|
الخارطة السياسية الجديدة في إسرائيل قبيل الانتخابات
نشر بتاريخ: 16/02/2019 ( آخر تحديث: 18/02/2019 الساعة: 09:51 )
بيت لحم- معا- ينتهي يوم الخميس القادم، 21 شباط، موعد تقديم قوائم المرشحين لانتخابات الكنيست الحادية والعشرين، وذلك قبل 45 يوما من الانتخابات، التي ستجري في التاسع من نيسان، وبعد شهرين من التكهنات ستتضح الصورة النهائية للتحالفات وهوية الأحزاب التي ستخوض الانتخابات.
وعلى الرغم من الضجة والضوضاء، تميزت هذه الحملة الانتخابية بالانشقاقات: حزب العمل انفصل عن الحركة، اليمين الجديد عن البيت اليهودي، أورلي ليفي-أبكسيس عن يسرائيل بيتينو، والطيبي عن القائمة المشتركة، التي سيتضح بعد تقديم القوائم فقط، ما إذا ستبقى قائمة بمركباتها الثلاثة الحالية، أو تواصل كما هي، إذا عاد الطيبي إليها، أم أن كل قائمة ستخوض الانتخابات لوحدها. والى الحلبة السياسية دخل حزب "حصانة لإسرائيل" بقيادة بيني غانتس، الذي يبدو حتى الآن، وفقا للاستطلاعات، أنه سيكون القوة الانتخابية الثانية بعد الليكود، في وقت تتكهن فيه الاستطلاعات بانحسار قوة حزب العمل بشكل غير مسبوق في تاريخه. والصورة الواضحة حاليا هي محاولة العديد من الأحزاب تشكيل تحالفات تمنع فقدان الأصوات والمقاعد، ويبرز ذلك بشكل أساسي في حزب غانتس، الذي تمكن حتى الآن، من التحالف مع الحزب الذي أسسه موشيه يعلون. كما يبرز السعي إلى تشكيل تحالف قوي في معسكر اليمين، حيث يسعى البيت اليهودي والاتحاد القومي، بعد تجديد التحالف بينهما، إلى ضم أحزاب يمينية صغيرة أخرى، فشلت في اجتياز نسبة الحسم في الانتخابات السابقة، وتتكهن لها الاستطلاعات الحالية بعدم اجتياز النسبة إذا خاضت الانتخابات بشكل مستقل. وبين هذا وذلك، يبدو أن حزب تسيبي ليفني، الحركة، الذي كان شريكا للعمل في المعسكر الصهيوني وتم الانفصال بينهما بقرار من رئيس حزب العمل، لن يجتاز نسبة الحسم، وفقا لتكهنات الاستطلاعات الأخيرة، كما كانت هناك استطلاعات تكهنت بعدم اجتياز حزب يسرائيل بيتينو، برئاسة افيغدور ليبرمان، لنسبة الحسم. الليكود لا يزال في المقدمة حتى الآن، اتفقت نتائج جميع الاستطلاعات على مسألتين واضحتين: الأولى، أن فرص هزيمة اليمين من قبل معسكر اليسار- الوسط، هي مسألة بعيدة جدا، في الوقت الحالي، على الرغم من الاحتمال الكبير بتقديم رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو إلى المحاكمة. فكل الاستطلاعات التي جرت منذ الإعلان عن حل الكنيست وتبكير موعد الانتخابات تضع الليكود في المقدمة مع 30 – 32 مقعدا. وفي حال تحالف أحزاب اليمين الصغيرة ضمن قائمة البيت اليهودي والاتحاد القومي، التي تقرر أن تخوض الانتخابات معا، فمن المرجح أن تمنح هذه الأحزاب قوة داعمة لنتنياهو، ستسهل عملية تشكيل الائتلاف القادم، علما أن عدة أحزاب يتوقع لها اجتياز نسبة الحسم، أعلنت مسبقا أنها ستدعم تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة، ومنها حزب "كلنا" برئاسة موشيه كحلون (الذي انسحب من الليكود قبل الانتخابات السابقة وشكل قائمة مستقلة)، وحزب اليمين الجديد برئاسة نفتالي بينت وأييلت شكيد، (قادة البيت اليهودي سابقا)، وحزب يسرائيل بيتينو برئاسة ليبرمان. ورغم أن بيني غانتس، الذي يعتبر المنافس الأقوى لنتنياهو حاليا، لم