نشر بتاريخ: 07/03/2020 ( آخر تحديث: 07/03/2020 الساعة: 15:58 )
استوّقفتني الأنباء الواردة تباعا والمتضاربة أحيانا والغامضة حينا حول إعتقال "قوّات حرس البلاط الملكي" السعودي للأمير أحمد بن عبد العزيز، شقيق الملك سلمان، وللأمير محمد بن نايف، ابن شقيق الملك، ولي العهد السابق ووزير الداخلية السابق. ويبدو أنه قد تم إعتقال ايضا الأمير عبد العزيز بن سعود، وزير الداخلية الحالي، وأصغر وزير شغل هذا المنصب. الى جانب الأمير نوّاف بن نايف، شقيق الأمير محمد بن نايف، "على البيعة وزيادة البيّاع"!!!
ويبدو أن هذا الإستهداف، إن صح حدوثه بالطبع، قد جاء "لخلع" جذرين هامين حاليين من جذور العائلة المالكة السعودية، آل سعود، التي تحكم نجد والحجاز منذ قرن، حيث كانت قد أرست جذورها الاولى في "مملكة نجد" التي إستولى عليها "مقاتلو" آل سعود بزعامة المؤسس الامير الملك عبد العزيز آل سعود.
الجذرين الهامين المقصودين هما جذري ولدي الملك عبد العزيز آل سعود وهما: إبنه الصغير أحمد بن عبد العزيز وأولاد واحفاد الامير المرحوم نايف بن عبد العزيز، الذي أنحصرت فيه وفي ذرّيته "مملكة" وزارة الداخلية السعودية بكل ما تحوي وتحتوي.
حامل الفأس وخيّال المهرة الاصيلة هو الامير الشاب الموهوب محمد بن سلمان، ابن الملك وولي العهد والذي يضع مقدّرات وامكانيات السعودية الإقتصادية والمالية في جيب بنطاله. ويبدو ان "عملية" تحوّله من ولي العهد الى "خادم الحرمين الشريفين" قد أزفت وحان قطافها واصبحت قاب قوسين أو أدنى وعلى مرمى "خبط العصا"، لذلك يبدو انه يقوم بإزالة كل "العقبات" من أمام السجاد الاحمر أو الاخضر الذي سيفرش له قريبا.
إذن الأمر لا يعدو ان يكون لا اكثر ولا اقل من " عمليّة تنظيف"، يُنظّف الطريق الوردي من عمّه أحمد ومن محمد ونواف ابناء عمه المرحوم نايف. "والنظافة من الإيمان".
جدير بالذكر أن الأمير أحمد بن عبد العزيز، شقيق الملك سلمان، البالغ من العمر 78 عاما مديدا، كان يعيش "بأمان الله" في لندن، في "منفاه الإختياري" لانه يحمل في جعبته "بعض الأفكار المعارضة" "للإصلاحات" الجارية بصورة حثيثة في بلده الأصلي، وكان "لا يتدخّل" إلّا بالحسنى في "شؤون المملكة الداخلية" وخاصة بعد صعود نجم الشاب الأمير محمد بن سلمان، بعد ان اصبح والده خادما للحرمين الشريفين.
ولكن وبعد "عملية تشقيف" الصحفي السعودي جمال الخاشقجي، "بالمنشار الخشبي" في قنصلية المملكة في إسطنبول، والضجة الإعلامية الشرسة بعدها على السعودية ونظام الحكم فيها تمّ إقناع الأمير الطيب دمث الاخلاق أحمد بن عبد العزيز بضرورة العودة للسعودة "للملمة" الوضع ولكي تظهر العائلة الحاكمة في ابهى تجلّياتها وصورها وهيبتها وخاصة أيضا بعد عملية "أستضافة وإحتجاز" عشرات الامراء والوزراء والشخصيات ورجال الاعمال في فندق "ريتز كارلتون" في الرياض، على راسهم الامير الوليد بن طلال، حتى "يُرجعوا" الأموال التي "نهبوها" من "بيت مال المسلمين"، خزينة المملكة، وغيرها من مواطن ومواقع "جرف" الأموال وتعبئة شوالات "ابو حز أحمر"، هنيئا مريئا، والتجارة شطارة.
