|
الحق تدحض مزاعم الاحتلال بشأن استشهاد المسعف مزهر
نشر بتاريخ: 09/04/2019 ( آخر تحديث: 09/04/2019 الساعة: 09:35 )
رام الله- معا- أجرت مؤسسة الحق منذ يوم الأربعاء الموافق 27 آذار 2019 تحقيقات ميدانية شاملة حول الظروف والملابسات التي رافقت مقتل المُسعف ساجد مزهر، وجمعت ووثقت شهادات مشفوعة بالقسَم من شهود عيان تواجدوا في عين المكان وقت وقوع الحادث، وتقارير ميدانية، وصور الفوتوغرافية، وغيرها من الوثائق والأدلة ذات الصلة.
يشار الى أن سلطات الاحتلال قامت في السابع والعشرين من شهر آذار المنصرم بقتل المواطن الفلسطيني ساجد عبد الحكيم حلمي مزهر 17 عاماً، وهو مُسعفٌ متطوعٌ مع جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، وقد استهدفته قوات الاحتلال برصاصة قاتلة خلال أدائه لمهام عمله أثناء المواجهات التي دارت بين الشبان الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين في مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين، جنوبي بيت لحم، في الضفة الغربية المحتلة. يستعرض تقرير مؤسسة الحق معلومات تفصيلية بشأن سياق الأحداث تم جمعها ارتباطاً بالضحية، ويورد تفاصيل تُفنّد التحريفَ المُتعمَد للحقائق من قبل الجيش الإسرائيلي الذي قام بعرض مقطع فيديو مزعوم؛ ادعى فيه الجيش الإسرائيلي أنه وثّق عملية الاستهداف والقتل، وسلط الضوء على الاستنتاجات التي خلصت إليها مؤسسة الحق استناداً لتوثيقاتها ومتابعاتها الميدانية للأحداث. 1. سياق الأحداث قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي في السابع والعشرين من شهر آذار 2019 بمداهمة مخيم الدهيشة للاجئين جنوب بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة حوالي الساعة السادسة والرُبع صباحاً، وقد دارت مواجهات بين الشبان الفلسطينيين والجنود الإسرائيليين في حي الولجية وسط المخيم، وعند الساعة السادسة والثلث وصل ستة مسعفين متطوعين يعملون مع جميعة الإغاثة الطبية الفلسطينية، بينهم ساجد مزهر، 17 عاماً، إلى المنطقة لإسعاف ومعالجة أية إصابات مُحتملة قد تنجم عن المواجهات، وقد ارتدى جميع الموظفين الميدانيين التابعين لجمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية ستراتهم الطبية العاكسة والتي حملت إشارة تعريفية واضحة تُدلل على أنهم من الطواقم الطبية. وخلال المواجهات، قام الشبان الفلسطينيون بإلقاء الحجارة باتجاه الجنود الإسرائيليين الذين قاموا بدورهم بالرد على مصدر إلقاء الحجارة بإطلاق الذخيرة الحية وقنابل الصوت. وفي هذه الأثناء، قامت مجموعة من الجنود الإسرائيليين باقتحام منزل عائلة معالي في حي الولجية بمخيم الدهيشة بهدف اعتقال جهاد عيسى معالي 24 عاماً، لكنهم لم يعثروا عليه في منزله. في ذلك الوقت، كانت قوات الاحتلال الإسرائيلي قد انتشرت في أرجاء الحي، بما في ذلك على أسطح المنازل، مُطلقة الذخيرة الحية وقنابل الصوت، وقد أُصيب شابان خلال المواجهات الدائرة في حي الولجية وهما: صلاح محمد فرج 29 عاماً، وقد تمّت معالجته ميدانياً من قبل متطوعي جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، وعامر فيصل معالي 24 عاماً، تمت معالجته ميدانياً بشكل أولي واحتاج لاحقاً لنقله للمستشفى لاستكمال العلاج. وحوالي الساعة 6:55 صباحاً، انسحبت مجموعة الجنود الإسرائيليين من منزل عائلة معالي بعد أن فشلوا في اعتقال جهاد، واعتقلوا مكانه أخيه معالي عيسى معالي البالغ من العمر 34 عاماً. وعقب انسحابهم من المنزل، توجه الجنود الإسرائيليون نحو شارع القدس- الخليل، وهو الشارع الرئيسي الذي يفصل بين مخيم الدهيشة وبلدة الدوحة المجاورة غرب المخيم، وبذلك فقد انتقلت المواجهات من حي الولجية؛ وسط مخيم الدهيشة، إلى الشارع الرئيسي. وانتقل طاقم الإغاثة الطبية، ومن بينهم ساجد مزهر، إلى الشارع الرئيسي، حيث دارت المواجهات واتخذوا موقعاً لهم يبعد بين 80 إلى 100 متر عن الجنود الإسرائيليين، وقد ارتدوا جميعاً السُترات الطبية المميزة العاكسة. وحوالي الساعة السابعة صباحاً، وبينما المواجهات ما زالت مستمرة، أُصيب الشاب الفلسطيني محمد سامي الجعفري، 23 عاماً، بالرصاص الحي الذي أطلقته قوات الاحتلال الإسرائيلي بالقرب من محل الصرفندي للأجهزة الكهربائية ومحل العرتوفي للخدمات الصحية القريبين من مكان الحادث على الشارع الرئيسي. وكان الشاب المصاب محمد الجعفري، يبعد عدة أمتار عن ساجد واثنين من زملائه من الإغاثة الطبية