يعلن ما إذا سينضم إلى حكومة برئاسة نتنياهو، إلا أنه لم يفعل العكس، ويسود التقدير بأنه لن يتردد في الانضمام إلى تحالف نتنياهو، بعد ما نشر حول تخلي شريكه في الحزب، موشيه يعلون، عن شرط عدم التحالف مع نتنياهو. "حصانة لإسرائيل" المنافس الأقوى لنتنياهو منذ الإعلان عن إطلاق حزبه الجديد، حقق بيني غانتس قفزات متتالية في استطلاعات الرأي، نقلته من 12 مقعدا، في بداية التكهنات، إلى 20-22 مقعدا في الاستطلاعات الأخيرة، وهذا يبقى مرهونا بمدى التحالفات التي سيتمكن من تحقيقها مع أحزاب أخرى. فبعد أن تحالف مع يعلون، يسعى غانتس إلى ضم أحزاب أخرى، وجرى الحديث بشكل خاص عن حزب غيشر، برئاسة أورلي ليفي أبكسيس التي انشقت خلال الكنيست السابقة عن حزب ليبرمان، وأعلنت عن خوض الانتخابات في قائمة مستقلة. وحتى الآن لم تظهر أبكسيس أي إشارة تدل على نيتها التحالف مع غانتس، لكن من غير المستبعد ان تفعل ذلك إذا واصلت الاستطلاعات التكهن بعدم اجتيازها لنسبة الحسم، أو الوقوف عندها. ويجري الحديث، أيضا، عن محاولة غانتس التحالف مع كحلون، ووفقا لما نشرته صحيفة "هآرتس" في نهاية الأسبوع، فقد أرسل غانتس إلى كحلون الكثير من الوسطاء مع اقتراحات كبيرة في المجال الاقتصادي، لكن كحلون رفض ذلك، ووفقا للصحيفة، يحاول غانتس ضم رئيس نقابة العمال آبي نيسان كورن، كقوة اجتماعية رائدة. وتتحدث التكهنات، أيضا، عن محادثات بين غانتس ويائير لبيد، رئيس حزب يوجد مستقبل، الذي تراجعت قوته في استطلاعات الرأي بشكل كبير منذ ظهور غانتس على الحلبة السياسية واحتلال المرتبة الثانية على الخارطة. وهناك من يتكهن بأنه في حال استمرار تراجع لبيد فقد يوافق على الانضمام إلى غانتس وقيادة الحزب مع غانتس ويعلون، وربما أيضا، مع رئيس الأركان الأسبق غابي أشكنازي، الذي توسط لتحقيق التحالف بين غانتس ولبيد، وكما يبدو يفكر بخوض المعترك السياسي في حال نجاح هذه الخطة. يشار هنا إلى أن لبيد يصر على قيادة أي تحالف، لكن غانتس يرفض الفكرة، ويقال ان لبيد اقترح التناوب على رئاسة الحكومة في حال تحالفه مع غانتس وهزم الليكود، لكن هذه المسألة يرفضها غانتس أيضا. وبما أن مثل هذا التحالف قد يحقق فعلا الانتصار في الانتخابات وهزم نتنياهو، فانه لا يمكن استبعاده طالما لم يتم تقديم قوائم المرشحين. حزب العمل أمام مفرق تاريخي يكاد لا يختلف اثنان على أن حزب العمل التاريخي، الذي كان مؤسس "الدولة" الإسرائيلية، على وشك الانهيار في ظل قيادته الجديدة، إلى حد أن بعض الاستطلاعات الأخيرة تكهنت بوجود خطر فعلي على مستقبل الحزب على الخارطة السياسية. وهناك استطلاعات منحته بين 4- 5 مقاعد، وهي نسبة تشير إلى وصول الحزب إلى الحضيض في ظل قيادة غباي. ونتائج الانتخابات التمهيدية الأخيرة تشير إلى عمق الفجوة بين غباي ومن تبقى من القيادة المخضرمة، كالنائب ايتان كابل، الذي وجد نفسه في مكان بعيد عن مقدمة القائمة، ما سيجعله بدون شك، إذا استمر الحزب على وضعه الحالي يغادر الحلبة السياسية. بعد الانتخابات التمهيدية واستبدال القيادة، عادت وارتفعت قوة الحزب في الاستطلاعات، لتصل إلى 8 مقاعد في نهاية هذا الأسبوع، لكن هذه الحقيقة تقول شيئا واحدا بشكل واضح: حزب العمل فقد مكانته التاريخية على الخارطة السياسية، وبدلا من احتلال المكان