وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

هل فعلا استُنفد الحوار الوطني ولم يبق سوى الإجراءات الجراحية؟

نشر بتاريخ: 05/02/2019 ( آخر تحديث: 05/02/2019 الساعة: 12:05 )
هل فعلا استُنفد الحوار الوطني ولم يبق سوى الإجراءات الجراحية؟
الكاتب: وليد سالم
أثارت القرارات الأخيرة للرئيس قلقا كبيرا، حيث حل المجلس التشريعي بناء على قرار صدر عن المحكمة الدستورية الشهر الماضي، كما قرر تشكيل حكومة جديدة ذات طابع فصائلي. فما الذي تغير لكي تتخذ هذه القرارات القاطعة للطلاق مع حركة حماس؟ ولماذا الآن؟.
يصار إلى إيضاح موقف الرئيس بمسوغات تتعلق بلجوء حماس إلى مناكفة م.ت.ف على المستوى الدولي عبر إرسالها رسائل للأمم المتحدة تشجب فيها حل المجلس التشريعي، كما هنالك حالة من العصبية تسود قرارات الرئيس التي باتت محكومة بردود الأفعال على تنسيق حماس الآخذ في الاتساع مع اسرائيل وقطر وبدرجة معينة مع مصر التي واصلت اتصالاتها مع حماس ولم تقل بأنها ستغلق معبر رفح عندما انسحب منه العاملون المحسوبون على السلطة الوطنية الفلسطينية ثم عادوا مؤخرا.
تشتم السلطة الوطنية الفلسطينية أن وراء هذه التحركات تطبيقات عملية لصفقة القرن، التي تخصص موقعا مهما لقطاع غزة وعمل ترتيبات بشأنه بوشر بإعدادها في البيت الأبيض، وهي ترتيبات لا تتعدى سرقة السيادة الفلسطينية وتقديم حلول إنسانية لغزة، تشمل فيما تشمل على إنشاء رصيف في ميناء لارنكا وافقت عليه حماس قبل شهور، هذا علما أن اتفاق القاهرة لعام ١٩٩٤ كان قد منح السلطة الوطنية مطارا وميناءا داخل غزة، وكان قد بوشر العمل بالمطار عام ١٩٩٨، واستمر في العمل حتى عام ٢٠٠٠ عندما دمرته الطائرات الحربية الاسرائيلية.
في إطار ذلك هنالك أيضا حالة غضب حول منع حكومة الوفاق الوطني برئاسة رامي الحمدالله من استلام معابر القطاع وفروع الوزارات فيه وإدارة اجهزته الأمنية وذلك كما تم الاتفاق عليه في القاهرة عام ٢٠١٧، لا وبل تم تفجير موكب رئيس الوزراء رامي الحمدالله بعد أن تجاوز حاجز إيرز بقليل في طريقه إلى غزة. فضلا عن ذلك لم ترد حماس الجميل بعد أن بذلت السلطة الوطنية كل جهودها لمنع تمرير مشروع قرار أمريكي لإدانة حماس في الجمعية العامة للأمم المتحدة، واستمرت حماس بعد ذلك في اعتقال عناصر فتح، كما منعتها من إحياء ذكرى انطلاقتها في غزة.
على الجانب الآخر، تتهم أوساط حماس السلطة الوطنية الفلسطينية بعقاب غزة سيما في مواضيع الرواتب والمخصصات.
