البنك الدولي.. هكذا سيكون الاقتصاد العالمي خلال 2020
نشر بتاريخ: 09/01/2020 ( آخر تحديث: 10/01/2020 الساعة: 00:26 )
واشنطن- معا- يقول البنك الدولي في عدد يناير/كانون الثاني 2020 من تقريره المعنون "الآفاق الاقتصادية العالمية" إنه من المتوقع أن يرتفع معدل النمو الاقتصادي العالمي إلى 2.5% في 2020، مع تعافي معدلات الاستثمار والتجارة تدريجيا من مستوياتها المتدنية العام الماضي، لكن مخاطر التراجع لا تزال قائمة.
ومن المتوقع أن يتراجع معدل النمو في الاقتصادات المتقدمة كمجموعة إلى 1.4% في عام 2020، فيما يُعزَى جزئيا إلى استمرار ضعف نمو قطاع الصناعات التحويلية. وتشير التنبؤات إلى أن معدل النمو في اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية ستتسارع وتيرته هذا العام ليصل إلى 4.1%. ولا يستند هذا الانتعاش إلى قاعدة واسعة، إذ إنه يفترض تحسُّن أداء مجموعة صغيرة من الاقتصادات الكبيرة التي بدأ بعضها يتعافى من فترة ركود شديد. ومن المتوقع أن يشهد نحو ثلث اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية تباطؤ وتيرة النمو هذا العام بسبب تراجع الصادرات ومعدلات الاستثمار عما كان متوقعا.
وتعقيبا على التقرير، قالت جيلا بازارباسيوغلو، نائبة رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون النمو المنصف والتمويل والمؤسسات: "نظرا لاحتمال استمرار بطء معدلات النمو في الاقتصادات الصاعدة والبلدان النامية، يجب على واضعي السياسات اغتنام الفرصة للاضطلاع بإصلاحات هيكلية تعزز النمو واسع القاعدة الذي يعد عاملا أساسيا للحد من الفقر... ومن شأن اتخاذ خطوات لتحسين مناخ الأعمال وسيادة القانون وإدارة الديون ورفع الإنتاجية أن يساعد على تحقيق معدلات مستدامة للنمو."
ومن المتوقع أن ينخفض معدل النمو في الولايات المتحدة إلى 1.8% هذا العام فيما يُعزَى إلى التأثيرات السلبية لزيادة الرسوم في وقت سابق واشتداد حالة عدم اليقين. وتشير التقديرات إلى أن النمو في منطقة اليورو سيتراجع إلى مستوى معدل بالنقصان قدره 1% في 2020 متأثرا بضعف نشاط القطاع الصناعي.
"وتشوب الآفاق الاقتصادية العالمية مخاطر الركود، وإذا تجسَّدت هذه المخاطر فقد تؤدي إلى تباطؤ كبير في معدلات النمو. وتشتمل هذه المخاطر على عودة تصاعد التوترات التجارية، وحالة عدم اليقين التي تكتنف السياسات التجارية، وركود أشد مما كان متوقعا في الاقتصادات الكبرى، والفوضى المالية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية. وحتى إذا تحقَّق انتعاش النمو في اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية كما هو متوقع، فإن نصيب الفرد من النمو سيبقى دون متوسطاته في الأمد الطويل، وأقل بدرجة كبيرة من المستويات اللازمة لتحقيق أهداف تخفيف وطأة الفقر."
وقال أيهان كوسي مدير مجموعة آفاق التنمية في البنك الدولي: "لا تقدم أسعار الفائدة العالمية المنخفضة سوى وقاية هشة من الأزمات المالية. ويظهر تاريخ موجات تراكم الديون فيما مضى أن هذه الموجات تنتهي في العادة نهايات غير سعيدة. ومن الضروري في ظل البيئة العالمية الهشة إدخال تحسينات على السياسات لتقليص المخاطر المرتبطة بموجة الديون الحالية."
وتتناول أقسام تحليلية من هذا العدد من تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية موضوعات راهنة رئيسية، هي:
الموجة الرابعة: تراكم الديون في الآونة الأخيرة في الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية: سجَّل الاقتصاد العالمي أربع موجات من تراكم الديون خلال السنوات الخمسين الماضية. وشهدت أحدث موجة التي بدأت في عام 2010 أكبر زيادة في الديون وأسرعها وأوسعها نطاقا بين الموجات الأربع. ومع أن تدني المستويات الحالية لأسعار الفائدة يخفف بعض المخاطر المرتبطة بزيادة الديون، فإن الموجات السابقة واسعة النطاق لتراكم الديون انتهت بوقوع أزمات مالية على نطاق واسع. وتشتمل خيارات السياسات الممكنة لتقليص احتمال وقوع أزمات وتخفيف آثارها إذا وقعت على بناء أُطُر مرنة للسياسات النقدية والمالية العامة، وإنشاء أنظمة رقابية وتنظيمية فعالة، واتباع ممارسات شفافة في إدارة الديون.