الأول أو الثاني كما في السنوات الأخيرة، قد يكون الرابع أو الخامس في الانتخابات القادمة. وهناك الكثير من المساعي لإقناع رئيس الحزب بتحسين هذه المكانة من خلال التحالف مع ميرتس التي أبدت استعدادها لذلك، لا بل دعت إليه على لسان رئيسته تمار زاندبرغ. ويحتاج حزب ميرتس، بشكل لا يقل عن العمل، إلى هذا التحالف، أيضا لإنقاذ نفسه، ذلك أن الاستطلاعات التي منحته بعد استبدال قيادته 7 مقاعد، تتحدث الآن عن 4، وربما أقل، الأمر الذي قد يهدد بعدم اجتيازه لنسبة الحسم. وقد أوضح غباي في أكثر من مناسبة رفضه لهذا التحالف خشية أن يصنف حزبه ضمن اليسار، وهي مسألة حاول غباي تجنبها منذ تسلمه لقيادة الحزب، من خلال محاولة التقرب إلى الوسط، ومنه إلى قوى يمينية، معتقدا أنه البديل لنتنياهو وفي مقدوره التغلب عليه. لكنه أصبح واضحا الآن، بعد دخول غانتس إلى الحلبة، أن أحلام غباي باستبدال نتنياهو قد تبخرت، ويلاحظ ذلك في تصريحاته الأخيرة التي لم يعد يذكر فيها كونه البديل لنتنياهو، ويبدو أن همه الآن هو ضمان الحفاظ على ماء الوجه والإبقاء على الحزب على الخارطة السياسية. التكهنات تشير إلى أنه في حال التحالف بين العمل وميرتس فإن هذا سيمنح الحزبين مقعدين إضافيين على الأقل، وربما يصل مجموع مقاعدهما إلى 12 مقعدا، وهي نصف المقاعد التي احتلها المعسكر الصهيوني (العمل والحركة) في الكنيست السابقة. الحركة- نهاية الطريق؟ منذ طردها من التحالف في المعسكر الصهيوني، بقرار من غباي الذي قرر حل هذا التحالف بشكل مفاجئ، لم تجد رئيسة الحركة تسيبي ليفني، حتى الآن، أي حزب يقبل بها شريكة في الانتخابات القادمة. وتدعو ليفني طوال الوقت إلى تشكيل معسكر وسط يشكل بديلا لليمين واليسار، لكنها فشلت. وفي الوقت الحالي تتكهن لها الاستطلاعات بعدم اجتياز نسبة الحسم، وكما يبدو فإن الصورة اليسارية التي التصقت بليفني تضع عراقيل أمام انضمامها إلى لبيد أو غانتس، فهما أيضا لا يريدان "وصمهما" باليسار، مع ذلك، من المحتمل جدا أن يتراجع غباي عن قراره بشأن حل المعسكر الصهيوني وإعادة التحالف مع ليفني رغم أن هذه الفرصة ضئيلة جدا. "القائمة المشتركة" علامة استفهام على الرغم من تحالف الأحزاب العربية الرئيسية ضمن القائمة المشتركة في الانتخابات السابقة، إلا أن سلوك الأحزاب المركبة لهذه القائمة ذكّر مرارا بالهدف الرئيسي، وهو ضمان كسب أكثر ما يمكن من المقاعد للتمثيل العربي في الكنيست وعدم السماح بفقدان مقاعد ثمينة نتيجة التكهنات بعدم اجتياز حزبين على الأقل، الطيبي والتجمع، لنسبة الحسم. الآن، وعشية الانتخابات القادمة قرر الطيبي الانفصال عن المشتركة وخوض الانتخابات في قائمة مستقلة، ويبدو ان استطلاعات الرأي الإسرائيلية شجعته على المضي في هذه الخطوة، حيث منحته بين 6 و7 مقاعد، أي نصف قوة المشتركة المؤلفة من أربعة أحزاب، إلا أنه يبدو من استطلاعات نهاية هذا الأسبوع، أن الصورة بدأت تتضح بشكل أكبر، حيث أعادت الاستطلاعات قوة الطيبي إلى 4 مقاعد مقابل 8-9 للمشتركة في حال خوضها الانتخابات بتركيبتها المتبقية (الجبهة، الموحدة والتجمع). لكن صورة التحالف ليست واضحة بعد، ولوحظ أن كل حزب أطلق حاليا حملة انتخابية منفصلة، وليس من الواضح ما إذا سيتم إحراز أي تقدم في مساعي التحالف خلال الأسبوع القريب. |