|
"الحق" تخاطب الامم المتحدة حول ظروف استشهاد واختفاء البرغوثي
نشر بتاريخ: 28/12/2018 ( آخر تحديث: 28/12/2018 الساعة: 12:51 )
رام الله - معا - أرسلت مؤسسة الحق، يوم الأحد، 23 كانون الأول، نداءً عاجلاً مشتركاً للإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، بشأن الاختفاء القسري الذي تعرض له المواطن صالح عمر البرغوثي 29 عاماً، بعد اعتقاله على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي بالقرب من بلدة سردا شمال رام الله، في 12 كانون الأول 2018.
الاختفاء القسري للبرغوثي: بناءً على توثيقات مؤسسة الحق؛ فإنه في مساء يوم الأربعاء الموافق الثاني عشر من كانون الأول ما بين الساعة 6:40 و7:00 قامت سيارة "جيب" زرقاء اللون من نوع سانغ يونغ، تحمل لوحة ترخيص فلسطينية، بالاصطدام بسيارة أجرة صفراء تقف أمامها بالقرب من قرية سردا على الشارع المؤدّي إلى بلدة بيرزيت. وقال شهود العيان، الذين تواجدوا في المنطقة، أنهم اعتقدوا للوهلة الأولى أنه مجرد حادث سير طبيعي، إلا أن واحداً من الشهود أخبر "الحق" أنه رأى عشرة جنود إسرائيليين يرتدون الزي الأسود ترجّلوا من حافلة بيضاء اللون من نوع "مرسيدس" تحمل لوحة ترخيص فلسطينية، وقاموا بتوجيه أسلحتهم صوب المواطنين المتواجدين في المنطقة طالبين منهم أن يبتعدوا عن مكان الحدث. وأضاف الشاهد نفسه في إفادة للحق: " رأيت مجموعة من الجنود يهاجمون سيارة أجرة من نوع "كيا" ثم سمعت صوت إطلاق نار، ثلاث أو أربع رصاصات، بينما كان أحد الجنود يصوّب سلاحه نحو النافذة المحاذية للسائق. صوت الطلقات كان مكتوماً، فربما أطلقت باستخدام كاتم الصوت أو أنها أطلقت على السائق من مسافة قريبة جداً. ثم فتحوا باب السيارة، سحبوا السائق إلى الخارج ورموه على الأرض... رأيتهم يربطون يديه خلف ظهره ثم وضعوه في الحافلة البيضاء." وقال شاهد آخر، وهو رامي حمدان، 35 عاماً، الذي رأى الحادث من الجهة الأخرى للشارع، في إفادته للحق:" رأيت عشرة رجال ملثمين، يرتدون الزي الأسود، ستة منهم كانوا في الحافلة وأربعة في السيارة الأخرى، اثنان منهم كانوا يحملون الأسلحة، قام أحدهم بتحطيم زجاج النافذة المحاذية لسائق سيرة الأجرة باستخدام بندقيته، ثم قام ثلاثة جنود بفتح باب السيارة، ثم سحبوا السائق ورموه على الأرض، قيّدوا يديه وقدميه وعصبوا عينيه ووضعوه في الحافلة البيضاء". بعد قيام الجنود باقتياد صالح البرغوثي، والانسحاب من المكان، تمكّن بعض شهود العيان من الوصول إلى السيارة التي كان يستقلها صالح، ولاحظوا أنه قد تم تحطيم زجاج النافذة المحاذية للسائق إلى جانب النافذة المحاذية للكرسي الخلفي، ولاحظوا أيضاً عدم وجود أية دماء سواء داخل السيارة أو على الأرض، بينما لاحظ أحد الشهود وجود أثر لرصاصتين واحدة في كرسي السائق من جهة الكتف اليسار، والثانية في منتصف الكرسي الخلفي. كما أن بعض الشهود قد شاهدوا أيضاً رصاصة فارغة على الأرض بجانب كرسي السائق. بعد ساعات من اختفاء صالح البرغوثي، قالت مصادر إسرائيلية الآتي: " قامت وحدة مكافحة الإرهاب في شرطة حدود إسرائيل (يمام) بقتل المشتبه فيه والمتورط بإطلاق النار قرب مستوطنة عوفرا يوم الأحد." وكانت عائلة البرغوثي قد نشرت يوم الخامس عشر من كانون الأول 2018 بياناً شكّكت فيه بالحقائق التي نشرتها السلطة القائمة بالاحتلال حول عملية القتل المزعومة، إذ قام ضابط مخابرات إسرائيلي بالاتصال بعمر البرغوثي وهو الد صالح