وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

دولة الرئيس.. كن مع تعهداتك ولا تخذلنا

نشر بتاريخ: 25/11/2018 ( آخر تحديث: 25/11/2018 الساعة: 12:43 )
دولة الرئيس.. كن مع تعهداتك ولا تخذلنا
الكاتب: نضال منصور
عمان
بصراحة أعجبني برنامج أولويات عمل الحكومة لعامي 2019-2020 وهي الفترة المتوقعة لبقاء الحكومة حتى إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة.
المشكلة ليست في برنامج الأولويات رغم أهميته، وإنما في الضمانات لتنفيذه، وآلية الرقابة والمحاسبة، والرئيس الرزاز يدرك ذلك بوضوح تام، ولهذا يقول في كلمته التي عرضت برنامج الأولويات على السوشيال ميديا "التنفيذ أهم من الوعود".
برنامج أولويات الحكومة بسيط ومشغول بشكل جيد ويضع مؤشرات قابلة للقياس، والسؤال الأساسي للحكومة كيف تحوز على الثقة، وكيف تستعيد أمرا جوهريا فقد في العقود الماضية؟
منذ اللحظة الأولى بدأت أسمع حملة تندر من الناس على برنامج أولويات الحكومة حتى قبل أن يطلعوا عليه، ويدققوا فيه، فالناس مصابون بمرض "الخذلان الحكومي"، ولهذا اهتموا بحركة يدي الرئيس الرزاز في الفيديو، أكثر مما أنصتوا لبرنامجه، وتحدثوا عن خاتمين في أصابع يديه، ولم يرصدوا المؤشرات في خطة الحكومة، وهذا كله نتاج سنوات من ضعف مصداقية الحكومات، ومحاولتها استغفال المواطنين والضحك عليهم.
أريد أن أستبشر بأن حكومة الرزاز تستطيع أن تنجح في تنفيذ ما وعدت فيه، وأهم ثلاثة محاور تحسين بيئة التعليم، والصحة، والنقل وهي أساس مطالبات المواطنين لينعكس أثرها على حياتهم.
يعتبر الرزاز أن برنامج أولوياته خطوة على طريق النهضة، ويؤكد أنه تم تخصيص الموازنة المالية لهذه المشاريع، واعتقد أن من الضروري أن يقدم الفريق الوزاري كل في ميدانه وتخصصه شروحات تفصيلية بسيطة لما سينجز، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن إعادة خدمة العلم أو ما سميت ببرنامج وخطة الحكومة "خدمة وطن" غير مفهومة، وأعتقد أن العمل جارٍ على بلورة تفاصيلها مع القوات المسلحة.
أسئلة كثيرة طرحها برنامج أولويات الحكومة تحتاج إلى إجابات واقعية حتى يصدقها الناس، وحتى نبدأ بالقول عن توفير 30 ألف فرصة عمل، بالإضافة إلى الفرص التي سيوفرها الاقتصاد، من حقنا أن نسأل كيف، وفي أي القطاعات، ومتى، ومن هم المستهدفون، وما هي المعارف والمهارات المطلوبة لهذه الوظائف؟
وحين نتحدث عن شمول 80% من الأردنيين بالتأمين الصحي، وتحسين جودة الخدمة الصحية، نعود لنسأل كم يغطي التأمين الصحي الآن، وكيف ستحسنون جودة الخدمة الصحية خلال عامين، وهل يكفي المتسوق الخفي لتحقيق ذلك، إذا كان لديكم مشكلة نقص حاد وكبير في الكفاءات الطبية؟!
التأكيد على أهمية رياض الأطفال في تحسين مخرجات التعليم صحيح ومطلوب، وزيادة عدد المدارس وإنشاء 120 مدرسة جديدة أمر عاجل، ولكن نهضة التعليم واستعادة سمعتنا وثروتنا البشرية أكثر تعقيداً من هذه المقاربات، ونحتاج عقودا لتحقيق نهضة تربوية تعليمية، لأننا على الأقل نحتاج إلى ثورة شاملة في أوساط المعلمين، ونحتاج إلى إنصافهم معنوياً ومادياً، وإعادة الاعتبار لهم، فهل وضعت الحكومة في برنامجها هذا الأمر وكلفته؟
تركيز الرئيس الرزاز على "دولة الإنسان الأردني" والتي تتضمن ثلاثة محاور أساسية هي دولة القانون، ودولة الإنتاج، ودولة التكافل، هي مستندة إلى خطاب العرش السامي أساسية، ومهمة، ومفصلية، ونحن نعاين المستقبل ونتطلع لمشروع النهضة، ولكني أسأل الرئيس قبل أن أتوجه بالسؤال للناس، هل توجد إرادة سياسية لتحقيق ذلك، وهل تملك الولاية والصلاحية لإنجاز هذا البرنامج الطموح؟
وحتى لا تكون هذه الأسئلة غائبة عن التفاصيل، فإنني سأربطها في محور تنمية الحياة السياسية وصون الحريات الذي طرحته خطة أولويات الحكومة.
منذ 1993 والجدل محتدم حول قانون الانتخاب، ويعتبر السبب في "الردة" السياسية والتراجع في المسيرة الديمقراطية، فحتى الآن لم تكن هناك إرادة سياسية لإقرار قانون عادل يمثل الناس، ويضمن تمثيل إرادتهم الحرة، ويدعم حالة نهوض سياسي وحزبي، فهل يا دولة الرئيس تستطيع أن تفعلها فتقدم قانون انتخاب ينقذنا من التراجع السياسي، وإعادة انتاج وجوه لن تسهم في مشروع النهضة الذي تطرحه؟
وأخيراً، كيف ستحمي الحريات وتصون حقوق الإنسان وتعزز علاقاتك بالمجتمع المدني، وحتى الآن التوقيف الإداري مستمر، وحرية التعبير والإعلام مهددة بتعديلات جائرة بقانون الجرائم الالكترونية، والتعديلات المقدمة لقانون حق الحصول على المعلومات ليست أساسية وغير كافية، ومؤسسات المجتمع المدني يتم تجاهل رؤيتها وصوتها؟!
معك دولة الرئيس، فكن معنا، وكن مع تعهداتك ولا تخذلنا.