الفلسطينية، الذين تحركوا حوالي الساعة 7:05 صباحاً نحو الشاب المصاب. وفي تلك اللحظة، وقع ساجد على الأرض وهو يصيح "رجلي!". بعد سقوطه على الأرض، سارع أحد زملائه نحوه وقام بفحص رجليه بحثاً عن أية علامات على وجود إصابة لكنه لم يتمكن من رؤية أي مَدخل إصابة، وقرر نقل ساجد للمستشفى بسيارة خاصة تواجدت في المنطقة وأقلته لمستشفى بيت جالا الحكومي. بعد مسافة تُقدر بحوالي كيلومتر، وصلت السيارة الخاصة لمكان تواجد سيارة الإسعاف التابعة لجميعة الإغاثة الطبية الفلسطينية، وتم نقل ساجد من السيارة الخاصة إلى سيارة الإسعاف التي نقلته إلى مستشفى بيت جالا الحكومي. ودخل ساجد المستشفى حوالي الساعة 7:10 صباحاً، وتم فحصه وتشخيص إصابة بالرصاص الحي أسفل البطن، ونظراً لعدم توفر العلاج المناسب وغياب الطبيب المختص بمستشفى بيت جالا الحكومي، أوصى أحد الأطباء بضرورة نقل ساجد فوراً للمستشفى الجراحي والتأهيلي المتخصص التابع للجمعية العربية للتأهيل- بيت لحم، ونُقِل ساجد بواسطة سيارة إسعاف. ودخل ساجد غرفة الطوارئ التابعة للمستشفى بتمام الساعة السابعة والنصف صباحاً حيث كانت حالته الصحية تتدهور بشكل حاد وضغط دمه منخفض بشكل كبير. ودخل ساجد غرفة العمليات خلال خمس عشرة دقيقة من وصوله، وقد أظهر التقرير الطبي الذي حصلت عليه مؤسسة الحق من النيابة العامة الفلسطينية حسب الأصول والقانون بعد الاجتماع الذي عقدته "الحق" مع النائب العام أكرم الخطيب يوم الثلاثاء الموافق 2 نيسان 2019؛ بأن ساجد مزهر عانى من وضع حرج، وهبوط حاد في الضغط، ونقل إلى غرفة العمليات على وجه السرعة، وخضع لعملية جراحية، وأن حالته استمرت في التدهور إلى أن اختفت العلامات الحيوية، وقد قام الأطباء بمحاولة إنعاشه لمدة ساعة تقريباً؛ إلى أن تم الإعلان عن استشهاده حوالي الساعة العاشرة صباحاً من يوم الأربعاء الموافق 27 آذار 2019 وتم تسليم جثمانه لعائلته للدفن. وتمَّ معاينه جثمان ساجد مزهر بحضور النيابة العامة، وبالرجوع إلى التقرير الطبي المذكور الصادر عن د. ناصر جوابرة من مستشفى الجمعية العربية للتأهيل - بيت لحم فإنه يؤكد على أن ساجد أُصيب برصاصة اخترقت الجهة اليمنى أسفل البطن، وأن الرصاصة قد تفتّتت، واستقرت خلف عظمة العصعص، وأنه لم يكن هناك مخرج للرصاصة. وأكد النائب العام بأن الرصاصة، وبسبب إطلاقها في منطقة أسفل البطن، لم تخترق السترة الطبية العاكسة التي كان يرتديها ساجد حينها. ودفن ساجد في الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر في اليوم ذاته بعد جنازة اخترقت شوارع مخيم الدهيشة للاجئين وصولاً إلى مقبرة الشهداء في بلدة ارطاس جنوب بيت لحم. مرفق نسخة عن التقرير الطبي في الملحق الثاني صفحة (19) من ملاحق هذا التقرير. 2. معلومات عن الضحية ساجد عبد الحكيم حلمي مزهر، حامل بطاقة هوية شخصية رقم 4 0683693 2، ولِد في 27 تشرين الثاني من العام 2001 في مدينة بيت لحم. كان عُمر سائد 17 عاماً عندما أَطلقت عليه قوات الاحتلال الإسرائيلي النار واردته قتيلاً في 27 آذار 2019. ساجد ابن السابعة عشر ربيعاً، كان يعيش مع والديه وأخويه في مخيم الدهيشة للاجئين الفلسطينيين، كان طالباً في مدرسة التدريب المهني التابعة للسلزيان في بيت لحم، وقام على مدى العامين الماضيين بالتطوع مع جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية. وقد أفادت مصادر إعلامية، نقلاً عن عبد الحكيم حلمي مزهر، والد ساجد، أن ساجد أَصَرَّ أن يكون كالعادة متطوعاً مع زملائه في جميعة الإغاثة الطبية الفلسطينية خلال المواجهات التي دارت يوم الأربعاء 27 آذار 2019. يستذكر والد ساجد قائلاً: " قال لي [ساجد] أنه لا يستطيع التخلي عن الجرحى، وأنه تَدَرَّب من أجل تقديم المساعدة الإنسانية لهم في أوقات كهذه." 3. الحملة الإعلامية الإسرائيلية وتشويه الحقائق يوم الأربعاء الموافق 27 آذار 2019، وبعد ساعتين من إعلان وفاة ساجد مزهر، نشر الجيش الإسرائيلي بياناً رسمياً حول الحادثة، جاء نصه كما يلي: "خلال قيام جيش الدفاع الإسرائيلي والشرطة بنشاط ميداني في مخيم الدهيشة للاجئين، جنوب غرب مدينة بيت لحم، اندلعت أعمال شغب عنيفة. قام العشرات من المشاغبين بإلقاء الحجارة والقنابل المشتعلة على الجنود الذين ردوا على ذلك مستخدمين وسائل السيطرة على أعمال الشغب. تم الادعاء بأن رجُلاً مصاباً توفي نتيجة الجراح التي أُصيب بها. كما تم الادعاء بأنه يعمل مع جمعية الهلال الأحمر وأنه