نشر بتاريخ: 22/03/2020 ( آخر تحديث: 22/03/2020 الساعة: 18:21 )
اسرائيل تحاول دوماً الخداع وقنص الفرص، وقد نقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن مصادر طبية أنّه من المتوقع أن يعلن معهد إسرائيل للبحث البيولوجي خلال الأيّام المقبلة عن إتمام مراحل تطوير لقاح لفيروس كورونا. وتداول اسرائيل عبر بعض مواقع التواصل الإجتماعي وبأساليب متعددة، بأنها طورت "علاج" لقاح لفيروس كورونا COVID-19. وبذلك تسعى إلى بث رسائل سياسية-دعائية بإمتياز، رسائل كاذبة أكثر ما هي حقيقة انسانية، محاولة مجاراة دول عظمى قد أجرت تجارب ايجابية.
صراع واضح لإحتكار السوق، حتى أن بعض هذه الدول تعلن الهجوم بالتوصل إلى اللقاح، مثل فرنسا وألمانيا واستراليا وكندا والولايات المتحدة الأمريكية، رغم أنها تغرَق بالوباء أكثر من غيرها، وحيث تكشّف عدم جاهزية النظام الصحي وإجراءات الوقاية فيها.
عملية تطوير اللقاح قد تحتاج إلى شهور وربما سنوات حتى يثق به، وفيروس كورونا هو وباء عالمي سريع الإنتشار والتأثير على صحة الآنسان دون تمييز، وضع العالم في حالة حرب رغم الآجراءات الإحترازية وتسخير كل أدوات المواجهة، وباء خطير ما من أحد بمأمن من الإصابة به. غير أن حصر توزيع اللقاح بدولة معينة كما يشاع مثل الولايات المتحدة التي يعمل رئيسها ترامب بالضغط على جهات بحثية ألمانية ومحاولة جذب شركة CureVac الألمانية للإستحواذ على ما توصلت إليه من لقاح لإحتكاره، مثلما تم ارغام شركة باير الألمانية مصنعة الأسبرين للتخلي عنه في امريكا وفرنسا وبريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى. انهم يريدون اللقاح حصرياُ لبلادهم، والإهتمام به لغايات سياسية-دعائية ولجمع المال، وليكون سلاح بيدهم، حتى أنهم يحاولون اعاقة بعض الدول من اكتشاف لقاح معالج للفيروس.
مما يعني حتماً تأخر وصوله إلى بقية أنحاء العالم الذي تبين أنه ضعيفاً، وهذا ما ينذر بأنه قد تطال الموجة الثانية من فيروس كورونا وبقوة الدول النامية والمستعمَرة، للهيمنة على خيراتها ومواردها الطبيعية وأموالها. انه عالم الأقوياء الظالم، عالم استغلالي تسوده شريعة الغاب، قادة يلعثون وراء الأرباح والسلطة فقط. قادة أفسدوا السياسة، ويعملون على إفساد الصحة، حيث يستند هؤلاء السياسيون إلى أطباء وباحثين ومراكز بحثية، وتوظيف ذلك لأغراض سياسية اقتصادية.
يلجأؤون بقصد أو بدون قصد إلى المبالغات التي من شأنها ترويع العالم، مثل تصريح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأن 60-70% من الألمان سيصابون بالفيروس، وتصريح رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون بأننا سوف نفقد أحباء كثر، وتحذير وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس من أن إسرائيل على وشك فقدان السيطرة على تفشي فيروس كورونا المستجد. ولولا نجاح الصين وسنغافورة وكوريا الجنوبية في مكافحة فيروس كورونا، والتي أعطت الأولوية لحياة البشر لانطلى التهويل بتفشي الوباء، ولصدقنا هؤلاء دعاة بث الذعر والهلع في العالم. يقومون بالترويع للتغطية على عيوبهم وتقصيرهم، وإعطائهم الأولوية للاقتصاد والسياسة، بعيداُ عن الإهتمام بالحياة البشرية.
