|
عوض والمصري: دولة التكفير ليست خيارا والمكفر ليس عنصر تغيير
نشر بتاريخ: 01/02/2019 ( آخر تحديث: 01/02/2019 الساعة: 22:02 )
يقاسي العالم أجمع ويلات العمليات الإجرامية بحق الأبرياء، والتي تزداد وتيرتها في عدد من البلدان العربية، في أعقاب ثورات الربيع العربي، وما خلفه من فراغ شغلته قوى متطرفة تتستر باسم الدين لسفك الدماء وتفجير المؤسسات التي تعتمد عليها الأوطان وتشيع حالة من الكراهية العمياء، وللأسف فإنها تجد حاضنة من شرائح بسيطة من الشباب تروج لفكرها وعملياتها الهدامة، لكن هل تصورنا أن يصل الأمر لتنسيق متكامل بين إسرائيل والتنظيمات التكفيرية؟! وما علاقة أجهزة الاستخبارات بالإرهاب؟ وكيف تكون نفسية المكفر؟ ولماذا يندرج شباب أوروبي لا يعانون صعوبة العيش بتنظيمات مثل داعش؟ وهل ثمة أمل لانزياح هذا الكابوس الدموي؟
كانت تلك التساؤلات، محور ندوة شهدها معرض القاهرة الدولي للكتاب، ضمن نشاط " كاتب وكتاب" لمناقشة كتاب "الظاهرة التكفيرية وماذا بعد ؟!" الصادر عن مكتب المعارف العربي، بحضور مؤلفيه الفلسطينيين د.أحمد رفيق عوض، السياسي والأديب البارز ومن مؤسسي الإذاعة الفلسطينية، و والخبير الاستراتيجي والسياسي اللواء محمد المصري رئيس المركز الفلسطيني للدراسات. وشارك على المنصة بمناقشة الكتاب كل من د. هاني نسيرة، المفكر البارز و المتخصص بشئون الإسلام السياسي، والباحثين: هاني الضوه نائب المستشار الإعلامي لفضيلة المفتي ، وطارق أبو هشيمة رئيس وحدة الدراسات الاستراتيجية ومدير المؤشر العالمي للفتوى ، فيما أدار اللقاء عمرو عبدالمنعم الصحفي والباحث المتخصص بتاريخ الفكر الإسلامي. وقال "عبدالمنعم": يغفل المتطرفون كيف تعامل رسول الله مع البشر وفق أعمالهم ولم يجعل حربه إلا لمن حارب دين الله، فكان عمه أبوطالب على شركه ورغم ذلك لعب دورا بمساندة دعوة الإسلام، وفي ذلك فهو يختلف عن عم النبي أبولهب الذي أضمر العداء والإيذاء للمؤمنين، وكذلك لم يتساوى عقبة بن أبي معيط الذي آذى رسول الله مع مطعم بن عدي الذي أدخله في جواره، رغم كون كلاهما مشرك، ومن مزق كتاب الرسول لم يكن كمن أرسل له الهدايا . ثم تحدث عن مباحث الكتاب التي وصلت إلي عشرون مبحثا كان أهمها مبحث بعنوان سيكولوجية المكفر والذي استضئ به المؤلفين أحينا بعلم التنفس واحينا بالدراسات السوسيولوجية المعمقة، ثم فصل عن علاقة الظاهرة بالدول الاستعمارية في اشارة لرعاية أجهزة استخبارات عالمية لهذا الظاهرة . من يعذى التكفير يؤكد اللواء المصري ان المجتمع الفلسطيني نتيجة موجهات الاستعمار كان يعاني الهشاشة وينظر لظهيرة العربي باعتباره أحد نقاط قوته ، وتمسك البعض باللجوء إلي الشعوب وليس إلي الدول وخاصة تلك التي تحافظ علي بنيتها المجتمعية مثل مصر. ولكن مع اندلع ثورات الربيع العربي عام 2011 تغيرت مجريات الأمور وتراجعت الثقة بين الجمهور ونخبة السياسية وفقدت الثقة في الدولة الوطنية وهو ما اثر في مراكز القوي في المنطقة ويمكن إيجاز عوامل ظهور قوي التطرف في الآونة الأخيرة في ضعف الدولة