وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

القدس تستحق التضحية والنزول من الابراج العاجية

نشر بتاريخ: 04/01/2019 ( آخر تحديث: 05/01/2019 الساعة: 10:00 )
القدس تستحق التضحية والنزول من الابراج العاجية
الكاتب: اللواء بلال النتشة
الامين العام للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس
من يعتقد أن اختلاق الفوضى وتدمير المؤسسات والتغريد خارج السرب والعمل وفق اجندات متنوعة مختلطة الاهداف أو متباعدة أو حتى متشابكة يكون قد باع نفسه بثمن رخيص. فالفلسطيني الاصيل هو الفلسطيني الذي يحافظ على هويته وثوابته ويعمل فقط من اجل تحقيق الهدف الاكبر وهو انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.

لكن شتان ما بين اولئك الذين ادركوا الفكرة منذ اطلاق الرصاصة الاولى واعلان البرنامج الكفاحي الوطني والشعبي لتحرير الوطن متكئين على العمق الجماهيري في الارض المحتلة من جانب وعلى عدالة القضية من جانب اخر وعلى الدعم العربي والاسلامي وبعض الدول التقدمية التي آمنت بعدالة قضيتنا، وما بين الذين استغلوا الدين كمطية وقناع لتحقيق اهداف ليست وطنية متمرسين في ابراجهم العاجية التي لا تسمح لهم بالانخراط في مرحلة التحرر الشامل والتي يخوض غمارها الاخ الرئيس محمود عباس ابو مازن ومعه كل ابناء حركة فتح وابناء شعبنا المقدام وفصائل منظمة التحرير والذين حتى ان اختلفنا معهم فاننا نبقى واياهم شركاء في الدم والقرار والمصير.

ان قضية بحجم القضية الفلسطينية وقداستها ليس من السهل على اي فصيل مهما كان حجم تمثيله جماهيريا، المقامرة بها وهي القضية التي يقبع في باطن الارض عشرات الالاف من الشهداء الذين ضحوا من اجلها اضافة الى جيوش الاسرى والجرحى الذين يحملون على صدورهم اوسمة التضحية والفداء من اجل الوطن.

لقد أفلت شمس كل الحركات الانشقاقية وتلك التي تعمل لصالح مكتسبات فردية او حزبية ضيقة ولم يبق في الساحة الا كل الحركات الوطنية الشريفة الملاحقة من الاحتلال واعوانه وهذا يبدو واضحا لكل انسان حر ويراقب المشهد الفلسطيني عن كثب فنحن سلطة تحت الاحتلال جائت الى ارض الوطن باتفاق اوسلو ولكن مع تشرذم الساحة الفلسطينية واستغلال الاسلام السياسي مرحلية اتفاقية اوسلو لصالح اجندته الانتخابية والحزبية اضعف الموقف الفلسطيني ونقل القضية من المركز الى الهامش وحرفت البوصلة واصبحت القدس لقمة سائغة في فم عدونا الحقيقي للشعب الفلسطيني وهو الاحتلال الاسرائيلي.

كل هذا سببه التمترس خلف معتقدات واهية وحسابات خاطئة تحولت مع مر السنين الى احقاد سوداء تفجرت في العام 2007 على شكل انقلاب دموي هو الاول في تاريخ الحركة الكفاحية الوطنية الفلسطينية سالت فيه دماء المناضلين في الشوارع. وكل ذلك من اجل السيطرة على السلطة بشكل مطلق بوصفها كما يقولون "سلطة الهية" اي انها جاءت بمشيئة الله ولا احد من حقه او باستطاعته الاعتراض على هذه المشيئة.

نحن في حركة "فتح" لا نرى في السلطة الا بوابة عبور الى الهدف الاكبر وهو اقامة الدولة الفلسطينية المترابطة جغرافيا وسياسيا ولن نسمح بانشاء كيان في الضفة واخر منفصل في القطاع مهما كلفنا ذلك من دماء وسنظل نقاتل بكل الوسائل المتاحة حتى تحقيق هذا الهدف رغم تعاظم المؤامرة الداخلية والاقليمية والدولية، فصفقة القرن جوهرها منع اقامة هذه الدولة وانهاء قضيتي القدس واللاجئين وتعزيز كيان الاحتلال الذي هو نواة المشروع الصهيوني الإمبريالي العالمي.