ورغم أن زلزال عاصفة كورونا الذي هزّ العالم وأولها الدول التي تعدّ نفسها متقدمة، وأوقع فيها خسائر فادحة يصعب تقديرها حيث تعدت الترليونات، لا أعتقد أن النظام العالمي سوف يتغير إلى نظام عادل قريباً، عالم جديد يحتكم إلى قيادة تعمل بأخلاق لمصلحة البشرية والقيم الإنسانية. وكلنا يعلم أن لا أخلاق في السياسة، فالساسة في واشنطن رغم الوباء الذي هزّ كيانهم، ما زالوا يشددون الحصار على ايران بدون رحمة ولا قيم إنسانية، مما يتسبب بالكثير من الضحايا، وزيادة انتشاره فيها وفي المنطقة كلها، وعرقلة وقاية الناس الأبرياء وعلاجهم. الولايات المتحدة الأمريكية مطالبة اليوم احترام قرارات وميثاق هيئة الأمم المتحدة، وبوقف دعمها اللامحدود لدولة الإحتلال، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وسحب "صفقة القرن"، ودعم الشعوب المظلومة، وأولها نيل الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.
النظام العالمي بحاجة ماسة إلى إعادة بناء عالم متعدد الأقطاب يقوم على أسس أكثر عدلاً وإنسانية، تحكمه المواثيق الدولية والقيم الأخلاقية، ويجسّد حقوق الإنسان فعلاً لا قولاً، بالتوازي مع مصالح الدول على أسس المنظومة القانونية العالمية التي أقرتها الأمم المتحدة، لإنقاذ الشعوب والأجيال القادمة من الحروب والكوارث، وانهاء كل احتلال عسكري، ولتحقيق معايير أفضل للحياة على كوكب الأرض. وهذا ما هو مطلوب من الولايات المتحدة الأمريكية، التي فشلت في حماية شعبها والعالم من وباء كورونا، وفشلت في حماية العالم من الأزمات الاقتصادية والمالية، ومن النزاعات المسلحة والتطرف والعنصرية والعنف. أمريكا كفاها غطرسة وتأجيج للأزمات كي تبقى الأقوى اقتصادياً وسياسياً، فقد تناما الكره لها والعداء، لما تقوم به من فظائع واحتكارات ومؤامرات بحق البشرية.
العالم وفي ضوء ما يجري حالياً، ينتظر تحرك التنين الأصفر الصين في هذا السياق، الصين مطالبة بتحمل مسؤوليتها في قيادة العالم، عالم جديد متعدد القطبية، وعلى الدول الغنية أن تبدأ فوراً بمساعدة الدول النامية والفقيرة، حفاظاً على البشرية جمعاء ولتقليل الخسائر، فالأوبئة لا تعرف الحدود وأصبحت تظهر كل بضعة سنوات، وفيروس كورونا ينتشر سريعاً، ويهدد الجميع دون استثناء، وسيعاود الهجوم مرة أخرى، خصوصاً وقد تظهر منه أجيال جديدة وفيروسات أقوى وأكثر فتكًا بالناس إذا لم يتعاون العالم كله لهزيمة الوباء ومنعه من مواصلة الانتشار.
دول العالم مطالبة أيضاً بالعمل سوياً لمواجهة الانهيار الاقتصادي والمالي المقبل جراء العزل، الذي يتوقع أن يستمر طويلاً. الدول الكبرى مطالبة بوقف الحروب، واعطاء الشعوب المظلومة حقوقها. والواقع المعاش حالياً ما هو سوى ناقوس يقرع بأنكم ليسوا في مأمن، لا للظلم والقتل والدمار، فالخطر قد دخل بيوتكم ويحاصركم. وغزة التي تحاصرونها منذ 14 عاماً تدعوا الله سبحانه بأن يرفع الوباء والغمة عن شعوبكم والإنسانية جمعاء، بعيداً عن لغة التشفي أو إدعاء العقاب الإلهي.
* رئيس مركز الوطن للثقافة والإعلام
* رئيس الجمعية التعاونية للتسويق والتصنيع الزراعي في محافظة الخليل