الأحد: 29/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

صدقي المقت رفض دخول دمشق بشروط إسرائيلية

نشر بتاريخ: 05/03/2020 ( آخر تحديث: 05/03/2020 الساعة: 19:56 )
صدقي المقت رفض دخول دمشق بشروط إسرائيلية
الكاتب: وليد الهودلي
صدقي المقت الملقب بعميد الاسرى السوريين في السجون الإسرائيلية، قضى في السجن سبع وعشرين سنة، ثم أعيد اعتقاله ليحكم احدى عشر سنة، وهو من عائلة مقاومة للاحتلال حيث اعتقل ابوه عدة مرات وسبقه للاعتقال اثنان من اخوته، عرض عليه بوساطة روسية الافراج ولكن وضعت دولة الاحتلال على ذلك شرطا وهو ان يكون الافراج الى دمشق لمدة عشرين سنة ثم يحق له ان يتقدم لسلطات الاحتلال بعد خمس سنوات كي يعود الى الجولان، رفض هذه الصفقة المشروطة إسرائيليا. بعد ذلك تم الافراج عنه دون قيد أو شرط الى مسقط رأسه مجدل شمس في الجولان.

في لقاء تكريمي له جرى في رام الله قال: رغم شوقي وعشقي لدمشق الى أني رفضت دخولها بشروط إسرائيلية، هذه الروح الوطنية العالية التي جسدها صدقي المقت إنما تدلّ على معدن هذه الشخصية الحرة الفذة، ونحن ندرك ماذا يعني ان تمضي في السجن احدى عشر سنة إضافة الى التي قضيتها من قبل سبع وعشرين، هذه ليست رحلة أو نزهة وانما هو السجن بسنواته الثقيلة، كل يوم فيه صخرة ثقيلة تتزحزح عن صدرك لتقول ومضى يوم. تصوّر نفسك وانت في بداية الاحدى عشر سنة ثم تأتيك هذه الفرصة، وانت أيضا تعلم أن هذه الفرص لا تأتيك كل يوم، إذا ضيّعتها قد لا تعود أبدا ولك تجربة سابقة في السبع وعشرين سنة التي قضيتها من قبل، ففرص الافراج في السجون لا تقف على بوابة السجن الواحدة تلو الأخرى.

لقد كان موقفا مبدئيا صلبا عصاميا ينطلق من قلب رجل غارق في حب وطنه ، صادق مع نفسه منتميا لوطن عظيم يستحق منه كل تضحية ممكنة ، رجل يضع نفسه بكل تطلعاتها وآمالها وأشواقها رخيصة أمام موقف مبدئي يأبى فيه أن يملي عليه الاحتلال شروطه.

بشفافية ومراجعة نقدية أقول نحن مثلا الاسرى الفلسطينيين وافقنا على شروط أملاها علينا الاحتلال أيام افراجات التسوية واتفاقية أوسلو، وقع كل من أُفرج عنه على ورقة تعهدات، وهنا أيضا لا بدّ وأن نسجل موقف الاسيرات اللواتي رفضن أيّ شرط ورفضن الافراج على دفعات وثبتن على موقفهن سنة كاملة وبعض الاسيرات كان بينها وبين ان تتنسم حريتها كلمة واحدة، أصررن على موقف ثابت اما جميعنا معا أو لا نريد افراجكم، وبالفعل تم الافراج عنهن جميعا.

صدقي المقت أعاد الينا هذه الروح العالية ذات المبدأ الثابت والموقف الصلب، كان بإمكانه أن يخرج الى دمشق ويُستقبل بطلا دون أن يزاود عليه أو يلومه أحد، ولكنها الروح الابيّة الحرّة التي لا تقبل الهوان أو الدنيّة، ترفض أن يضع هذا العدوّ على حريتها قيدا أو شرطا، فإما سجنا يكيد العدا أو حريّة تسرّ الصديق، وهذا ما تم بالفعل حرية أسرتنا بروحها العالية وأسرّتنا بروعة شخصية صاحبها الفريدة. وكان بذلك رسالة مدويّة لكل من يرضخ للشروط الإسرائيلية.