وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

عودة ناصر القدوة الى "بيت الطاعة" أضر بسمعته وبمستقبله السياسي الرحب

نشر بتاريخ: 26/08/2018 ( آخر تحديث: 26/08/2018 الساعة: 18:23 )
عودة ناصر القدوة الى "بيت الطاعة" أضر بسمعته وبمستقبله السياسي الرحب
الكاتب: محمد خضر قرش
حينما بادر ناصر القدوة من تلقاء نفسه بتقديم استقالته من اللجنة المركزية لحركة فتح قبل شهور قليلة والتي أرجعها لحيثيات مبدئية فكرية وتنظيمية وسياسية، نالت استحسان وتقدير كل الحريصين على وقف الاستفراد والاستئثار والتحكم بمنظمة التحرير بالدرجة الأولى وبحركة فتح بالدرجة الثانية. ولأن استقالته التي أعلنها ودونها ونشرها على نطاق واسع كانت مبررة ومدروسة واتخذها كما قال بعد تفكير طويل، فإن عودته عنها بدون تقديم المبررات التي دعته لفعل ذلك أضر به كثيرا على المستوى الشعبي. 
فاستقالته قد حظيت باهتمام بالغ فلسطينيا وعربيا ليس لكونه ابن اخت الرئيس الراحل ياسر عرفات فحسب وانما لما عرف عنه باتزانه وموضوعيته وامانته وعدم تهوره او تسرعه في اتخاذ القرارات. فإذا كان تقديم استقالته المكتوبة اتخذها بمحض ارادته لتتوافق وتتجانس مع فكره ونظرته المتبصرة التي عبًر عنها في مركز مسارات في البيرة عقب تقديم استقالته ومن ضمنها ما آلت اليه الأوضاع الداخلية والتنظيمية والكفاحية لحركة فتح، وخاصة لجهة اتخاذ القرارات الهامة والمصيرية، فإن عودته عنها لم تعد ملكا له ولا من حقه اتخاذها منفردا. فقد أطلق الرصاصة من بندقيته بعد تفكير ملي، لذا فمن غير الممكن ارجاعها إلى مخزنها مرة أخرى. لذا فهو مطالب امام أنصاره ومؤيديه ومحبيه في حركة فتح وغيرها أن يقدم الحيثيات التي دفعته للعودة عن الاستقالة، ليبقى احترامه وتقديره قائمين في صفوف منظمة التحرير والشعب الفلسطيني. كان عليه عدم تكرار تقديم الاستقالة والرجوع عنها كما فعلها عدد غير قليل من حركة فتح والفصائل الأخرى الذين خسروا الدنيا والاخرة معا. كما كان عليه تجنب حكاية الراعي والذئب فيخسر نفسه امام أهل قريته ومحبيه حيث بات من المستبعد أن يستجيبوا لنداءاته واستغاثته والتضامن معه في المرات القادمة، بالإضافة إلى خسارته للعديد من أغنامه امام الذئاب. لذا لم يكن ناصر القدوة موفقا في العودة عن الاستقالة بهذه الطريقة الخجولة والصامتة وكأنه فعل منكرا يريد ان يداري وجهه منه امام قواعده. 
فعودة ناصر الى "بيت الطاعة" بهذه الطريقة أساء الى نفسه كثيرا وأدى إلى نجاح خصومه الى حد بعيد في ايقاعه في الفخ الذي نصب له بإتقان ليخسر ليس فقط مستقبله السياسي الذي كان مبشرا ومعقولا بل وخسر –وهذا هو المهم-نفسه وثقة القواعد الفتحاوية التي كانت تبني عليه امالا لا بأس بها للخروج من مرحلة الدِوار والارباك وبالأدق المخاض الذي تعيشه حركة فتح حاليا. لقد أضاع ناصر القدوة فرصة ذهبية ليكون قدوة ومثالا يحتذى به. ناصر القدوة سيخسر كثيرا بعودته عن الاستقالة أو التنازل المجاني عنها فبات رقما واسما كبقية الأسماء، أضاع بنفسه وبقراره الخاطئ وغير المبرر بالعودة عن الاستقالة فرصة إمكانية التنافس الجدي على موقع الرئاسة في المستقبل غير البعيد. الشعب الفلسطيني وقواعد حركة فتح تريد قائدا متميزا يعمل مع الفصائل والحركات على إعادة الهيبة لمنظمة التحرير ولحركة فتح نفسها التي فقدت الكثير من قواعدها ولم يعد يربطها أي رابط سوى امساكها أو استئثارها في السلطة وبدونها ستتحول الى فتوحات كثيرة وأحزاب وشيع وقبائل، الكل يراها بالعين المجردة يوميا فهي لم تعد خافية على أحد سواء كان صديقا ام عدوا. والان لم يعد يملك ناصر القدوة سوى الانضمام الى أحد المتوثبين للانقضاض على قمة حركة فتح والسلطة بعد أن كان قادرا ليكون محل استقطاب وجذب فتحاوي وجماهيري لقيادة مرحلة ما بعد ابومازن. 
العودة إلى "بيت الطاعة" وبالطريقة التي تمت فيها – على السكيت-أثرت عليه سلبيا على مستوى القواعد والتأييد الجماهيري حيث تبين للجميع بأنه لا يختلف عن العشرات غيره من الذين تقدموا باستقالاتهم الشفوية والمكتوبة ثم عادوا عنها بدون مبررات وكأن شيئا لم يكن.