وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الدبيك: زلزال فلسطين القادم قد يقع في كل لحظة وقوته القصوى ما بين 6-7 درجات

نشر بتاريخ: 16/10/2005 ( آخر تحديث: 16/10/2005 الساعة: 16:04 )
القدس- معا- قال د. جلال الدبيك مدير مركز علوم الأرض وهندسة الزلازل في جامعة النجاح الوطنية انه بمعزل عما حصل في الباكستان او اندونيسيا, او اي دولة اخرى فان احتمال حصول زلزال في فلسطين والدول المجاورة لهو أمر وارد ومحتمل, وهذا التوقع هو توقع علمي يعتمد عل موقع منطقتنا وطبيعة تركيبتها الجيولوجية, وتاريخ الزلازل فيها والمناطق التي تتركز فيها البؤر الزلزالية,بالاضافة الى النشاط الزلزالي الذي تسجله أجهزة رصد الزلازل في المنطقة.

ويضيف د. الدبيك قائلا:" استنادآ لهذه المعايير يتوقع الخبراء وقوع زلزال في المستقبل, وحين نقول المستقبل فإننا نعني غدآ او بعد غد, وربما يحدث الآن او بعد ساعة او يوم او عشر سنوات وستصل قوة الزلزال القصوى في بلادنا الى 6 درجات او ست درجات ونصف حسب مقياس ريختر, اذا كان مركز الزلزال شمال او جنوب البحر الميت.

في حين اشارت دراسات اخرى الى ان قوة هذا الزلزال قد تصل الى سبع درجات حسب مقياس ريختر اذا كان مركز الزلزال منطقة اصبع الجليل( منطقة طبريا).

ويشير د. الدبيك الى ان زمن تكرار حدوث الزلازل التي مركزها شمال البحر الميت يحدث ما بين ثمانين الى مائة عام, وكان آخر زلزال مدمر حصل في العام 1927 في حين ان آخر زلزال وقع في منطقة " اصبع الجليل" كان في العام 1759, علمآ بأن هذه المنطقة يتكرر حدوث الزلزال فيها كل 200-250 سنة.

ويضيف" من وجهة نظر الدراسات العلمية, فالمنطقة معرضة في أي لحظة لحصول زلزال, وهذا لا يختلف عليه اثنان من الناحية العلمية, اما لحظة حصوله, وانطلاقآ من كونه ظاهرة كونية طبيعية بالغة التعقيد لا يمكن منعها, ولا يمكن تحديد لحظة وقوعها بالضبط, فليس امامنا الا التخفيف من مخاطرها عن طريق اتخاذ الاجراءات على كافة الأصعدة والمستويات, ابتداء من المواطن العادي, مرورآ بالمختصين, وصولآ الى صناع القرار.

- كيفية التصرف لدى وقوع الزلازل:
ويرى د. الدبيك ان التخطيط الفعال على كافة المستويات لمواجهة أخطار الزلازل يشمل ثلاثة مراحل:-
-المرحلة الاولى:- التخطيط لما قبل الكارثة, ونعني بذلك الاستعداد لها.
-المرحلة الثانية:-التصرف اثناء الكارثة,( وتعرف بمرحلة المواجهة).
-المرحلة الثالثة:- أخذ العبر والدروس المستفادة بعد الزلزال مباشرة.

ويضيف " لا بد من التركيز على وسائل الاعلام والاستناد الى مصدر علمي او من الدفاع المدني في تقصي المعلومات حول الزلزال منعآ للشائعات والتقولات.

-حجم الأضرار المتوقعة:-
وفيما يتعلق بحجم الأضرار المتوقعة جراء اي زلزال قد يضرب بلادنا, يقول د. الدبيك:" بالنسبة للدرجات الزلزالية القصوى المتوقعة, تصنف في الأصل على انها معتدلة او قوية نسبيآ, فاذا كانت المباني مهيأة ومصممة بنسبة معينة من التصميم الزلزالي, اي يتوافر في هذه المباني الحد الأدنى لمقاومة الزلازل, فأنها تستطيع ان تقاوم هذه الدرجات بدون حصول أضرار ملحوظة".

وأضاف "ولكن للأسف العديد من مبانينا والبنى التحتية لا يتوافر فيها متطلبات الحد الأدنى لمقاومة الزلازل, لذلك فإن المشكلة تكمن في جاهزية مبانينا ومؤسساتنا, بالاضافة الى جاهزية المواطن الفلسطيني نفسه.

-وضع الطوارئ في فلسطين:-
الى ذلك يرى د. الدبيك وجود خلل واضح في مستوى ادارة الكوارث واسناد الطواريء في فلسطين. ويقول:" لا يوجد تنسيق بين المؤسسات ذات العلاقة, ولا يوجد هيكيليات واضحة تربطها, وفي نفس الوقت بعض هذه المؤسسات لا يتوافر فيها متطلبات الحد الادنى المطلوبة لمواجهة هذا النوع من الكوارث, وان كنت أشير هنا الى تطور ملموس في بعض امكانيات الاسعاف, وسبب هذا التطور الانتفاضة حيث طور الكادر الصحي والاسعاف نفسه, لكن هذا لا يكفي, فأي بلد تتعرض لكارثة يقع عليها مسؤولية الانقاذ... الاسعاف... البحث عن مفقودين... إيواء المنكوبين... تأمين الخدمات الصحية والطعام والشراب وطرق المواصلات, وعادة ما تعتمد الدول في توفير جزء كبير من هذه الامكانيات على جيوشها ومؤسساتها القائمة بالاضافة الى المتطوعين المؤهلين".