تعرض للإصابة أثناء تقديمه العناية الطبية للمصابين خلال هذه الأحداث." عملية التوثيق المُفَصَّلة، التي أجرتها مؤسسة الحق؛ من خلال المعلومات والإفادات الخطية وشهود العيان والتقارير الميدانية والمتابعات المستمرة؛ تدحض مزاعم الجيش الإسرائيلي بأن الفلسطينيين ألقوا "قنابل مُشتعلة" اتجاه الجنود الإسرائيليين خلال مداهمتهم لمخيم الدهيشة. بالمقابل، فإنها تُظهر أن الشبّان ألقوا الحجارة فقط على قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال عملية الاعتقال التي تمت داخل المخيم، دون أن يُشكّلوا خطراً مُحدِقاً بالموت أو الإصابة الخطيرة للجنود الإسرائيليين. وفي الوقت ذاته، لم يرد الجنود الإسرائيليون "باستخدام وسائل السيطرة على أعمال الشغب" بل لجؤوا في الواقع إلى استخدام القوة المميتة بالإضافة إلى إطلاق قنابل الصوت. وقد أدى ذلك؛ إلى إصابة المُسعف ساجد مزهر، 17 عاماً، ومحمد الجعفري، 23 عاماً، بالرصاص الحي؛ الذي أطلقته قوات الاحتلال الإسرائيلي. ويمضي بيان الجيش الإسرائيلي للقول بأن ساجد مزهر توفي متأثراً بجراحه، وأنه كان يعمل مع جمعية الهلال الأحمر، علماً أن ساجد كان متطوعاً مع جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية. وبالرغم من أن ساجد أُصيب خلال "تقديمه العناية الطبية للمصابين" خلال مداهمة الجيش الإسرائيلي لمخيم دهيشة للاجئين، فإن توثيق مؤسسة الحق يُظهر أيضاً أن إصابة ساجد، كانت قاتلة، وأنه تعرض لإطلاق نار في منطقة أسفل البطن إلى اليمين، برصاصة من نوع مجهول، تفتّتت داخل جسده، وأدت لحصول تدهور سريع في حالته الصحية، إلى أن اختفت العلامات الحيوية، ما أدى إلى وفاته. ولاحقاً خلال يوم الأربعاء 27 آذار 2019، عند الساعة الثامنة مساءً، أي بعد حوالي 10 ساعات من الإعلان عن وفاة ساجد، نشر الجيش والإعلام الإٍسرائيلي مقطع فيديو زعمَ فيه أنه يُظهر ساجد مزهر وهو يخلع عنه سُترة الإسعاف خلال المواجهات في مخيم الدهيشة للاجئين ويقوم بإلقاء الحجارة اتجاه الجنود الإسرائيليين. ويزعم الفيديو، الذي نشره الناطق باسم الجيش الإسرائيلي افيخاي ادرعي، ونشرته لاحقاً وسائل الإعلام الإسرائيلية، بما فيها موقع 0404 الإخباري الإسرائيلي، بأن ساجد شارك في المواجهات الدائرة، وأنه قد خسر بذلك الحماية التي تتمتع بها الطواقم الصحية، وتمَّ استهدافه نتيجة لذلك. بعد نشر الفيديو على صفحته على الفيسبوك، كتب افيخاي ادرعي، الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، في تمام الساعة 8:10 مساء يوم الأربعاء 27 آذار 2019، بأن الفيديو الخاص بالمواجهات التي دارت في مخيم الدهيشة للاجئين يُظهر كيف يمكن للطواقم الطبية أن يتحولوا إلى "مشاغبين خلال ثوان" . وفي الساعة 8:30 مساءً قام موقع 0404 الإخباري الإسرائيلي بمشاركة الفيديو وعَنوَنه بما يلي: " توثيق حصري: أحد العاملين في "الهلال الأحمر" ينزع سترته، يُلقي الحجارة على قواتنا، وقد تم تصفيته". علماً أن الخبر المنشور، ادعى، خلافاً للحقيقة، بأن ساجد كان متطوعاً لدى الهلال الأحمر، بدلاً من جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، وأضاف: " لم يتم تصفية الإرهابي الحقير إلاّ بعد أن تمَّ التعرف عليه بأنه يُعرض قواتنا للخطر". يُظهر الفيديو الذي نشره جيش وإعلام الاحتلال، مشهداً جرى على سطح أحد المنازل في مخيم الدهيشة، مع مونتاج باللغة العربية مُعَنوَن "مخيم الدهيشة، صباح الأربعاء 27 آذار 2019"، علماً أنه لا يوجد توقيت زمني يَظهر على الفيديو المنشور. كما ويُظهر الفيديو شخصاً يرتدي، بلوزة بيضاء، فوقها سترة برتقالية اللون، واقفاً على سطح المنزل، يقوم بنزع سُترته البرتقالية، ويتوجه لإلقاء الحجارة على جنود الاحتلال الإسرائيلي. يدّعي الجيش الإسرائيلي؛ أن الشخص الذي ظهر في الفيديو المنشور هو ساجد مزهر، وأنه تلقى رصاصة، لأنه شكل تهديداً للقوات الإسرائيلية. وفي المقابل، فإن الفيديو، لا يُظهر مشهد عملية إطلاق النار، ولا يُظهر إصابة الشخص الذي كان يرتدي البلوزة البيضاء بعد أن نزع السترة البرتقالية وتوجه لإلقاء الحجارة، كما ولا يُظهر الفيديو المنشور توقيتاً زمنياً للمشهد الذي عرضه جيش وإعلام الاحتلال الإسرائيلي. سَعَت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فيما يبدو، واستناداً لنشر مقطع الفيديو، إلى تقويض مصداقية العمل الذي كان ساجد مزهر يؤديه بصفته مُسعِفاً - وبالتالي تقويض عمل الطواقم الطبية