وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ما وراء استهداف الأونروا الآن

نشر بتاريخ: 03/08/2019 ( آخر تحديث: 03/08/2019 الساعة: 09:56 )
ما وراء استهداف الأونروا الآن
الكاتب: عماد عفانه
بات مما لا شك فيه أن تسريب تقرير تحقيقات مكتب خدمات الرقابة الداخلية التابع للأمم المتحدة دون الوصول إلى النتائج النهائية محاولة مكشوفة وربما مبيتة لإضعاف الأونروا وزرع بذور النفور لدى المانحين عن دعمها ومن ثم التأثير على عملية التصويت لتجديد تفويضها.
حيث أن هذه التسريبات تصب في خدمة مخطط تصفية الأونروا وإنهاء خدماتها، مع اقتراب التصويت على مشروع قرار تجديد ولاية تفويضها.
فالدول المحترمة مثل هولندا وسويسرا الذين علقوا مساعداتهم المقدمة للأونروا يفترض ألا تتعامل مع المؤسسات الدولية بهذا الأسلوب التجريمي لكيانها بحيث توقف تمويلها للمجرد إدانة بعض العاملين فيها.
فالأونروا مؤسسة أممية أنشئت بموجب القرار 302 لتقديم خدمات التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية والإغاثة والتشغيل إلى ما يقارب 6.2 مليون لاجئ فلسطيني يقيمون في 58 مخيماً في مناطق عملياتها الخمسة في الأردن وسوريا ولبنان وقطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس، وتمويل المانحين يخصص للأونروا كمؤسسة أممية وليس كأفراد.
وغني عن القول إنه سيكون لهذا الفعل تداعيات سلبية جسيمة الدعم الدولي للأونروا التي تعتمد على التبرعات الدولية في موازنتها بما يهدد إنهاء خدماتها.
فالخطر لا يقتصر فقط على توقف الخدمات الإغاثية للاجئين الفلسطينيين، بل يمثّل مساسا بحقهم في العودة، إذ تمثل الوكالة أكبر شاهد دولي على النكبة الفلسطينية 1948.
كما أن أبسط النظريات الادارية تقول أن الفساد لا يعالج بوقف التمويل بل بتعزيز آليات الشفافية والمراقبة والإشراف خاصة وأن قادة ومدراء هذه الوكالة الدولية ليسوا فلسطينيين بل أفراد من دول الاتحاد الأوروبي.
وإثارة مثل هذا الملف في مثل هذا التوقيت يتماشى مع المساعي الأمريكية وخطتها المعرفة باسم “صفقة القرن” فضلا عن الرغبة والسعي الصهيوني لوقف عمل الوكالة الدولية التي يعتمد أكثر من ثلثي اللاجئين الفلسطينيين على المساعدات التي تقدمها بشكل أساسي، فضلا عن زياد الضغوط على حياة هؤلاء اللاجئين بما يفضي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.
خصوصا بعد وقف ترامب في أغسطس 2018 مساهمة بلاده في ميزانيتها والبالغة 300 مليون دولار سنويا، ما يفتح الباب مستقبلا لقرارات مماثلة من دول أوربية أخرى بشأن تعليق تقديم المساعدات المالية للوكالة.
حيث أن موازنة الأونروا السنوية تأتي من مجموعة غنية من دول العالم، مثل أميركا وسويسرا وهولندا ودول أوربية أخرى إضافة إلى السعودية والإمارات.
صحيح أنه في الوقت الذي قدمت فيه الأونروا خدماتها للفلسطينيين في العمل والتعليم والصحة والخدمات وغيرها، فإنها قدمت في الوقت عينه خدمات جليلة لكيان العدو حيث وفرت له مظلة من الاستقرار مكنته من بناء أركان كيانه على كافة المستويات.
ويبدو أن العدو اليوم وبعد أن استكمل أهدافه الاستراتيجية، ها هو يسعى لإنهاء عمل هذه المؤسسة التي لعبت دورها الوظيفي كمؤسسة تحافظ على حقوق اللاجئين بموجب القرار الأممي 194.
فتعليق سويسرا وهولندا مساعدتهما للأونروا ليس فيه عقاب للأونروا كمؤسسة أو للفاسدين فيها، بقدر ما فيه عقاب للاجئين المستفيدين من خدماتها.
الأمر الذي يفرض على قادة السلطة والفصائل كما على الهيئات والمؤسسات الفلسطينية والعربية المعنية على حد سواء التعامل معه بسرعة، لحمايتها من هذا الاستهداف المباشر، مع التأكيد على ضرورة محاسبة المسؤولين في الأونروا الذين تثبت في حقهم اتهامات الفساد.