|
الحكومه وأهمية بناء الثقه في القطاع الصحي!!
نشر بتاريخ: 09/05/2019 ( آخر تحديث: 09/05/2019 الساعة: 10:49 )
الكاتب: عقل أبو قرع
مع مباشرة الحكومه اعمالها قبل عدة اسابيع، كان من الواضح وكما هو متبع في دول العالم التي تهتم بالمواطن وتعمل من أجل مصلحته، ايلاء الاهميه بل الاولويه لقطاع الصحه، والعمل من أجل توفير خدمات صحيه للمواطن الفلسطيني، وتوفير الوصول اليها بأحترام وبسهوله، سواء أكان ذلك من خلال الرعايه الصحيه الاوليه من عيادات وفحوصات وادويه، أو من خلال المستشفيات، أو من خلال ما يتبع ذلك من خدمات متخصصه سواء من خلال أجراء العمليات المتخصصه أو توفر الاجهزه والفحوصات، وحتى امكانية الوصول الى التحويلات الطبيه للمواطن الذي لا يجد الخدمه التي يريدها في ما هو متوفر في البلاد، وبالتالي يحتاج الى الوصول وبنزاهه الى التحويلات الطبيه الى خارج القطاع الصحي الفلسطيني الحكومي.
ومع تركيز الحكومه للعمل من أجل بناء جسور الثقه مع المواطن التي ربما ضعفت ولاسباب مختلفه، خلال الفترات الماضيه، فأن من أهم الخطوات الكفيله بالعمل من أجل استعادة هذه الثقه هي اتخاذ اجراءات عمليه تعمل على تسهيل اموره الحياتيه اليوميه، في قطاعات يحتاجها كل مواطن مثل الصحه والتعليم والزراعه والانتاج الوطني وتوفير الاغذيه السليمه والمياه النظيفه والحفاظ على بيئيه خاليه من التلوث وما الى ذلك من أمور يحتاجها ويحتاج الى مشاهدة التحسن في تقديمها اليه، وبالطبع يحتل القطاع الصحي الالولويه لانه يمس حياة كل مواطن وحياة افراد عائلته. وبدون شك، شهد ويشهد القطاع الصحي الفلسطيني تقدما متواصلا خلال السنوات القليله الماضيه، سواء أكان ذلك من قبل القطاع العام اي وزارة الصحة الفلسطينيه، او من قبل استثمارات ومشاريع القطاع الخاص، وفي نفس الوقت نشهد تزايد الحاجه الى هذا القطاع، وبالاخص مع تزايد انتشار امراض غير ساريه لم تكن بهذا الكم في الماضي في مجتمعنا، مثل أمراض السكري والقلب والسرطان والضغط وبالطبع ازدياد السمنه وما الى ذلك من امراض مرتبطه به. ورغم ان هناك زخما وتكاتف ودعوات من جهات مختلفة من اجل الارتقاء بهذا القطاع، سواء فيما يتعلق بأجراء العمليات او احضار الاجهزة او استخدام الخبرات، او فيما يتعلق بوضع حجر الاساس لبناء او افتتاح مراكز صحية متخصصة، من اجل توفير الخدمة ذات الجودة المطلوبة للمواطن، الا أن القطاع الصحي في بلادنا ما زال يحتاج الى المزيد من العمل ومن الاستثمار، سواء على الصعيد البشري أي الكفاءات أو الاجهزه والمعدات أو والاهم على صعيد التعامل والاحترام وتوفير الطريقه الملائمه للمواطن، من أجل الوصول الى الخدمه الصحيه بدون عناء أو مشقه أو تكلفه زائده أو اتباع الطرق الالتفافيه التي لا يستطيع الجميع السير فيها. والقطاع الصحي في بلادنا، اسوة في العديد من الدول في العالم، والتي جل اهتمامها المواطن، من المفترض ان يحتل مستوى الاولويات الوطنية، وبالاخص على مستوى الميزانية الحكومية، سواء من حيث رصد الميزانيات المطلوبه، او من حيث اعداد وتدريب والاحتفاظ بالكفاءات المتخصصة ،او من حيث الحصول على افضل الاجهزة والمعدات، او من حيث فعالية الادارة والمسؤولين، او من حيث طبيعة التعامل والاحترام مع المريض والمواطن، اوحتى من حيث الكيفية او الطريقة التي يتم اتباعها للحصول على الخدمات، وعلى المعلومات المتعلقة بصحة المواطن، او