الفلسطينية - وألمحت إلى أن هذا السلوك (أي سلوك ساجد) ربما قد جرَّده من حقه في التمتع بالحماية الخاصة التي يُقرها القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي الذي ينطبق على الأرض الفلسطينية المحتلة، وأن حرمان ساجد من الحياة، أي قتله، ربما لم يكنْ قتلاً تعسفياً نتيجة لذلك. 4. توثيق مؤسسة الحق يُفنّد ادعاءات الجيش والإعلام الإسرائيلي التوثيق المُفصّل، والمتابعات الميدانية، التي أجرتها مؤسسة الحق، بشأن قضية المُسعف ساجد مزهر، تدحض الرواية الرسمية للجيش الإسرائيلي التي تزعُم أن ساجد نزع سُترته الطبية وشارك في المواجهات ضد الجنود الإسرائيليين قبل إطلاق النار عليه وقتله من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح السابع والعشرين من آذار 2019. تَعرِض "الحق" مقطع واضح تماماً من إفادة خطية موثقة، من بين الإفادات الخطية التي حصلت عليها، لشاهد عيان، من أحد المسعفين في جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، من زملاء ساجد مزهر، الذي أفاد لمؤسسة الحق بشهادته المشفوعة بالقسَم بالآتي: " تفاجأنا لاحقاً بقيام الناطق بلسان جيش الاحتلال الإسرائيلي بنشر فيديو يُظهر فيه شخصاً على سطح منزل يقوم بخلع سترة ثم يُلقي الحجارة في عدة اتجاهات وادعى الناطق العسكري فيه أن المذكور هو ساجد وأنه يُلقي الحجارة باتجاه الجنود لكن التدقيق في الفيديو يُظهر أن الشخص المذكور يرتدي بلوزة فاتحة اللون تحت السترة التي خلعها علماً أن ساجد ارتدى بلوزة سوداء اللون يوم مقتله ... ولم يصعد ساجد إلى أي سطح [خلال المواجهات]. " وأكدت مؤسسة الحق، استناداً للتوثيق المُفصّل والمتابعات الميدانية للأحداث في مخيم الدهيشة، أن ساجد لم يكن متواجداً على الإطلاق على سطح أيّ منزل خلال المواجهات التي وقعت في مخيم الدهيشة صباح يوم الأربعاء الموافق 27 آذار 2019 وهو اليوم الذي أُصيب فيه برصاصة قاتلة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. كما أكدت "الحق" بأن ساجد مزهر كان يرتدي بلوزة سوداء تحت سترته الطبية العاكسة، وهذا ما تؤكده الصور التي التقطها الباحث الميداني التابع لمؤسسة الحق؛ وقد تم إرفاق إحدى الصور التي التقطها الباحث في الملحق الثالث الوارد في الصفحة (20) من ملاحق هذا التقرير. في حين يُظهر الفيديو، الذي نشره الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، بوضوح، شخصاً ينزع سترته مرتدياً تحتها بلوزة بيضاء اللون كما يظهر في الملحق الرابع الوارد في الصفحة (21) من ملاحق هذا التقرير. وهذا كفيلٌ وحده بدحض رواية الجيش والإعلام الإسرائيلي بالكامل. يُضاف إلى ما تقدم، أن التوثيق الذي قامت به مؤسسة الحق يُشير بوضوح إلى أن عملية إطلاق النار على ساجد حدثت أثناء محاولته مساعدة أحد الشُبان الجرحى، كجزء من مهامه كمُسعف، على "الشارع الرئيسي" لمخيم الدهيشة، بالقرب من محلات الصرفندي للأجهزة الكهربائية والعرتوفي للخدمات الصحية، ولم يكن ساجد متواجداً على سطح أيّ منزل على الإطلاق. تؤكد توثيقات الحق، بأن الموقع الذي تمَّ فيه إطلاق النار من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على المُسعف ساجد مزهر يبعد حوالي 300 متراً عن سطح المنزل الذي ظهر في مقطع الفيديو عند الساعة 7:05 صباحاً. أي بعد انتقال المواجهات من حي الولجية، حيث تم تصوير الفيديو، إلى الشارع الرئيسي المحاذي لمخيم الدهيشة، حيث تم إطلاق النار على ساجد مزهر. ورأت مؤسسة الحق؛ بأن الجيش الإسرائيلي قد فشل تماماً في تفسير سبب إطلاق النار على ساجد مزهر وقتله أثناء تحركه لمساعدة أحد الشبان الجرحى على الشارع الرئيس لمخيم الدهيشة. كما وفشل الجيش الإسرائيلي أيضاً في شرح كيفية تهديد ساجد مزهر للجنود الإسرائيليين، المدججين بالسلاح، عند اطلاق النار عليه؛ وإردائه قتيلاً. وبشكل لافت، وبعد مراسلات بين صحيفة هآرتس الإسرائيلية وسلطات الاحتلال الإسرائيلية بشأن مقتل ساجد مزهر، نشرت الصحيفة المذكورة ما يلي: " سألت هآرتس مكتب الناطق [باسم الجيش الإسرائيلي] إن كان مزهر قد هدد حياة الجنود وكيف هددها إن كانت الإجابة بنعم. وبعد مرور حوالي 24 ساعة أشار المكتب بضرورة إحالة السؤال للشرطة. وأفاد الناطق باسم الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية بضرورة إحالة السؤال للمكتب الرئيسي للناطق باسم الشرطة لأن عناصر الشرطة في منطقة الضفة الغربية لم يكونوا مشاركين في الحادثة. وبدوره أجاب المكتب الرئيسي بعدم وجود ما يُضيفه على ما ورد في البيان الصحفي الأصلي [الصادر عن الجيش الإسرائيلي] ... .