنهاء حالة الانقسام الداخلي العميق، ونستعيد بناء وحدتنا الوطنية. وقد اتخذ قرارنا بعد نقاش في إطار الهيئة القيادية، وكان القرار عدم المشاركة".

وأكمل الطاهر تعليقه حول هذا الموضوع قائلاً: "نحن في الجبهة لا نقود قطيعاً من الغنم.. نحن حزب يحترم نفسه، لدينا اجتهادات وآراء، لكن الجميع في النهاية ينضبط للقرارات التي تتخذها الهيئات القيادية".

وفي سؤال له عن إمكانية انبثاق صيغة تنظيمية مشتركة واحدة عن إستراتيجيتين متناقضتين سياسياً في الساحة الفلسطينية، أجاب: "تاريخياً الساحة الفلسطينية شهدت صراعات سياسية منذ تمت الموافقة على موضوع الحل المرحلي ومسألة التسوية السياسية، وتشكيل جبهة الرفض الفلسطينية سنة 1974 التي كنا أحد أعمدتها،مسار العمل الوطني الفلسطيني شهد صراعات سياسية حادة في العديد من المحطات. وكما قلت، القضية الفلسطينية معقدة للغاية ومتشابكة مع الأوضاع العربية والإقليمية والدولية. وبالتالي في إطار الساحة الفلسطينية هناك اتجاهات، ونحن في الجبهة الشعبية مثلنا تاريخياً -ومازلنا- خطاً يرى أنه لا يمكن التعايش مع الكيان الصهيوني، ومع دوره ووظيفته في المنطقة العربية. ولدينا قناعة بأن إسرائيل لا تريد سلاماً، وأن السلام الحقيقي القائم على أساس قرارات الأمم المتحدة، ومبادئ القانون الدولي، بمعنى ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس..هذا السلام لا تريده إسرائيل، وليس في مصلحتها.. وترفضه المؤسسة العسكرية والأمنية والسياسية الإسرائيلية".
وتابع: "لذا، كنا نقول باستمرار إن الحل يكمن في دولة فلسطين الديمقراطية على كامل الأرض الفلسطينية، ويتعايش فيها الجميع دون تمييز عرقي أو ديني. وقد طرحنا هذا الحل في وقت مبكر،وعندما وافقت الجبهة الشعبية على تبنى الحل المرحلي، وافقت على هذا، كما هو مقر في وثائقنا التي أقرتها مؤتمراتنا، ضمن إطار أن الدولة الفلسطينية المستقلة هي هدف مرحلي على طريق تحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني. وبصراحة أقول لك إنه في مجمل تاريخنا خلال الأربعين عاما الماضية، مارسنا التكتيك، وقرأنا المتغيرات، ولكننا خلال كل مسيرتنا النضالية خلال هذه الفترة التكتيك لم ننتهك الإستراتيجية. لقد مثلنا تنظيما ورؤيا واقعية ثورية مبدئية.. لم نجعل من التكتيك طريقا لانتهاك الاستراتيجيا، ولم نجعل من الاستراتيجيا أيقونة جامدة تجعلنا لا نرى الظروف المحيطة بالقضية الفلسطينية. هذا الخط الذي جسّدته الجبهة الشعبية، ومازالت".

وأضاف: "شهدت الساحة الفلسطينية صراعات شديدة، والبعض في الساحة الفلسطينية حوّل التكتيك إلى استراتيجيا، والبعض قدّم تنازلات خطيرة وكبيرة عندما تم الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، كما تم إلغاء ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية.. واختلفنا اختلافا عميقا مع المرحوم ياسر عرفات حول موضوع اتفاقات أوسلو".

وتابع: "وقلنا إن اتفاقات أوسلو عمل خطير للغاية سيدخل القضية الفلسطينية في متاهات صعبة ومعقدة. ولو نظرنا بعد توقيع هذه الاتفاقات بخمسة عشر عاما نجد أن وجهة نظرنا كانت صحيحة، لأن اتفاقات أوسلو مثلت مغامرة كبيرة وقد وصل الرئيس عرفات في مفاوضات كامب ديفيد مع الرئيس الأميركي بيل كلينتون إلى قناعة بأن هذا الطريق لن يؤدى إلى النتائج التي كان يتوقعها،ولذلك رفض أن يوقع في كامب ديفيد، وقال للرئيس كلينتون إذا وقّعت على ما تطلبونه فستسيرون فى جنازتى بعد 24 ساعة.. نحن في الجبهة الشعبية كانت لدينا رؤية مبكرة عندما تم توقيع اتفاقات أوسلو أن هذه الاتفاقات هي محاولة لتقويض المشروع الوطني الفلسطيني ومحاولة ضغط وإضعاف منظمة التحرير، وشق الوضع الداخلي الفلسطيني، كما أن هناك استهدافات إسرائيلية من راء ذلك".

وأضاف: "لذا، وكما قلت، شهدت الساحة صراعات حادة، وكانت الجبهة الشعبية تعترض بقوة على هذا النهج. لكننا كنا نقول باستمرار إننا في مرحلة تحرر وطني، وإننا أمام عدو شرس وخطير، وأمام مشروع صهيوني يريد القضاء علينا جميعا.. كنا نقول باستمرار إنه ضمن إطار الصراع السياسي علينا أن نحافظ على الوحدة الوطنية، وأن نمنع الانزلاق للاقتتال الداخلي الفلسطيني ـ الفلسطيني، وهو الهدف الذي حلمت به إسرائيل منذ زمن بعيد، وعملت كل ما تستطيع من أجل خلق فتن داخلية في الساحة الفلسطينية"..