وأضاف "يكمن السؤال:اين نحن من هذه الامكانيات في ظل عدم وجود جيش, علمآ بأن الدول المجاورة ستكون مشغولة بنفسها وشعبها حال تعرضت هي الأخرى لزلازل في ذات الوقت, كما ان المساعدات الأجنبية الاخرى لن تصل قبل 48 ساعة في الغالب, ومن المعروف ان الساعات الثماني والأربعين الاولى تعتبر حاسمة في انقاذ من هم تحت الانقاض, ومما يثير القلق هو طبيعة شعبنا الفلسطيني بعد اي حدث او كارثة, وهو ما شاهدناه اثناء الاعمال الحربية وكيفية التعامل معها حيث كان التعاطي مع عمليات الانقاذ والاسعاف سلبيآ, بل في كثير من الحالات ادى عدم الدراسة الى حصول اعاقة في عمليات الانقاذ والاسعاف.

-انقاذ من هم تحت الانقاض:
وحول الكيفية التي يتوجب التصرف بها لانقاذ من هم تحت الانقاض, يقول مدير علوم الارض وهندسة الزلازل في جامعة النجاح: بالنسبة لعمليات انقاذ من هم تحت الانقاض, هناك امور تتعلق بالمنقذين ومعدات الانقاذ, واخرى تتعلق بالاشخاص الموجودين تحت الركام.

وفيما يتعلق بالمنقذين والمعدات, هناك طرق ووسائل علمية يجب ان تتبع, وهذه الطرق تعمل على تحقيق اخراج المبنى من المصاب, وليس اخراج المصاب من المبنى بقدر الامكان اي ان اي خطأ في طريقة إزالة الانقاض قد يؤدي الى وفاة من هم تحت الانقاض والى مضاعفة المشكلة فالكادر المؤهل والمعدات لها دور كبير, وكذلك تبادل الخبرات والمعلومات والعبر المستفادة من الدول التي تعرضت للزلازل يعتبر من الأولويات القصوى في هذا المجال.

اما بالنسبة لمن هم تحت الانقاض, فيجب ان يحافظ هؤلاء قدر المستطاع اذا كانوا مستيقظين على هدوء, وان يحاولوا قدر الامكان إصدار أصوات لمن هم في الخارج حتى يتم تحديد مكانهم, وفي كثير من الحالات يكون هناك فراغات بين اجزاء المبنى تسمح لمن هم تحت الانقاض بالانتقال من منطقة الى اخرى, فأفضل مكانه للوقوف قربه هو منطقة الزوايا, او بجوار زوايا الجدران المسلحة إن وجدت.

ويضيف د. الدبيك :- " بعد انتهاء الزلزال ( الراجفة), يتبعها " الرادفة", ما يستوجب عمل التالي:-
-اغلاق مكابس الماء, والكهرباء, والغاز فورآ.
-لبس خوذة على الرأس ان وجدت.
-لبس احذية مناسبة لأن الارض تكون مليئة بالزجاج.
-إخلاء ما غلا ثمنه من المنزل( نقود, مجوهرات - الخ).
-اذا كان الفصل شتاء, تؤخذ بطانيات, حقيبة اسعاف, وراديو ترانزستور.
-بعد الخروج من المنزل, ينصح بالابتعاد عنه بمقدار نصف ارتفاعه لحين التجمع في الساحات.
-عدم الاستماع الى الشائعات, ومتابعة نشرات الدفاع المدني.
-عدم استخدام الهاتف الى للضرورة القصوى, حتى لا تشل شبكة الاتصالات, وبالتالي حرمان من هم بحاجة فعلية للأتصال لأن يتصلوا.

-المباني القديمة: الأكثر تضررآ:
ويشير د. الدبيك الى ان الدراسات التي اجراها مركز علوم الارض وهندسة الزلازل في جامعة النجاح بينت ان المباني القديمة غير المسلحة ستتأثر بشكل واضح بالزلزال وستتعرض الى أضرار وانهيارات جزئية وكلية بسبب متطلبات الحد الادنى من الامان, ومن هذه الأخطاء مثلآ: نمط الطابق الرخو اي ان يكون احد طوابق المبنى او اكثر من اعمدة فقط, وبقية الطوابق من اعمدة وجدران.

وكان ظهور النمط من البناء لغرض توفير كراج للسيارة ولمعالجة هذا النظام سواء للأبنية القائمة او التي ستبنى ينصح بوضع جدران خرسانية مسلحة بشكل متماثل بين بعض الأعمدة مع مراعاة اعطاء الأولوية لزوايا المبنى.