“ في ضوء المعطيات أعلاه، تستنتج مؤسسة الحق أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لم تُجب على الأسئلة التي طرحتها عليها صحيفة هآرتس. لأنه تمَّ إطلاق النار على ساجد مزهر، بشكل غير قانوني، وباستخدام قوة مميتة، بينما كان يقوم بتأدية واجبه كمُسعف، وأثناء توجهه صوب أحد الشبان المصابين، وكان يرتدي سُترة طيبة تُميزه بوضوح بأنه أحد أفراد الخدمات الطبية. إنَّ الحقائق، التي تمَّ تفصيلها أعلاه، تؤكد محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإخفاء وتشويه الحقائق من وراء إطلاق النار على ساجد، وهي تقود مؤسسة الحق للخروج بنتيجة قوية مفادها أن ساجد مزهر تمَّ استهدافه بقوة مميتة بشكل متعمد. 5. التحليل القانوني قام جنود الاحتلال الإسرائيلي، خلال مداهمة مخيم الدهيشة للاجئين في 27 آذار 2019، بإطلاق الذخيرة الحية نحو الشُبان الفلسطينيين الذي كانوا يلقون الحجارة، دون أن يشكلوا تهديداً مُحدقاً بالموت أو الإصابة الخطرة على الجنود الإسرائيليين، المجهزين بكامل عدَّتهم وعتادهم العسكري. وعليه، ووفقاً لمبادئ ونموذج إنفاذ القانون المطبقة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، فقد قامت إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، وبشكل غير قانوني، باستخدام للقوة المميتة في غياب الضرورة، في انتهاك واضح للمبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، والتي تنص على أنه: " في كل الحالات، لا يجوز استخدام الأسلحة النارية القاتلة عن قصد إلاّ عندما يتعذر تجنبها من أجل حماية الأروح". يُضاف إلى ما تقدم، أن تصرف قوات الاحتلال الإسرائيلي تنتهك أحكام المادة الثالثة من مدونة الأمم المتحدة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين؛ والتي تنص على أنه" لا يجوز للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين استعمال القوة إلا في حالة الضرورة القصوى وفى الحدود اللازمة لأداء واجبهم." وأدى استخدام إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، للقوة المميتة، إلى إصابة ثلاثة فلسطينيين خلال المواجهات التي دارت في مخيم الدهيشة للاجئين يوم 27 آذار 2019، بمن فيهم محمد الجعفري، 23 عاماً، الذي أُصيب بالذخيرة الحية واستوجبت إصابته رعاية طبية. وفي الوقت الذي تحركت فيه طواقم الإغاثة الطبية الفلسطينية، ومن ضمنهم ساجد مزهر، لتقديم الإسعاف الأولى للشاب المصاب، حوالي الساعة 7:05 صباحاً، قام جندي إسرائيلي بإطلاق رصاصة حية من مسافة لا تتعدى 80-100 متراً نحو المسعفين الثلاثة، رغم أنهم كانوا ظاهرين للعيان وكان واضحاً أنهم من الطواقم الطبية، الأمر الذي أدى إلى إصابة المُسعف ساجد مزهر، إصابة قاتلة، في منطقة أسفل البطن، مباشرة تحت السترة الطبية العاكسة، التي كان يرتديها. ومن هنا، فإن استهداف المُسعف الفلسطيني، ساجد مزهر، يمكن أن يندرج في إطار حالة الإعدام خارج نطاق القضاء والحرمان التعسفي من الحياة؛ بما ينتهك أحكام نص المادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يقع على إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، واجب احترامه وصيانته وإحقاقه في الأرض الفلسطينية المحتلة. واستَحَقَ، المُسعف الفلسطيني، ساجد مزهر، أن يحظى بحماية خاصة بموجب القانون الدولي، بصفته طفلاً، فقد كان في السابعة عشرة من عمره يوم مقتله، لكن جيش الإحتلال استخدم القوة المميتة وأطلق النار عليه وأرداه قتيلاً. وحيث أنه قد تم إطلاق النار على ساجد؛ خلال تأديته واجبه كمُسعف متطوع في جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، فإن الحق، وبشكل خاص، تُذكِّر بأنه "يجب في جميع الأحوال احترام وحماية أفراد الخدمات الطبية المخصصين للمهام الطبية دون غيرها" وذلك وفقاً للقانون الإنساني الدولي العرفي، بينما تُلزم المادة (20) من اتفاقية جنيف الرابعة إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، أن تحترم وتحمي "الموظفين المكلفين بالبحث عن الجرحى والمرضى المدنيين ونقلهم ومعالجتهم". وفي هذا السياق، تدعم مؤسسة الحق وتُرحب بالموقف الذي اتخذته منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة، التي أدانت وبشدة في بيانها مقتل ساجد مزهر بصفته "مُسعِفاً يعمل مع جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية في الضفة الغربية" الذي "تم إطلاق النار عليه خلال تقديمه للرعاية الطبية لأشخاص مصابين" في مخيم الدهيشة يوم 27 آذار 2019. تشدد مؤسسة الحق، على أن الاستهداف المتعمد لأفراد الخدمات الطبية المحميين بموجب القانون الدولي، والذين يتم تمييزهم وتخصيصهم بشكل واضح على أنهم كذلك، يصل لمستوى الانتهاك الخطير لقوانين وأعراف الحرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يحظر "تعمد شن هجمات ضد موظفين ... مستخدمين في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية ... ما داموا يستحقون الحماية التي توفر للمدنيين أو للمواقع المدنية بموجب القانون الدولي للمنازعات المُسلحة" ويعتبره جريمة حرب بموجب المادة 8 (2)(ب) (3) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وتجدد مؤسسة الحق، التأكيد، على أن المُسعف ساجد مزهر كان محمياً كشخص مدني عندما تم إطلاق النار عليه بشكل قاتل من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية، بينما كان يحاول الوصول لشخص مُصاب، ويرتدي ما يُميّزه بوضوح بأنه من أفراد الخدمات الطبية. وتُذكّر الحق، بالمسافة التي أُطلق منها النار على ساجد، حيث كان يقف على بعد 80-100 متراً عن الجنود الإسرائيليين المدججين بالسلاح، وبحقيقة كونه مدنياً أعزلاً، ويرتدي ما يُميزه بأنه من أفراد الخدمات الطبية على نحو ظاهر للعيان للجنود الإسرائيليين عن بعد. إضافة إلى طبيعة الإصابة؛ حيث تمَّ إطلاق النار على ساجد بشكل قاتل في الجهة اليمنى من منطقة أسفل البطن، مباشرة تحت السُترة الطبية العاكسة التي كان يرتديها، بنوع مجهول من الرصاص تفتّت داخل جسد ساجد، وأدى إلى تدهور سريع في حالته الصحية. مُضافاً لكلّ ذلك؛ محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلي إخفاء وتشويه الحقائق. كلها أمور تؤكد استنتاج "الحق" بأن استهداف ساجد مزهر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي كان مُتعمداً. وعليه، تُذكِّر "الحق" مُجدداً بالتغطية الإعلامية الإسرائيلية للحادثة؛ حيث أَقرَّ موقع 0404 الإخباري الإسرائيلي أنه " لم يتم تصفية الإرهابي الحقير إلاّ بعد أن تم التعرف عليه بأنه يُعرض قواتنا للخطر." وبذلك تستنتج "الحق" بأن قتل ساجد مزهر يمكن أن يصل ليكون قتلاً مُتعمداً، باعتباره انتهاكاً جسيماً لاتفاقية جنيف الرابعة وجريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي. 6. السياق الأوسع للاعتداءات التي تستهدف طواقم الخدمات الطبية في الأرض الفلسطينية المحتلة ينبغي التعامل مع الاستهداف المتعمد، للمُسعف ساجد مزهر، من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ضمن السياق الأوسع الذي يطال نمط الاعتداءات التي تستهدف الطواقم والمنشآت الطبية في الأرض الفلسطينية المحتلة، من قبل إسرائيل، بصفتها قوة احتلال. ومنذ الثلاثين من آذار 2018، قامت مؤسسة الحق بتوثيق قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بقتل ثلاثة من أفراد الخدمات الطبية، أثناء أدائهم لمهام عملهم في تقديم المساعدة للمصابين في قطاع غزة المحتل في سياق مسيرات العودة الكبرى المتواصلة في الفترة بين 30 آذار 2018 حتى 28 شباط 2019، حيث سَجَّلت منظمة الصحة العالمية 420 حادثة اعتداء على الطواقم والمنشآت الطبية في قطاع غزة نجم عنها 633 إصابة. كما وتعرضت 98 سيارة إسعاف، وخمسة أشكال أخرى من وسائل النقل الطبي، بالإضافة إلى ثلاثة مرافق طبية للتدمير خلال ذات الفترة وفقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية. وفي هذا السياق تحديداً، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي في 10 آب 2018 بإطلاق النار وقتل عبدالله صبري القططي، 22 عاماً، وهو مُسعِف متطوع مع جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، خلال أدائه لمهام عمله بالعناية بأحد المصابين خلال الاحتجاجات شرق رفح جنوبي قطاع غزة مرتدياً سترة مُسعِف بيضاء اللون وحاملاً حقيبة إسعاف أولي لونها أحمر لحظة إطلاق النار عليه. وفي الأول من حزيران 2018، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي رزان أشرف النجار، 21 عاماً، وكانت أيضاً مُسعِفة متطوعة مع جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية. وقد أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي رصاصة حية أصابت رزان في الصدر بينما كانت تقوم بمهام عملها