نشر بتاريخ: 06/03/2020 ( آخر تحديث: 06/03/2020 الساعة: 11:16 )
منذ ان تم انتخاب توفيق طوبي كمرشح عن الحزب الشيوعي الاسرائيلي راكاح عضوا في الكنيست الاسرائيلي في خمسينات القرن الماضي والنقاش الفلسطيني الفلسطيني خاصة ما بين الفلسطينيين في الاراضي المحتله عام 1948 محتدما حول صحة المشاركة في الانتخابات من عدمها ، منذ ذلك التاريخ جرت الكثير من المياه في النهر وتشكلت احزاب وكتل عربية كثيره ومثلت حضورا مختلفا في الكنيست الاسرائيلي، بل ان بعض الشخصيات العربية قد ترشحت في احزاب صهيونية متطرفة مثل الليكود والعمل هذا اذا نحينا جانبا حزب ميرتس اليساري.
لكن الحشد والابتعاد من قبل الناخب الفلسطيني عن اختيار الاحزاب اليهودية كان في تزايد واضح عبر السنوات الاخيره ( باستثناء بعض الجولات )، لكن بالمقابل كان الابتعاد وتجنب العملية الانتخابية ايضا واضحا سواءا كان ذلك عبر اللامبالاة واعتقاد الفلسطينيين في الداخل المحتل بعدم اهمية صوتهم ام رفض المشاركة بالمطلق في الانتخابات سواء بالترشح او الانتخاب لان ذلك حسب ما يعتقد البعض هو فقط للمساهمة في تجميل صورة دولة الاحتلال وبان اسرائيل تريد من الفلسطينيين ان يكونوا كما شاهد الزور.
بعد احكام دولة الاحتلال السيطرة على الاراضي الفلسطينية في عام 1948 اعلنت دولة الاحتلال الحكم العسكري على الفلسطينيين الذي تبقوا في الداخل واستمر الامر حتى العام 1966 وبالتالي فان حالة الترهيب وعدم الاعتراف بالفلسطينيين وبكيانيتهم لم تتم قانونيا الا بعد ذلك وهذا ما أخر في اعتقادي نضوج العمل الحزبي وقرار المشاركة في الحياة السياسية، بغض النظر عن كل الارهاصات والخلافات التي سادت بين فلسطيني الداخل حول المشاركة في العملية السياسية الانتخابية ،الا ان الامور خلال العشرة سنوات الاخيره بدأت تأخذ مناحي مختلفة من حيث التكون الحزبي والكتل الانتخابية. وقد بدأت فئات جديده بقبول الدخول والمشاركة في العملية الانتخابية بما فيها بعض مكونات الحركة الاسلامية.
عبر استعراض سريع للحضور الفلسطيني في الانتخابات الاسرائيليه على مدى السبع سنوات الماضية يلاحظ ما يلي:
عام 2013 كان الاعضاء العرب ومن ممثلي الاحزاب العربية الفلسطينية في الكنيست 11 عضوا، وترواحت نسبة المشاركة العربية باقل من 40%.
عام 2015 قفز الحضور العربي في الكنيست الى 13 عضو وارتفعت نسبة التصويت الى ما يقارب 70% وللعلم فقد كانت قد تشكلت القائمة العربية الموحدة، حيث حازت على 90% من اصوات الناخبين الفلسطينيين.
انتخابات شهر نيسان 2019 شارك الفلسطينيين في الانتخابات عبر كتلتين مختلفتين هما الجبهة الديمقراطيه للسلام والمساواة متحالفة مع الحركة العربية للتغيير، واما الكتلة الثانية فكانت تحالفا ما بين القائمة العربية الموحدة والتجمع الوطني الديمقراطي وكانت النتيجة 10 مقاعد فقط وبنسبة مشاركة بحدود 50% من فلسطيني 1948.
