|
بين دوار المنارة وبرج إيفل..
نشر بتاريخ: 10/12/2018 ( آخر تحديث: 10/12/2018 الساعة: 13:58 )
الكاتب: بسام الصالحي
بين دوار المنارة وبرج إيفل... وبين الابيض الذي يتوسط حراك الضمان و(الستر الصفراء) رغم موقفنا الداعم للضمان الاجتماعي وتطويره بدلا من المساعي لإلغائه، إلا أننا كنا على الدوام ندافع عن الحق في الاحتجاج ضد القانون وفي الحراك تجاهه، سواء من خلال الفعاليات والأنشطة، أو من خلال المطالبات الواضحة في المذكرات والمواقف التي عبرت عنها مختلف الأطر والمؤسسات. وفي الحقيقة فان موقفنا هذا لا يحمل أي تناقض، فحيث أن عقلنا الاجتماعي كحزب ذو مضمون اجتماعي واضح، هو مع الضمان الاجتماعي، فان قلبنا الشعبي الجماهيري هو مع الحراك بكل ما حمله من إبداع في أساليب التواصل والتنظيم الجماهيري والشعبي، وأيضا لا عجب في ذلك فنحن من أبناء هذه المدرسة الجماهيرية الشعبية التي شاركنا وقدنا من خلالها ألاف الفعاليات الاجتماعية والوطنية. وبسبب هذا الموقف فان حزبنا أفسح المجال لرفاقه خاصة النقابيين منهم، لأخذ دورهم تجاه هذه القضية وفقا لقناعاتهم، ووفقا لانسجام موقفهم مع الأطر والمؤسسات التي ينتمون إليها، ولذلك فقد كان من الطبيعي أن يبرز من بينهم أيضا قادة في الحراك يديرون التفاوض حول مطالبه دون أية تقييدات او موانع، ودون ان يرى حزبنا في ذلك ما يضير موقفه. لماذا كان ولا يزال هذا موقفنا؟ اولا: لأننا كما أسلفنا نحمل موقفا مبدئيا حاميا لحق الاحتجاج والتعبير، بغض النظر عن اختلافنا او اتفاقنا مع الموقف نفسه، ولذلك رفضنا بكل حزم أية تدخلات أمنية في مواجهة الحراك، ودافعنا بوضوح عن الحق في الاحتجاج والضغط. وثانيا: لأننا رأينا في هذا الحراك بما تضمنه من شمولية واتساع، حالة هي الأوسع من حيث الشمولية والدعم الشعبي من أي حراكات اجتماعية سابقة، والتي كان من أبرزها حراك المعلمين الذي انتهى للأسف بأقل مما هدف له، أو الحراك الذي قادته الحملة الوطنية للضمان الاجتماعي، والذي أسفر عنه تغييرات مهمة وتعديلات تضمنها قانون الضمان نفسه، أو قبل ذلك الحراك الذي تصدى لزيادة الضرائب في عهد حكومة الدكتور سلام فياض وانتهى إلى التخلي عن الضريبة التصاعدية لصالح أصحاب المال والدخول العالية بعكس مصالح الأوساط التي خاضت الحراك نفسه، هذا بالإضافة إلى الحراكات الأخرى ذات المضمون الوطني أو ضد إنهاء الانقسام. وثالثا: لان هذا الحراك يعبر عن قضية تهم كل مواطن، وعن حقه في الثقة والاطمئنان لتوفيراته و(لشقاء عمره)، وبالتالي فمن المنطقي والمشروع تماما ان ينخرط فيها بأدق تفاصيلها، وان يصل إلى القناعة والطمأنينة تجاه هذه القضية بعيدا عن الإكراه او الفرض التعسفي. ورابعا: لان هناك نواقص وتساؤلات لا بد من الإجابة عليها في القانون، وبعضها نواقص لم ننجح في إدراجها ضمن التعديلات السابقة او أننا نتبناها من وحي ملاحظات الحراك والجمهور وهذا هو الأمر الطبيعي، فنحن من المدرسة التي تؤمن بالتعلم من الجماهير والاستفادة من حسها وإدراكها الواعي او العفوي. وخامسا: لأننا على قناعة بإمكانية إدخال معظم الملاحظات والقضايا التي تمت إثارتها في الحوارات على القانون، بما يجعله خلاصة لأوسع حالة نقاش مجتمعي. وسادسا: لأننا نرى في مظاهر المبادرة والإبداع وأساليب التواصل والتنظيم التي يتمتع بها الحراك جزءا هاما من تراث النضال الشعبي الاجتماعي الفلسطيني وهو بدون شك يضيف رصيدا لا بد من الاستفادة منه وتطويره في مجال النضال الوطني أيضا. واخيرا وليس أخرا، لان هذا الحراك حافظ بوعي على الانضباط وعلى الابتعاد عن مظاهر الفوضى او العنف او التخريب التي قد لا تتحكم بها الحركات الشعبية والجماهيرية المشابهة، وهنا وبرغم الاختلافات وبرغم تعاطفنا الطبيعي مع (الستر الصفراء) في فرنسا وفي غيرها كما يلوح في الأفق، إلا أننا يحق لنا ان نفخر كشعب بمختلف مكوناته الشعبية والرسمية بان (سترنا الصفراء) كانت بيضاء أيضا من حيث المظاهر التي اتخذتها أشكال فعالياتها وأنشطتها، وهذه قصة نجاح لا بد من تسجيلها باعتزاز وفخر، ومن الممكن إكمالها طبعا عبر تعميق الحوار البناء من اجل القواسم المشتركة التي تعالج المشكلة الأكبر في قضية الضمان، وهي قضية الثقة والاطمئنان الى تكوين وإدارة ورقابة مؤسسة الضمان واستثماراتها انطلاقا من الاستقلالية الكاملة لمؤسسة الضمان وحوكمتها والرقابة عليها. إننا نؤمن ان الإرادة الجماعية والتكاملية يمكن لها ان تنتج المكمل الطبيعي لقصة النجاح القائمة حتى الآن في قضية الضمان الاجتماعي، خاصة وان دوار المنارة الذي يتوسط البيرة ورام الله كان بقامة برج إيفل او أعلى في تجربة الحراكات الشعبية التي تميز شعبنا إلى جانب ميزاته الأخرى. كم انت كبيرة وعظيمة يا فلسطين |