وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

أطفال جباليا .. حكايات معاناة وصمود في وجه اجتياحات الاحتلال

نشر بتاريخ: 03/03/2008 ( آخر تحديث: 03/03/2008 الساعة: 19:45 )
غزة-معا- بزغ فجر جديد , فجر كشف الجرح الذي خلفه الاحتلال في بلدة جباليا , البلدة التي تمركز فيها كبداية لتدمير كل شيء.

حكايات وروايات تداولها أهالي قطاع غزة منذ اللحظة الأولى للاجتياح وأكثر ما آلمهم الضحايا من الأطفال الذين سقطوا في كل مكان حتى في بيوتهم وهم آمنون , وبعد أن اندحر الاحتلال عن جباليا حتى توافد إليها من المناطق كافة سكان القطاع من الجنوب إلى الشمال ,منهم من بحث عن عائلته التي تقطن هناك ليطمئن عليها ,ومنهم من كان عائدا إلى بيته بعد عدة أيام كان بعيدا فيها عن أهله , أما القسم الأكبر فتجده ممن جذبه الفضول ليشاهد بأم عينيه المكان الذي اجتاحه الاحتلال , بالإضافة إلى الطواقم الصحفية التي تكمل مسيرتها في الكشف عن حقيقة ما ارتكبه الاحتلال من جرائم بحق أهل البلدة إلى العالم اجمع .

ومن بين الركام وبيوت العزاء المفتوحة ينطلق أطفال جباليا بكل ما يحملونه من قوة كأنهم رجال استطاعوا أن يصمدوا في وجه رصاصات الاحتلال ودباباته.

سعيد طفل صغير لم يتجاوز العشر سنوات يروي ما حدث كأنه حدث قبل دقائق معدودة قائلاً:" في أثناء الاجتياح خرجت لأستطلع ما يجري من شرفة البيت وما أن رأيت الدبابة والجندي يصوب بندقيته على رأسي حتى هربت متخفيا داخل البيت " , نافياً أن يكون قد شعر بالخوف وكأنه أمر طبيعي تعود عليه .

بدا النور يشع من وجه حمادة عبد ربه ( 15عاماً ) ربما لأنه لم يدرك حقيقة ما يجري لصغر سنه , متحدثاً عما حل بأهله جراء اقتحام جنود الاحتلال لمنزله الذي يقطنه حوالي 67 فرداً بعد أن قامت باحتجازهم جميعاً في غرفة واحدة ما عدا سيدة كانت تقوم على خدمة الجنود عمل المشروبات الساخنة لهم وطبخ إن أكلهم الجوع قائلاً :" في البداية كان الجميع خائفاً ولكن دخول الجنود إلى المنزل قلل من شعورنا بالرعب لأنهم لن يقتلونا طالما نفعل ما يريدون ولكن أكثر ما كان يقلقنا قتلنا جميعا دون مبرر ".

صورة الجنود ما تزال مطبوعة في ذهن منى عبد ربه ( 10 سنوات ) وما أن بدأت بالحديث حتى بدأت تصف ما شاهدته :" كانو لابسين بدلة لونها اخضر وحاطين على رأسهم اشي أسود وعلى عنيهم ناضور بشوفو كل اشي بعيد " محاولة الحديث عن ما جرى في دقائق قليلة حتى لا تنسى تفصيل دقيق شاهدته .

محمود طفل رضيع ذنبه الوحيد أنه من عائلة تقطن في أحد منازل بلدة جباليا والتي كانت اختيار جنود الاحتلال كمكان يصطادون منه كل من كان يسير في الشارع وان كان رجل على عربة يجرها حمار والذي قتلته بدم بارد مما أدى إلى سماع صوته في أرجاء الحي كله .

كل ما كان يطلبه محمود حاجته الأساسية من الطعام والشراب إلا أن ذلك لسوء حظه ممنوع عليه جراء منع الجنود لآي فرد من عائلته أن يتحرك خطوة واحدة من غرفة احتجزهم فيها مدة يومين .

أطفال في كل مكان يروون كل ما شاهدوه دون أن يكون هناك قيد على الحديث وكأنهم رجال يتحدون الاحتلال بلسانهم و تعابير وجوههم حتى لو اجتاحهم الاحتلال مرة أخرى سيبقون الشاهد الأقوى على المجازر التي يرتكبها .