نشر بتاريخ: 08/03/2020 ( آخر تحديث: 08/03/2020 الساعة: 14:50 )
تقاس الأمم بسلوكها في الأزمات، وفي تاريخ شعبنا الفلسطيني نماذج رائعة، لروح التكافل والتضامن التي تجلت أيام الأزمات العاصفة، ولعل أبرز هذه النماذج وأكثرها وضوحا، سلوك الشعب الفلسطيني أيام الإنتفاضة الشعبية الأولى، وخاصة في سنواتها الأولى، عندما تحول المجتمع الفلسطيني إلى نسيج متكامل ومتلاحم، ومتكافل، في مواجهة قمع الاحتلال.
وعاشت فلسطين خلال الأيام القليلة الماضية أزمتين جديدتين، أولهما الحريق الذي اندلع في مخيم النصيرات وأودى بحياة عشرة شهداء، وأصاب كثيرين بحروق بالغة يحتاجون إلى أشهر وربما سنوات طويلة لعلاجها، ورأينا فور وقوع الحادث استجابات متتالية تعبر عن التكاتف مع العائلات المنكوبة، و هو مايجب أن يستمر بالتوازي مع اتخاذ إجراءات وقاية جدية حتى لا تتكرر المأساة .
والثانية، كانت إكتشاف ست عشرة إصابة بفيروس كورونا المستجد في منطقة بيت لحم، نتيجة الإحتكاك بسواح بونانيين زاروا المنطقة.
ولا يُستبعد بالطبع أن تظهر حالات جديدة من الإصابات بالفيروس في محافظات أخرى، فذلك يحدث في كل بلدان العالم دون إستثناء، وما يجري عندنا أقل بكثير مما يجري في كثير من البلدان.
أول شروط الإستجابة الصحية لذلك، هي عدم الإصابة بالهلع أو المبالغة في التعامل مع المخاطر، دون إهمال سبل الوقاية المعروفة والتي يجب إطلاع الجميع عليها، وتوعيتهم بشأنها.
والتعامل الهادىء مع الأزمة، يجب أن يترافق مع التعاطف والإسناد لمن أصيبوا بالمرض، أو من طُلب منهم لأغراض الوقاية والحد من إنتشاره أن يخضعوا للحجر الصحي، في بيوتهم أو في أماكن الحجر الصحية.
والإسناد يتطلب كذلك التفهم والتعاطف مع الفرق الطبية التي من واجبها ان تكون في الخندق الأمامي لمواجهة المرض، وبسلوكها المتفاني يمكن ان تقدم نموذجا للمجتمع بأسره.
ولا بد من تذكر أن البطولة، والتفاني، من أجل الآخرين لها وجوه عديدة، من الكفاح ضد الظلم والاحتلال، إلى الكفاح ضد الأمراض والأوبئة دفاعا عن صحة وحياة شعب بأكمله.
ونحن متأكدون أننا سنتجاوز أزمة الكورونا، وكلما كان سلوكنا هادئا، ومتكاملا، ومتسما ليس فقط بحرص الإنسان على نفسه، وعائلته، بل وعلى الآخرين أيضا، كلما إستطعنا أن نتجاوز هذا المرض وآثاره بسرعة.
ملاحظتان أخيرتان بشأن حادثتين مؤسفتين، وقعتا،وأصابتنا بصدمة شديدة.
الأولى حادثة الإعتداء على مواطنتين يابانيتين، والثانية الجريمة البشعة والمستهجنة بالإعتداء الوحشي بالإغتصاب على مواطنة بولندية جاءت لزيارة فلسطين.
كلا الحادثتين تنمان عن سلوك عنصري كريه، وهو أمر لا يليق بأفراد شعب يخوض نضالا ضد أشد نظام عنصري في عصرنا، والحادثة الثانية تنم عن سلوك إجرامي متوحش، يمس قيمنا، وأخلاقنا، وعاداتنا، وديننا، وكل مبادئ إحترام كرامة وحقوق المرأة والنساء.
ولا يجب التراخي، أو التهاون في إيقاع اشد العقوبات بمن إرتكبوا هذه الجريمة النكراء، إذ أنهم أسائوا ليس فقط للضحية، بل ولعائلاتهم، ولشعبهم بكامله.
وتحية لكل أولئك الجنود المجهولين، الذين يتصدون اليوم لمهامهم ببسالة، مدافعين عن قيم شعبنا، وعن صحة ابنائه وبناته، وأطفاله، دون إنتظار شكر من أحد.