لا ضير ان تخلل الساحة الفلسطينية خلافات سياسيىة ولكنها لا يجب ان تصل الى مستوى اراقة الدماء فهذا محرم وطنيا ودينيا وانسانيا فكيف لنا ان نقتتل على سلطة تعمل اسرائيل على تجريدها من كل وسائل الصمود والبقاء والهيبة؟ وكيف لنا ان نتوحد في مقابل ذلك وابناء جلدتنا يحاربوننا في قطاع غزة وكأننا اعداء ولسنا شركاء على الرغم من اننا المؤسسين واصحاب الطلقة الاولى ومظلة الحماية للكل الفلسطيني، فاذا كانت الحسابات رقمية فاننا في حركة "فتح" قدمنا جل اعضاء لجنتنا المركزية شهداء على مذبح الحرية وايضا جل الاسرى في سجون الاحتلال هم من ابناء حركتنا المعطاءة اما الجرحى والمعاقون برصاص الاحتلال فغالبيتهم ايضا من ابناء الفتح. واذا كانت الحسابات مؤسساتية فان من بنى السلطة الوطنية التي جاءت الى ارض الوطن بسواعد اطفال الحجارة هي حركة فتح واصبحنا دولة مؤسسات على الرغم من اننا لم نبلغ بعد مرحلة الدولة. واذا كانت الحسابات على مستوى العلاقات الدولية فاننا اخترقنا العالم وحققنا انجازات واضحة للجميع وبشهادة العدو قبل الصديق كيف لا واسرائيل تعبتر "فتح" ام "الارهاب" و"ابو مازن" حاضنته المركزية على حد زعمهم . ومع ذلك يتهموننا بالخيانة والتفريط ... لا بأس فنحن نربأ بانفسنا عن هذه التراهات ونراهن فقط على شعبنا الذي يهتف باسم الفتح ويدرك ان غيابها عن الساحة يعني ضياع القضية الوطنية.

لقد مرت حركة "فتح" في مراحل شديدة التعقيد والتشابك يندى لها جبين التاريخ في محاولة لوأدها في مهدها فمن ايلول الاسود الى تل الزعتر الى حصار بيروت الى سلسلة الاغتيالات الدموية والسياسية الى المطاردة والملاحقة والطرد الى زرع المنشقين والمأجورين لتفكيك بنية الحركة الا انهم جميعهم فشلوا في ذلك فشلا ذريا . لماذا ؟ لان "فتح" هي الشعب الفلسطيني والشعوب لا تفنى بل هي التي تفني كل من يحاول استئصال جذورها.

بعد سلسلة الاعتدءات التي ارتكبت في قطاع غزة اخيرا ضد ابنائنا في يوم انطلاقة الثورة المجيدة ومنع ايقاد الشعلة وبعدها تدمير مكاتب هيئة الاذاعة والتلفزيون الفلسطينية التي تعبر عن الكل الوطني بلا استثناء وتمارس دورها بكل مهنية ونزاهة وشفافية فانه لم يبق هناك متسع في القاموس الوطني لكلمة "حوار" ليس لاننا نرفضه ، على الاطلاق لا فنحن من سعى اليه ولكن من يتخندقون خلف برامجهم وحساباتاهم غير الفلسطينية هم من سدوا كل المنافذ التي يمكننا من خلالها الوصول الى اتفاق وطني . وعليه فانني اؤكد في هذا المقام ان البقاء في الابراج العاجية لن يخدم القضية الفلسطينية ولن ينتصر للقدس التي يتغنون بها ، فنحن في المؤتمر الوطني الشعبي لدينا رؤيا واضحة وصريحة وهي ان من يريد ان يعمل من اجل القدس عليه ان يكون فلسطينيا بامتياز لان القدس لاتقسم الا على فلسطين وابنائها ولن تقبل كل شذاذ الافاق والشراذم ولن تقبل بان يشوه تاريخ ومجد صلاح الدين وعمر ولن تقبل بان يهان الاقصى والقيامة ، القدس ستبقى عربية فلسطينية الى قيام الساعة وهذه هي رسالتنا لكل المزاودين والمتشدقين على "فتح" وقيادتها ونردد ما كتبه الشاعر المصري الكبير امل دنقل :" المجد الوهمي .. تولي آمون جبين كاب وذراع يتدلى فلتسمع يا كرنك ما يعلنه اخناتون لم يصبح امون الها . آمون صلاة لا يدري الشعب لمن ترفع . آمون طقوس لا تنفع ونذور وزكاة تدفع.