وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الورقة الرابحة في انتخابات الكنيست الاسرائيلي؟

نشر بتاريخ: 07/04/2019 ( آخر تحديث: 07/04/2019 الساعة: 08:25 )
الورقة الرابحة في انتخابات الكنيست الاسرائيلي؟
الكاتب: د. هاني العقاد
اقترب يوم الاقتراع لانتخابات الكنيبست الحادية والعشرين، المعركة الانتخابية باتت في الساعات الاخيرة نتنياهو باعتباره المتربع على المشهد السياسي في اسرائيل لم تخفي تصريحاته خوفه من منافسية الذي جعله يوظف ورقة الانقسام بالدرجة الاولي لصالحه في صورة فنتازيا انتخابية بعد أن حقق بعض التقدم بمساعدة ترامب ساهم في تفكيك كثير من التعقيد في ملف الصراع وازاحة اهم القضايا واخراجها من ملف الصراع واعتبارها في عداد المنتهية كالقدس واللاجئين وقريبا غزة وبعدها الضفة.
اليوم يعتبر نتنياهو فوزه مسالة حياة او موت ليحكم لولاية خامسة في اسرائيل، لا اعتبر أن منافسين نتنياهو يختلفوا عنه في شيء هم صهاينة من الرأس حتى النخاع ويمنين بامتياز لا يعنيهم حل الدولتين او انهاء الصراع والعيش في امن واستقرار فجميعهم يعتبروا وجود اسرائيل في المنطقة يعني بقائها تعيش في حلقة متوترة بل ودائمة السخونة، لان الاستقرار لا ياتي لها بالمال الذي يبقيها متفوقة اقتصاديا وامنيا وعسكريا على المحيط العربي.
يبدو أن نتنياهو اليوم الاكثر لمعانا في المشهد الانتخابي لانه يوظف كل ما يملك من اسلحة مشروعة وغير مشروعة ليبقي اليمين حاكما، والاخطر انه الان يوظف الانقسام الفلسطيني والتهدئة مع غزة ليحصد اصوات اكبر وبالتالي يرفع مقاعد اليمين في الكنيست.
ليس الانقسام وحدة وانما جبهة الشمال وفزاعة الوجود الايراني في سوريا باعتبار انه الخطر المحدق الان الذي لايهدد اسرائيل عن سواه باعتبار ان جبهة غزة الان تحت السيطرة بفعل ما وصل اليه من تفاهمات عبر الوساطة المصرية.
لدى نتنياهو اوراق رابحة كثيرة في الانتخالبات الحالية الا أن الانقسام الفلسطيني الورقة الاقوى لان هذا يعني لا دولة فلسطينية متاكملة الجغرافيا والمعالم ولا قدس ولا اتصال بين هذه الدولة والاردن وباقي المحيط العربي الا عبر القنوات الاسرائيلية التي يريدها نتنياهو، وهكذا يكون نتنياهو طرح اقوى الاوراق الذي يعتقد انها تبهر الجمهور الانتخابي في اسرائيل وما يخشاه من حلول تسفر عن كيان فلسطيني مستقل الى جانب كيانهم، لذا اعلن نتنياهو اليوم ان "القادم بعد الهدوء في غزة هو تطبيق السيادة الاسرائيلية تدريجيا على الضفة وكل بؤرة استيطانية لانه يعتبرها جزء من اسرائيل.
التطبيع مع العرب ورقة اخرى والدعم غير المسبوق من قبل ادارة ترامب واستعادة رفاة الجندي الاسرائيلي المختفي منذ 1982. لعل نتنياهو تهرب من ملفات حرجة واراد القفز عنها وعدم تذكير الجمهور بها الان وهي ملف الاسرى اللاسرائيليين في غزة والفساد الذي شوه الى حد ما حياته السياسية، وبالرغم من كل الاوراق الرابحة في معركة نتنياهو الانتخابية الا أن نتنياهو مازال في دائرة الخطر فالجمهور الاسرائيلي ليس ساذجا لدرجة تصديق كل شيء بل انه يعي ان نتنياهو يكذب وحتى اللحظة لم ينجز قضيتان مهمتان في اسرائيل الاولى قضية استعادة جنوده من غزة والثانية توفير الامن المطلق والدائم لسكان مستوطنات حواف قطاع غزة فما وصل اليه من تهدئة مع حماس لاتعدو سوى حل مرحلي مؤقت وليس دائما مادامت المقاومة في غزة تمتلك عشرات الالاف من الصواريخ والاسلحة الثقيلة.

