|
دولة بغير اله بقلم: عيسى قراقع
نشر بتاريخ: 16/10/2005 ( آخر تحديث: 16/10/2005 الساعة: 19:38 )
معا- لفت انتباهي في الاونة الاخيرة الجدل القانوني في اسرائيل حول استخدام المواطنين الفلسطينيين دروعاً بشرية خلال عمليات الاعتقال، وقد ادى هذا الجدل في النهاية الى قرار محكمة العدل العليا الإسرائيلية بالغاء استخدام الفلسطينيين دروعاً بشرية او ما يسميه الاسرائيليون "نظام الجار".
وفي نفس الوقت الذي صدر فيه قرار محكمة العدل العليا بدأ جهاز الامن الاسرائيلي (الشاباك) بالبحث عن وسائل او حيل اخرى تؤدي الى استمرار استخدام الفلسطينيين دروعاً بشرية دون المساس بقرار محكمة العدل العليا. وقد تفتقت عقلية المخابرات الاسرائيلية عن عدة اساليب جديدة منها ما اسموه "نظام الام" أي استخدام ام الفلسطيني المطلوب درعاً بشرياً لاجباره على تسليم نفسه خلال عملية الاعتقال، وعندما اقترح بعض المسؤولين الاسرائيليين استخدام الكلاب المتوحشة بديلاً للدروع البشرية تم رفض هذا الاقتراح بوقاحة حفاظاً على سلامة وحياة الكلاب حسب ما ورد في صحيفة يديعوت الاسرائيلية. وظل التفكير جارياً لدى جهاز الشاباك والجيش الاسرائيلي في البحث عن وسيلة التفاف على قرار محكمة العدل العليا ببلورة نظام جديد يسمح لهم باستخدام الفلسطينيين دروعاً بشرية خلال عمليات الاعتقال بأذن خاص من المستشار القانوني الاسرائيلي بالضبط كما حصل في عملية الالتفاف على قرار محكمة العدل العليا الاسرائيلية عام 1999 بحظر استخدام أي نوع من انواع التعذيب بحق الاسرى الفلسطينيين عندما تم السماح باستخدام التعذيب العنيف والجسدي بأذن من المستشار القانوني مما شكل حماية للمحققين من أي ملاحقة قانونية. وقد اعترف موفاز باستخدام الفلسطينيين دروعاً بشرية خلال عمليات المداهمة والاعتقال بنسبة كبيرة جداً، وقد سقط شهداء ابرياء بسبب ذلك. ومع ان قضية استخدام الفلسطينيين دروعاًَ بشرية اثيرت بشكل متأخر في الوسط القانوني الاسرائيلي فإن هذه القضية لم تأخذ حقها وشموليتها كقضية هامة وكوسيلة اجرامية غير قانونية مارسها الجيش الاسرائيلي دون أي رادع وبشكل مكثف خلال الخمس سنوات الاخيرة. واضح ان الجدل القانوني الاسرائيلي هو جدل شكلي وصوري في محاولة للتغطية على انتهاكات فظيعة ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني، ومن اجل الادعاء بان دولة اسرائيل دولة قانون وديمقراطية. ان محكمة العدل العليا التي اصدرت قرار منع التعذيب واستخدام الفلسطينيين دروعاً بشرية هي ذاتها التي اصدرت قراراً بمنع تعويض ضحايا هذه الانتهاكات. وان جاز لي التوجه الى كافة المؤسسات القانونية في اسرائيل فإنني اوضح لهم ان استخدام الفلسطينيين دروعاً بشرية قد تجاوز كل الحدود القانونية والانسانية، حيث استخدم الاطفال القاصرين واستخدمت عائلات بأكملها دروعاً بشرية عندما تم حشرها داخل المنزل في وضع عسكري خطير ولعدة ايام متواصلة. ولم يكتفي الجيش الاسرائيلي بذلك بل ثبت قيامه بتجويع هذه العائلات واهاناتهم، واستخدام ممتلكات البيت وحتى القيام بسرقتها.. اضافة لهذا فإن الجيش الاسرائيلي قام باعتقال زوجات وعائلات المطلوبين واقتيادهم الى زنازين التحقيق واحتجازهم لعدة ايام كوسيلة ضغط مرعبة وغير قانونية وبدون أي تهمة محددة. وعلى المؤسسات القانونية الاسرائيلية ان تبحث بعمق في الفساد القانوني للجيش الاسرائيلي في امور كثيرة ذهب ضحيتها الفلسطينيين مثل التنكيل بالاسرى والاعتداء عليهم قبل توجيه أي تهمة لهم وقبل مثولهم امام جهات رسمية. وكذلك في التحقيق في مئات الشكاوي حول تعرض الاسرى خاصة القاصرين لاساليب التحرش الجنسي والاغتصاب خلال استجوابهم وانتزاع اعترافات منهم بالتهديد والقوة. والملفت للنظر في الوقت الذي يناقش فيه موضوع الدروع البشرية تصادق اللجنة الوزارية للتشريع في الكنيست الاسرائيلي على طلب جهاز الشاباك على عرض مشروع قانون على الكنيست يتيح اتخاذ اجراءات وانظمة مشددة وتعسفية بحق الاسرى الفلسطينيين داخل السجون وكذلك اصدار قوانين تمنع المحامين من زيارة الاسرى وقوانين بفرض غرامات مالية على المعتقلين في السجون وقوانين تجيز حرمان الاسير من زيارة ذويه وغيرها الكثير تحت يافطة الامن ومكافحة "الارهاب". ولعل المراقب لطبيعة النقاش القانوني في المؤسسة الاسرائيلية بما يخص معاملة الفلسطينيين يجد ان الجهاز القضائي بأعلى هيئاته يأتمر بأوامر المخابرات الاسرائيلية ولا يتمتع بأي نزاهة قانونية او سلطة قرار، بل يخلو من أي بعد قانوني وانساني. ودليل على ذلك ما جرى من اعتقال المئات من الفلسطينيين في الاونة الاخيرة وتحويلهم الى الاعتقال الاداري دون النظر في قضاياهم واسباب اعتقالهم لتصدر محكمة عوفر العسكرية قرارات اعتقال اداري بالجملة ولتتحول الى ما يشبه السوق. لا يوجد قانون في دولة اسرائيل، فهي دولة فوق كل القوانين...لا تعترف بالمواثيق الدولية والانسانية، فهي دولة احتلال يسود مؤسستها العسكرية والامنية الانحلال والفساد حسب اعتراف الجنرال الاسرائيلي المتقاعد "عمران ليفين". وواضح تماماً أن التحايل حتى على القوانين الاسرائيلية نفسها واصدار قوانين بديلة والتلاعب بانسانية الانسان الفلسطيني والاستهتار بها والدوس على كرامته والضرب بعرض الحائط بكل مبادئ حقوق الانسان والشرائع الدولية يشير كل هذا أن دولة اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي أبدعت في تشريع وسائل التسبب بالألم للفلسطينيين. فها هي تستورد حتى الكلاب من أمريكا لاستخدامها في التفتيش واعتقال الفلسطينين حسب صحيفة يديعوت الاسرائيلية لتسجل بذلك اسرائيل رقماً قياسياً في العنصرية والاستخفاف بالانسانية.... ان التشريعات الاسرائيلية حولت دولة اسرائيل الى دولة الحرب والماكنات العسكرية وخدعت جنودها وأظهرتهم كآليات مجردة صماء حتى صرت أعتقد أنها دولة بغير اله... |