وهناك أنماط اخرى من البناء الذي يعتمد على ما يعرف بـ " الطيرانات" او " البلوكانات المحملة" والتي تنفذ بطريقة خاطئة بالاضافة الى المباني ذات الاشكال العشوائية غير المنتظمة.

-زلزالان متزامنان:-
ولكن هل يمكن وقوع زلزالين متزامنين في منطقة البحر الميت ببؤرتيه الشمالية والجنوبية, ومنطقة اصبع الجليل؟
يجيب د. الدبيك " إن حصول زلزال في بؤرة شمال البحر الميت وفي بؤرته الجنوبية لا يعني ان الزلزال المتوقع في منطقة بحيرة طبريا قد انتهى, وانه لن يحصل, فالمنطقتين مختلفتين, وزمن حصول الزلزال في كل منطقة يختلف عن الاخرى, لكن قد يساهم احداها في تسريع او تفريغ طاقة الآخر.

-الهزات الارضية الخفيفة... وعلاقتها بالزلزال الكبير:-
ويضيف مدير مركز علوم الارض وهندسة الزلازل في النجاح قائلآ" بالنسبة للهزات الخفيفة التي حصلت هذا العام والعام الماضي لوحظ تكرار حصولها في فترة زمنية معينة وهذا يعود في المقام الاول لتركيب طبيعة المنطقة الجيولوجية في منطقتنا, حيث تحدث الزلازل على شكل عواصف زلزالية, اي زلازل كثيرة وخفيفة, وهنا يطرح السؤال التالي: هل هذه الحركات الارتدادية الصغيرة تؤثر على الزلزال المتوقع؟
"في الواقع, هناك اجتهادات تقول ان الزلازل الكثيفة الخفيفة تساهم في اجراء تفريغ زلزالي وبالتالي تخفف درجة الزلزال المتوقع, وهذا رأي يؤكده العديد من العلماء, والبعض الآخر لا يتفق معه.

وللتوضيح, فأن درجة واحدة حسب مقياس ريختر, اي الفرق بين ست درجات وخمس درجات يعني عشرة اضعاف في السعة 32 ضعفآ في الطاقة, بعبارة اخرى حتى يتم تفريغ زلزال بقوة 6 درجات على مقاس ريختر, يجب حصول 30 زلزالآ بقوة خمس درجات.

وبرأيي ان التفريغ الزلزالي موضوع معقد, وانا اتركه شخصيآ لزملائي في علم الزلازل, في حين ان تخصصي هو في منشآت مقاومة الزلازل".

-اكثر المدن تضررآ:
ويرى د. الدبيك انه بالنظر الى نوع البناء المتشابه في كثير من المدن الفلسطينية, فان حجم الضرر الذي قد يلحق في المدن الفلسطينية يعتمد على مركز الزلزال وبالتالي القرب او البعد من هذا المركز, وبما ان المسافات بين المدن في فلسطين محدودة, فان تأثير زلزال مركزه شمال البحر الميت مثلآ, سيمتد تأثيره بشكل واضح من بيت لحم, وحتى نابلس مرورآ بالقدس ورام الله, وزلزال كهذا سيؤثر بشكل واضح على ما مجموعة 2000-3000 كم2 من مساحة الضفة الغربية.

اما اذا كان مركز الزلزال جنوب البحر الميت ستكون المنطقة الممتدة من الخليل الى اطراف بيت لحم, في حين تتأثر غزة بشكل اخف.

واذا وقع الزلزال في ( اصبع الجليل) اي حول بحيرة طبريا, فستكون المدن الشمالية اكثر تأثرآ من جنين وحتى نابلس, اضافة الى منطقة الجليل. في حين ستشعر بقية المناطق بالزلزال بنسب متفاوتة وسيكون تأثرها محدودآ.

اما اذا كان مركز الزلزال في البحر الميت على امتداد صدع الكرمل, فان منطقة حيفا, وبعض المناطق الساحلية ستكون الأكثر تضررآ.

هنا لا بد من السؤال: هل سيؤدي هذا الى حدوث امواج تسونامي؟
ويجيب د. الدبيك عن ذلك بالقول:" اذا كان مركز الزلزال في قاع البحر, وكان الكسر احدث هذا الزلزال عموديآ بين طبقات الارض, وسطحي, فان ذلك يؤدي الى حدوث امواج تسونامي اما قوة هذه الأمواج فستعتمد على قوة الزلزال, وهنا اؤكد ان حصول امواج تسونامي في المستقبل ان حصلت ستكون محدودة, وليست كما حصل في اندونيسيا, لأن حجم امواج تسونامي يختلف عنه في منطقتنا".

ويضيف د. الدبيك "في بلادنا وقعت عدة مرات الزلازل, كان آخرها عام 1759, وادى ذلك في حينه الى تأثر عدد من المناطق الفلسطينية في حيفا والساحل, وتروي بعض التقارير التاريخية ان 17 قرية فلسطينية قد دمرت في حينه".