انتخابات شهر ايلول 2019 تمت العودة للقائمة المشتركة وقفز الحضور العربي في الكنيست الى 13 عضوا ونسبة مشاركة من قبل فلسطيني الداخل الى ما يقارب 60 بالمئة ونسبة تصويت للقائمة الى ما يقارب 80%
الجولة الانتخابية الاخيره شهر اذار 2020 ارتفع الحضور العربي في الكنيست الى رقم غير مسبوق 15 عضوا ونسبة مشاركة الى ما يقارب 70% ونسبة تصويت للقائمة المشتركة المدن والتجمعات الفلسطينية في الداخل بحدود 90%
من الواضح ان هنالك الكثير من العوامل التي لعبت ادوارا مختلفة ومؤثره من حيث الحضور الفلسطيني والمشاركة في الانتخابات الاسرائيلية خاصة خلال الثلاث جولات الاخيره والتي انتهت الاثنتين الاوليتين منها بالالغاء بسب عدم تمكن اي من كتلتي اليمين الاسرائيلي الحصول على العدد المطلوب لتشكيل الحكومة والحصول على اغلبية 61 عضوا من مجموع 120 عضوا لاعضاء الكنيست الاسرائيلي، لكن ابرز هذه العوامل والذي يمكن قراءته بسهولة من مجموع الارقام والنسب اعلاه هو ان فلسطنيي الداخل وعندما خاضوا الانتخابات بكتله واحدة مشتركة ارتفعت نسبة التصويت وازداد عدد المقاعد التي يتم الحصول عليها.
لكن العدد ارتفع من 13 الى 15 مابين الجولة الانتخابية في ايلول 2019 حتى اذار 2020، هذا الارتفاع الذي لم يسجل مسبقا لدى الجمهور العربي يشير الى ان عوامل ومؤثرات اخرى ساهمت بشكل او باخر في حالة التحشيد العربي وحجم المشاركه في الانتخابات الاسرائيلية :
قانون الدولة اليهودية والذي أكد للجمهور الفلسطيني انهم امام مجموعه من الاحزاب الصهيونية التي تعتبر الوجود الفلسطيني عابرا وليس اصيلا ويتعامل مع فلسطيني الداخل كانهم مواطنيين من الدرجة العاشرة، وقد قرأ الكثير من الفلسطينيين هذا القانون العنصري بانه مقدمه للانقضاض عليهم ومحاولة محاصرتهم اكثر.
كلاهما بنيامين نتنياهو وافيغدور ليبرمان مارسا عمليات تحريض متواصله ضد فلسطيني الداخل وضد اعضاء الكنيست الفلسطينيين، ومن اشهر عبارات التحريض التي قالها افيغدور ليبرمان ومن على منصة الكنيست قال لاعضاء الكنيست الفلسطينيين "انتم موجودون هنا بالخطأ وسيصل الوقت الذي لن يبقى لكم وجود هنا" كما انه قال في موقع اخر ان " كل نواب القائمة المشتركة مجرموا حرب ... واعضاء القائمة المشتركة يستغلون امتيازات الدولة الديمقراطية من اجل تدميرها من الداخل"، اما بنياميين نتناهيو فقد مارس التحريض ضد فلسطيني الداخل اكثر من مرة محاولا استخدام ورقة التحريض من اجل جذب الناخبين اليهود اليه، حتى ان ادارة الفيسبوك اوقفت صفحتة لفتره قصيره بعد ان اورد عبارته التحريضية الفاشية الابرز " العرب يريدون ابادتنا جميعا، نساءا واطفالا ورجالا".
اما صفقة القرن والتي تم الاعلان عنها قبيل الجولة الاخيره من الانتخابات الاسرائيلية فهي ايضا القت بظلالها وارتداداتها على الجمهور الفلسطيني في الداخل، فالمقترح الذي يقول باخراج ما يقارب 350 الف من سكان قرى المثلث الفلسطيني من داخل حدود دولة الاحتلال والحاقها بالدولة الفلسطينية ضمن عميلة تبادل اراضي وسكاني كما تفيد صفقة القرن، لا شك ساهم باستنهاض وتحفيز جزءا كبيرا من فلسطيني الداخل للدفاع عن هويتهم وحقوقهم وكانهم يريدون القول اننا لسنا سلعة بيد نتنياهو او ترامب.
خلاصة القول تفيد بان فلسطيني الداخل المحتل قادرين على التعبير عن هويتهم وانهم ليسوا وجودا طارئا وانهم اهل البلاد الاصلانيين، اضافة الى انهم يمتلكون القدره على تجميع انفسهم وخلق ضغط وتشويش في الحياة السياسية الاسرائيلية، واظهار حقيقة اسرائيل كدولة عنصرية.