وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

القانون والناس

نشر بتاريخ: 24/10/2019 ( آخر تحديث: 24/10/2019 الساعة: 12:16 )
القانون والناس

بقلم خليل قراجة الرفاعي

في الرابع والعشرين من أيلول للعام 2007 أصدرت الحكومة قرارًا تاريخيًا بالمصادقة على دليل الخطّة التّشريعيّة استنادًا إلى المادة (70) من القانون الأساسيّ الفلسطينيّ. جاء ذلك بعيد عقد أوّل مؤتمرٍ وطنيّ للعمليّة التشريعيّة في فلسطين، كما أعلنت الحكومة التي كان يرأسها د. سلام فياض عن تشكيل المجموعة الوطنيّة للخطة التشريعيّة التي صاحبها لجانٌ مساندةٌ في أول محاولة جادة، أثبتت نجاحها في معظم المحطات وبالضّرورة فقد أخفقت أو تعثرت في محطاتٍ أخرى، إلا أنّها شكّلت منارةَ استرشادٍ وإضاءة واضحةٍ على طريق العمليّة التشريعيّة الحكومية. وربما يمكنني القول إنّها الخطة والمجموعة الأولى عربيًا.
في عام 2011 بدأنا العمل مع منظمة "آلـ oecd" في إطار تحسين الأداء الحكوميّ بإنجاز دليل المشاورات العامة، والدليل الشامل للصياغة التّشريعية، وبذلنا جميعًا جهدًا كبيرًا على مدار عامين متتاليين بتعاونٍ منقطع النّظير بين المؤسسات الرسميّة والأهليّة والخبراء الدوليين. ليتوّج ذلك بإعلان دولة رئيس الوزراء آنذاك د. رامي الحمد الله، عن انطلاق العمل بالأدلّة التشريعيّة المذكورة، ومعها أيضًا مدونة قواعد السّلوك الوظيفيّ، وأخلاقيات الوظيفة العامة التي أشرف عليها ديوان الموظفين العام، وكان ذلك تحديدًا قبل ستّة أعوام من هذا اليوم، في الرابع والعشرين من تشرين الثاني للعام 2013.
في ضوء ذلك، ولإنقاذ تفاؤلنا من القلق إزاء الحكومة الحاليّة، برئاسة د. محمد شتيّة، أعتقدُ أنّها مطالبةٌ بتنفيذِ هذه الأدلّة، مع الحرصِ الشّديد على مراجعة العمليّة التي يتمّ فيها إصدار التّشريعات دون دراسة معمّقة ووافية من جهات الاختصاص القانونيّة، سواءً أكانت رسميّة أو أهليّة، وباعتقادي فإنّه من الأهميّة بمكان أن تتولّى الحكومة إدارة العمليّة التّشريعية، غابَ المجلسُ التشريعيّ أو انعقد؛ فهي في كلتا الحالتين المسؤولة الأولى عن تطبيق وتنفيذ القانون، وهذا يمنع إنشاء مراكزَ يسهل هدمها، ويضمنُ تقوية البناء القانونيّ بحيثُ تصبح الحكومة هي الممرّ الإجباريّ لأيّ عمليّة تشريعيّة سواء أكانت للتشريعات الأساسية أو الثانوية، ولتحقيق ذلك أرى لزامًا على الحكومة أن تقومَ بعمليّة تشاور تتناسب وموضوع التّعديل، أو إنشاءِ التشريع؛ بحيثُ لا يتمّ تغييب أصحاب الخبرة والاختصاص في المجالات الفنيّة و القانونيّة، والجهات ذات العلاقة بموضوع التّشريع.
نهايةً، أعتقدُ أنّ تفعيل الخطة التشريعيّة، ودليل المشاورات العامّة، والدّليل الشامل للصياغة التّشريعية هو الضّمان لعمليّة قانونيّة يسيرة وسهلة، تمكن الحكومة من تأدية رسالتها بكثيرٍ من الطمأنينة والصواب وحسنِ الأداء، ويجنّبها مغبّة الخطأ. وذلك يعني بشكلٍ واضح التّوقف عن إصدار التّشريعات دون عمليّة تشاوريّة سليمة؛ لأنّ التّشريع الذي يأتي في العتمة لن يضيء طريقًا ولا ممرًا، ولن يكون لبنةً في بناء دولة القانون. والدليل خير مرشد.
يتبع..