وعد آخذ في الذبول: كيفية إنعاش نمو الإنتاجية: تراجع معدل نمو الإنتاجية -وهو مصدر رئيسي لنمو الدخول وعامل رئيسي للحد من الفقر- بمعدل أوسع نطاقا وأكثر حدة منذ الأزمة المالية العالمية من أي وقت مضى في خلال أربعة عقود. وفي اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية، يُعزَى هذا التراجع إلى ضعف معدلات الاستثمار، وضآلة التحسن في مستويات الكفاءة، وتناقص عمليات إعادة تخصيص الموارد بين القطاعات. ومنذ الأزمة المالية العالمية، شهدت وتيرة التحسن في كثير من العوامل الرئيسية المُحرِّكة لإنتاجية الأيدي العاملة -ومنها التعليم والمؤسسات- حالة من الانكماش أو الركود.
ضوابط الأسعار: النوايا حسنة لكن النتائج سيئة: ينتشر استخدام ضوابط الأسعار في اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية. ومع أن ضوابط الأسعار تُستخدم في بعض الأحيان كأداة لتنفيذ السياسة الاجتماعية، فإنها قد تتسبب في إضعاف الاستثمار والنمو، وسوء النواتج المتصلة بالحد من الفقر، وتثقل كاهل المالية العامة للبلدان بأعباء ثقيلة، وتخلق صعوبات أمام الإدارة الفعالة للسياسة النقدية. وقد يصب إبدال ضوابط الأسعار بشبكات أمان اجتماعي موسعة وجيدة التوجيه، وإصلاحات لتشجيع المنافسة، وبيئة تنظيمية سليمة في مصلحة الفقراء ويساعد على دعم النمو.
إلى متى سيظل التضخم في البلدان منخفضة الدخل منخفضا؟: هوى معدل التضخم في البلدان منخفضة الدخل إلى متوسط قدره 3% في منتصف عام 2019 من 25% في 1994. واشتملت العوامل المؤدية إلى هذا الهبوط على اتباع أنظمة أكثر مرونة لأسعار الصرف، واستقلال أكبر للبنوك المركزية، وانخفاض الديون الحكومية، وبيئة خارجية مواتية. بيد أن الحفاظ على مستويات متدنية ومستقرة للتضخم وسط الضغوط المتزايدة على المالية العامة، وخطر صدمات أسعار الصرف يتطلب أن يعمل واضعو السياسات على تدعيم أُطُر السياسات النقدية وقدرات البنوك المركزية، وإبدال ضوابط الأسعار بسياسات أكثر كفاءة.
الآفاق الإقليمية:
شرق آسيا والمحيط الهادئ: من المتوقع أنْ يتراجع معدل النمو في هذه المنطقة إلى 5.7% في 2020 فيما يُعزَى إلى تراجع طفيف آخر للنمو الاقتصادي في الصين إلى 5.9% هذا العام وسط استمرار الأوضاع المحلية والخارجية المناوئة، ومنها الآثار المتبقية للتوترات التجارية. وباستبعاد الصين، من المتوقع أن ينتعش معدل النمو الإقليمي قليلا إلى 4.9% مع استفادة الطلب المحلي من ظروف مالية داعمة بوجه عام في ظل انخفاض معدلات التضخم وقوة تدفقات رؤوس الأموال الوافدة في بعض البلدان (كمبوديا والفلبين وتايلند وفييتنام)، ومع بدء تشغيل مشروعات كبيرة عامة للبنية التحتية (الفلبين وتايلند). وسيستفيد النمو الإقليمي أيضا من انحسار حالة عدم اليقين التي تشوب السياسات التجارية العالمية، وانتعاش طفيف للتجارة العالمية مع أنه لا يزال ضعيفا.
أوروبا وآسيا الوسطى: من المتوقع أن يرتفع معدل النمو في المنطقة إلى 2.6% في 2020 على افتراض استقرار أسعار السلع الأولية الرئيسية والنمو في منطقة اليورو، والتعافي في تركيا (إلى 3%) وروسيا (إلى 1.6%). ومن المتوقع أن يتراجع معدل النمو في اقتصادات وسط أوروبا إلى 3.4% مع انحسار الدعم المقدم على صعيد المالية العامة، واستمرار الضغوط السكانية، أما البلدان الواقعة في آسيا الوسطى فمن المتوقع أن تشهد نموا بوتيرة قوية بفعل التقدم في تنفيذ إصلاحات هيكلية. وتشير التنبؤات إلى أن معدل النمو سيرتفع في بلدان غرب البلقان إلى 3.6% --مع أن آثار الزلازل المدمرة قد تؤثر على الآفاق الاقتصادية-- وقد يتراجع في جنوب القوقاز إلى 3.1%.
أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي: من المتوقع أن يرتفع معدل النمو الإقليمي إلى 1.8% في 2020 مع تحسن النمو في أكبر اقتصادات المنطقة وانتعاش الطلب المحلي على المستوى الإقليمي. في البرازيل، من المتوقع أن تدعم زيادة ثقة المستثمرين، مع التيسير التدريجي لشروط الإقراض وسوق العمل انتعاش النمو ليصل إلى 2%. ومن المحتمل أن يزداد معدل النمو في المكسيك إلى 1.2%، إذ يساهم انحسار حالة عدم اليقين بشأن السياسات في انتعاش الاستثمار، أمَّا في الأرجنتين فمن المتوقع أن ينكمش النمو بنسبة 1.3%. وفي كولومبيا، من المتوقع أن يساعد التقدم في تنفيذ مشروعات البنية التحتية على دعم انتعاش معدل النمو ليصل إلى 3.6%. ومن المتوقع أن يرتفع معدل النمو في أمريكا الوسطى إلى 3% بفضل تيسير شروط الائتمان في كوستاريكا والتعافي من النكسات في مشروعات البناء في بنما. ومن المتوقع أن يرتفع معدل النمو في منطقة البحر الكاريبي إلى 5.6%، وذلك في الغالب بفضل تطورات إنتاج النفط البحري في غيانا.
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: من المتوقع أن يرتفع معدل النمو في المنطقة إلى مستوى متواضع قدره 2.4% في 2020، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى انتعاش الاستثمار وتحسن مناخ الأعمال. وفي البلدان المصدرة للنفط، من المتوقع أن ينتعش معدل النمو إلى 2%. ويُتوقع أن تدعم استثمارات البنية التحتية وإصلاحات مناخ الأعمال معدل النمو في اقتصادات مجلس التعاون الخليجي ليصل إلى 2.2%. ومن المتوقع أن يستقر اقتصاد إيران بعد عام من الانكماش مع انحسار تأثير العقوبات الأمريكية، واستقرار إنتاج النفط وصادراته، أمَّا في الجزائر فمن المرتقب أن يرتفع معدل النمو إلى 1.9% مع انحسار حالة عدم اليقين بشأن السياسات وانتعاش معدلات الاستثمار. وتشير التنبؤات إلى أن معدل النمو في البلدان المستوردة للنفط سيرتفع إلى 4.4%. ومن المتوقع أن يرتفع معدل النمو في مصر إلى 5.8% في السنة المالية 2020 وذلك من جراء زيادة معدلات الاستثمار والاستهلاك الخاص.
جنوب آسيا: من المتوقع أن يرتفع معدل النمو في هذه المنطقة إلى 5.5% في 2020 على افتراض أن يشهد الطلب المحلي انتعاشا طفيفا، واستفادة النشاط الاقتصادي من اتباع سياسات توسعية في الهند وسري لانكا، وتحسن ثقة مؤسسات الأعمال، والدعم من استثمارات البنية التحتية في أفغانستان وبنغلاديش وباكستان. وفي الهند، التي من المتوقع أن يستمر فيها ضعف الائتمان من الشركات المالية غير المصرفية، قد ينخفض معدل النمو إلى 5% في السنة المالية 2019/2020 التي تنتهي في 31 مارس/آذار وأن ينتعش إلى 5.8% في السنة المالية التالية. وفي باكستان، من المتوقع أن يرتفع معدل النمو إلى 3% في السنة المالية التالية بعد أن يصل إلى القاع عند 2.4% في السنة المالية 2019/2020 التي تنتهي في 30 يونيو/حزيران. وفي بنغلاديش، من المتوقع أن يتراجع معدل النمو إلى 7.2% في السنة المالية 2019/2020 التي تنتهي في 30 يونيو/حزيران، وأن ينتعش قليلا إلى 7.3% في السنة التالية. وفي سري لانكا تشير التنبؤات إلى أن معدل النمو سيرتفع إلى 3.3%.
أفريقيا جنوب الصحراء: من المتوقع أن ينتعش معدل النمو في هذه المنطقة إلى 2.9% في 2020 على افتراض أن يؤدي تحسن ثقة المستثمرين في بعض الاقتصادات الكبيرة، وانحسار اختناقات الطاقة، وارتفاع إنتاج النفط إلى تعافي اقتصادات البلدان المصدرة للنفط، وأن يستمر نمو قوي في البلدان المصدرة للسلع الزراعية. وهذه التوقعات أقل مما أشارت إليه تنبؤات سابقة فيما يُعزى إلى ضعف الطلب من الشركاء التجاريين الرئيسيين، وانخفاض أسعار السلع الأولية، وتطورات محلية مناوئة في بعض البلدان. وفي دولة جنوب أفريقيا، من المتوقع أن ينتعش النمو قليلا إلى 0.9% على افتراض تسارع وتيرة أجندة الحكومة الجديدة للإصلاح، وانحسار حالة عدم اليقين التي تشوب السياسات، وانتعاش معدلات الاستثمار تدريجيا. وفي نيجيريا، من المتوقع أن يرتفع معدل النمو إلى 2.1%، إذ إن إطار الاقتصاد الكلي لا يدعم تحسن ثقة المستثمرين. ومن المرتقب أن تتسارع وتيرة النمو في أنغولا إلى 1.5% على افتراض أن تتيح الإصلاحات الجارية مزيدا من الاستقرار على صعيد الاقتصاد الكلي، وتؤدي إلى تحسن بيئة الأعمال، وتعزيز الاستثمارات الخاصة. وفي بلدان الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا، من المتوقع أن يستقر معدل النمو عند 6.4%. وفي كينيا من المتوقع أن يرتفع معدل النمو إلى 6%.