وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

إسراء تنتصر لمن وقعن ضحية التعصب والجهل

نشر بتاريخ: 06/09/2019 ( آخر تحديث: 06/09/2019 الساعة: 12:43 )
إسراء تنتصر لمن وقعن ضحية التعصب والجهل
الكاتب: ماجد سعيد
اسراء غريب قضية تخطت حدود الوطن، فأصوات الاستغاثة والالم التي صدحت بها في المشفى قبل ان تخرج زفراتها الأخيرة وصلت الى ما لم يتوقعه قاتلوها.
بشاعة الجريمة التي أودت بحياتها بالتأكيد لم تكن الاولى وقد لا تكون الأخيرة لفتيات، فمثل هذه الجرائم التي يطلق عليها تجنيا "جرائم الشرف" لا تقتصر على فلسطين وحدها وانما تمتد الى كثير من الدول العربية، فيما الجرائم بحق المرأة في الدول الأجنبية فتأخذ اشكالا مختلفة ومتعددة.
لكن لماذا هذه الجريمة اخذت كل هذا الحجم من الاهتمام والمتابعة، وتحولت الى قضية رأي عام دون غيرها من الجرائم التي وقعت بحق كثير من النساء؟ هل بسبب ان قتلها كان على مراحل، بدءا من وشاية ابنة عمها ان صحت، مرورا بالمشعوذات من "جن" و "عفاريت"، وصولا الى انضمام شقيقها العائد من كندا؟ ام ان تقاعس الطواقم الطبية في انقاذها وعدم تدخلها اثناء صراخها في المشفى؟ ام ان غياب تدخل الشرطة التي يتواجد افرادها في جميع المشافي فيما كان يجري في ذلك المشفى والاستجابة لاستغاثتها وحمايتها عندما كانت تصرخ؟
ربما يكون الجواب كل ذلك، لكن المؤكد ان رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين طرقت اذانهم صرخات اسراء هم الذين تمكنوا من تحريك القضية وجعلها قضية رأي عام، الامر الذي جعل حظ قتلة اسراء عاثرا بعد ان تخطت قضيتها حدود الوطن، مثلما كان أيضا حظ المؤسسة الرسمية التي تفاعلت وتجاوبت بمستويات مختلفة وبدأت التحرك الفوري خلافا لمرات سابقة كنا نشهد فيها جرائم مماثلة من قتل النساء اللواتي وصل عددهن الى 85 امرأة منذ عام 2015 تحت عنوان "الشرف".
هذا الامر وان كان يحسب للمؤسسة الرسمية هذه المرة والتي ينتظر منها الخروج بنتائج سريعة لتحقيقاتها، الا انه يعريها ويكشف ضعفها وترددها فيما كان يقع سابقا من جرائم بحق النساء اللواتي وقعن ضحية تقاعس الاجهزة الرسمية وعدم اكمال عملها بالشكل اللازم بحجة غياب القوانين الرادعة التي يجب الاستناد عليها، كما يكشف أيضا عن ثقافة التمييز ضد النساء، وإصرار شريحة واسعة في المجتمع على التمسك بسلطة الذكورية من منطلق مفهوم خاطئ للآية الكريمة "الرجال قوامون على النساء"، فالقوامة التي ذكرها الله عز وجل هنا كما يرى الشيخ الشعراوي رحمه الله تتحدث عن الجهد والعمل خدمة للمرأة أي ان الرجل قائم على امورها ومصلحتها وتأمينها لها وليس تفضيله عليها.
اليوم اسراء التي رحلت مظلومة تنتصر لكل النساء اللواتي وقعن ضحية التعصب والجهل بهذا التعاطف والاستنكار الواسع، فهل يمكن ان تكون أيضا دافعا لصحوة مجتمعية واستنهاض مؤسساتي تجاه قضايا المرأة وحقوقهن عبر توفير الحماية القانونية والأمنية لهن؟