الوطنية بجانب ضعف المرجعيات الدينية وهي التي كان رجل الشارع يلجئ إليها وكانت تسد فراغا كبيرا ملئه المتطرفين بطريقة كبيرة. كما أن فقدان الزعامة الوطنية التي سادت في الفترات الماضية، إلي جانب اجتياح رياح التغيير والحرية للمنطقة وهو ما اسيئ استغلاله من جانب التنظيمات العنيفة ولكن هذه الجماعات تعاونت مع ازرع استخباراتية ضد بلدانها في العالم العربي. وقال المصري ان التكفير لم تكن ظاهرة حديثة ولكن عرفتها الأزمنة التاريخية من قبل، ولكن الجديد انها الآن قد صنعت منطقة جغرافية تحكم منها، ودولة ترفع علمها باسم الخلافة الإسلامية، وتنتهك بطريقة سافرة فكرة الحدود الوطنية. ويشير المصري إلا ان الظاهرة التكفيرية لن تنتهي بانتهاء دولة الخلافة المزعومة لآن هناك حواضن تغزيها وتعتبر هي السلاح الاخطر في يد تلك التنظيمات، وهذا الحواضن يطلق عليها مؤلف الكتاب الداعمين وهي التي تنتهي بالمتعاطف مع الفكر العنيف والذين يروجون لأنشطتهم بوسائل مختلفة وجديدة. الدور الصهيوني يشير د احمد رفيق عوض مؤلف الكتاب إلي حقيقة ان الفكر التكفيري لم يؤتي ثماره علي مدار التاريخ منذ ظهور حركة الخوارج حتي الآن حتي تمكنوا من سفك الدماء، ويؤكد ظهور الجماعات الإسلامية المتطرفة كان لارتبط ذلك برخاوة الدولة الإسلامية والعكس ايضا صحيح. والفكر التكفير ليس عطبًا ثقافيًا ودينيًا وليس تدميرا للمنجز الحضاري والثقافي فحسب، ولكنه تهديد لنسيج المجتمع ينفي الاخر واستباحة دمه، وللأسف يبدو ان مثقفينا يروجون اليوم للقضية الفلسطينية باعتبارها عبئا علي الأمة العربية ،وينسون ان التطرف هو عدو المشروع العربي والتاريخ وان اسرائيل صاحبة ذراع كبير في دعم عمليات العنف بالعالم العربي. وعن هذا يؤكد عوض بأن داخل المجتمع الإسرائيلي من يكفر المجتمع ويستبيح دمائه مثل طائفة يطلق عليهم الحريديم هي طائفة يهودية متطرف. وكشف عوض أن هناك مثقفين يدعون إلي التطبيع مع الكيان الصهيوني باسم السلام يدعمون التطبيع مع هذا الكيان الغاشم لذلك نعمل سويا انا والدكتور المصري علي اصدار جديد نكشف فيه كوليس تلك الطائفة العنيفة داخل اسرائيل لكن ما يعنينا أن إسرائيل كشفت بكل تبجح عن موقفها من العربي ودعمها للعنف الدائر في كثير من مناطقها. وقال سيبقي التكفير ما بقي الغو لذلك فالمواجهة لن تكون امنية فقط في المستقبل ، ولكن تحتاج إلي دول كبيرة قادرة علي مواجهة التحدي وذات مشروعات كاملة فكرية وأمنية واقتصادية لشعوبها. اشكال التكفير في مجتمعاتنا يشير د هاني نسيرة إلي ان التكفير متغلغل في المجتمع العربي ولا يقتصر علي التكفير الديني فقط، فلدينا التكفير السياسي والثقافي ويعني نفي الاخر المختلف فكريا وللأسف فإن التيار السلفي نصب اهتمامه علي محاربة التيارات المعتزلة و الجهمية والفقه والبدع ونفي العدو الاكبر وهو اسرائيل . وقال نسيرة ان التكفير اعاق الدولة الوطنية الحالية وأعاق أحلام التغيير ، فلو تدخل التنظيمات العنيفة في الثورة السورية ومنها جبهة النصرة وتحرير الشام وتعاونها مع تنظيمات متشددة