علينا ان نفهم أن فوز اليمين بزعامة نتنياهو وتشيكل الحكومة أو فوز غانتس والجنرالات وتشكيلهم الحكومة سيوظفوا الانقسام بين الفلسطينيين لنحقيق الفصل الجغرافي والاداري والسياسي بين غزة والضفة، لكن اتوقع أن يكون نتنياهو بعد فوزه بالانتخابات اكثر عنصرية وعداوة للفلسطينيين واكثر نشوة واكثر غرورا بفعل الدعم الامريكي الكبير واقدام ترامب على تقسيم الارض المحتلة بين العرب واسرائيل وبين الفلسطينين واسرائيل، والصمت الاقليمي والهرولة للتطبيع وفتح ممثليات اسرائيلية ببلادهم.
بسبب انقسامنا علينا ان نتوقع الاسوأ بعد الانتخابات الاسرائيلية لان الطريق اصبحت سالكة امام تصفية القضية الفلسطينية وانهاء الصراع على الطريقة الاسرائيلية التي ستتخلص من حل الدولتين نهائيا وتؤسس لكيان بديل عن الدولة الفلسطينية، ما بعد الانتخابات سيعمد من يفوز ايا كان لضم كل الكتل والبؤر الاستيطانية بالضفة للسيادة الاسرائيلية، واعلان الاعتراف بغزة كأرض وحيدة للدولة الفلسطينية، اي كل ما تحاول الادارة الامريكية تمريره الان عبر وسطاء عرب وغير عرب ويضاف الى ذلك توظف مئات مليارات الدولارات لخلق سلام اقتصادي وجغرافي يستمر تنفيذه لاكثر من ثلاث عقود لخلق جغرافيا جديدة تعمل على تكبير الكيان اليهودي على كامل ارض فلسطين والجولان وتبقي الولايات المتحدة الامريكية استراتيجيا هي من ترسم السياسات الاقليمية وتتدخل هنا وهناك وتخمد هذا الصراع وتثير صراع اخر في طرف اخر من عالمنا العربي، وتبقى توظف كل شيء لتذهب ثروات العرب الي بنوكها ومخزونها الاستراتيجي.
لا اعترف إن كانت الاجيال الحاضرة تشعر اليوم بخطورة الانقسام كاقوى الاوراق بيد نتنياهو وتصفية القضية ام لا لكن الاجيال القادمة هي التي ستعيش الكارثة وستعرف كم ساهم الانقسام الفلسطيني في ضياع مشروعهم الوطني، وسيعرفوا كم كان قادتهم يفتقدون توظيف مفردات المواجهة لصالح هذا مشروعهم الوطني وثوابتهم الاصيلة ومقدساتهم التي لن تقبل اي سيادة غير السيادة الفلسطينية الاسلامية.
هنا لا اتوقع أن نكون مؤثرين ايجابيا في تغير الخارطة السياسية في اسرائيل لصالحنا لاننا اصبحنا بخاطرنا او غير خاطرنا ورقة رابحة لصالح التطرف واليمينة في اسرائيل، وان كنا نعتقد اننا بعد الانتخابات سنحقق تفوق ونحشر اسرائيل في خانة ما فاننا واهمون لان انقسامنا انجح اليمين الاسرائيلي على مدار اكثر من عشر سنوات وبالتالي هو الذي انجح اليمن اليوم وبالتالي نكون الاداة التي استخدمتها اسرائيل لتصفية قضيتنا الفلسطينية وما علينا الا ان نعترف ونكتب للاجيال القادمة رسالة معنونة "حاكمونا على انقسامنا كما شئتم".