|
لماذا حل المجلس التشريعي؟
نشر بتاريخ: 12/12/2018 ( آخر تحديث: 12/12/2018 الساعة: 21:03 )
الكاتب: د.ناجي صادق شراب
بعيدا عن السجال الدستوري والسياسي غير المفيد حول حل المجلس التشريعي من عدم حله، فليس صعبا أن نقول أن الرئيس ليس من حقه حل السلطة التشريعية، وهذا لسبب بسيط أن النظام السياسي الفلسطيني نظام مختلط ما بين البرلماني والرئاسي، والسلطتان منتخبتان إنتخابا مباشرا من قبل الشعب، من هذا المنظور كل منهما مسؤول مسؤولية مباشرة أمام الشعب، إستنادا لهذه الخاصية المثبتة في القانون الاساسي لا يحق للرئيس ممارسة سلطة حل التشريعي في كل الأحوال. هذا من الناحية الدستورية القانونية، لكن أين هو القانون ألأساسي؟ وهل الكل ملتزم به؟ فالدستور مغيب تماما، ومن هنا لا يجوز الإحتكام للدستور وقتما نشاء، ومتى نشاء وكيفما نشاء، أضف ان هناك محكمة دستورية... حركة حماس ممثلة بكتلتها البرلمانية لا تعترف بها، لها سلطة ان تقرر دستوريا هل الرئيس له الحق أم الا؟ قد يقول قائل هذا كلام فاقد لأهميته لأن النص الدستوري واضح وقاطع، لكن هناك أزمة شرعية كاملة، وكل المؤسسات فقدت شرعيتها، ولا يجوز ان نستمر في هذا الحالة المضرة بالمصلحة العليا الفلسطينية، وهنا أجتهد إجتهادا شخصيا، ماذا عن المصلحة العليا الفلسطينية؟ إذا كان إستمرار عمل المجلس يعني ضرر بهذه المصلحة.. الأولويه لمن؟ والذي أعرفه من خلال تخصصي في النظم السياسية المقارنة ودور المحاكم الدستورية وخصوصا في الولايات المتحدة القاضي له بالتفسير العام وليس أسيرا لنص دستوري جامد، ويضع في إعتباره المصلحة العليا. والسؤال ثانية من الذي يحدد المصلحة العليا؟ المتعارف عليه إلى جانب مؤسسات كثيرة.. الرئيس من يرى ويقرر المصلحة العليا. وعليه الحالة الفلسطينية وبعيدا كما أشرت عن هذا السجال العقيم الذي يتمسك كل طرف به لمصلحته الضيقة، لا مصلحة في الإنقسام، ولا مصلحة في الإنفصال السياسي، والقضية الفلسطينية تمر بأخطر مراحلها التصفوية، المطلوب أولا التوافق على شكل من المصالحة، وثانيا الإسراع في إجراء الانتخابات الفلسطينية لكل المنظومة السياسية الفلسطينية لتجديد الشرعية، وتفعيل الدستور، وتفعيل المؤسسات السياسية وعندها تحل كل هذه الإشكاليات العقيمة.
وقد يخرج رأي ويقول ما يسري على المجلس التشريعي يسري على الرئيس والرد ببساطة ان المجلس لا يملك حق إقالة الرئيس، وثانيا لا يمكن تحمل الفراغ السياسي للرئيس، ولذلك الدستور عالج هذه المسألة، نعم المجلس التشريعي يمكن ان يقوم بدوره المجلس المركزي، ويمكن للرئيس ان يقوم بإصدار قوانين في غيابه في حالة الطوارئ، لكن تعرض على اول مجلس تشريعي منتخب، ومع هذا الرأي سيخرج علينا من يجادل في اي راي يطرح، اعود وأقول ليس صعبا إصدار فتوى سياسية كما الفتاوى الدينية وتقرر حل السلطة التشريعية. الأصعب في هذا القرار ماذا سيكون موقف حركة حماس؟ هنا الخيارات والسيناريوهات كثيرة لكنها كلها تصب في مزيد من سيناريو التصعيد والتخوين والتشكيك والتمسك بان كل منها يملك الشرعية السياسية، تدرك حماس خطورة حل المجلس التشريعي، لأنه يفقدها الشرعية الإنتخابية والتمثيلية التي تحتمي بها، وهذا السيناريو قد يقربنا من إعتبار غزة إقليما متمردا في حال ذهاب حماس لخطوات بعيدة، وإخراج مسيرات تطالب بإقالة الرئيس، وغير مستبعد في سياق هذا السيناريو تشكيل حكومة جديدة في غزة او نسمع عن الدعوة لإجراء انتخابات على مستوى غزة، في كل الأحوال يبقى موقف حركة حماس الأضعف وخصوصا إذا إلتزمت الفصائل والقوى الفلسطينية في المجلس التشريعي بقرار حل المجلس، أما إذا لم تلتزم فهنا ندخل في عقدة غوردان السياسية، التي لها حل لها إلا بالإنتخابات والمصالحة. ولعل أحد اهم ألأسباب لهذه المشكلة والعقدة ان السلطة والرئاسة إرتكبت خطآن ألأول عندما قامت حماس بسيطرتها على السلطة وبداية الإنقسام عام 2007 وقتها القرار كان مطلوبا وبشكل سريع وحاسم لمعالجة هذه القضية، منها الدعوة لحل السلطة التشريعية، والخطأ الثاني عندما إنتهت ولاية الرئيس وولاية المجلس التشريعي عام 2010 ، كان مطلوب أيضا الإسراع بإتخاذ القرار بإجراء الانتخابات، وتحمل كل طرف لمسؤوليته. اما ألآن وبعد أكثر من عقد من الزمان وتأصيل حالة الإنقسام وتحولها لحالة بنيوية والتغيرات التي طرأت على القضية الفلسطينية إقليميا ودوليا، فلا بد من البحث عن حلول جذرية ولا حل لعقدة غوردان لا بالإنتخابات، وأنهى بالقول أنه من السهل الرد على كل هذا الجدل الدستوري والسياسي العقيم بالإعلان عن قيام مرحلة الدولة، وهذا ما حدث فعلا بقيام دولة فلسطين المراقب، معنى هذا الإعلان إسقاط كل مؤسسات أوسلو وإستبدالها بمؤسسات الدولة، وعندها ليس من حق اي أحد ان يدعي تمسكه بالشرعية، هذا هو المخرج، وهذا ما أقصده بحل عقدة غوردان، لا بديل ولا خيار لذلك إلا بالإعلان عن مرحلة قيام الدولة ومؤسساتها، لتكن لدينا شجاعة القرار!! |