|
خزاعة والتطبيع ومملكة حِميَر
نشر بتاريخ: 21/11/2018 ( آخر تحديث: 23/11/2018 الساعة: 09:17 )
الكاتب: السفير حكمت عجوري
في زمن الضياع لا يوجد غير القلم لتغيير المنكر وذلك أضعف الايمان... عملية خزاعه شرق خانيونس بتفاصيلها ونتائجها لا محالة انها دغدغت عواطف كل الفلسطينيين وخصوصا الذين يعيشون في خارج الوطن حيث يسكن الوطن في كل واحد منهم وذلك كونها انتهت بفشل عسكري صهيوني تساوى مع نصر لصالح الفصائل الفلسطينية، حيث كانت المؤشرات توحي على أن عملية التسلل الاسرائيلي التي اشرف عليها رئيس الاركان الصهيوني كانت تُمهد لمشروع اجتياح رابع طال الحديث عنه من قبل وسائل الاعلام ومع ذلك وبالرغم من ان العمليه انتهت بما اثلج صدور الكثير من الفلسطينيين الا انها حملت في ثناياها ما يوجب التوقف عنده بحيث لا يجب المرور على هذه العملية بشكل عابر خصوصا وانها تكشف عن خطر مستقبلي داهم لانهاء النظام الرسمي العربي.
عملية خزاعة كانت تكرار كربوني للاستفزازات الصهيونيه التي سبقت الاجتياحات العسكريه الثلاث التي بدأت باجتياح ديسمبر 2008 الذي مهد له تسلل واغتيال صهيوني لقيادات فلسطينيه ميدانيه في حينه وهو ما حصل وليس بالصدفه في يوم الانتخابات الاميركيه في تلك السنه وهذه عاده صهيونيه اصيله في فن الخبث والخداع بحيث لم تاخذ تلك الجريمه حظها من الادانه والاهتمام الاعلامي بسبب تلك الانتخابات الا ان حماس في حينه ردت عليها باطلاق صواريخ بشكل عشوائي صارت محل شجب اعلامي ورسمي غربي وبالتالي مبرر لرد اسرائيلي باجتياح مدمر لغزه وبصمت عالمي بزعم ان الاجتياح جاء دفاعا عن النفس. وهذا فعلا ما كان يريده هذه المرة حارس المواخير ليبرمان من وراء عملية خزاعه التي استقال بسببها كون رياحها لم تجر بما اشتهت سفنه الانتخابيه ولكنها جرت بما تشتهي سفن النتن ياهو الذي وافق على وقف اطلاق النار على غير عادته الدمويه قائلا للاسرائيليين انه لن يستطيع ان يبوح لهم بسبب هذه الموافقه والتي ربما اسر بها لوزير تعليمه بينيت ليثنيه عن الاستقالة من احل حماية الائتلاف الحاكم وبالتالي عدم الاضطرار للذهاب الى انتخابات مبكره كونها اصبحت غير مضمونة النتائج للنتن بعد ان فقدت خزاعه قيمتها الدعائيه الانتخابيه له ولحزبه وبسبب فضائحه وزوجته. القصف العشوائي الفلسطيني باطلاق عدد غير مسبوق من "الصواريخ" خلال مدة زمنية قصيرة باستثناء استهداف استعراضي للحافلة مع انها لا تساوي ثمن القذيفة التي فجرتها وذلك كرد فعل فلسطيني مستفَز على عملية التسلل هو ما كان فعلا يريده اصحاب قرار الحرب في الكيان الصهيوني من اجل خلق حالة ادانه دوليه للفصائل الفلسطينيه وتحديدا من اميركا وهو ما نعق به غرينبلات الصهيو-ترمبي الذي ادان ردة الفعل الفصائليه الفلسطينيه على انها اعتداء سافر من قبل الفصائل الفلسطينيه على الحمل الوديع "اسرائيل" كما انها وفرت ماده لمشروع قرار ادانه اممي تقدمه هيلي سفيرة ترمب للمنظمه الامميه . هذه الادانات بالرغم من انها تؤسس لمشروع ضوء اخضر اميركي كي يتحول الحمل الوديع الصهيوني الى طبيعته ويكشر عن انيابه كوحش كاسر الا ان ذلك لم يحصل هذه المره على امل ان يزيد ذلك من رصيد اسرائيل "الانساني" اضافة الى ان عملية التسلل الصهيوني ،خزاعه، كان قد سبقها موقف "انساني" اخر لاسرائيل وذلك بسماحها بدخول السولار والدولار من قطر( 15 مليون) الى غزه. ما ذكرناه لا يعني ان الذئب البشري الحاكم في اسرائيل قد غير فعلا طبيعته ولكنه وعلى العكس من ذلك اخفى انيابه انيا لينقض بها لاحقا على ما هو ادسم واسمن من غزه كلها الا وهو الخليج العربي وكنوزه النفطيه والتاريخيه الذي فتح اخيرا ابوابه على مصراعيها لهذا الذئب بعد ان كانت مواربه لعقود ليدخل هذه المره بثياب سلام وانسانيه كما ان ذلك سيساعد اسرائيل على التفرغ اكثر لمواجهة الخطر القادم من الجبهه الشماليه "حزب الله" التي اصبحت تشكل تهديد مقلق جدا لاسرائيل بعد خروجها منتصره من الحرب في سوريا الامر الذي يجعل من عملية خزاعه والاستثمار في فشلها نوع من الابداع الصهيوني في مجال الخداع والتآمر. باعتقادي أن ما لم يقله النتن ياهو للمحتجين من اتباعه على وقفه لاطلاق النار هو ما يريد تحقيقه فعلا لا قولا وهو ان الاسرائيليين وفي المستقبل المنظور سوف يستقلون القطار من حيفا الى دول الخليج وفي المستقبل البعيد سيستقلونه الى ما يزعمون انها مملكة جدودهم في حِميَر وان خزاعه بانسانيتها الصهيونيه المصطنعه ليست سوى حصان طرواده لتحقيق ذلك. السبب يعود لما ظهر في الاونه الاخيره من تطور خطير في العلاقات العربيه وبالخصوص الخليجيه الاسرائيليه والتي قفزت من السر الى العلن وكأن شيئا لم يكن مع اننا كنا نعرف بما يجري في السر فيما يخص هذه العلاقه ليس بسبب ما كان يُسَرِبُه لنا النتن ياهو احيانا والاعلام الصهيوني احيانا اخرى وبدورنا نكابر ونكذبه ونتحدى هذه التسريبات ونصفها على انها ادعاءات كاذبه تهدف لشق الصف العربي مع اننا كنا في داخلنا نعلم بصحتها وذلك حفاظا منا على ماء وجه المطبعين من اهلنا الذين وان جاروا علينا كرام الذين ما زلنا بصمتنا نحفظ لهم ماء وجوههم بالرغم من اصرارهم على سكبه لدرجة ان وجوههم جفت واسقط في ايديهم بعد ان وصل لرئاسة البيت الابيض من لا يستحي ولا يحب اللعب من تحت الطاوله كما كان يفعل سابقيه من رؤساء البيت الابيض وقبلهم مِن مَن أقامو هذا الكيان الصهيوني الذين كانو وما زالو يقومون على خدمة هذا الكيان من خلال حمايتهم لعروش حكام عرب مقابل تنازلهم عن الحق العربي والاسلامي في فلسطين لصالح هذا الكيان اضافة لخاوات واتاوات باشكالها المختلفه التي اصبح يعاني منها كل مواطن عربي وعلى رأسها امتهان كرامته العربيه واستباحتها علنا على يد ترمب الذي بلغت به درجة استهانته بحكامنا العرب ان اصبح يطالبهم بنصيب معلوم كاستحقاق من ثروات بلادهم مقابل هذه الحمايه. يطلق البعض على هذه العلاقه العربيه الاسرائيليه الجديده القديمه "تطبيع" وهذا خطأ كبير لان المعنى الحقيقي للتطبيع هو قبول الاخر وهذا غير وارد على الاقل في الفلسفه الصهيونيه التي اقامت اسرائيل لتجسيد نظام عنصري تلمودي يعتير كل من هو غير يهودي من الاغيار الذين وجدو ليكونو عبيدا لليهود مع ان ذلك يتنافى مع الدين اليهودي الذي انزله الله على سيدنا موسى وبالتالي فان اسرائيل الصهيونيه وبتناقض كامل مع الدين اليهودي السماوي لا تبحث عن علاقات تطبيعيه مع العرب وحكامهم بمعنى اصدقاء اوحلفاء جدد وانما تبحث عن خدم وعبيد جدد . |