وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

هل المجتمع الاسرائيلي تأقلم مع الفساد؟

نشر بتاريخ: 03/03/2019 ( آخر تحديث: 03/03/2019 الساعة: 12:31 )
هل المجتمع الاسرائيلي تأقلم مع الفساد؟
الكاتب: د.سفيان ابو زايدة
على مدار العقود الماضية كان وما زال وجهان لاسرائيل، الاول ديمقراطي داخلي والثاني احتلالي استيطاني قمعي في كل ما يتعلق بالفلسطينيين والذي ليس له علاقة لا بديمقراطية او بحقوق انسان.
الوجه الاول قائم على اساس الفصل بين السلطات وتداول السلطة من خلال الانتخابات وضمان الحريات العامة على اعتبار ان الجميع سواسية امام القانون.
لذلك خلال السبعين عام الماضية اجريت الانتخابات اكثر من عشرين مرة اي بمعدل كل ثلاث سنوات مرة رغم ان القانون هو كل اربع سنوات، ولذلك ايضا تم التحقيق مع العشرات من قيادات الدولة بتهم الفساد او سوء استخدام السلطة او التحرش الجنسي.
جزء من هذه التحقيقات اجبرت بعض المسؤولين على الاستقالة من مناصبهم وجزء اخر تم تقديمه للمحاكمة انتهت بحبسه في المعتقل.
لقد ادخل السجن رئيس الدولة كتساف ورئيس الوزراء اولمرت ووزير الدخلية اريه درعي وغيرهم.
كان المجتمع الاسرائيلي لا يقبل الفساد من قبل مسؤوليه، لذلك كان المسؤول بمجرد ان تحوم حوله الشبهات وقبل ان يتم تقديم لائحة اتهام ضده يتخلى عن منصبه لانه يدرك ان الشعب لا يمكن ان يقبل بمسؤول فاسد.
مع نتنياهو الذي توجه له عشرات التهم بالفساد الوضع يختلف، حيث وبعد ان قرر المستشار القضائي توجيه لائحة اتهام له في بعض القضايا ما زال متمسكا في منصبه ومازال يتمتع بشعبية اكثر من غيره ويهاجم هو وقيادات حزبه مؤسسات الدولة من جهاز شرطة الى النيابة العامة الى الجهاز القضائي في مشهد غريب حيث رئيس الوزراء يهاجم مؤسسات الدولة التي يديرها و المؤتمن عليها لكن دون اي سلطة او قدرة على منعهم من التحقيق معه او توجيه لائحة اتهام ضده.
صحيح انه بعد ان اعلن عن تقديم لائحة اتهام له تأثرت شعبيته قليلا ولكن ليس اكثر من ٧٪؜ فقط، وصحيح ان هذه النسبة ستكون كافية اذا ما واصل تحالف الجنرالات مع لبيد في (ازرق ابيض) التقدم ولكن لا يوجد حتى الان حراك شعبي قادر على اجباره عن التخلي عن منصبه والتفرغ للدفاع عن نفسه.
السؤال الذي يهمنا نحن الفلسطينيين من كل هذه التطورات الداخلية في اسرائيل والنتائج التي يمكن ان تتمخض عنها هذه الانتخابات هو كيف سينعكس ذلك على الوضع الفلسطيني.
هناك سيناريوهان لا ثالث لهما، الاول هو نجاح نتنياهو وتحالف اليمين في تشكيل الحكومة القادمة رغم ما يوجه لنتنياهو من اتهامات بالفساد، وهذا احتمال اصبح اكثر ضعفا الان ولكنه ما زال ممكن.
والسيناريو الثاني هو ان ينجح تحالف الجنرالات بزعامة بني غانتس لتشكيل الحكومة القادمة مستندة على اصوات اليسار والاصوات العربية ولكنها ستكون ايضا حكومة ضعيفة غير قادرة على اتخاذ قرارات استراتيجية.
هناك سيناريو ثالث هو اكثر صعوبة وهو ان يضطر بني غينتس التحالف مع الليكود لان كلاهما لا يستطيع تشكيل حكومة بعيدا عن الاخر.
هذا الخيار يواجه صعوبة حقيقية سيما ان تحالف الجنرالات مع لبيد ليس له اي هدف اخر سوى اسقاط نتنياهو ولا يجمع بينهم اي قاسم مشترك سوى هذا الهدف.
تحالفهم في نهاية الامر مع نتنياهو المتهم بالفساد سيشكل ضربة قاتله لهم. لكن في السياسة بشكل عام، والاسرائيلية بشكل خاص لا يوجد محرمات من الاجل الاحتفاظ او الوصول للسلطة.
على اية حال في اي من هذه السيناريوهات سواء كانت حكومة يمين بزعامة نتنياهو او حكومة وسط يسار بزعامة بني غانتس او يحدث المستحيل ويشكلون حكومة وحدة وطنية لن يتغير الحال معنا نحن الفلسطينيين.
ايا كانت نتائج الانتخابات القادمة لن تغير من الواقع الفلسطيني بشيء. في احسن الاحوال سيبقى الوضع لما هو عليه الان، هذا اذا ما اصبح اكثر سوء.
ان لم يرتب الفلسطينيون بيتهم لوحدهم ويوحدوا صفوفهم ويفكفكوا ازماتهم لوحدهم وينهوا انقسامهم لن ينفعهم احد وستمضي الادارة الامريكية في تنفيذ مشروعها على الارض كما تفعل الان وسيبقى البعض منا يسجل البطولات والانتصارات الوهمية.

[email protected]