|
في مثل هذا اليوم استشهد (السمودي والشوا) في معسكر كتسعيوت في النقب
نشر بتاريخ: 16/08/2018 ( آخر تحديث: 16/08/2018 الساعة: 14:18 )
الكاتب: ناصر دمج
في مثل هذا اليوم 16 آب 1988م استشهد (بسام السمودي وأسعد الشوا) في معسكر الاعتقال كتسعيوت في صحراء النقب منذ اللحظة الأولى التي وطأت فيها قدماي أرض معتقل النقب، أنتابني شعوراً شديد الكآبة والتشاؤم، وحدثتني نفسي بأن أمراً سيئاً سوف يحصل لي فوق هذه الرمال، كموتي مثلاً أو على الأقل بأنني لن أخرج من هنا لفترة طويلة، بعد إنتهاء عمليات تفتيشنا وتسجيلنا من قبل طاقم إدارة المعتقل، تم إدخالنا إلى القسم رقم (5) في الجناح (ب) وفي داخل الخيمة نظرت حولي فوجدت نفسي محاطاً بمجموعة هائلة من الأسرى الذين لا أعرف منهم أحد، وأغلبهم أصغر مني سناً، وكان عمري في حينها 22 عاماً، وقد ضاعف هذا الوضع من زيادة حدة عزلتي وإنزوائي عن الجميع، ولم أتمكن من محادثة أي أسير من المتواجدين معي لمدة شهراً كاملاً، وكثيراً من أؤلئك الأسرى أعتقدوا أن لدي مشكلة في النطق أو أنني أعاني من البكم، أو أنني متحفظ على الحديث معهم، علماً أنه لم يكن أياً من تلك التوقعات في محله. لقد بدأ صيف الصحراء المزعج بالظهور من خلف الكثبان الرملية المحيطة بمعسكر الإعتقال والشمس الحارقة مارست كل ما لديها من مهارات في حرق اليابسة وتسخين الرمال من حولنا، فالتحق الغبار بالحصار وحمل إلينا على أجنحته مزيداً من الرمال، وألقى بها في صحون طعامنا البائس، وفي داخل الخيام أيضاً، وكم كان يتمنى ذاك الغبار لو أنه ألقى بجزءً من أتربته في أفواهنا، وأضافت هذه الظروف رتوش مأساوية على المشهد الإجمالي لحالتنا لم نكن بحاجة أليها أبداً،وتكونت بذلك الخطوط الأولى للحياة العنيفة والصاخبة في المعسكر،في اليوم التالي لبدء إستخدام الحمامات، أتضح بأن هذه البيئة هي المكان الأنسب لإستيطان وتكاثر الذباب، وكان ذباباً مزعجاً ومخيفاً، وسكن معنا الخيام بمئات الآلاف، وأخرجت لنا الأرض من جوفها أنواعاً أخرى من الزواحف والقوارض كالفئران والعناكب والعقارب والسحالي والأفاعي السامة، ولأول مرة أكتشفت بأن ليل الصحراء بارداً جداً، وما معنا من أغطية لن تتمكن من مقاومة بردة الحاد، لقد كان إختيار المكان من قبل إسرائيل فكرة إجرامية وبمنتهى المكر والدهاء. بعد مرور شهر على وجودنا في ذاك المعتقل أكتشفنا بأن زيارات الأهل ممنوعة، أذاً فأننا نتحدث عن منفي وليس عن معتقلاً عادياً، لقد أعادت هذه الظروف أسرى معتقل النقب إلى سيرتهم الأولى من سفر القمع والعذاب، وسيضاف إلى كل ذلك كشفاً مطولاً من الممنوعات كحظر الأوراق والأقلام والكتب والصحف وإحتساء القهوة وإرتداء الملابس المدنية أيضاً، أما الأكل فيمكنك أن تمنحه ما شئت من الأوصاف إلا أنه غذاءاً صالحاً للبشر، فضلاً عن إنقطاع المياه الدائم عن الحمامات والمغاسل، أما مراسم العدد العسكرية المهينة فكانت وصفة نازية بإمتياز للحط من كرامة الإنسان، والتي