|
الانتخابات الاسرائيلية: يكسب النتن ياهو وتخسر اسرائيل
نشر بتاريخ: 31/12/2018 ( آخر تحديث: 31/12/2018 الساعة: 19:18 )
الكاتب: السفير حكمت عجوري
لم يسبق لاي رئيس وزراء في العالم الديمقراطي ان استخدم اساليب انتخابية كتلك التي يستخدمها رئيس وزراء اسرائيل ويعاد انتخابه ثانية وخامسة الامر الذي يجعل من النتن ياهو حالة اكثر من شاذة ولا بد من التوقف عندها كونها تكرر نفسها دون اي امل بأي جديد وذلك بسبب انها تستمد قوتها من اعادة شحن حالة هستيرية اسمها استدامة الخوف لدى الناخب الاسرائيلي.
منذ بداية حياته السياسية اعتمد النتن ياهو على التحريض الذي اصبح شريعة خاصه به للتخلص من كل من يقف في طريقه بغض النظر ان كانوا من ابناء جلدته مثل رابين او من غيرهم مثل الرئيس اوباما والرئيس ابو مازن او حتى لو كانوا من حزبه او من فصيلة التطرف التي ينتمي اليها حيث انه ابدع وما زال في استخدام التحريض كسلاح من اجل الهدف المذكور لخدمة هدفه الاسمى من اجل البقاء في الحكم كل ذلك بالرغم من ان التحريض وتحديدا النتن ياهوي وسيلة غير اخلاقية كونها تعتمد في كل تفاصيلها على الخداع والكذب. هذه الوسيلة يشرعنها مبدأ الغاية تبرر الوسيلة كون النتن ياهو لا يستطيع العودة للعيش كشخص عادي من عامة المجتمع بعد ان ذاق مرارتها بين 1999 الى 2009. حيث اصبحت امتيازات السلطة وبريقها تطغى على كل تفكيره لدرجة انها اصبحت شريان حياته ولا اعتقد ان هناك ضرورة لاستعراض كيفبة استغلاله للسلطة بعد فضائحه الجنائية المرتبطة بذلك والتي اخذت ارقام تسلسل تسجيل ولا غرابة من خانة الالاف اخرها الفضيحة رقم 4000، بالطبع هذه ليست اسرار وقد اصبحت حديث الشارع وبشكل يومي وهي ليست غير مسبوقة في عالم السياسة ولكن ابداع النتنياهو في التعامل معها والتملص منها هو غير المسبوق من خلال تمكنه ولغاية الان من خداع الاسرائيليين بدليل حظوظه العاليه كما تظهر استطلاعات الراي في اعادة انتخابه ولدورة خامسه وهو امر تفوق فيه لو حصل على بن غوريون اول رئيس وزراء لاسرائيل. الغريب ايضا في المذكور هو قدرته غير اللا متناهية على خداع الاسرائيليين في حمله للواء الامن والامان الذي يعد بهما الاسرائيليين في كل دورة انتخابية علما بان الواقع يثبت غير ذلك حيث خوف الاسرائيليين من القادم يزداد مع كل نجاح انتخابي للنتنياهو بدليل افتعاله المتواصل للتهديد الخارجي الذي كانت اخر صرعاته انفاق حزب الله في لبنان وذلك بعد ان هدأت عاصفة النووي الايراني . هذا بالرغم من ان الاسرائيليين كانوا قد باشروا في يوم مضى وقبل تزعمه لهم وبتفائل في مسيرة تحقيق السلام مقابل الارض في عهد رابين الذي لو لم يُغتال بسبب التحريض النتن ياهوي لكان هناك الان تبادل سفراء بين اسرائيل وفلسطين وبين اسرائيل وكافة الدول العربيه والاسلاميه وهو الحلم الذي نراه يتلاشى اكثر في كل دورة حكم جديده للنتن ياهو والتي ستتميز في دورتها الخامسه بخوف اكثر للاسرائيليين خصوصا وان هناك مؤشرات كثيره لحدوث انقلاب في بيت ترمب الابيض بعد عودة اليمقراطيين للكونغرس