البرغوثي وأخبره: "قتلنا صالح". بناء على ما سبق، خلصت عائلة البرغوثي في بيانها إلى ما يلي: " إن فرضية الحياة والموت، لغز يوجب على المؤسسات الرسمية والحقوقية الإجابة عليه، كما نطالب بانتداب لجنة دولية لمشاهدة ومعاينة الجثة، لأن الاعتقاد لدى العائلة بأن عملية إعدام تمت بعد الاعتقال أو أن إعداماً مؤجلاً سيقع على صالح." تنوّه "الحق" إلى أن مركز القدس لحقوق الإنسان والمساعدة القانونية قد تلقّى معلومات إضافية بخصوص قضية صالح البرغوثي بعد طلب تقدّم به المركز للسلطات الإسرائيلية. واعترفت الأخيرة أن صالح قد كان على قيد الحياة عندما اعتقل، ثم نقل إلى المشفى، حيث فارق الحياة متأثّراً بجراحه بعد بضع ساعات. مع العلم أن المركز لم يتلقَ أي ردّ بخصوص السماح لوالدة صالح بالتعرف على جثة صالح أو رؤيته في مكان الاحتجاز أو حتى تقديم معلومات متعلقة بظروف اعتقاله وإصابته. تؤكّد "الحق" أن الرد الإسرائيلي على طلب مركز القدس لحقوق الإنسان والمساعدة القانونية يتناقض بشكل واضح مع الرواية الإسرائيلية الأولية عندما قامت قوات الاحتلال بإخبار عمر البرغوثي بأنهم قتلوا ابنه. إذ أن هذا الرد يشير إلى جانب آخر مختلف تماماً وهو أن قوات الاحتلال كانت قد أخذت صالح إلى المستشفى لتلقّي العلاج وأنه قد توفّي لاحقاً متأثراً بإصابته. وإذا أخذنا بعين الاعتبار كل المعلومات الأخرى التي توفرت للحق، فإن الرواية الإسرائيلية الثانية تشير إلى أن صالح تعرّض للاختفاء القسري، مع العلم أن والدة صالح لم يسمح لها حتى الآن برؤية ابنها والتعرّف عليه. وتضيف "الحق" أن الرد الإسرائيلي على طلب مركز القدس بأن صالح قد توفي بعد اعتقاله، ينقصه العديد من التفاصيل المتعلقة بحيثيات عملية قتل صالح بعد احتجازه مع بقاء مكان وجوده مبهماً حتى الآن. وفي هذا السياق، تستحضر الحق ما ذكره الفريق العامل المعني بحالات الاحتجاز التعسفي أو غير الطوعي التابع للأمم المتحدة: " إن الإعدام خارج نطاق القانون بحق أي شخص بعد احتجازه يمثّل اختفاءً قسريّاً، في حال تمّ هذا الحرمان من الحرية على أيدي موظفي الدولة، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده". تحليل قانوني أكّدت "الحق" في النداء العاجل الذي أرسلته إلى الإجراءات الخاصة التابعة للأمم المتحدة؛ أنه من حق عائلة صالح معرفة حيثيات عملية اعتقال صالح واحتجازه، وأن قلة المؤشرات المتعلقة بوفاته وتضاربها قد سببت وما زالت تسبب ضغطاً نفسياً كبيراً على العائلة، والتي تصل بطبيعة الحال إلى المعاملة غير الإنسانية والمُهينة بحق أفراد العائلة. إن اعتقال صالح البرغوثي واحتجازه يشكّلان انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان العالمية والقانون الدولي الإنساني التي يجب تطبيقها في الأرض الفلسطينية المحتلة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاحتجاز القسري أو التعسفي في حالات النزاع المسلّح هو أمر محظورٌ بموجب القانون الدولي العرفي الخاص بالرهائن بهدف "منع الاختفاء". من المرجّح أن يكون صالح البرغوثي قد قُتل بعد اعتقاله، أو أنه توفّي متأثراً بالجراح التي أُصيب بها أثناء قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي باحتجازه، وعليه، فإنه على إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، أن تتحمل المسؤولية الكاملة على سلب حياة صالح البرغوثي تعسفياً منتهكةً بذلك المادة 6 (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وتشدّد "الحق" على أن الاحتفاظ بجثمان صالح البرغوثي، والتكتّم على المعلومات المتعلقة بمصيره، ومكان تواجده، يمكن أن تصل إلى المعاملة اللاإنسانية أو المهينة أو تشكل وسيلة عقاب بحق عائلة صالح البرغوثي، والتي تعتبر انتهاكاً للمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وفي سياق متصل، فإن احتجاز جثامين الفلسطينيين الذين قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي تصل بطبيعة الحال إلى عقوبات جماعية بحق عائلات المتوفيين، والتي تعتبر أيضاً انتهاكاً صارخاً للمادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة عام 1949. إن توثيقات مؤسسة الحق لحادثة صالح البرغوثي تدلّل على غياب دليل قاطع على قتل البرغوثي في مكان اعتقاله من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، والذي يصل لجريمة الاختفاء القسري، التي تنص عليها المادة 2 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. وبموجب هذه الاتفاقية، فإن العناصر الثلاثة الأساسية للاختفاء القسري قد توفرت في حالة صالح البرغوثي إضافة إلى وجود الضحية في مكان لا يخضع لحماية القانون كنتيجة لهذه العناصر. من الواضح أن صالح قد احتُجر وبالتالي سلبت حريته نتيجة لذلك، إضافة إلى أن سلب الحرية هذا قد قام به أشخاص يتبعون لإسرائيل- في هذه الحالة جنود إسرائيليون- أما العنصر الثالث فإنه قد لحق بعملية الاعتقال هذه تكتّم واضح فيما يتعلق بمصير الشخص المفقود ومكان تواجده. إن الروايات المتضاربة الصادرة عن قوات الاحتلال الإسرائيلي، سواء الاتصال الأول بعمر البرغوثي وإخباره عن مقتل ابنه أو الرد الثاني على طلب مركز القدس لحقوق الإنسان والمساعدة القانونية تشير إلى وجود تكتّم إسرائيلي واضح للظروف التي اعتقل واحتجز وربما قتل فيها صالح البرغوثي، إذ لم يفصحوا إلى الآن عن مكان تواجده. إن احتجاز صالح يمكن يعتبر اختفاءً قسرياً، حتى وأن كان "احتجاز قصير الأمد" أو "لبضع ساعات أو أيام". ينطوي هذا الاختفاء القسري لصالح عمر البرغوثي على انتهاكات عديدة لمختلف الحقوق، بما فيها الكشف عن مصيره ومكان تواجده. وهنا نؤكّد على حق عائلة البرغوثي معرفة الحقيقة، وحق الضحية أو أقربائه في الحصول على التوضيحات اللازمة المتعلقة بظروف وأسباب اختفائه. ومع أن إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، لم تقم بالتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، إلا أن هذا النوع من الاختفاء محظور بموجب القانون الدولي الإنساني العرفي. وأيضاً بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر فإن " أي اختفاء قسري يشكّل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني ولقانون حقوق الإنسان". وبناءً على كل ما تقدّم، فإن "الحق" أكدت في النداء العاجل الذي أرسلته إلى الأمم المتحدة بأن مسؤولية وعبء الإثبات يقعان حالياً على عاتق سلطة الاحتلال، من أجل تقديم أدلة موثوقة متعلقة بالحادثة وفتح تحقيقات فعّالة ومستقلة وشفافّة وعلنية للوصول إلى تلك الحقائق. وأن تعرض صالح البرغوثي للاختفاء القسري، طالما لم يتم إثبات عكس ذلك، وعلى سلطات الاحتلال الإسرائيلي الكشف مصير صالح البرغوثي، لأن من حقّ عائلته أن تعلم كل ما يتعلّق بابنها، ومن حقها حال تأكدت وفاته أن تقوم بدفنه بالطريقة اللائقة. وتواصل "الحق" متابعة قضية البرغوثي مع الجهات الدولية ذات العلاقة. |