يطلب من الأسرى أثنائها الجلوس على الأرض ووضع أيديهم خلف ظهورهم ورؤوسهم إلى أسفل، وعليهم أن يردوا بكلمة نعم عندما يقرأ ضابط العدد رقم الأسير المسجل في السجل الذي يحمله . أما الضرب فهو الهواية المفضلة لجنود المعسكر، بمبرر وبلا مبرر، وفرض عقوبة العزل على الأسرى في زنازين المعسكر وهو مقيد القدمين والرجلين، والشبح بجانب جدار الشيك المحيط بالقسم للأسرى الذين يتم ضبطهم بلا ملابس المعتقل وهي عبارة عن قميص وبنطال أزرقين، وإجبار الأسرى على العمل في منشأت وورش الجيش المنتشرة حول المعسكر، أما الحمامات فكانت عبارة عن حفرة إمتصاصية من الممكن أن تهوي بمستخدمها في أي وقت، عدا عن مناورات وتدريبات الجيش الليلية المزعجة والمخيفة والتي تستخدم فيها الذخيرة الحية والقاتلة. أمضيت الشهر الأول من وجودي في هذا المعتقل بدون أن أتعرف على أي أسير كما ذكرت، وكان هذا الأمر بحد ذاته يضاعف من قسوة الوقت ويجعل الأيام ثقيلة الظل وساعاتها متوقفة عن الدوران، وأحسست بأن اليوم الواحد بحاجة ليوميين إضافيين لكي يكتمل، بعد مرور شهر على وجودي في ذاك المعسكر، قررت إسرائيل نقل الأسرى الإداريين من معتقل جنيد في نابلس إلى معتقل النقب وقسم من هؤلاء الأسرى كانوا قد اعتقلوا قبل إندلاع الإنتفاضة،مع إنتصاف ليل ذاك المساء، توقفت الحافلات التي تقل أؤلئك الأسرى أمام قسمنا ( رقم5 في الجناح ب) وكم رجوت الله أن تُدخِل إدارة المعسكر هؤلاء الشباب إلى قسمنا، وهذا ما حصل بالفعل، فبعد إنتهاء إجراءات إستقبالهم وإستلام أماناتهم، وتسليمهم عهدة المعتقل وهي عبارة عن بنطال وقميص أزرقان، أُدخلوا جميعاً إلى قسمنا، وقد عرفت القسم الأكبر منهم، في هذه اللحظة بدأ شيء من التحسن يطرأ على حالتي النفسية، لأنني عثرت على أسرى أعرفهم من قبل ويمكن التحدث إليهم، وكان من بين أؤلئك الأسرى قادة كبار وعلى درجة عالية من الوعي والثقافة والمعرفة كالأخ المناضل لؤي عبده وشقيقه ناهض وشاهر سعد وعصري فياض والمتوكل طه وعطا أبو أرميله وجمال الديك وعز الدين العريان وعمر أبو عبيد ووسيم الكردي وكامل جبيل وسمير أبو شاويش وعدنان الهندي ونايف سويطات وزياد هب الريح ومحمد الحوراني وعلي الرجوب وكامل الأفغاني وآخرين . رغم ظروف وأجواء القمع الوحشية في معسكر الإعتقال، كان في ذاك المنفى أمران إيجابيان يلمعان كالبريق، وتجليا كحقيقتين ثابتتين فيه، الأولى منهما أن هذا المعتقل بلا جدران وبلا نوافذ وهو على إتصال مباشر مع السماء وفيه مساحة كافية للحركة، وفي الليل يمكنك أن تقوم بعد النجوم في السماء، ومشاهدة القمر في كامل استدارته في ذروة أيام المد، وهذا بدوره سيوفر لنا فرصة مناسبة للتفكير والتأمل، وأستطيع أن أخبرك بأن جزء كبير من الأسرى قاموا بإعداد وتأليف أعمال إبداعية وثقافية متعددة ومتنوعة في معتقل النقب بسبب هذا الفضاء. أما الحقيقة الثانية فهي أن الأسرى رغم كل ما يحيط بهم من مخاطر وإرهاب أكتشفوا بأن إرادتهم في صدورهم على حالها