وتُسعِف الجرحى خلال المواجهات التي كانت تدور في منطقة شرقي خزاعة شرق خانيونس. وكانت رزان تقف على مسافة 100 متر تقريباً من الشريط الحدودي لقطاع غزة وترتدي سُترة بيضاء تُحدد بشكل واضح أنها مُسعِفة. وفي 14 أيار 2018، قتل الجنود الإسرائيليون موسى جابر أبو حسنين، 34 عاماً، وهو مُسعِف يعمل في الدفاع المدني الفلسطيني، وقد أُصيب أبو حسنين برصاصة في الصدر، بينما كان يرتدي سُترة الدفاع المدني، التي كانت واضحة بشكل كبير، وذلك في شرقي جباليا في قطاع غزة المحتل. وقد خلصت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق في الاحتجاجات التي حدثت في العام 2018 في الأرض الفلسطينية المحتلة أن المسعفين الثلاثة؛ الذين قتلوا خلال مسيرات العودة الكبرى، قد تم إطلاق النار عليهم في الوقت الذي لم يُشكلوا فيه أي تهديد محدق بالموت أو الإصابة الخطيرة على قوات الاحتلال الإسرائيلي، وارتدوا جميعهم ما يُميزهم بشكل واضح بأنهم من أفراد الخدمات الطبية الفلسطينية. وقد خلصت لجنة التحقيق الدولية إلى أنه "بناء على المقابلات العديدة مع الضحايا والشهود والتي تم تأكيدها وتوثيقها بمقاطع فيديو مصورة في العديد من الحالات، وجَدَت اللجنة أُسس معقولة للاعتقاد بأن القناصة الإسرائيليين أطلقوا النار بشكل مُتعمد على أفراد الطواقم الطبية بالرغم من أنهم رأوا واستطاعوا التمييز بوضوح أنهم من الطواقم الطبية". وبموجب ذلك، رفعت اللجنة لإسرائيل توصية بضرورة "الامتناع عن استخدام القوة المميتة ضد المدنيين، بمن فيهم الأطفال والصحافيين وأفراد الطواقم الطبية والأشخاص ذوي الإعاقات، الذين لا يشكلون خطراً مُحدقاً على الحياة" وأن تضمن أن قواعد الاشتباك الخاصة باستخدام الذخيرة الحية تنسجم مع القانون الدولي حقوق الإنسان. وغيرها من التوصيات التي خرجت بها لجنة التحقيق الدولية بشأن مسيرات العودة ومن بينها رفع الحصار عن قطاع غزة فوراً. تدعو "الحق" المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات ملموسة نحو تنفيذ توصيات لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة دون تأخير وذلك بموجب مسودة قرار مجلس حقوق الإنسان A/HRC/40/L.25 الذي تم تبنيه في 22 آذار 2019. وبشكل خاص، يجب على الدول الأطراف ضمان حماية الفلسطينيين، بمن فيهم الطواقم الطبية، من أية اعتداءات إسرائيلية إضافية، والعمل على إنهاء استمرار إفلات إسرائيل من العقاب عن الانتهاكات الممنهجة وواسعة النطاق في الأرض الفلسطينية المحتلة. 7. الاستنتاجات والتوصيات كشفت التوثيقات والمتابعات الميدانية "للحق" أن المُسعف ساجد مزهر، 17 عاماً، تعرض للإعدام خارج نطاق القضاء من قبل قوات ااسحتلال الإسرائيلي يوم 27 آذار 2019 في مخيم الدهيشة في الضفة الغربية المحتلة، وقد قدمت "الحق" أدلة قاطعة تدحض، بما لا يقبل الشك، ادعاءات قوات الاحتلال الإسرائيلي. ومن هنا، تطرح مؤسسة الحق الاستنتاجات التالية: (1) تتحمل، إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، المسؤولية الكاملة عن الإعدام خارج نطاق القضاء للمُسعف ساجد مزهر، 17 عاماً، والاستخدام غير المبرر وغير القانوني للقوة المميتة ضد ساجد أثناء قيامه بمهام عمله كأحد أفراد الخدمات الطبية وتقديمه المساعدة الطبية للمصابين خلال المواجهات التي درات في مخيم الدهيشة في 27 آذار 2019. وبالتالي، فإنه يتوجب على سلطات الاحتلال أن تفتح تحقيقاً جنائياً مستقلاً وحيادياً وعاجلاً وشاملاً وفعّالاً وموثوقاً وشفافاً وعلنياً في حادثة مقتل المُسعف الفلسطيني، ساجد مزهر، ومحاكمة المسؤولين عن مقتله محاكمة حقيقية ومحاسبتهم واتخاذ خطوات فعّالة لضمان عدم التكرار وتحقيق سبل الانتصاف الفعّالة لعائلة الضحية وفقاً لالتزامات قوة الاحتلال بموجب القانون الدولي. (2) على الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف و/ أو نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن يتحملوا مسؤولياتهم في ممارسة الولاية الجنائية واعتقال الأشخاص الذين يُعتقد أنهم ارتكبوا أو أمروا بارتكاب جريمة قتل المُسعف ساجد مزهر، والتي قد تصل لمستوى الانتهاك الجسيم لاتفاقيات جنيف وجريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي. وبشكل خاص، يجب على الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة الوفاء بالتزاماتها؛ بموجب المادة الأولى المشتركة من الاتفاقية، بضمان احترام الاتفاقية في جميع الأوقات