نشر بتاريخ: 11/03/2020 ( آخر تحديث: 11/03/2020 الساعة: 17:46 )
الكاتب: محمد قديح في ظل الظروف التي يعيشها العالم والشعوب الإنسانية، بسبب تفشي فيروس كورنا (إن فيروسات كورونا هي زمرة واسعة من الفيروسات تشمل فيروسات يمكن أن تتسبب في مجموعة من الاعتلالات في البشر، تتراوح ما بين نزلة البرد العادية وبين المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة)، هذه الحالة الوبائية التي تسبب الألم في حالات كثيرة والموت أحيانا. أضحى من الضروري التحدث في الأمن الصحي لمواجهة هذا الوباء.
حيث يقصد بالأمن الصحي اتخاذ كافة الإجراءات التي من شانها المحافظة على الصحة العامة والذي هو أحد المهام الرئيسة للإدارة العامة، ويربط البعض موضوع الأمن الصحي بالأمن الإنساني. وفي وقت حدوث الازمات كأزمة تفشي فيروس كورنا فالدولة تتخذ القرارات دون تردد لحماية أمنها الداخلي، بما فيها الأمن الصحي، دون مجاملة للدول (في الأزمات لا المجاملة للدولة مطلوبة ولا مجاملة الناس مطلوبة).
وفي دولة فلسطين المحتلة واجهت المؤسسات الرسمية وباء كورونا، باحترافية عالية، رغم تواضع الإمكانيات، حيث تعاملت مع الأزمة التي تطوف العالم بواقعية، وفق إجراءات احترازية واستباقية، وتعاملت بشكل واضح في نشر المعلومات أمام الجمهور. حيث ومنذ الساعات الأولى التي أكدت فيه وزارة الصحة الفلسطينية بتاريخ 5 مارس 2020 تسجيلها سبع حالات مصابة بفيروس كرونا في أحد فنادق بيت جالا بمحافظة بيت لحم، بعد اختلاط فلسطينيين بوفد يوناني زار فندق "أنجل"، وتبين إصابة بعض أفراده بالفيروس، بعد عودتهم إلى بلدهم. ومساء يوم 5 مارس سارع الرئيس الفلسطيني ابو مازن، باتخاذ إجراء عاجل لحماية الأمن الصحي حيث أصدر مرسوما رئاسيا، بإعلان حالة الطوارئ في جميع الأراضي الفلسطينية ولمدة شهر، وذلك استنادا للنظام الأساس لمنظمة التحرير الفلسطينية وللقانون الأساسي المعدل لسنة 2003.
القى رئيس الوزراء د. محمد شتيه المرسوم الرئاسي والذي أعلن عن البدء بإجراءات تنفيذ حالة الطوارئ واتخاذ سلسلة إجراءات احترازية لحماية الأمن الصحي لجميع المواطنين وبما فيهم أيضا السياح ضيوف فلسطين، وانشاء خلية ازمة من الوزارات ذات الاختصاص والاجهزة الامنية و(تعطيل المدارس والجامعات اغلاق المقاهي والحدائق العامة)، والتنسيق مع دول الجوار لتبادل المعلومات الصحية.
ومن خلال الذراع الدبلوماسية الفلسطينية أصدر وزير الخارجية د. رياض المالكي تعميما لجميع السفارات والبعثات والقنصليات الفلسطينية حول العالم للاطمئنان على سلامة جالياتنا وابنائنا الطلبة والعاملين في سفاراتنا وشدد على ضرورة اخذ الحذر والالتزام بالتعليمات الصحية الصادرة عن الدول المضيفة وأجهزتها المختصة، وأهمية التواصل مع ابناء الجاليات الفلسطينية للاطمئنان على سلامتهم وصحتهم. كل تلك الإجراءات الرسمية الفلسطينية اتخذت على مستوى عالي من المسؤولية بهدف حماية الأمن الصحي الوطني الفلسطيني. ولا يمكن تجاهل التكاتف الشعبي الفلسطيني بتحمل المسؤولية والالتفات حول جميع الاجراءات التي اتخذتها الدوائر الرسمية في فلسطين في صورة تعطي نموذجا رائعا للالتفاف الرسمي والشعبي.
وبالرجوع لفيروس كورنا فقد حذر بيل غيتس مؤسس شركة ميكروسفت، قبل سنوات أن العالم يعرض نفسه للخطر لتجاهله بين الامن الصحي والأمن العالمي وتطوير الفيروسات القاتلة لاستخدامها في هجمات واغراض ارهابية، منبها الى ضرورة القضاء على وباء ايبولا الذي انتشر في دولة غرب افريقيا خلال عامي 2014-2015، حيث أشار بيل غيتس الى امكانية تطوير الفيروس واستعماله في نطاق ارهابي. خبراء الأوبئة في ذلك الوقت ذكروا ان هناك فيروسا ان ظهر بشكل طبيعي، او بايدي ارهابية، فإنه سينتشر في الجو بسرعة، ويمكن ان يحصد ارواح عدد من البشر، ومن المرجح أن يشهد العالم منذ هذا الفيروس خلال السنوات العشر أو الخمسة عشر المقبلة، وقد يسبب الوباء خسائر تقدر بـ 570 مليار دولار.
إن فاشيات المرض هي أفضل برهان على الحاجة الماسة إلى وجود حارس للصحة. وكانت العبر المستخلصة من فاشية الإيبولا التي شهدها غرب أفريقيا في عام 2014 حافزاً على إنشاء برنامج جديد للمنظمة يُعنى بالطوارئ الصحية، ليُمكّن من حشد استجابة أسرع وأشد فعالية للفاشيات والطوارئ. وتساعد المنظمة البلدان على تنفيذ اللوائح الصحية الدولية وتوجّه التعاون في مجال البحث والتطوير لاستحداث لقاحات وعلاجات جديدة للأمراض التي قد تسبب أوبئة. وقد تحسّنت الاستجابة لفاشيات مرض زيكا والحمى الصفراء التي حدثت لاحقاً، ولكن يلزم النهوض بمزيد من العمل لضمان تأهب العالم على نحو أفضل لمواجهة الأوبئة في المستقبل.
باعتقادي على المجتمع الدولي أن يستعد لمواجهة انتشار أي وباء بالجدية نفسها التي يستعد بها لمجابهة أي هجوم نووي.
نتمنى السلامة الصحية لجميع البشر.