لم تخدش ولم تمس، فالإرادة شيئاًً من الأشياء الوجدانية التي يتواصل إتقاد جذوتها طالما بقيت النفس الثورية مزدانة بالأمل ومسلحة بالتواصل، فعندما تنهض الإرادة فإنها تنهض بجسداً ليس بالضرورة أن يكون عملاقاً ،قد يكون مريضاً أو هزيلاً أو مكبلاً بالقيود أو على حافة الموت، لكن بالضرورة أن يكون صدى نهضة الإرادة في النفس الثورية محفوفا بالصمود والإستمرار والجلد والكبرياء، وأخيرا متوجا بالنصر الأكيد. وفر هذان الأمران أرضية صلبة لإعادة تشكيل الصفوف، والتصدي لسياسات القمع والإذلال، فبدأ الرجال في أنصار بالإتصال مع العالم الخارجي، وكانت أولى الرسائل التي خرجت من أنصار مكتوبة على ورق التواليت الرقيق، وكانت موجهة للرأي العام توضح حقيقة الأوضاع السائدة في أنصار، لقد كان لتلك الرسالة وقعاً وصدى شديدي التأثير على العالم، فأدت إلى قيام بعض أعضاء الكنيست اليهود والعرب من كتل اليسار الإسرائيلي بزيارة المعتقل وأذكر من بين الزوار عضو الكنيست محمد ميعاري وماتي بيلد وأستمعوا لمطالب الأسرى، وتولى الحديث معهم المناضل لؤي عبده، الذي أبعد عن فلسطين وهو في معتقل النقب بعد هذه الجلسة بوقت قصير، ووعدوا بالعمل على حل ما يمكنه حله، وبالفعل قدم هؤلاء النواب إستجواباً لوزير الحرب الإسرائيلي حينها إسحاق رابين، والذي جاء لزيارة الأسرى في المعتقل في وقت لاحق، وقابل ممثل الأسرى في قسم 5 في الجناح(ب) عبد الفتاح أبو الذهب، ودار بينهما حواراً حاداً أنتهى بمغادرة رابين لقسم 5 ورفضه لكل ما أستمع إليه من مطالب الأسرى. بيئة القتل في هذا المعتقل حدثت أمامنا أحداث مخيفة ومروعة ترقى إلى مصاف الجرائم المنظمة ضد الإنسانية، أعتقدت إسرائيل للحظة بأنه يمكنها إستخدام وممارسة القوة ضد أسرى أنصار كوسيلة مثالية لكبح جماح الإنتفاضة، لهذا السبب كانت تستخدم العنف والضرب كوسيلة وحيدة للتفاهم معهم، فكانت تتصدى بالضرب المبرح تجاه أي مخالفة يقوم بها أي أسير ،ذات يوم خرج الأسير عبد الله السلال من مخيم الجلزون من خيمته إلى ساحة القسم وقد سهى عن إرتداء القميص الأزرق المعتمد كلباس وحيد للأسرى في المعتقل، فالتقطه أحد الجنود من خارج القسم وطلب منه الإقتراب من بوابة القسم، وأمره بالوقوف بجانب جدار الشيك ( عقوبة الشبح) تحت أشعة الشمس الحارقة، بعد أقل من ساعة جاء ما كان يسمى بضابط الأمن الملازم ( راتس ) وأخرج عبد الله السلال من القسم، وأقتاده إلى الزنازين، ممثل الأسرى (عبد الفتاح أبو الذهب) طالب بإعادة عبد الله السلال إلى القسم أكثر من مرة خلال الأيام السبعة التي أمضاها معزولا في الزنزانة. عادةً ومع بدء تواري أشعة الشمس عن الخيام لتختفي رويداً رويدا خلف الكثبان الرملية المحيطة بالمعسكر يخرج الأسرى من خيامهم للسير في ساحة القسم، لأن الجو يصبح معتدلاً قليلاً، في هذه الأثناء أقترب أحد الجنود من بوابة القسم ومعه أسير جديد، لكن هذا الأسير لا يحمل معه أمتعة المعتقل التي يتسلمها أي أسير جديد، فتح الجندي باب القسم وأدخل منه الأسير الجديد، وفي مثل هذه الحالات يقف الأسرى بجانب بعضهم البعض لإستقبال الضيف الجديد، وهذا ما تم هنا، بعد أن قام الضيف بالسلام على ما يقارب العشرة أسرى وقع على الأرض، وفجأة صرخ أحد زملاء عبد الله السلال، هذا عبد الله السلال وليس ضيفاً جديداً، لكن ماذا حدث ؟ لماذا لم يعرف أي أحد من الأسرى عبد الله السلال؟ عندما دخل القسم من اللحظة الأولى ؟ لأن تغييراً كبيراً قد طرأ على ملامح وجهه، لا بل تغيرت كلياً تلك الملامح، بسبب الضرب الذي تعرض له خلال وجودة في زنزانة العزل، وكان وجهه ملطخاً بالشيد الأبيض، لأن أرضية الزنازين مليئة بالشيد، مما ساعد في إخفاء ملامحه المعروفة لزملائه نهائياً، وأدى ذلك إلى عدم التعرف عليه، لقد كانت هذه الحادثة من الحوادث المأساوية التي حدث أمامي، وفيها من الدلالات ما يكفي لتؤكد على إصرار إدارة المعسكر على عدم التسامح والتساهل مع أسرى أنصار، لقد مهدت هذه الظروف وتلك التعليمات الصارمة المعطاة لجنود وضباط المعسكر إلى خروج القمع من عقاله ذات يوم،والتسبب بقتل أثنين من الأسرى بالرصاص الحي في يوم 16/8/1988م، وهما بسام السمودي وأسعد الشوا، وذلك بعد رفض الأسرى من قسم الأشبال الخروج إلى العمل الإجباري. القتل مع تمام الساعة الثامنة من صباح يوم 16/8/1988م، أقترب الملازم (راتس) من بوابة قسم الأشبال طالباً عدداً منهم للخروج إلى العمل، لكن هذا اليوم لن يجاب طلبه بناءً على التوافق الإعتقالي حول هذا الأمر، وقال الملازم راتس لممثل القسم أريد عشرون عاملاً وفوراً، ممثل القسم قال له،ما في إمكانية،لقد قرر الأسرى الإمتناع عن العمل، فقام الملازم بالعودة إلى الخلف ليبلغ إدارة المعسكر بما سمع، فعاد من جديد إلى القسم ومعه قوة كبيرة من الجنود، وفتحوا باب القسم وطلبوا من الأسرى الإمتثال لأمر التعداد الأمني، فجلس كل من في القسم على الأرض، وبدأ راتس بإختيار بعض الأسرى وأخرجهم منه، أما الأسرى في القسم المقابل لقسم الأشبال يشاهدون ما يحدث لزملائهم، بينما الدم يغلي في عروقهم، فبدأ راتس ومعه باقي الجنود بضرب الأسرى الذين اخرجوا، أمام زملائهم في القسمين المتقابلين وسمع كل هؤلاء بأذانهم نداء الإستغاثة الصامت والصادر عن زملائهم الذين يتعرضون للضرب أمام ناظريهم وبسرعة إستجاب الجميع لهذا النداء، فانطلقت شرارة الإنفجار مع تعالي صراخ الأسرى في القسمين المتقابلين، ولاحقاً باقي الأقسام، وبدأ كافة الأسرى عن بكرة أبيهم بإلقاء الحجارة على الجنود، وتحول المعسكر بجميع أقسامه إلى بركان يقذف حمماً من الغضب. تملك الخوف والذهول الملازم راتس والجنود الذين معه، فهربوا من القسم وتركوا الأسرى خلفهم ، بينما الصرخات تتعالى وتشتد لأن الأقسام الأخرى البعيدة عن مكان الحدث لا تعلم ماذا يجري، لكنها تعرف ما هو المطلوب منها، وهو مواصلة الهتاف والصراخ وإلقاء الحجارة، في هذه الأثناء عاد إلى القسم راتس ومعه مدير المعسكر الكولونيل (ديفيد