|
من يوسف إلى زليخة.. الرسالة وصلت
نشر بتاريخ: 03/02/2019 ( آخر تحديث: 03/02/2019 الساعة: 13:52 )
الكاتب: المتوكل طه
لم أرَ .. غيرَ جدارِ البئرِ والظُلْمةِ ..
والأُخوةُ يَسْعون إلى قَتْلي ، وذَنبي ؛ أنّ لي عَرْشأً ، وقد كانوا ذِئابا . لم يكن ذَنبي بأن التاجَ ينشقُّ من الرّؤيةِ ضوءاً ، وأنا أجلسُ ، حيثُ الشمسُ كُرسيّاً وأثوابي السَّحابا . لم يكن ذنبي بأنّ البدرَ مِنّي ، وبحورُ اللوزِ ، في عينيّ ، فيروزاً مُذابا . وبأني جئتُ طفلاً ، في حِمى القصرِ ، بهيّاً ، ليرى في سيّد البيتِ أباً ، ويرى فيكِ الذي في أُمِّهِ .. كيف للرّائي لأنْ يَعمى ؟ وَلماذا يحرقُ الماءَ ؟ وقد جاءَ إلى خابيةِ الأيامِ خُبزاً وشرابا . لم يكن ذنبي بأنّ الوَشَقَ المسعورَ ظمآنٌ وأنّ الملحَ لا تُطفِئهُ النيرانُ ، هل ذنبي بأني أبصر الينبوعَ في الليلِ التهابا ؟ ربّما قد هزّني الزلزالُ إنْ رجَّ سفوحَ الأرضِ ودياناً وغابا . ربّما أعجبني النّصلُ ، وقد ينفذُ في الأضلاعِ حدَّاً وجِرابا . ربّما يُغرقُني البحرُ ويمضي بي بعيداً في كهوف اللؤلؤِ الحُرِّ .. شِعابا . ربّما أحتاجُ للتفّاحِ ، إنْ أيقَظَتِ الحيَّةُ في الصلصالِ قَطْراً مُستطابا .. إنما أنحازُ للأزرقِ في ريشِ اليماماتِ ، ولا أُلقي على الطيرِ .. العِتابا . كلُّ أنثى ولها حظٌّ من الشَّمعِ ، وفيها من جحيمِ الماسِ ما يُغني عن الفجرِ .. خِضابا .. ولها في أعينِ الرغبةِ ألوانٌ ، وما يجعلُ في المرآةِ أحلاماً كِذابا. هل غرورُ المُلْكِ ، والعِطرُ ، وكُحْلُ العينِ ، والبهوُ ، وكتّانُ الملاياتِ ، وفَروُ السَّبْعِ ، والهِرُّ إذا ما ذَلَّ في الحِضْنِ .. هو الميزانُ ، كي يستلبَ القنّاصُ عصفوراً مُصابا؟ أنا أبكي شهوةَ الموقدِ إن تطفو .. فهذي وخْزةُ الّلحمِ ، وما تسعى له الغاباتُ ، إن شاءت ، بلا حَدٍ .. وكمْ أزَّ سوادٌ .. فرأينا في سَما الدنيا غُراباً ؟ هل نما عشقٌ ؟ نبضت فينا اليراعاتُ ؟ كنتُ ، يا هذي ، بريئاً لم يرَ القرصانَ ، والقُطَّاعَ ، والكونَ غِلابا .. كان نَفْحُ النُّورِ في صدري ، ولمّا يقدح الشيطانُ أغصاني .. وقد عَزَّت على الحَطّاب أشجاري . وإنْ سُدَّت جهاتُ القصرِ تُمسي هذه الحيطانُ للأعمى حِجابا .. وليَ الأبوابُ نهراً دافقَ الدُّرِّ .. رِحابا . كَرَزي من جَنَّةِ الكَشْفِ ، فهل لي أن أَصُبَّ النارَ في عَتْمٍ بهيمٍ ، يتغيّا الليلَ عصفاً وضبابا ؟! لم يكن ذنبي بأنّي أبعثُ النهرَ إلى مجراه ، لا أسطو على أسْماكِ بحّارٍ ، ولا أركبُ إلاّ فَرَساً من فضّةِ الثلجِ .. وإنْ خُنتُ، أنا، مولايَ .. ما الفرقُ ، إذاً ، بين مَنْ جاء على ثوبي بنعمانٍ .. وقال ؛ الذئبُ ! أو أكذبُ ؟ ونرى في عشقِ مَنْ خانَ .. الصوابا !؟ كيف لي أن أشربَ السُّمَّ ، وإنْ كان رحيقاً من جِرارٍ عتّقتها جمرةُ الأعنابِ .. هل ذاكَ هو الطينُ وإغواءُ الأفاعي ، أم زجاجُ القوسِ إذ يسكبُ في الرّوحِ الرُّضابا . كنتُ أحتاجُ إلى مَنْ يأخذُ الطفلَ من السّردابِ إذ ظلّ به عُمْراً .. عِقابا . كنتُ أحتاجُ لمَنْ يحميه من سوقِ النّخاساتِ امتهاناً وعَذابا .. كنتُ أحتاجُ إلى حُضْنٍ سماويٍّ رؤومٍ يرتقي حدّ الثُريّاتِ اقترابا .. كنتُ أحتاجُكِ طُهْراً سُكَّريَّ النَّبضِ أرضاً وقِبابا .. فأرى الَلَّهَ الذي قد خَصّني بالوَعْدِ ، قد فتَّحَ من كفّيكِ شبّاكَ المجرّاتِ .. ولا أن تُغلقي الأقفالَ غَصْباً ، ويُقدُّ القُطْنُ في ظَهري ارتيابا .. إنَّ لي في سدرةِ المعنى سؤالاً وجوابا . إنني نسْلُ نبيٍّ ، لستُ طينياً ، وإن كنتُ تُرابا . يوسفٌ من شجرِ البَرقِ وغيمِ العَرْشِ ، والمرأةُ من أنفاسِ هاروتَ وماروتَ ، إذا ما ساحرٌ في بابلِ الغَنْجِ .. تَصابى . لم يكن للجسدِ المحمومِ أنْ يكتُبَ للناسِ النهاياتِ ، ولا أنْ يهزمَ الوحيَ خرابا .. ثم يمشي مثلَ طاووسٍ على الماءِ ، ولكنْ ربما يمشي على الموجِ ، إذا ما كانَ رملاً وسرابا .. وأنا ما زلتُ في الجُبِّ ؛ ولم أَخرُجْ من السجنِ ، فَهَلّا أخذوا قلبي إلى الشِعرِ ، عساهُ أن يكون الشوقُ للشوقِ كتابا . |