|
بمناسبة اليوم العالمي للتضامن معنا: ما الذي نريده؟
نشر بتاريخ: 04/12/2018 ( آخر تحديث: 04/12/2018 الساعة: 11:20 )
الكاتب: حيدر عيد
قمت بكتابة مقال قبل يومين من الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة حاولت فيه شرح ما الذي يريده الفلسطينيون، بالذات سكان قطاع غزة المحاصر، من المجتمع الدولي. وجادلت أنه كلما واصلنا التقدم أكثر في طريقنا الطويل نحو الحرية، ازداد إيماننا أننا لا نستطيع أن نعتمد على الحكومات، وازداد يقيننا أن المجتمع المدني هو الوحيد القادر على التعبئة والضغط من أجل تطبيق القانون الدولي ووضع حد للحصانة التي لم يسبق لإسرائيل أن حظيت بمثلها. إننا نستلهم نضالنا من الحركة المناهضة لنظام التفرقة العنصرية الجنوب أفريقي في القرن المنصرم. كان تدخل المجتمع المدني في أواخر الثمانينات تدخلا مؤثرًا ضد نظام التفرقة العنصرية الذي كان يمارسه الجنوب أفارقه البيض ضد السود، وبالتالي بإمكانه فعل الشيء ذاته لدعم السلام العادل في فلسطين. لذلك، إن المجتمع المدني وأصحاب الضمائر الحية هم الوحيدون القادرون على إجبار إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي. لقد جادلت ايضا انه لو لم يتدخل المجتمع الدولي الذي كان مؤثرًا ضد نظام الأبارثهيد في جنوب افريقيا فإن إسرائيل ستواصل ارتكاب العديد من جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية. وهذا بالضبط ما حدث فقط بعد يومين فقط من كتابتي لذلك المقال، بالتحديد عندما قامت اسرائيل بشن عدوان غاشم ينتهك اتفاق وقف إطلاق النار غير المعلن عنه والذي تم رعايته بواسطة مصرية مع فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، بالضبط كما فعلت إسرائيل في ٢٠٠٩،٢٠١٢ و٢٠١٤. في الحقيقة، إننا في غزة لم نعد نولي اي اهتمام للمعارضة الرسمية العقيمة لمشروع التطبيع الذي كانت بداياته حين تم توقيع معاهدة كامب ديفيد ثم اتفاقيات أوسلو، ويتم انعاشه وترسيخه في الوقت الحالي بفضل شيوخ الخليج. ولكن وبالأحرى، نحن ننتظر بفارغ الصبر صياغة الرد المناسب الذي بإمكانه هزيمة الاضطهاد الصهيوني متعدد الطبقات والأنواع: الاحتلال، التطهير العرقي والتفرقة العنصرية. في اللحظة التي يقرر فيها المجتمع الدولي، على المستوى المدني والحكومي، التصرف بنفس الطريقة التي استخدمها ضد نظام الأبارثهيد في جنوب افريقيا، سوف تخضع إسرائيل لصوت المنطق والعقل المتمثل بنداء المقاطعة و سحب الاستثمارات وفرض العقوبات على اسرائيل(BDS) 2005 والذي تم توقيعه من أكثر من ١٧٠ مؤسسة مجتمع مدني، وتم تبنيه بشكل شبه كامل من قبل جميع القوى السياسية المؤثرة في فلسطين التاريخية والشتات. إن السؤال الملح الذي يطرح نفسه الآن هو الى متى سيتساهل العالم مع عنصرية اسرائيل الدستورية والممأسة الصارخة؟ نحن نعلم ان المجتمع الدولي استغرق ثلاثين عاما ليتبنى النداء الصادر عن المضطهَدين في جنوب افريقيا. فكم من الوقت على الفلسطينيون انتظاره؟ إن النجاحات الأخيرة لحركة مقاطعة إسرائيل-BDS جاءت نتيجة لنداءاتنا منذ عام 2005. و الحقيقة أننا كفلسطينيي نجدن صعوبة في فهم كيفية قيام بعض الشركات المشهورة والمؤسسات العالمية بالإبقاء على "العمل المعتاد" مع إسرائيل على الرغم من سياسة التطهير العرقي الإسرائيلية والأبارثهيد والاستعمار الإسرائيلي وجرائم الحرب الأخيرة ضدنا، والتي قامت أكبر مؤسسات حقوق الإنسان بتوثيقها. أليس الامر واضحاً وضوح الشمس لمثل هذه الشركات، بعد كل هذه الاعوام والالاف من التقارير المعدة من قبل أشهر مؤسسات حقوق الانسان، ان الملايين من الفلسطينيين محرومين من ابسط حقوقهم كالتعليم، وحرية التنقل، والعمل والعيش بظروف صحية؟ نحن محرومون من الحياة الطبيعية بسبب وجود اكثر من ٦٠٠ نقطة تفتيش عسكرية اسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة والقدس، اضافة الى الحصار القروسطي المفروض على قطاع غزة ونظام التمييز والتفرقة العنصرية الذي يتعرض له المواطنين الفلسطينيين داخل اسرائيل. الآلاف من الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية تم الحكم عليهم من خلال المحاكم العسكرية. المئات منهم معتقلون بلا تهمة او محاكمة. و قد صرحت كافة منظمات حقوق الانسان الدولية المعترف بها بأن اسرائيل تقوم عن قصد باستهداف الطلاب الفلسطينيين والمؤسسات التعليمية والتي من ضمنها مدارس تديرها الاونروا. الحقيقة أننا نتعرض للتمييز فقط لكوننا لسنا يهودًا، تماما كنظام التمييز والفصل العنصري الذي تعرض له الجنوب أفارقه السود وذلك ببساطة لكونهم لا يملكون بشرة بيضاء. نحن نؤمن بأنه من حقنا ان نتوقع انضمام اصحاب الضمائر الحية لنضالنا ضد الأبارثهيد الاسرائيلي من خلال عدم الاستثمار في الشركات والمؤسسات التي تعمل على دعمها. نحن الفلسطينيون شعب بلا دولة، وكل يوم يزداد اعتمادنا على القانون والتضامن الدوليين كي نستطيع التغلب على هذا الاضطهاد. بالتالي، نطالب بتطبيق القانون الدولي لإنهاء الاحتلال العسكري الاسرائيلي للأراضي العربية المحتلة منذ عام ١٩٦٧، كما نطالب بالنضال ضد الاستعمار الاسرائيلي الأبارثهيد الذي يستهدف في قوانينه سكان فلسطين منذ عام ١٩٤٨، ونطالب بالسماح بالعودة الشرعية للاجئين الفلسطينيين الذين تم تطهيرهم عرقيا عام 1948. أيعتبر هذا نداء للمطالبة بإنهاء اسرائيل؟هل كانت مقاطعة الابارثهيد تهدف الى إنهاء جنوب افريقيا كدولة ام لإنهاء عنصرية الدولة و نظامها القمعي المعادي للإنسانية؟ إن إسرائيل دولة استعمار استيطاني وتفرقة عنصرية، وبالإمكان اعتبار الوسائل والطرق التي استخدمت ضد نظام الأبارثهيد الجنوب الافريقي نموذج يحتذى به ضد النظام العنصري الإسرائيلي. يجب ان يكون هدف كل شخص مؤمن بالديمقراطية هو تحويل إسرائيل من دولة تفرقة عنصرية على أساس العرق والدين الى كيان ديمقراطي يحترم القانون الدولي بحذافيره. مع الضغط المفروض من قبل المجتمع الدولي من خلال حركة المقاطعة BDS و ربط ذلك بحملة مناهضة التفرقة العنصرية التي ساهمت في القضاء على نظام الأبارثهيد في جنوب افريقيا، نؤمن انه من الممكن اجبار اسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي و تطبيق قرار الأمم المتحدة 194. ما نسعى له في الوقت الحالي, و كجزء من مطالب حركة المقاطعة و مسيرة العودة الكبرى، هو فرض حظر عسكري على اسرائيل لإجبارها على التوقف عن إراقة الدم في غزة. تهدف حركة مقاطعة إسرائيل الى استرجاع الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني. نحن نؤمن بأنه لا يمكن تجزئة نضالات الشعب الفلسطيني سواء داخل إسرائيل او في الاراضي المحتلة منذ عام ١٩٦٧ في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية بالإضافة الى الشتات. وهذا هو السبب الذي يجعلنا نؤمن بأن البديل، بناءً على الحقوق، يستطيع أن يطرح حل يضمن سلام عادل على أساس الحرية والعودة والمساواة. أقل من ذلك هو إهدار للدماء التي سالت منذ قبل عام 1948 حتى يومنا هذا. |