تسيمح) ومعهم عشرات الجنود والمجنزرات والسيارات المزودة بمعدات إطلاق المياه، وجميع هؤلاء مدججون بالأسلحة وقنابل الغاز، فبدأت المعركة بين الجانبين، الأسرى بأيديهم العزلاء وبحجارة النقب الملساء الصلبة وبعض أواني الطعام والأحذية، مقابل الهراوات والأسلحة التي تطلق الرصاص الأعمى في كل إتجاه،وتعالت سحب الدخان الأبيض فوق الخيام فبدا المشهد من بعيد وكأن حريقاً أشتعل داخل الأقسام . الصراخ والهتافات يتواصلان، رغم كمية الغاز الهائلة التي تم ضخها نحو الأقسام،وهنا لن أنسى أبدأ الأخ والصديق العزيز (منصور حدايده) من مخيم طولكرم وهو لاعب كرة قدم مرموق ، كيف كان يلتقط قنابل الغاز قبل وقوعها على الأرض ويعيدها بأقصى قوته نحو الجنود،فأشاع الفوضى بينهم وهم يحاولون تجنب إنبعاث روائحها ،وأصطدم بعضهم ببعض عند بوابة القسم الرئيسة وهم يحاولون الهرب من دخان القنابل، في هذه الأثناء يظهر أمامنا قائد المعسكر تسيمح ،وكان في حالة عصبية واضحة بسبب ما يحدث ،لأنه لم يتوقع أن يرى مثل هذا الأمر في يوما ما ،وتولى على الفور إعادة توزيع الجنود، وأستل من يد أحدهم بندقية أم 16 قصيرة وبدا أكثر شراسة وعدوانية من باقي الجنود ،وبدأ بالسب والصراخ على الأسرى،" أيها الكلاب توقفوا وإذا كان بينكم رجل فليواجهني ويقف أمامي " فتصدى له (أسعد الشوا) وهو من مخيم الشاطئ في قطاع غزة، وكان نحيل القوام أشقر البشرة، وله من العمر تسعة عشر عاماً،بينما كان متكئاً إلى عامود خيمته يقاوم إحتمال سقوطه أرضاً لأن رئتيه أمتلئتا بالغاز المسيل، وبما تبقى له من أنفاس قال للعقيد تسيمح " أنا رجل أيها الكلب" لم يكمل أسعد كلماته مرة ثانية، حتى كان تسيمح قد أنتهي من زرع عشرة رصاصات في صدره الفتي، وأرداه في مكانه، فنفرَ الدمُ من صدره ساخناً فخضب الرمل بحمرته القانية، لقد سمع الجميع صوت الرصاص، وقلة من الأسرى الثائرين لاحظوا سقوط أسعد، لكن القريبين منه رفعوا من وتيرة الصراخ فتجدد قصف الجنود بالحجارة والأحذية، أما تسيمح فذهب إلى مكان أخر من أرض المعركة فوقف أمام خيمة أحد الأسرى وهو الشهيد ( بسام السمودي) ومرة أخرى تسيمح يستل بندقية أحد الجنود القريبين منه،ويتكأ كقناص محترف بجانب خزان المياه المثبت على قاعدة حديدية،ويصوب بندقيته نحو الخيمة، ويطلق رصاصتين منها لتستقران في صدر الشيخ (بسام السمودي) . وهكذا طوي هذا اليوم بسقوط شهيدين وإصابة 80 أسيراً بجراح مختلفة بسبب الغاز المسيل والرصاص المطاطي، وسجلت إسرائيل بهذا الجرم سابقةٌ أولى بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وهي إعدام أسرى داخل غرفهم وهم مجردون من أي سلاح وبلا أي مسوغ للقتل،كضبطهم أثناء الفرار أو تعريض حياة الجنود وحراس السجن للخطر، حيث كانت الوقائع تسمح بالإكتفاء بالغاز المسيل للدموع أو حتى خراطيم المياه، ومن الجدير ذكره هنا بأن وفداً من الصليب الأحمر كان في نفس القسم الذي وقع فيه الصدام، لكن الجنود أخرجوهم مع بداية الإشتباك. |