|
فلسطيني يفوز بجائزة عن "الحراقه" في الأدب المغاربي
نشر بتاريخ: 30/04/2019 ( آخر تحديث: 02/05/2019 الساعة: 10:04 )
بيت لحم-معا- فاز شاب فلسطيني يبلغ من العمر 23 عاما، بجائزة " الكاتب الشاب" ، ضمن مشروع مِد ريست MED)RESET) الذي يموله الإتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن مقالته بعنوان "الحراقه" في الأدب المغاربي.
جائزة "الكاتب الشاب" هي جزء أساسي من مشروع مِد ريست الذي يهدف لإعطاء صوت للشباب وخلق مشاريع بحثية مشتركه في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وسلمت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي فريديريكا موغريني، الجائزة لعمر الشنطي في حفل تكريم جرى ضمن مؤتمر بعنوان "الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي: حقائق جديدة ، سياسات جديدة". في بروكسيل، وبحضور لفيف من السفراء العرب والأوروبين والكتاب والسياسين والصحفيين. وتم تكريمه عن مقالة كتبها بعنوان "الحراقه" في الأدب المغاربي وتعني الهجرة الغير شرعية، وتناولت الورقه التي فاز بها موضوع الهجرة المتواصله لدى سكان المغرب العربي وتبعاتها الإجتماعية والثقافية والسياسية وحتى النفسية. يقول عمر: " كنت أبذل جهدا متواصلا لأسابيع وأصل الليل بالنهار في العمل مابين المكتبة والبحث والدراسة الى جانب عملي اليومي حتى خرجت هذه الورقه الى النور." وقد إقترح عمر إختيار مصطلح "الحرقه " المشتق من كلمة "الحرق" بدل مصطلح الهجرة للدلالة على حجم المعاناة للمهاجرين المغاربه، وإن أول ما يتبادر لذهن القارئ عند الحديث عن الهجرة هو ترك البلد التي يقطن بها، في حين لا يولي أحد الإهتمام للحال التي وصل لها المهاجر، والمعاناة ما بين رحلة الخروج والوصول وحتى محاولة التأقلم والتخفي وتحمل أعباء المطاردات المستمره في البلد التي يهاجر لها ذلك الشخص. ويرى عمر في ذلك تبسيط غير عادل لمعادلة الهجره المتكاملة بكل تبعاتها ومخاطرها، وهو ما تتجاهله وسائل الإعلام والسياسين الأوروبين أثناء مهاجمة هجرة سكان المغرب الى دول أوروبا، كما يتم تجاهل معاناتهم وربما التقليل من قيمتها في معظم الأحيان. أما عن سبب إختيار دول المغرب العربي بالذات، فذلك بسبب الهجرة الكبيرة التي تحدث من المغرب والجزائر وتونس وما لحقها من تبعات نفسيه وسيكولوجيه وسياسيه واجتماعية على المهاجر وعلى محيطه وأهله، فالمهاجر وان كان ينفر من وضع البلد الذي يعيش فيه ويحاول البحث على حياة أفضل إلا أن ذلك لا يعني بأن البلد التي يلجا لها ستكون عامل جذب أو حتى تقبل له . يقول عمر " اخترت المغرب بالأخص لما لنا كفلسطينين من علاقة وطيدة معه ولحالة الدعم الدائمة على مستوى الشعوب، حتى وإن لم يكن ذلك ملموساً على مستوى القيادات، إلا أن معاناتنا كشعوب هي معاناة مشتركه ". يرى عمر أن التجربة المغربية تتقاطع في بعض الأماكن مع القضية الفلسطينية خصوصا فيما يتعلق بالاستعمار والمعاناة والهجرة، وبحسب رأيه لو أجريت مقارنة بين أعمال الكُتاب الجزائريين والكُتاب الفلسطينيين فستكون متشابه الى حد كبير من حيث المحتوى نظراً لتشابه الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، ومن جانب آخر، يعطي عمر مقاربه أخرى ، تتعلق بتعامل الأوروبيين مع المهاجرين المغاربة وتعامل إسرائيل مع المهاجرين الأفارقة من حيث الإجراءات التي تستهدف وجودهم وتعمل على ترحيلهم، وأيضاً إجراءات الأخيرة مع المواطنين