عمرو موسى - داهية الدبلوماسية العربية وحارس مرمى الجامعة - أنقذ قمة دمشق ولولاه لغرقت الجامعة العربية في طنجرة الضغط
نشر بتاريخ: 28/03/2008 ( آخر تحديث: 28/03/2008 الساعة: 17:21 )
دمشق - موفد معا للقمة العربية ناصر اللحام - في معمعان القمة ، وذروة التركيز على وصول القادة العرب الى قصور الشام ، هناك زعيم عربي لمع نجمه بصورة لم يسبق لها مثيل ، بل يكاد يكون هو القاسم المشترك بين جميع الزعماء على اختلاف افئدتهم .
عمرو موسى ، امين عام جامعة الدول العربية ووزير الخارجية الاسبق في مصر ، صاحب شخصية حاضرة في كل مجال ، بارع الحجة ، خطيب مفوّه ، خبير
ولولا وجود هذا الرجل لكان نجاح انعقاد القمة في سوريا في خطر حقيقي ، فهو الذي يملك الاجابات النادرة حين يصمت الاخرون ، وهو الذي يجيد الرسم على الجدران المهدمة ، وهو الوحيد الذي يمكنه استرضاء فتح دون ان يغضب حماس ، ويحاور شعب الصحراء الغربية بموافقة المغرب ، وهو الذي يتحدث عن العراق في عاصمة الكويت ، ويذهب الى لبنان وكانما لم يعرج قبلها على دمشق ، وهو المصري الذي برع في استعادة بعض من كاريزما جمال عبد الناصر .
عروبي قومي لدرجة تستفز الامصار العربية المنشغلة في شؤونها الذاتية ، رضع من النيل لكن هواه دجلة وبردى والفرات ونهر الاردن ، يقف على سد مأرب ويصيح حتى يصدح صوته في المغرب على شواطئ الاطلسي .
يقف على جبال اوراس في الجزائر وينظر الى غزة واريحا ، ثم يلبس لؤلؤ البحرين ويحمل نفط الخليج الى دارفور .يمشي في الربع الخالي بالسعودية وهو يغني " يا تونس الخضراء " ويحمل الكتاب الاخضر في ليبيا ويسأل اهل موريتانيا عن اخبار مقديشو .
ليس شعرا ولا غزلا ، فلا هو رئيس دولة حتى يهابه الناس ولا هو بصاحب جهاز امني حتى ينال الغزل والمديح ، ولكن ومن اللحظة الاولى لوصولنا الشام كان عمرو موسى هو الجسر المعلق القادر على اقناعنا ببقاء شعار الوحدة العربية والقوم الواحد .
لم تتردد اسرائيل في المجاهرة بكراهيتها له ، ولم تستحسن امريكا وجوده في هذا المنصب ، من حسن حظهم انه لم يصبح الامين العام للامم المتحدة ومن حسن حظنا انه الامين العام لجامعة الدول العربية .
ننظر اليه ، مكر مفر مقبل مدبر ، يتحدث عن الوحدة العربية وكانه جمال عبد الناصر ، وعن فلسطين وكأنه الشقيري ، فيخطر ببالك ان تسأل نفسك : هل هو مقتنع فعلا بما يقول ، وهل هناك وحدة عربية فعلا ؟
بارع في تلقف اسئلة الصحافيين ، بل هو يلعب حارس مرمى اهداف الجامعة العربية ، واذا خطر ببال اي صحافي ان يمتحن ذكاءه فليجرب .
في المؤتمر الصحافي وامام 800 صحافي من العالم ، طلب موسى من الصحافي ان يسأل سؤالا واحدا ، ولكن احد الصحافيين أراد ان يسأل سؤالين وقال له " يا معالي الامين العام عندي سؤال اخر مهم " فقال له موسى : كل كلامك مهم يا سيدي ولكننا لا نريد منه الا سؤالا واحدا فضحك الجميع .
صحافي اخر اراد الحديث ولكن صحافي ثاني " سحب " الميكروفون من يد الاول فقال موسى باسما : اخذها القوي .
مرة ثالثة وحين هاج وماج الصحافيون يريدون الميكروفون قال موسى : ليتحدث من نجح في الاستيلاء على الميكروفون .
عمرو موسى ، حرّ ، مرّ ، صاحب حيلة وصاحب ايديولوجيا ولا يجدر بأحد ان يستهين بذكائه ، لان اجابته حاضرة ومحرجة كثيرا .
احد الصحافيين قال له : ماذا يعتقد وزراء الخارجية ؟
فرد موسى عليه بكل هدوء : اسأل وزراء الخارجية . يلي بعدو اتفضّل .
يطيب لي ان أقول انه من أدهى الدبلوماسيين العرب ، ولا يمل ولا يكلّ ، وامام اسرائيل لا يشق له غبار ، حتى ان شعبان عبد الرحيم غنّى له ، حتى قال الاخرون " نيالك يا عمرو موسى " .
ويمكن القول : يكفي سوريا ان عمرو موسى معها ، ويكفينا انه يقف على رأس عمله ، ويكفي عمرو موسى ان الله معه .