وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الامر الواقع في فلسطين ...والادمان عليه مُدَمِر

نشر بتاريخ: 25/07/2019 ( آخر تحديث: 25/07/2019 الساعة: 16:28 )
الامر الواقع في فلسطين ...والادمان عليه مُدَمِر
الكاتب: السفير حكمت عجوري
في الايام الخوالي التي تجلى فيها النضال الفلسطيني في مقارعته لاسوأ احتلال احلالي عسكري صهيوني لفلسطين الارض والشعب في تلك الايام كان نضال شعبنا منارة يلجأ اليها كل من ضاقت بهم السبل في كيفية مقاومتهم للظلم، الامر الذي جعل من هذا النضال الفلسطيني محل قلق وازعاج لكل الظالمين في عالم اليوم وهو ما حدى بهم لايقاعه في الفخ الذي نحن فيه الان الا وهو الادمان على حالة اللامبلاه التي نشهدها حيال كل هذه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني والتي لم يعد من الممكن حصرها واخيرها التطهير العرقي في واد الحمص مقابل ان نعيش لغرض العيش وان نصبر باي ثمن حتى يحين موعد الفرج الذي تم اختزاله في الراتب.
قد يبدو ان ما اقوله فيه اجحاف بحق كل الشرفاء منا الذين دفعوا بارواحهم وحريتهم ودمائهم مقدما من اجل ان نعيش نحن بكرامه مقابل عهد قطعه لهؤلاء الشرفاء كل ابناء جلدتهم في كافة اماكن تواجدهم على مواصلة دربهم حتى يتحول الحلم الى حقيقه وبالتالي فان ما اقوله ليس اكثر من تذكير للذات الفلسطينيه بالعهد المذكور الذي قطعته على نفسها.
لا يخفى على اي ممن اختارهم الله ليكونوا في رباط الى يوم الدين من احفاد شعب الجبارين من ان كل يوم يمر على المحتل لا بد وان يكون مكلف لهذا المحتل وموجع بكل ما يعنيه الوجع من اجل ان يرحل الا ان ما نراه هو ان كل يوم يمر على الصهيوني المحتل لنا ارضا وشعبا هو مكلف لنا ومربح له وليس هناك دليل اكثر من هذا التردي في حالتنا الاقتصاديه التي وصلت حد خط الفقر والتي يعمل المحتل ليل نهار على ما هو اكثر كون هذا المحتل وبمجرد استمراره في احتلاله لارضنا وسمئنا ومائنا وهوائنا فهو يقف سدا امام اي محاوله تطوير لاقتصادنا الوطني ، بالمقابل فان كل ما نفعله حيال هذا الاحتلال عن قصد ام غيره هو امداده بعناصر الاستدامه خصوصا واننا اصبحنا نلهث وراء تصاريح العمل لخدمة اقتصاد المحتل مقابل قوت يومنا بينما تعود على المحتل بالازدهار ليس الاقتصادي فقط وانما العسكري ايضا خصوصا وان العماله الفلسطينيه اصبحت تعوض العماله الاسرائيليه من اجل ان تتفرغ هذه الاخيره لقتلنا وتدمير بيوتنا وقمعنا واعتقالنا.
المصيبه في كل ذلك ان البعض منا وهو الذي نراه يكبر يوما بعد اخر اصبح يستسلم لهذا الواقع على اعتبار ان لا خيارات ولا بدائل اخرى بعد ان اصبح هذا الواقع بنظر هؤلاء هو افضل مخرجات كل سنين النضال منذ ان انطلقت الرصاصه الاولى خصوصا وان الجديد الوحيد الذي طرأ على مدرسة النضال الفلسطيني كان في اضافة منهج ديني اثبت عقمه وجهله كونه كان قد تاسس اصلا من اجل خدمة مصالح حزبيه غير فلسطينيه والاخطر انها تحمل في ثناياها بواعث الادمان على التخلف والتجهيل والاستسلام للواقع الذي لا يخدم سوى اطالة عمر الاحتلال وانعاشه بدليل ما نشهده من لهث وراء التفاهمات مع هذا الاحتلال التي لا تعني سوى اضفاء شرعنه على هذا الاحتلال مقابل استمرار القائمين على المنهج الانقسامي الديني الجديد في تغذية غريزة الوهم لديهم ومن ثم بيعه لمن ادمنوا الجهل والخوف من عذاب القبر.
لا ادري ان كان ما سبق يليق فعلا باحفاد شعب الجبارين الاصحاب الاصليين للارض التي تسرق جهارا نهارا ودون توقف من قبل القوه القائمه بالحتلال، أحفاد نراهم غير عابئين بكل ما يجري حولهم ومن بين ظهرانيهم سواء اكان ذلك فسادا ام احتلالا غاشما حيث لا فرق بين الاثنين كونهم وجهان لعمله واحده هدفها تدميرالانسان الفلسطيني ابداعا وكرامة وعنفوانا من اجل شرعنة سرقة الارض ودفن الحلم الفسطيني فيها.
في سياق متصل ، ذكرنا في اكثر من موقع كما غيرنا ما علمنا اياه اصحاب العلم والمعرفه ونكرره وسنبقى نكرره لعل تراكم التكرار يوقظ العقول النائمه من انه الجنون بعينه ان نتوقع غير ما نعيشه والذي اصبحنا ندمنه بالرغم من قهره ووجعه كوننا ما زلنا نسير في نفس الطريق ونستخدم نفس الوسائل منذ اكثر من ربع قرن من اجل تغيير هذا الواقع ، بينما يبدع الطرف الاخر وهو المحتل الصهيوني في اعادة انتاج كل سفالاته وحيله وكذبه وحقن واقعنا فيها.
ما سبق لا يعني التقليل من شان كل من اجتهدوا لايصالنا الى ما نحن عليه ولكن يبدو انهم لم يصيبوا وبالتالي يكفيهم حسنه واحده وربما تصبح حسنتين لو انهم اقرو بذلك وتبدلوا ان استطاعوا او رحلوا ان لم يستطيعوا ولكن من الواضح انهم سيخسرون الحسنه الواحده لو انهم اصروا على تحديهم لقانون الجنون الذين ورثه لنا اينشتاين.
اسرائيل القوه القائمه بالاحتلال أخلت وتخلت عن كل ما اتفقت عليه مع المؤتمن على مصالج الشعب الفلسطيني ، منظمة التحرير ، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفسطيني في اتفاق اوسلو الذي شهد عليه العالم كله الا اننا و بالمقابل ما زلنا ولما عرف عنا من اخلاق عاليه باحترامنا لالتزاماتنا ما زلنا متمسكين بهذه الالتزامات بالرغم من انها سقطت ليس لاسباب غير اخلاقيه فقط من قبل الطرف الاسرائيلي المحتل ولكن على الاقل فهي سقطت بالتقادم .
ليس لدي ادنى شك في ان الشعب الفلسطيني شعب ولاد ولن يَغلب في ولادة وبعث من هو قادر على اعادة تصويب البوصله والنجاة بالمركب الذي لا محاله انه لو تُرك يسير في بحر الادمان على الامر الواقع فانه لا محاله سيكون مصيره الغرق.