الفلسطينيين، فيما يتعلق بمسألة بناء الجدار ورفض عودة اللاجئين. من خلال ورقته، يكشف عمر عن إستنكاره لحصر مسألة الهجرة على الفاعل دون النظر إلى النتيجة التي ستؤول عليه عندما يصبح مفعولاً به، كما يصف، فالخروج من البلد الأصلي بالنسبه له ينطوي على ثلاث دعامات أساسية يعيشها المهاجر ولايمكن النظر لأحد تلك الدعامات دون الأخذ بباقي الأجزاء بعين الاعتبار، وهي: الهجرة، أي الخروج وتبعاته، ثم الوصول وكل ما يحمله من مشقه، والحياة السرية التي يعيشها المهاجر والتي تنطوي على الكثير من الملاحقه والهرب المتواصل، وحالة الإرتباك والخوف إما من مطاردات الشرطه أو موظفين الدولة أو حتى الجيران والمُشغلين في البلد التي يلجأ لها ذلك الشخص. أما عن مصطلح حرقه بحد ذاته، فهو يمثل حرق الماضي لدى المهاجر وما ينطوي على ذلك من المخاطرة والمجازفة في الحياة والتي هي نتيجة اليأس والإحباط العام الذي يعيشه سكان تلك المنطقه، والتي تؤدي بهم في ـ حال النجاة ـ إلى التنصل من ماضيهم وتاريخهم بحرقهم الفعلي لأوراقهم الثبوتية قبل عبور البحر والوصول الى بلد اللجوء، الى جانب الأثر المعنوي. كما أنه يشير أيضا لحادثة حرق طارق بن زياد لسفنه حتى لا يعود وليحرر الأندلس آنذاك حسب رأيه، وفي النهاية المصطلح يشير كذلك الى الدمار الذي يطول منظومة العلاقات الإجتماعية والشخصية مع بيئة الإنسان الأصلية ومحيطه. فالمهاجر يترك فراغا في المكان الذي يخرج منه، وهذا الفراغ يخل في توازن العائله والمجتمع المغربي بشكل عام. من جانبها، إعتبرت دانيلا هوبر المنسقة العلمية لمشروع مِد ريست المُمول من الإتحاد الأوروبي أن فوز عمر بالورقة التي قدمها لَهُوَ دليل على تحقيق المشروع لأهدافه المرجوة، وهي استقطاب المثقفين والكتاب للبحث والخروج بدراسات قد تفيد مستقبل المنطقة، وأن تطرق الورقة لموضوع الهجرة المغاربية في ظل محدودية فهم المجتمع الأوروبي لها وتعنت الأحزاب اليمينية والمطالبات بطرد هؤلاء المهاجرين، لهو أكبر دليل على أن جهود القائمين على هذه المشروع لم تذهب سدى، بل تم توجيهها في الاتجاه الصحيح. وأضافت، أنه قد تم تمويل مِد ريست من الاتحاد الأوروبي بمقدار 2.5 يورو ليكون جسم بحثي ودراسي في منطقة الشرق الأوسط ويخلق أفاق بديلة للشراكة الشرق أوسطيه بالإعتماد على الباحثين وقد شارك في جائزة الكاتب الشاب باحثون من لبنان وتركيا وتونس والجزائر والمغرب وإيطاليا وألمانيا وقطر وفلسطين والولايات المتحدة, وقد حقق هدفه في عامه الثالث والأخير متمثلا بخلط وربط سكان المنطقة ببعضهم من خلال فهم أفكارهم وطموحاتهم المشتركة والاعتماد على المثقفين لديهم. فيما يتعلق في المرحلة القادمة من مشروعات مِد ريست ، تقول دانيلا: " سنقوم بتقديم توصيات للاتحاد الأوروبي بتبني مشروع جديد يخلق قاعدة مشتركه لكل من دول جنوب أوروبا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحيث يقدم منح للدراسات العليا المتعلقة بالمنطقة من أجل فتح المجال أمام الباحثين لتقديم أوراق عمل وأبحاث ودراسات قد تغير من واقع المنطقة، وتساعد في تطوير فهمها أولاً وتصحيح الأخطاء والصور النمطية لدى الشعوب والسياسيين الأوروبيين ثانياً." الدراسه التي خرج بها عمر الشنطي، تعتبر نظرية هامه قد يستند عليها الكتاب والمفكرون وحتى السياسيون في المستقبل، وفي هذا السياق؛ شكر عمر الدكتور إيلي حداد من مركز الدراسات العربية وموقع جدلية الذي نشر المنحة