رجع الأمير أحمد بن عبد العزيز من لندن الى الرياض "بضمانات أمريكية وبريطانية" تضمن إحترامه وموقعه العائلي والادبي و"السياسي"، وتضمن سلامته وحريّة حركته وتحرّكاته. ولكن يبدو أن هذه الضمانات كانت "قصيرة الأجل" ولم تصمد أمام "الظروف الجديدة"، وأن "حسابات البيدر لم تتطابق مع حسابات البذار"، وأن ألامير خيّال المهرة يُطبّق خطة يسير عليها ويناصره فيها ترامب وبريطانيا، وهذا هو "الطريق الفعلي الذي يسير عليه القطار"، وما دون ذلك لا يعدو أن يكون أحلاما في وضح النهار!!!
عبد الفتّاح البرهان، حاكم السودان الجديد بعد حكم المشير الغابر، "يتنصّل" من عروبته ويتنصّل من الثورة الشعبية التي أوصلته الى "مخدع" الرئاسة، ويعمل على تغيير لون بشرته على نمط مايكل جاكسون، ويجري وراء البشرة البيضاء والعيون الزرق، نتنياهو وترامب، "يعتقد" ويا للعجب!!! بأنهم سيبدّلون له جلده الى جلد إسكندنافي صافي، لكنه لا يُدرك بأنهما "سيسلخان" جلده ويتركانه "عاريا" في دلتا إلتقاء النيلين الابيض والازرق في أم درمان. وأن اوّل تجلّيات هذا "العري" الطوعي القسري هو مناصرة البرهان للحبشة إثيوبيا ضد شركائه في وادي النيل أبناء قوميّته المصريين، بخصوص سد النهضة الاثيوبي وحجز مياه النيل عن ارض الكنانة.
أمّا إسرائيل فترفل حقّا بالديمقراطية، ديمقراطية لليهود وليس لكل "مواطنيها" ولا للشعب الفلسطيني الذي تحتلّه بالحديد والنار. ولكن للإسرائيليين نعم توجد ديمقراطية غربية تجلّت في ثلاث جولات من الإنتخابات البرلمانية خلال عام واحد. ومع أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو متّهم حتى اللحظة بعدّة تهم جنائية ولكن طالما أنه غير مُدان فله الحق أن يترشّح وأن ينتخب وأن يبقى على قمة هرم الحكم في إسرائيل حتى يأتي ما يُغيّر ذلك.
وأنّه، وتحت بند المُتّهم، قد حاز في هذه الإنتخابات الاخيرة على عدد أكبر لحزبه الليكود من الإنتخابات السابقة، حيث حصل على 36 مقعدا في الكنيست في حين حصل منافسه الرئيس حزب أزلاق ابيض على 32 مقعدا فقط.
ليس من المؤكّد ولا المؤمّل أن يستطيع نتنياهو من تشكيل الحكومة وحصوله على 61 مقعدا فما فوق في الكنيست، وعلى توافق وانسجام مع الأحزاب اليمينية التي تُناصره، لكن لعبة الديمقراطية بساحتها الفسيحة يا سادة يا كرام تُمارس بكل أريحيّة وحريّة وإقتدار. ولا حاجة فيها لتبديل جلود ولا لإستخدام مناشير ولا لضمانات ونقض ضمانات. نعم يكون هناك "صراع" ومعركة محتدمة في الإنتخابات بين الاحزاب وبين رؤساء الكتل ولكن على اساس إحترام القانون والاسس الديمقراطية التي تُسيّر المجتمع وأحزابه وقياداته.
وفي هذا الإطار الإنتخابي الديمقراطي تجلّى الدور الهام لفلسطينيي 48 الذين إنضوا تحت راية القائمة المشتركة وحصلوا هلى 15 مقعدا في الكنيست ليشكّوا ثالث أكبر قوية نيابية في برلمان إسرائيل وربما ستكون القائمة المشتركة الصخرة التي ستتحطّم عليها آمال وأحلام نتنياهو ووجوده السياسي برمّته.