|
يُحشّشون على امتداد طريق الاحتلال
نشر بتاريخ: 27/06/2018 ( آخر تحديث: 27/06/2018 الساعة: 11:59 )
الكاتب: عميره هس - هآرتس
يزداد استهلاك القنّب (الحشيش) بين جنود جيش الدفاع الإسرائيلي (خلال الخدمة النظاميّة والخدمة الاحتياطيّة)، وقد وصلت نسبة المتعاطين لمخدر الحشيش سنة 2017 إلى ما لا يقلّ عن 54%. هذا ما توصّل إليه تقرير جريدة "يديعوت أحرونوت" المُعْتَمِد على استطلاع أجرته سلطة مكافحة المخدّرات والذي نُشِر قبل شهور. كيف يمكن أن نفسر زيادة استهلاك الماريحوانا والحشيش في أوساط الجنود؟ حيث الحديث العام عن الشرعنة يهوّن من التعاطي؟ وحيث أن تطبيق سياسة تنفيذ القانون والعقاب في جيش الدفاع الإسرائيلي سياسة داعمة للمتعاطين؟ إن التقرير الذي نُشِر في يديعوت لا يساعد على معرفة أسباب الزيادة للتعاطي، لذلك لم يبق أمامنا إلاّ محاولة التخمين. لقد وصل المراسل أمير شوآن لجنود ولجنديّات من وحدات مختلفة، وتوصّل منهم لحقيقة أن ثمّة قادة في جيش الدفاع الإسرائيلي يتعاطون، وثمّة قادة يعرفون مَن مِن الجنود يتعاطى الحشيش وثمّة جنود يضمنون لأنفسهم دخلا جيّدا من ذلك. يستخدمون طرقا مناسبة لبيع الحشيش. ويمنح تجار المخدّرات تخفيضا للجنود. ولا يقتصر التعاطي في الإجازات البيتية. وحسب أقوال شوآن "هناك في وحدات عسكريّة مختلفة، بعضها قِتاليّة وسريّة، انتشر تعاطي القنب في القواعد العسكريّة نفسها. الحاجة الملّحة هي الوصول إلى التفسير الإيجابي للظاهرة. الجنود، شباب مُزوّدين بكل ما يمكن، يشعرون بأن ما يقومون به أمر سيّء: اقتحام بيوت، إيقاظ أطفال مرعوبين وتصويب البنادق عليهم، اقتناص مساجين من سجن غزّة – متظاهرين أو صيّادين، رعاة أو مزارعين؛ حراسة عمليات هدم بيوت سكنيّة أو آبار مياه؛ الوقوف عاجزين، بأمر عسكري، في الوقت الذي يقوم به مقنّعون يهود يمهاجمون أمام أعينهم رُعاة ومزارعين فلسطينيين. نجد في أقوال الجندية شيرا تأييدا لهذه التحليل، عندما قالت لشوآن إنها تعاني من مشاكل نفسية خلال خدمتها العسكريّة، "الشيء الوحيد الذي يواسيك هو الوجبه. يساعد القنب على الهدوء، التخلّص من الألم – النفسي ، الجسماني، الهواجس. وعندما تتناوله مع شخص آخر، تشعر أن لك شريكا في الجريمة، للحظة تنسى كلّ المتاعب". يوفال، جندي مُقاتل، يشرح لماذا يتعاطى الجنود: "كي يتغلبون على الأزمات بصورة مقبولة، أكثر سرورا. أحيانا توجد أشياء لا منطق بها. أوامر تثير الغضب أو أشياء أُخرى كثيرة علينا أن ننفذها ونحن لا نوافق عليها. عندما تكون مسطولا، يمرّ الأمر بسلام. فتقول: ’حسنا، صبابا‘". هواجس، عدم الموافقة: لقد كتب برتولد بريخت في إحدى قصائدة المتفائلة سنة 1938، "أيها الجنرال، دبابتك": "أيها الجنرال، الإنسان مفيد جدا. يمكنه أن يطير، يمكنه أن يقتل. لكن به عيبا واحدا: إذ يمكنه أن يُفكّر". ربما يُدْرِك الجنود أن شيئا فاسدا بمجرّد الخدمة في المؤسسة التي من مهامّها كبت وقهر أربعة ملايين معارض للطُغْمَة العسكريّة التي فُرِضَت عليهم؟ ربما الهدف من الوجبة إخفاء النفاق؟ يبدو الجنود كحُماة لسلامة الشعب، بينما يُدْرِكون أن مهمّتهم ضمان سلامة مشروع الاستيطان وتوسيعه. التعقيبات المتفائلة تُعبِّر عن أن الجنود يعانون بكل دقيقة من التصَدّع بين المزاعم الإسرائيلية بالنزاهة وبين ما يُطْلَب منهم عمله في الواقع. طمس الحقائق يخفّف من الخجل. أن الارتفاع في نسبة تعاطي الحشيش نابع من اتساع الإحساس بالخجل. بينما التعقيبات المتشائمة تذكِّرنا أننا متأخِّرون كثيرا عن سنة 1938، وأن بريخت قد أخطأ. الجنود الذين يعتقدون أن جنرالاتهم صادقون. يتعاطفون مع مهامهم وأهدافهم، كما هو عندنا. هم فقط يفتّشون عن طرق لتحسين أدائهم. أحد الأضرار النفسيّة المنسوبة لتعاطي الحشيش هو العنف. بالضبط كما في جيشنا، حيث يُجب عليه كل لحظة بالتلويح للمواطنين أن مكانهم الصحيح والأبدي في الحضيض، العُنْف الشخصيّ ليست ضررا إنما هو جزء من متطلّبات المهام. 26.6.2018 ترجمة: أمين خير الدين |