في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك ضمان حماية أفراد الخدمات الطبية. (3) يتوجب على مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تعزيز التواجد الميداني لمكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، وفقاً لمسودة قرار المحاسبة A/HRC/40/L.25 الذي تبناه مجلس حقوق الإنسان في 22 آذار 2019، الذي يطلب من مكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان، على سبيل المثال لا الحصر "نشر الطواقم والخبرات اللازمة لمراقبة وتوثيق الانتهاكات المتواصلة للقانون الدولي" في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك في الضفة الغربية المحتلة، و"متابعة تنفيذ التوصيات التي تضمنها تقرير لجنة التحقيق" بما في ذلك ضمان حماية أفراد الخدمات الطبية من أية اعتداءات أخرى. تدعو، الحق، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أن تُحيل، بشكل عاجل، وعلني، الملف الخاص بمرتكبي الانتهاكات الواردة في التقرير الذي أعدته لجنة التحقيق الخاصة بالأمم المتحدة إلى المحكمة الجنائية الدولية. (4) تحث مؤسسة الحق خبراء الأمم المتحدة؛ المكلفين بولايات مرتبطة بالإجراءات الخاصة، بمن فيهم مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 السيد مايكل لينك، ومقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً السيدة آنياس كالامار، ومقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية السيد داينيوس بوراس، على الإدانة العلنية للإعدام خارج نطاق القضاء الذي استهدف المُسعف الفلسطيني المتطوع، ساجد مزهر، 17 عاماً، وأن يخاطبوا الحكومة الإسرائيلية والطلب منها اتخاذ تدابير مساءلة ومحاسبة عاجلة وفعّالة. (5) تُعبّر مؤسسة الحق، عن قلقها البالغ، بشأن الطبيعة المجهولة للذخيرة الحية التي أطلقتها قوات الجيش الإسرائيلي على المُسعف ساجد مزهر من مسافة تتراوح بين 80-100 متراً، وبشكل خاص، الرصاصة، التي بقيت داخل جسم ساجد، وتفتّتت، ولم يكن هناك مخرج للرصاصة، في الوقت الذي أدت فيه إلى تدهور سريع جداً في حالته الصحية. ونظراً لوجود حالات أخرى تم فيها توثيق مثل هذه الآثار المقلقة الناجمة عن استخدام قوات الاحتلال الإسرائيلي للذخيرة الحية في الأرض الفلسطينية المحتلة، تدعو مؤسسة الحق اللجنة الدولية للصليب الأحمر للتحقيق الفوري في طبيعة الذخيرة التي أصابت وقتلت ساجد مزهر، بما يضمن عدم لجوء قوات الاحتلال الإسرائيلي لاستخدام أسلحة محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي. (6) تدعو مؤسسة الحق منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى جمع الأدلة المتعلقة بمقتل المُسعف ساجد مزهر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي يوم الأبعاء الموافق 27 آذار 2019 في مخيم الدهيشة، ومعالجة هذه الحالة في السياق الأوسع الذي يشمل الهجمات المتكررة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي على الطواقم والمنشآت الصحية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والعمل على وضح حد نهائي لتلك الهجمات العسكرية التي تنتهك القانون الدولي وتعزيز الممارسات الفضلى لحماية الرعاية الصحية، تماشياً مع مبادرة "الهجمات على الرعاية الصحية" التي جرى إطلاقها عام 2012 عقب اعتماد قرار جمعية الصحة العالمية رقم 65.20 الذي طالب منظمة الصحة العالمية بتوفير القيادة على المستوى العالمي لجمع المعلومات المتعلقة بالهجمات التي تستهدف الرعاية الصحية والإبلاغ عنها بشكل منجهي لمنع تلك الهجمات والحد من عواقبها. (7) تُجدد مؤسسة الحق التأكيد على أن المحكمة الجنائية الدولية هي الهيئة القضائية الدولية المستقلة الوحيدة القادرة على إنهاء حالة الإفلات من العقاب عن الجرائم المرتكبة في الأرض الفلسطينية المحتلة، وعلى توفير الردع الفعّال عن ارتكاب جرائم في المستقبل، وضمان العدالة الدولية للسكان الفلسطينيين، الخاضعين لاحتلال إسرائيلي طويل الأمد. وتدعو، الحق، مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، السيدة فاتو بنسودا، إلى فتح تحقيق عاجل في الحالة في فلسطين والتحقيق في ومقاضاة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المحتملة في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ 13 حزيران 2014، بما في ذلك تلك الجرائم المرتكبة ضد الطواقم الطبية الفلسطينية، ومن ضمنهم جريمة قتل المُسعف المتطوع؛ ساجد مزهر. |