الاميركي . الجديد النتن ياهوي في هذه الانتخابات الذي اثلج به صدور الناخبين الاسرائيليين هو التطبيع مع بعض الحكام العرب والذي لا يعدو كونه وهم من حيث انه تطبيع متبادل بين اشخاص الحكام والنتن ياهو والذي كان قائما اصلا ومنذ قيام اسرائيل ومع ذلك وطوال كل هذه الفتره لم يعط هذا التطبيع حتى ثمرة أمن واحدة وربما كان للاسرائيليين عبرة من شدة برودة السلام القائم بين اسرائيل وكل من الشقيقتين مصر والاردن الذي كان اخر ثماره محاكمة صحفي مصري من قبل نقابته لانه كسر قوانينها التي تحرم على اعضائها التطبيع مع الاسرائيليين والدوس على العلم الاسرائيلي في الاردن. الخوف كما هو معروف يربك صاحبه ويمنعه من التفكير السليم وبالتالي يمنعه من اتخاذ القرار الصائب وعليه ما زال الخوف يُستخدم بتميز من قبل النتنياهو سلاحا لتحقيق مآربه الانتخابيه حيث ابدع في اعادة شحنه وتسويقه كما التحريض والكذب وهو ما جعل من النتن ياهو السياسي الوحيد في ذهن الناخبين في اسرائيل المؤتمن على حمايتهم وما زالوا بالرغم من خداعه لهم يؤمنون به وبقدراته التي اصبحت في اعتقادي تشبه السحر بمفعولها كما حصل في الانتخابات السابقه ودعوته المشهوره وتخويفه لليهود من الناخبين العرب في اسرائيل. فلسطين التي اقيمت عليها دولة اسرائيل كانت تسمى وما زالت فلسطين واهلها (الفلسطينيون) الذين يعيشون عليها اصبحوا يتساوون الان بعددهم مع اليهود سكان اسرائيل وعلى وشك ان يتساووا عددا مع اليهود في كل انحاء العالم بعد ان تجاوزوا الثلاثة عشر مليون مع نهاية 2018 .هؤلاء الملايين لا يمكن تطويعهم ولا كسب ولائهم لا بالمال السياسي ولا بالقتل او الترهيب والتطهير العرقي بل وعلى العكس فان كل جريمه تلاتكبها اسرائيل القوه القائمه بالاحتلال هو بمثابة فاتورة كره وانتقام تضاف للديون المتراكمه على الاسرائيليين لا يمكن شطبها او الغاؤها وهي لا تسقط بالتقادم . اثناء فترة شهر العسل الفلسطيني الاسرائيلي في بداية التسعينات دُعيت لاحاضر في تلاميذ ثانوي اسرائيليين وفلسطينيين تم دعوتهم من قِبَل المدرسه الاميركيه في لندن وقد فاجاني احد التلاميذ الاسرائيليين بسؤال "كيف تتوقع ان نثق بما تقولونه انتم الفلسطينيون حول السلام وامكانية تحقيقه بيننا وانتم ونحن نعلم اننا نقيم دولتنا على ارضكم التي سرقناها منكم". هذا السؤال الذي ما زال عالقا في ذاكرتي ما زال يبحث عن اجابه ترضي اليهود والفلسطينيين ولا اعتقد ان من الممكن لاحد ان يجد اجابه مرضيه على هذا السؤال الشرعي في ظل استمرار اسرائيل القوه القائمه بالاحتلال بحرمان الفلسطسينيين من ابسط حقوقهم في تقرير مصيرهم الذي اقرته لهم كل الشرائع الدينيه والدنيويه وذلك بسبب وجود قيادات في اسرائيل جل همها الانتخابات القادمه وليس الاجيال القادمه قيادات تكتب برنامجها الانتخابي بالدم الفلسطيني بعد ان استبدلت مشروع تبادل السفراء بين اسرائيل وفلسطين بمشروع تبادل الجثامين وعليه فان حتمية نجاح النتن ياهو لدوره خامسه سيقابلها من الناحيه الاخرى وبدون ادنى شك خساره كبيره للاسرائيليين. |