|
خطوات في طريق استعادة التضامن العربي
نشر بتاريخ: 29/12/2018 ( آخر تحديث: 29/12/2018 الساعة: 14:02 )
الكاتب: تحسين يقين
أصلها ثابت وفرعها في السماء..
هي الكلمة العربية الطيبة الملتزمة. باختصار: تضامننا العربي هو من سيكف أيدي الآخرين عن التدخل في شؤوننا، ولعل الحلقة القومية فعلا هي من تضمن الوحدة الوطنية لكل قطر عربي. ليس لنا إلا أنفسنا، فمتى نفعل! في كل يوم، نرصد بأمل ما يجمعنا، وهو كثير، فلعلنا ولعلكم بخير وأمل. عندما نمتلك الارادة نصنع ما هو أكثر من توقعاتنا؛ فلا يحتاج العربي لوساطة كي يتصالح مع اخيه العربي، لكن له أن يحرص على مد الجسور. ما أسعدنا بكل خطوة للتصالح في هذا الكون! وما يسعدنا أكثر خطوات تصالحنا العربي. ورد الجزيرة العربية يعانق زهر المغرب العربي؛ وهكذا سررنا بعقد قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض، ولعل نتائجها صبت فيما يحقق مصالح الدول الأعضاء معا، خاصة أن المنطقة على أعتاب تطورات تصعيدية في المجال الإقليمي تتطلب وحدة الصف والكلمة، ونظن أن الوقت مناسب للوصول الى نقاط مشتركة يمكن البناء عليها لإنهاء الأزمة الخليجية، التي نراها قريبة التحقق، فليس هناك فعلا ما يحول دون اتفاق الأشقاء. وقبل أسابيع سررنا بمبادرة جلالة الملك محمد السادس، في التقارب مع الشقيقة الجزائر، حيث ذكرنا جميعا بوحدة المصير والدين واللغة والتاريخ، وبالمساحة الواسعة للكفاح الوطني المشترك ضد الاستعمار، وبدعم العرش المغربي لأشقائه الجزائريين في حرب التحرير الوطنية، ومنبهاً إلى الاحتياطات الاستراتيجية الهائلة الكامنة في تعاون البلدين الشقيقين في المحيط القومي والإقليمي والدولي. لم يرض جلالته عن واقع علاقات البلدين المتسم بالتناقض الصارخ وغير المعقول، في ظل ما يجمع بينهما، لذلك أكد على أن "مصالح شعوبنا هي في الوحدة والتكامل والاندماج دون الحاجة لطرف ثالث للوساطة بيننا". فعلا وحقا، ليسوا ولسنا جميعا لطرف ثالث للوساطة بيننا. هناك الكثير بين البلدين ليتعاونا فيه، اقتصاديا وثقافيا وتنمويا، وعربيا ودوليا، كما أن هناك الكثير من المجالات للتعاون الثنائي العربي، والتعاون المشترك سواء في مجلس التعاون الخليجي، أو بلاد الشام (قبل أشهر بدأ الأردن وسوريا في التعاون عن طريق استئناف النقل البريّ) أو وادي النيل، أو المغرب العربي. قوميا، فإن أي تصالح وتقارب عربيين، سيصب في خدمة قضايانا وهي كثيرة كذلك فلسطينيا، وهكذا، وبشجاعة والتزاما بالثوابت العربية، أكد المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، "أن القدس هي العاصمة التاريخية لفلسطين وفقاً للقرارات الدولية، وأن أي إجراء تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي هو أمر باطل، ولا يؤدي إلا إلى اشعال التوتر في المنطقة، وإضعاف فرص التوصل إلى حل شامل ودائم يبنى على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين وفق مبادرة السلام العربية والمرجعيات الدولية وقرارات الشرعية الدولية." إن ذلك مهم استراتيجيا، ويزيل أي لبس، ويكسر على من يريد الاصطياد في الماء العكر، وما تسمية القمة بـ " قمة القدس" إلا دلالة القضية الفلسطينية هي القضية الأولى للأمة العربية. وقبل أسابيع، وبناء على البند الذي تقدمت به وزارة العدل في دولة فلسطين قرر مجلس وزراء العدل العرب في ختام دورته الرابعة والثلاثين المنعقدة في الخرطوم، رفض وإدانة وتجريم التشريعات العنصرية الإسرائيلية وفي مقدمتها قانون القومية والدولة اليهودية ومشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين. أما "تشكيل لجنة من مجلس وزراء العرب والمكتب التنفيذي والأمانة الفنية للمجلس لبحث الوسائل والآليات القانونية لمواجهة التشريعات العنصرية التي تهدف لتكريس الاحتلال والاستيطان وتخالف القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وتنتهك حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية والثقافية والدينية والإنسانية والسياسية غير القابلة للتصرف، وبحث السبل القانونية لتامين الحماية القانونية للشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، وذلك بالتنسيق مع مجلس وزراء الخارجية العرب، والأمانة العامة للجامعة العربية"، فهي خطوة في الاتجاه الصحيح، ولعل ذلك هو ثمرة من ثمار التضامن العربي ولو في حده الأدنى. ليس هناك الا ما هو متكامل بين المصالح القطرية والقومية، والأيام والسنون تثبت ذلك، وأظن ويظن معي كثيرون وكثيرات ان الفرصة اليوم مؤاتية لاستعادة التضامن، ولعل من يتأمل بشكل موضوعي الأزمة الأخيرة في قضية خاشقجي، يكتشف بسهولة من وظّف كل تلك الأمور لمصلحته، ترى من اين كانت المعلومات؟ ومن بثها؟ وليسأل فقط عن المسألة النووية؟ هل انتبهنا فقط لهذا الأمر؟ لو تركنا نزاعاتنا جانبا، لاكتشفنا ان الأمور تتعلق بالمصير القومي. لعلنا نستفيد جميعا مما يحدث، ونعمق مبدأ التضامن العربي، وكل دولة عليها ان تقوم ما يعمق ذلك ويثبته. لا نحتاج لكلام كثير، فقط لفعل قليل، يزيد مع الأيام، نخفف به الفجوات ونعيد مدّ الجسور. عمق دول الخليج والمملكة العربية السعودية سيظل دوما العمق العربي، كذلك الدول العربية الأخرى، وغير ذلك مجرد وهم، ولعلنا نعيد التفكير بتحالفاتنا، ماذا استفدنا فعلا وماذا خسرنا! الأهم حفظ ماء وجوهنا وكرامتنا واحترامنا، بعيدا عن الشك والاتهام والتنازع. تضامننا سيقوينا في التنمية والتحديث والتعاون، وفي العلاقات الدولية وفي حل الصراع العربي الإسرائيلي! فهل سنشهد وعي الإعلام العربي وانتماءه لذاته القومية، بحيث يقوم بدوره في التأكيد على عناصر القوة وما يجمع، والبحث عن وسائل أخوية لحل نزاعاتنا؟ ان الأشقاء في البيت يتنازعون وهذا طبيعي، غير الطبيعي هو العداوة والصراع. ماذا بقي؟ لعل جامعة الدول العربية تعرض على مجلس وزراء الإعلام والثقافة والخارجية وكل مجالس الوزارات ذات الاختصاص، بالبدء في مداواة الجراح لا تعميقها. وانه إذا اختلفنا في السياسة فليس هذا إغراء للإعلام بالاختلاف أيضا. الكلمة الطيبة مفتاح سحريّ للحلول.. تضامن عربي، وتصالح مع دول الجوار وصداقة مع العالم..بإمكاننا أن نبدع في ذلك. أليس كذلك! [email protected] |