من حيث الاهتمام بالرعاية الصحية بشكل عام، سواء اكانت الرعاية الاولية وهي الاساس، او الثنائية او الثلاثية، او من حيث التركيز على مفهوم الصحة العامة كمفهوم وقائي شامل للبلد وللمجتمع، أي العمل على الوقايه من المرض قبل حدوثه. ورغم التقدير لكل الجهود التي عملت من اجل تقدم وتحسن خدمات واجهزة ومعاملة القطاع الصحي في بلادنا، الا ان هناك الكثير الذي ما زلنا نحتاجة، والذي وفي ظل الامكانيات المحدودة، والظروف المعقدة، يمكن للحكومه الجديده القيام به، من خلال سياسات ومن خلال تغيير ثقافة عمل، اومن خلال تعديل في فلسفة الادارة، واعادة تسخير المصادر حسب احتياجات المواطن، وعلى سبيل المثال، التعامل الجدي مع قسم الطوارئ في "مجمع فلسطين الطبي"، في مدينة رام اللة،حيث الاكتظاظ المؤلم ، رغم انه وبدون شك نلحظ التقدم الكبير، والاهتمام، والنظافة وديناميكية الحركة، والتطور الاداري والتقني، من حيث الفحوصات المختلفة، والحصول على نتائجها من خلال شبكة الكترونية، اي من خلال وصولها الى ايادي الاطباء على اجهزة الكمبيوتر وبسرعة، وبدون الحاجة الى اوراق او الى مراجعات مملة ومضنية، وما الى ذلك من امور ايجابية، يمكن ببساطة ملاحظتها وتوثيقها. ومن الاجراءات العمليه التي كفيله ببناء الثقه مع المواطن فيما يتعلق بالقطاع الصحي، هو موضوع توفر الادوية في عيادات الرعايه الاولويه التابعه لوزارة الصحه، الموضوع القديم الجديد الذي ما زال يؤرق الناس، سواء من حيث توفرها، او من حيث تطبيق قرارات تخفيض اسعارها للحصول عليها من الخارج، والقلق المتواصل عند الناس حول ذلك، ومن الامثلة على ذلك، ما يتم الاعلان عنه، عن تخفيض اسعار بعض من الاصناف من الادوية الاجنبية، بدون ان يكون لذلك اثر سريع على المريض، وهذا يتطلب اعادة النظر في الالية التي يتم من خلالها مراجعة اسعار الادوية والاهم الاليه لتطبيق التغيير في الاسعار في الصيدليه. ومع احتلال موضوع التحويلات الطبيه الصداره هذه الايام، الا ان هذا الموضوع ما زال موضوعا مقلقا، ومربكا، ومكلفا للقطاع الصحي، ويحتاج الى العناية والدراسة والمراجعة، وما زال المواطن العادي يشك في الاجراءات وفي امكانية حصوله الى تحويلة اذا احتاجها، وما زال هناك اعتقاد ان ذلك حكرا على جهات او على اشخاص محددين، وبالتالي ما زال هناك الحاجة الى الضبط، والى التوفير في هذه الفاتورة الاكثر تكلفة لميزانية وزارة الصحة، والى توخي العدل والانصاف لمن يستحق، والى التوجة اكثر نحو زخم الاعتماد على الذات، من خلال الاستثمار اكثر وبشكل مستدام في امكانيات وكفاءات وخدمات محليه. ومع مواصلة تركيز الحكومه الجديده على خطوات بناء الثقه مع المواطن ومع الناس، ومع التقدم والتحسن الذي يتم، الا أن القطاع الصحي في بلادنا يحتاج الى التركيز اكثر على التخطيط لاستراتيجيات بعيدة المدى، تعتمد مبدأ الوقاية والتوعية كاولوية للحفاظ على الصحة العامة، وتركز على التطور النوعي وليس الكمي وبشكل مستدام في الرعاية الصحية الاساسية، اي الرعاية الاولية من عيادات ومختبرات وفحوصات وتأمين صحي وتطعيم وتثقيف وتوفر الادويه والمختصين، ويحتاج الى ارساء فلسفة واسس نظام المتابعة والتقييم والمساءلة والتعلم بشكل ممنهج وموضوعي، وبالتالي تعود ثقة الناس الى هذا القطاع الذي هو من أهم القطاعات التي كفيله بأعادة بناء الثقه مع الحكومه وبالتالي دعمها والدفاع عنها. |