وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المستعربون والمستغربون - بيت لحم تأكل كبدها حزنا وتودع 4 من جند الله

نشر بتاريخ: 13/03/2008 ( آخر تحديث: 13/03/2008 الساعة: 11:25 )
بيت لحم - كتب ناصر اللحام - نامت بيت لحم مغلوبة على امرها الليلة الماضية ، ولولا مخافة الله ، وصوت القران في بيوت العزاء لصاح اهلها ظلما من جريمة اعدام 4 من " امرائها " الذين تركوا في نفوس السكان ذكرى طيبة .

فالشهداء الاربعة حافظوا على طهارة السلاح ، لم يظلموا السكان ولم يبتزوا التجار ولم يعربدوا ولم يطلقوا النار فوق رؤوس السكان ، بل كانوا نموذجا لطهارة سلاح الانتفاضة ، وكثيرا من الاحيان تغنّت بيت لحم بقصص انسانية لهم حين كانوا يناصرون المظلومين ويهبوا لنجدة المحتاج وابن السبيل ، حتى انهم وفي اكثر من مرة كانوا يهددون امنهم الشخصي ويخرجون لفض نزاع عشائري او للتدخل عند اجهزة الامن الفلسطينية لرفع الظيم عن مظلوم .

المستعربون .وهم مجموعة من القتلة المحترفين المدربين جسديا وسيكولوجيا للقتل دون تردد ومن دون اي التزام بعمل اجهزة الامن ، أطلقوا 500 رصاصة باتجاه الشهداء ، ونال محمد شحادة القسط الاوفر منها .

ومن باب الامانة الصحافية انقل للقراء اخر واهم ما قاله الشهداء ، حين زاروا مقر معا قبل سويعات من اغتيالهم :

محمد شحادة - ابو شحادة - من امراء الجهاد الاسلامي في فلسطين - جلس قليلا وسارع لتقبيل الحاضرين بحرارة وثقة وكان يحمل بندقيته ( MP5) وكأنما يحتض ولدا من اولاده ، ثم طلب ان نضع له فنجان القهوة في كاس من البلاستيك ليشربه وهو في السيارة ، وردا على أسئلتنا التي انهمرت عليه مثل المطر قال " انا حزين جدا لانهم هدموا بيتي الذي نشات وترعرعت فيه منذ صغري ، وهذا البيت غالي على قلبي " . ثم اردف يقول ( انهم لا يريدوننا احياء لا يريدون اعتقالنا انهم يريدون قتلنا وعليكم انتم كصحافيين ان تعرفوا انهم لا يريدون حل مشكلة المطاردين بل اعدام المطاردين لذلك لن اسلم نفسي وارجوك لا تتحدث لي عن الحياة فأنا لا اريد ان اضعف اريد ان اموت وانا قوي ومؤمن بالله وقدره وبصراحة لا اريد ان اعود الى السجن ) . وامام الحضور قال لي : قل مرة اخرى ماذا اعني لك انا ؟ قلت انت جان فالجان فلسطين فضحك كثيرا وغاب وهو يضحك ، وقال يعجبني ان صحافي يعطيني هذا التشبيه .

احمد البلبول ( ابو محمد ) الرجل الذ سخر دائما من الموت ، بل كان يلعب بالموت مثلما يلعب ضابط بمسدسه بكل ثقة .كان يحب اولاده لدرجة انه كان يحملهم معه في السيارة وهو مطارد ، كان يحب الحياة لانها من حقه وحق اسرته ، متابع من الدرجة الاولى ، ومنتمي لقضيته بقناعة ، ذات يوم شاهد رجل يعتدي على امرأة عجوز في شوارع البلدة القديمة ببيت لحم فاطلق الرصاص فوق رأس الرجل وقال له : لا تعتقد ان بيت لحم خلت من رجالها .
وكان البلبول يتعجب دائما لماذا لم يتم ادراج اسمه في قوائم العفو عن المطاردين ، واشتكى امامي عدة مرات ان ضابط مخابرات من الشاباك ( معروف بالاسم ) يتصل به على هاتفه النقال ويهدده بالموت . البلبول قام بتسجيل مكالمة لضابط الشاباك وهو يهدده بالقتل ووكالة معا ستحاول الحصول على هذا التسجيل لتقديمه كاثبات على القتل المتعمد .

عيسى مرزوق - عضو بلدية منتخب في بيت لحم ، هادئ واثق ، غير متردد ، احب محمد شحادة ونشطاء الانتفاضة لدرجة انه لازمهم وعاش معهم في الكهوف ، وبالاضافة الى ثقافته المتميزة وثقته بنفسه ، كان عيسى مناضلا مؤمنا لا يشق له غبار ، اكثر ما يؤلمه الظلم ، وكان لا يتردد في دخول اي معركة مع اي كان للدفاع عن مظلوم .

عماد الكامل - شاب في اوج الحياة والانتماء ، يشبه الخيل الاصيل وهو من عائلة وطنية أصيلة ، كان خير رفيق للقائد ابو شحادة .

عاشوا اصدقاء وماتوا اصدقاء ، ونحن بقينا نشرب الحسرة والالم ونتذكر الجرح الاحمر ، قتلهم "المستعربون" ولا يزال البعض فينا "مستغربون ".

قال لي المذيع الاسرائيلي : ولكنهم كانوا يحملون السلاح وشكلوا خطرا على حياة الجنود لذلك قتلهم المستعربون .
فقلت : وهل كان الشهيد دانييل حمامي والشهيد احمد مصلح يحملان السلاح حين قتلهم المستعربون في المدينة قبل عام ؟ وهل كان رجل الامن الفلسطيني محمد صلاح مطاردا حين اعدمه المستعربون في بيت لحم قبل شهرين في نفس المكان الذي لا يبعد عن مبنى مقاطعة بيت لحم سوى عدة أمتار ؟

المستعربون استباحوا المدن ، والشاباك ينفذ حكم الاعدام دون محاكمة برجال المدن الفلسطينية وقد ان الاوان لايقاف ذلك ... لانقاذ من يمكن انقاذه .