|
تحالفات صفقة العصر بين امارة غزة وحلم الدولة الفلسطينية
نشر بتاريخ: 28/06/2018 ( آخر تحديث: 28/06/2018 الساعة: 11:39 )
الكاتب: د.ياسر عبدالله
يعيش الفلسطينيون في كافة بقاع الارض وهم من شكل مثلث "التكوين الفلسطيني" يبدا من غزة وينتهي في غزة يمر في القدس ورام الله وبيت لحم وعبر النهر إلى الاردن ومن هناك تبحر السفن وتحلق الطائرات تحمل فوقها الفلسطينيون الى كافة بقاع الارض وتحمل معهم حلم العودة والتحرير وحلم النصر وانجلاء سنوات الهزيمة احيانا وسنوات الذل أحيانا أخرى، ولكنها صامدة في وجه التاريخ راسخة في عقول كل فلسطيني حلم العودة والتحرير اللذان يجمعان كل الفلسطينيين في وعاء "التكوين الفلسطيني والذي يحتوي الضفة وغزة والداخل المحتل وكل فلسطيني يعيش على هذه الكرة الأرضية. فإن الخطر يهدد بقاء هذا المثلث متماسكا في ظل تحالفات صفقة العصر الفلسطينية مع الفلسطينية من جهة والفلسطينية مع الإقليمية من جهة اخرى.
وتتعرض القيادة الفلسطينية الرافضة لصفقة العصر او ما اصبح يطلق عليها صفقة غزة إلى ضغوطات كبيرة؛ امريكية واقليمية ودولية، وهي ليست وحدها التي تتعرض لتلك الضغوطات والابتزاز بل كل من يقف مع الفلسطينيين ويدافع عن القدس تمارس عليه تلك الضغوطات؛ الاردن تتعرض لضغوطات كبيرة ايضا اقليميا ودوليا من أجل تغيير مواقفها، وتلك القوى التي تمارس الضغوطات ثبت ان لها تأثير كبير على مؤسسات المجتمع المدني التي اصبحت تهدد بها أنظمة الحكم العربية التي لا تتماشى مع سياستها؛ انها المال الملوث والذي يدفع على تلك المؤسسات من اجل ان تصبح ادوات وقنبلة موقته في احضان الدول والانظمة العربية تستخدم متى شاءت تلك الدول. ونجد ان الكل في العالم العربي والاسلامي يقف مع اهل غزة واصبح اسم غزة يذكر في وسائل الاعلام اكثر من القدس والاقصى وهناك المناصرين والمؤيدين في كافة بقاع المعمورة بدءا من الضفة الغربية وصولا الى كافة بقاع الارض؛ ونجد الداخل الفلسطيني ينظم مظاهرات ومسيرات ومقالات وتصريحات داعمة لقطاع غزة واحتجاجات على مجازر الاحتلال ؛ والحال نفسه في جاكرتا عاصمة اندونيسيا يخرج الالاف من الاندونيسيين بمسيرات داعمة للغزيين وغاضبة على مجازر الاحتلال وقد وصل الغضب الى حرق العلم الاسرائيلي –ايضا- مظاهرات داعمة لغزة في ام الفحم رفع العلم الفلسطيني كتحدٍ للكيان الصهيوني ودولته وجندهم. لكن .. غزة ليست مرزعة او مملكة يتملكها اشخاص او احزاب سياسية وغزة ليست جسراً للعبور الى حلم الدول اليهودية الكبرى، غزة هي الكل الفلسطيني، غزة هي التاريخ هي الماضي والحاضر، والمستقبل؛ غزة هي بوابة النصر والعزة الى القدس، وتحرير الارض الفلسطينية وهي الرئة الاخرى للضفة الغربية واحد أطراف مثلث التكوين الفسطيني وقلبه القدس ومقدساتها، وان اي تحالفات لتمرير تلك الصفقة هي خيانة للدين والارض والانسان الفلسطيني. وقد شهدت غزة قبل ذلك كر وفر بين حماس وفتح تصدرتها صراعات واغتيالات؛ فقد كان اغتيال موسى عرفات واولاد بعلوشي وجاد التايه واخرون تمت تصفيتهم على ايدي ملوثة بالدم الطاهر الفلسطيني وكانت قد تكللت بانقسام بغيض يسمم الكل الفلسطيني وبقي حتى يومنا هذا شوكة في حلق الشعب والقادة وما يقوم به الانقسام هو وظيفة كامنة تخدم بالدرجة الاولى مخططات الاحتلال الصهيوني وتريح نوم شارون في قبره الذي خطط من "انسحابه غزة" الى مثل هذا الانقلاب وقد يكون حلم شارون كان اقل مما حصل فقد كان يحلم بخلافات وحرب اهلية يروح ضحيتها قيادات من الطرفين ولكن تبين ان الانقسام له وظيفة كامنة قد بدأت تضح معالمها وهي ما يطلق عليه صفقة العصر او صفقة غزة ومن يعزز الانقسام حتما انه يدعم ذلك. يعتقد البعض ان اهل غزة الموجودون الان في غزة تحت الحصار هم من يعاني ويتعذب؛ فوالله اني لارى في عيون اللاجئين الجدد-الغزيين- في رام الله واريحا وبيت لحم وكل مكان دموعاً قد انحبست في عيونهم تسيل كلما ذُكرت غزة على مسامعهم؛ فهم من اجبروا على الرحيل من مسقط راسهم ومن بيوتهم وعن عائلاتهم، وما زال لديهم حلم العودة الى غزة، والاحتلال هذه المره لا علاقة له بهذا التهجير، فالمهاجرون الجدد هجروا من ويلات الانقلاب، يعيشون غربتهم في وطنهم؛ وهذا تحدث عنه هيغل وماركس واخرون واطلق عليه اسم " الاغتراب" . ولمن تغيبه الذاكرة فأن الدراسات تشير إلى أن الاوضاع في غزة أكثر مأساوية في المخيمات الثمانية، نظراً للكثافة السكانية العالية؛ وتعتبر الوفيات بين الاطفال الرضع هي الاعلى في العالم؛ يعود ذلك الى حالة الفقر الشديد وحالة فقدان الرعاية الصحية، هذا كله في الوضع الطبيعي تعانيه غزة وأهلها، فكيف حالهم في ظل الانقسام والفرقة .كيف أصبح حالكم يا اهل غزة؟ وكيف تنظُرون الى اطراف الصراع ؟ وبما تحلُمون ؟ ان اصرار امريكا على تمرير صفقة العصر "صفقة غزة " والتي تتمحور بانهاء طموح الفلسطينيين من خلال سيناريوهات: مرعبة اولها : امارة او دولة فلسطينية في غزة وسيناء بالتوازي مع كونفدرالية مع الأردن، والثاني: مشروع اكبر يطمح به اليهود وهو منح الاردن للفلسطينين وتحويلها الى نظام جمهوري مقابل اقامة دولة يهودية على ارض فلسطين ، والثالث : تطبيع مع الدول العربية يجعل من نفوذ اليهود يتسع ويسمح لهم بشراء اراضٍ وعقارات في دول عربية كبرى . ان تحقق الخيار الاول لا يمكن ان يمرر بدون خلق تحالفات فلسطينية فلسطينية، وتحالفات عربية عربية، وتحالفات فلسطينية عربية ؛ واخطر تلك التحالفات هو التحالف الفلسطيني الفلسطيني، والذي تسعى من خلاله اسرائيل وامريكا الى تمرير صفقة العصر؛ وهذا التحالف يضم حركة حماس وخصوم الشرعية من حركة فتح واطراف اقليمية لها مصالح مع اسرائيل، وقد بدأت معالمها تتبلور في مسيرات تنظم في الضفة تدعم فيها حكومة الانقلاب وتلك التحالفات تقوم بوظيفة كامنة تخفي في ثننايها محاصصة في الدولة المزعومة في غزة وسيناء ؛ ولقد غاب عن اذهان اولئك المتحالفون ان القضية الفلسطينية باقية في عيون الشرفاء في الوطن وحتما فإن اول ضحايا صفقة غزة هم المتآمرون على القضية والساعين الى تحقيق مكاسب حزبية ودويلة هزيلة؛. وان كل ذلك يقوض حلم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. ان تماسك الامة العربية ووقوفها مع الشعب الفلسطيني احزاب وسياسيين واكاديميين وعامة على ارض فلسطين وارض العرب ؛ لم يعد حلم او امنية بل في ظل التحديات القائمة اصبح مطلب وطني وقومي وفرض عين على كل عربي وفلسطيني وان تترك الخلافات وتحيد المصالح الشخصية والحزبية والوقوف يد واحد امام المخطط الصهيو امريكي الهادف الى الى انهاء الحلم الفلسطيني بل انهاء الحلم العربي، وستبقى غزة والقدس وكل ارض فلسطين امانة في عيون العرب والفلسطينيون في كافة بقاع الارض . |