في ظل هذه المناكفات يستمر المشروع الاسرائيلي متخذا عدة أوجه: ففي الوجه الأول منها يتوسع المشروع الاستيطاني الاستعماري بهدوء وبدون أية عوائق. وفي الوجه الثاني يمضي ذات المشروع في خطته المنهجية لتحقيق المزيد من الشرذمة في فلسطين بما يخدم مصالحه، فهو من جهة يدعي التدخل من خلال سفيره في الأمم المتحدة داني دانون لدى الادارة الأمريكية لإيجاد حلول تمنع إيقاف الدعم الأمريكي للأجهزة الأمنية الفلسطينية. ومن الجهة المقابلة يتعامل مع حماس على أنها حركة " ارهابية" ولكنه لا يجد مانعا من جهة أخرى لإظهار نفسه بمظهر المهتم بمصير سكان القطاع ومعاناتهم، ولهذا فقد سمح بإدخال الأموال القطرية إلى غزة بالتنسيق معه، وشارك في العام الماضي في مؤتمر عقد في بروكسل وقبله آخر في واشنطن بمشاريع لتحسين الأوضاع الإنسانية في القطاع وذلك خشية تفاقمها مما سيسبب تهديدا لكيانه.
هذا اللعب الاسرائيلي على وتر التناقضات الفلسطينية الداخلية لمصلحته، لا يمكن معالجته بقرارات متوترة وبردود أفعال، بل بمزيد من الصبر والحكمة.
في هذا الإطار يجدر التساؤل عما إذا كانت كل فرص الحوار مع حركة حماس قد استنفذت فعلا، وأننا وصلنا معها إلى مرحلة حرق الجسور؟.
بدون دخول في كل التفاصيل لا يبدو أن الحوار حول تطوير م ت ف قد استنفذ، فيما قرر اتفاق القاهرة لعام ٢٠٠٩، وعام ٢٠١١ عقد الإطار القيادي المؤقت لها بمشاركة كافة الفصائل، كما قرر اجتماع بيروت في كانون ثاني ٢٠١٧ عقد هذا الإطار والتحضير لاجتماع للمجلس الوطني بمشاركة الجميع خارج فلسطين.
من جهة أخرى في ضوء انتهاء التسوية السياسية، أليس من الأجدر العودة الى برنامج التحرر الوطني وأدواته ، وبالتالي تشكيل حكومة وحدة وطنية تشمل الجميع وليس حكومة فصائلية بدون حماس؟، حتى لو أدى ذلك إلى إغضاب اسرائيل والقوى الكبرى في العالم التي لم تقدم لنا الحل السياسي، بل أغمضت عيونها عن توسع المستوطنات الاستعمارية التي سيصل سكانها إلى المليون خلال عقد إلى عقدين على أبعد تقدير حسب المخططات الاسرائيلية.
وفي ضوء ذات الأمر هل يمكن أن تكون الحكومة التي سيتم تشكيلها حكومة دولة تعلن التمرد على الاحتلال وإجراءاته وتقاتله بوسائل المقاومة الشعبية وليس حكومة حكم ذاتي بات علينا تجاوز مرحلتها؟.
وعندما تحضر الحكومة للانتخابات تحضر لها كانتخابات لدولة فلسطين وليس أقل من ذلك. وعندما تعيد تشكيل الأجهزة الأمنية تقوم في الان ذاته بوقف التنسيق الأمني كما قرر المجلس المركزي لمنظمة التحرير.
لا تبدو فرص الحوار الفلسطيني- الفلسطيني قد استنفذت، بل على العكس يبدو أن درجة الاتفاق السياسي قد ارتفعت سيما في ضوء مأزق التسوية القائم.
طريق آخر غير المصالحة سيقود إلى تفاهمات دولية وإقليمية مباشرة مع حماس حول قطاع غزة تزيد المخاطر المحدقة بقضيتنا. كما أن فكرة الانتخابات التي تقوم على تمثيل نسبي كامل يشتمل على أعضاء من قطاع غزة هي فكرة خاطئة بالمطلق حيث سيستثمرها اللاعبون الإقليميون والدوليون من أجل اللعب مع حماس بدون أن يعطوها ما له قيمة جدية لصالح أهلنا في القطاع.
فهل ستشكل حوارات موسكو القريبة فرصة لجمع الصفوف هذه المرة؟. وهل تتنازل الحوارات عن الاشتراطية بعدم الانتقال الى بحث موضوع م ت ف مثلا قبل الانتهاء من مواضيع اسبق مثل الحكومة وترتيبات استلامها لقطاع غزة؟.