لربما كتب النجاح والنصر لشعب السوي في ثورته. وهذا ما حدث مع انصار الإسلام في غزوة حينما اختلفوا مع نظرائهم من حماس حول تصور الحل فأحرقوا المصاحف وقتلوا واستباحوا دماء عدد من ابناء وطنهم، كما قامت داعش بأقصى درجات التكفير والتي تصل إلي تكفير تنظيم القاعدة ومنهم بن لادن والمقدسي. وللأسف فقد صدرت لنا هذه التنظيمات مقولة" من لم يكفر الكافر فهو كافر" وهنا انتقد نسيرة اقتصار المسؤولية علي ادوار المقاومة وقال ان المسؤولية تقع علي كل الإسلاميين ممن احتكروا دور الدولة وحاولوا تحويل الدين إلي هوية لتصنيف البشر كما انتقد ما جاء في الكتاب عن جماعة طالبان والتبليغ والتي اعتبرها جماعات تكفيرية في حين أنها نشأت في سياق تاريخي وطني ولو أن بعضها أنحرف قليلا عن أهدافه. وأكد نسيرة علي ان التنظيمات المتطرفة والصحوات العنيفة خرجت في السبعينيات من عباءة فشل الدولة الوطنية العربية. وفشلها في تحقيق وعودها للشعوب بالحرية والتحرر والوحدة والنهوض. ثلاثية التكفير يشير الباحث ابو هشيمة إلي أن الدولة الوطنية لا تتحمل وحدها مسؤولية ظهور تنظيمات العنف، وهذا ما يفسر لنا انضمام شابًا من اوروبا إلي تنظيم داعش رغم غياب المعانة والبطالة ورفاهية المجتمع التي تغيب عن الدول العربية. وللإجابة عن هذا الملاحظة يؤكد أبو هشيمة أن التكفير ينطلق من محطات ثلاث تبدأ من التفكير وتمر بالتكفير وصولًا إلي التفجير، فغذا غاب الأول اعطي الثاني مساحة للشاب بحمل السلاح ويعلن إغلاق عقله. لذلك فهناك من يدعم الأفكار دون حمل السلاح وهناك من يتعاطف مع الفكر التكفيري وهي بالفعل اشد خطرا لأنها تقدم الإمداد والتكوين فالعلاج في هذه الحالة يكون فكري هو في هذه الحالة اجدي وليس المواجهة الأمنية فقط ؟ احصائيات حديثة وكشف طارق ابو هشيمة عن نتائج دراسة جديدة بمرصد الفتاوي تضمن 700 الف فتوى صادرة في عام 2018 مقسمة إلي نطاقات عالمية وعربية وخليجية. واكدت الدراسة أن 87% من تلك الفتاوي معتدلة بينما كانت13% من محتواها مضطربا في علاقتها بالقرآن والسنة ،وهذا الاضطراب يصل احينا إلي الشطط والغلو، وللأسف فهناك من يتربص بتلك الفتاوى ويصورها علي أنها تعبير عن العالم الإسلامي، ومن هنا تزداد حدة الإسلام وفوبيا والخوف في اوروبا, ويؤكد أبو هشيمة أن 100% من الفتاوي الصادرة عن مؤسسات رسمية تعزز قسم الهوية الوطنية في ظهور واضح ومختلف عن الجماعات الإسلامية المتشددة. مبادرة جديدة وكشف هاني ضوه في ختام الندوة عن مبادرة جديدة تجمع تجارب المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية تحت مظلة جديدة في اوروبا بعنوان برامج الزمالة وتجارب علي ار ض الواقع ، وهي تجارب ميدانية تخاطب للشباب عن قرب وسوف يعلن عن منصة للحوار والتعامل مع العناصر الإرهابية تجمع قادة الوعي والمسؤولية من اتباع الدين الإسلامي والمسيحي. وقال الضوه أن الدولة الوطنية ليست مسؤولة وحدها عن تفشي الإرهاب وان نشر الوعي ضد الإرهاب مسؤولية النخب وقادة الوعي الديني فالمؤسسات الدينية تعمل بجهد جماعي مشترك. |