وتوجه بالشكر لوالديه. وعن الجهد المبذول؛ وبمجرد أن صادف الدعوة للمشاركه بالجائزه عبر موقع جدلية أرسل بورقة كان يعمل عليها تتحدث عن موضوع الهجره في الأدب المغاربي، وما أن علم بتأهله للمراحل النهائيه؛ بدأ بتطوير ورقته وتحويلها من خمسمئة كلمة الى خمسة آلاف كلمة. ما تطلب منه جهد ووقت كبيرين. وأشار عمر، أنه درس تخصصاً مزدوجا لشهادة البكالوريوس في جامعة نورث ويسترن في ولاية شيكاجو الأمريكية، حيث جمع بين علم الحاسوب والإقتصاد في العالم بشكل عام وفي الشرق الأوسط وأفريقيا بشكل خاص بهدف إستخدام التكنولوجيا للوصول لأكبر قدر من الناس بناءً على دراسة وفهم جغرافية وتاريخ المنطقه وحتى سوق العمل الذي يود التخصص به. وتحدث عمر عن بداية مراحل دراسته الجامعية، حيث لم تكن قد تبلورت له بعد ثقافة كاملة عن الذي يود التركيز عليه ولم يعلم بشغفه للمجال المفضل لديه، إلا أن الحرب على غزه في عام 2014 وحجم المغالطات والتزوير في الإعلام والجهل بإنسانية قضيته بحسب رأيه ؛ كانت مرحلة فارقه في حياته ومسيرته العلمية والثقافيه مما حذا به الى القيام بدراسات معمقة لتاريخ المنطقة، والعوده الى الوراء، وربط التاريخ القديم بالحديث من اجل توسعة أفاقه المعرفية، والتي حولته لقارئ وباحث يعمل بنهم على إستخلاص العبر ومحاولة الخروج بتحليلات مترابطه، على أمل الوصول الى حلول تستند للمعرفه والبحث. حدد إدوارد سعيد وعلي أبو نعمة من بين أبطاله في هذه الفترة. أما عن واقعه الخاص، فيعتبر عمر أن كل فلسطيني في العالم بما يشمل ذلك نفسه هو حكاية تغريب خاصه، يتشارك كل منهم ذات المُسبب الذي يتلخص بالإستعمار والترحيل القصري والفقر والجهل والقمع كما يتشارك في النتيجة التي ستؤول اليها تلك الحكايات من غُربه وقلق إنتظار طويل وهذا عامل مشترك يجمع بين الشعب المغاربي والفلسطيني ويجعله أقدر على وصف تلك المعاناة. وأكد عمر، أن هذه الفرصه التي أتاحها الإتحاد الأوروبي له وللشباب المشاركين، مكنته من بلورة وترتيب أفكاره وتطويرها مما وسع دائرة علاقاته التي قد تحقق له فرص مستقبلية رائعة ـ على حد قوله ـ وهذا في نظره لا يقدر بثمن! وعن مشروع مِد ريست في حد ذاته ورأيه الخاص، فهو يعتبره محاوله جاده لخلق قاعدة للتعاون المشترك ما بين فئة الباحثين والأكاديميين، للخوض في قضايا ومسائل المنطقة، وهو ما لم يحدث مسبقا لا بهذا القدر من التمويل أو الحماسة. "الفكره أنه لم تكن هناك قط أبحاث مشتركه تجمع الدول العربية من منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا " يقول عمر، "لذلك جاء مشروع مِد ريست حتى يخلق قاعدة تعليمية لإنطلاق الدراسات والأبحاث والتعاون المشترك من أجل بناء شخصية الشرق الأوسط من جديد وتوحيده". يتطلع عمر مستقبلا الى بناء جسور تفاهم بين أوروربا والمغرب العربي والشرق الأوسط، وإيجاد حلول منطقيه لمسألة الهجرة الغير شرعية على المدى البعيد، أما على المدى القريب فهو يريد نشر حقيقة معاناة هؤلاء المهاجرين. كما يحلم بأن يعود الى العالم العربي وينشئ شركه تكنولوجية تأخذ في الإعتبار حساسية التاريخ وأثر السياسية، وأن تكون قادره على إحداث أثر أيجابي على المنطقه ومواطنيها من أجل حياة كريمة وأكثر أمنا وإستقرارا. وإعتبر عمر أن القيمة المعنوية لحصولة على جائزة الإتحاد الأوروبي “للكاتب الشاب"، لهي أفضل ما حققه حتى للحظه نظرا لقيمة الجائزة المعنوية في المحافل الأدبية والبحثية. |