|
بدون مؤاخذة- عام فارط وعام جديد
نشر بتاريخ: 29/12/2018 ( آخر تحديث: 29/12/2018 الساعة: 13:58 )
الكاتب: جميل السلحوت
فرط العام 2018 بما له وبما عليه، وإن كانت أحداثه في غالبيّتها علينا نحن العربان، وذلك بسبب ما فعلناه بأنفسنا، والأدهى والأمرّ أنّنا اعتبرنا كلّ ذلك قدرا إلهيّا لا مناص، لكنّه مع ذلك حمل لنا بشرى كبيرة وهي انتصار الجيش العربيّ السّوريّ على قوى الإرهاب التي تدثّرت بعباءة الدّين، وعاثت في سوريّا قتلا وتشريدا وتدميرا خدمة للمصالح الامبرياليّة، وفي مقدّمتها تنفيذ المشروع الأمريكي "الشّرق الأوسط الجديد" لإعادة تقسيم المنطقة العربيّة إلى دويلات طائفية متناحرة.
ويحلّ علينا العام الجديد 2019 وقد تكالبت علينا قوى الشّرّ والطّغيان، ورضخنا رضوخ الأذلاء، فقد استطاع نتنياهو رئيس الحكومة الاسرائيليّة تدمير حلّ الدّولتين، ومن خلال تكثيف الاستيطان جعل إقامة الدّولة الفلسطينيّة ضربا من الخيال، وساعدته دول عربيّة بذلك من خلال تطبيع العلاقات معه مع احتفاظه بالأراضي العربيّة المحتلّة، وبذلك نسفت مبادرة السلام العربية التي وضعها الملك السّعوديّ الرّاحل عبدالله بن عبدالعزيز عام 2002 عندما كان وليّا للعهد، والتي ربطت تطبيع العلاقات العربيّة مع اسرائيل بإقامة الدّولة الفلسطينيّة بعاصمتها القدس الشّريف بعد كنس الاحتلال ومخلّفاته كافّة. كما قبلت دول عربيّة بضغوطات الرّئيس الأمريكي المتصهين ترامب، بالتّنسيق الأمني مع اسرائيل، وتغيير الأولويّات، وانخرطت في "شيطنة" ايران، واعتبارها العدوّ الأول للعرب، وترافق ذلك مع انسحاب أمريكا من الاتفاق النّووي مع ايران تلبية لرغبات نتنياهو، وبهذا اصطفّ قادة عرب مع نتنياهو وترامب في معاداة إيران، تمهيدا لحرب عليها عندما تصدر الأوامر بذلك من الإدارة الأمريكيّة. وسندخل العام 2019 وأمريكا تطبّق مشروعها المسمّى "صفقة القرن" دون الاعلان عن الصّفقة، لتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيونيّ التّوسّعيّ، فقد اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقلت سفارتها إليها، وقطعت التّمويل عن وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيّين لتصفية قضيّة اللاجئين، وقطعت التّمويل عن السّلطة الفلسطينيّة كنوع من الضّغط عليها للقبول بالطّرواحات الأمريكيّة الإسرائيليّة، وتغضّ النّظر عن مواصلة الإستيطان في الأراضي العربيّة المحتلّة بل وتموّله، وتضغط على الدّول العربيّة لزيادة التّطبيع مع اسرائيل، بل والتّحالف العسكري معها ضدّ إيران، ويتواصل الضّغط الاقتصادي على الأردن؛ لتغيير موقفه من القضيّة الفلسطينيّة وخصوصا القدس ومقدّساتها. وعلى السّاحة الفلسطينيّة يتواصل تكريس انفصال قطاع غزّة عن الضّفّة الغربيّة، كما يتواصل حصار القطاع وتجويع مليونيّ فلسطينيّ فيه. كما تتواصل عمليّات مصادرة الأراضي الفلسطينيّة في الضّفة الغربيّة وجوهرتها القدس، وتتواصل عربدة وجرائم المستوطنين تحت حماية الجيش الاسرائيلي، وتتواصل عمليّات اقتحام المدن والبلدات والمخيّمات الفلسطينيّة للقتل والاعتقال وهدم البيوت. وعلى السّاحة العربيّة لا يزال الإرهابيّون"المتأسلمون" المدعومون من دول امبرياليّة ومن أنظمة عربيّة يواصلون ارهابهم في ليبيا، سوريّا، العراق، ومصر وحتّى تونس، ولا يزال "التّحالف العربيّ" يشنّ حربه الظالمة على اليمن لقتل وتجويع شعبه، وتدمير حضارته. ولبنان لا يزال عاجزا عن تشكيل حكومة والحديث يطول. وسنبقى على هذا الحال من الانحدار والتّراجع، ما لم نتغيّر وما لم نستفد ونأخذ العبر من خيباتنا وانكساراتنا، ومن تحالفاتنا الدّوليّة. |