قناص "عيون الحرامية" يتذكر وقائع العملية التي اذهلت الامن الاسرائيلي قبل 6 سنوات
نشر بتاريخ: 02/04/2008 ( آخر تحديث: 02/04/2008 الساعة: 10:54 )
بيت لحم- معا- في الذكرى السادسة لعملية عيون الحرامية يتحدث منفذها الوحيد الأسير ثائر حماد عن العملية وتنفيذها وحياته في السجون الاسرائيلية.
ثائر حماد من سلواد قرب رام الله، ثار لوحده على الاحتلال وجنوده في عملية وصفت بالتاريخية بتاريخ 2/3/2002 وقتل وجرح العديد منهم. ثائر حماد يتحدث من سجن رامون في النقب للأعلام وهذا نص المقابلة:-
س1: ماذا يذكر ثائر حماد عن العملية التي قام بها قبل ست سنوات؟
ج1: لقد مر على هذه العملية ست سنوات حيث جرت في 2/3/2002، حينها خرجت من المنزل بعد أن أديت صلاة الفجر وكنت قد جهزت نفسي بعد مراقبة للموقع العسكري الاسرائيلي استمرت اربعة ايام وعرفت تبديل المناوبة والأوقات الى حد كبير خاصة أن حاجز عيون الحرامية يقع في أراضي سلواد وكنت في تلك الليلة قد حسمت الأمر والقرار أن يكون التنفيذ في اليوم التالي وقمت مبكراً استيقظت فجراً وبعد الصلاة أخذت معي بندقية من نوع M1 وثلاثة مخازن وأربعين رصاصة كنت اشتريتها على نفقتي الخاصة، البندقية و300 رصاصة علماً أن كل مخزن يتسع لـ 8 طلقات، وقد خرجت من القرية مشياً على الأقدام حوالي الساعة السادسة صباحاً وذهبت الى الجبل المقابل للحاجز العسكري وعلى بعد 60 -70 م أخترت شجرة زيتون مع جذع عريض وكبير واحتميت بها ونصبت البندقية، وبدأت أطلق النار طلقة طلقة وكان أول ما أطلقت النار على جندي جاء في جيب عسكري من جهة نابلس وأصابته كانت قاتلة ثم كان هناك جنديان على الحاجز اطلقت عليهما النار وقتلا على الفور وخرج من المبنى الصغير قرب الحاجز ثلاثة جنود واطلقت عليهم النار ولم يعرف أحد أصلاً جهة أطلاق النار، ثم جاءت سيارة مستوطنين ووقفوا على الحاجز وأطلقت النار عليهم قبل أن يدركوا مصدر الرصاص، ثم جاءت سيارة عسكرية وبدأوا مباشرة بإطلاق النار على موقعي وأصبت منهم أثنين حيث وصل مجموع القتلى الى 11 قتيلاً وأكثر من عشرة جرحى بإصابات بالغة ولم يزد ما أطلقته عن 24 رصاصة أصابت جميعاً ثم أنفجرت البندقية في هذه الأثناء وحاولت أصلاحها فتفتت بين يدي وجرى ذلك أثناء اطلاق النار ومجيء عدد آخر من السيارات العسكرية فقررت الانسحاب أثناء أطلاق النار والغريب أنهم لم يجرؤوا على الملاحقة وكانوا في حالة من الذهول والذعر ولم يجرؤوا على الأقتراب من الجرحى لفترة من الزمن، وقد غادرت الموقع وتسلقت الجبل وذهبت الى طريق بلدة جلجولية غرباً ثم عدت شرقاً وقطعت الشارع باتجاه بلدتي سلواد وقبل الساعة السابعة والنصف كنت قد أخذت حماماً واستلقيت على فراشي واخذت أغط في نوم عميق استيقظت في الظهر وأذا بالجميع وكل وسائل الاعلام في العالم والناس في البلدة يتحدثون عن العملية وقد تصرفت كباقي الناس ولم أقل أية كلمة لأحد ولم يبد علي اي انفعال أو تأثر بهذه العملية.
س2: هل كنت تتوقع هذه النتيجة وهذا العدد الكبير من القتلى والجرحى، وأنت لوحدك، وأن تعود حياً؟
ج2: الحقيقة أني أخترت أن أذهب لوحدي ولم أرغب أن يشاركني أحد، وذلك للمحافظة على سرية الموضوع، وقد أعددت نفسي للشهادة، وقد ذهلت أنني عدت دون أية اصابة او أي أثر وحمدت الله أنه منحني النصر ولم يكتب لي الشهادة علماً أني ذهبت راغباً فيها، فأكرمني ربي بالنصر والحقيقة لم أشعر بأي خوف أو تردد والاصابات كانت بنسبة 100% مع كل طلقة.
س3: كيف تدربت؟ ومتى ومن أين لك هذه الخبرة التي يعجز عنها أشهر القناصين؟
ج3: لم يدربني أحد وتدربت بنفسي وكنت أصطاد مع جدي والذي طالما أحتفظ ببندقية عشرات السنين ونادراً ما ذهبت الى الصيد وعدت خالي اليدين بل لا أذكر حادثة واحدة وأنا أعشق الصيد والبنادق.
س4: متى ولد ثائر حماد، وأين؟
ج4: ولدت في 25/7/1980، في بلدة سلواد قضاء رام الله وبالمناسبة فهي قلعة وطنية ولها تاريخ مجيد في العمل الوطني وخرج منها مئات المناضلين وخرجّت العديد من القيادات البارزين على المستوى الوطني.
س5: متى التحقت بحركة فتح؟
ج5: لقد عشت في اسرة وطنية وأشقائي مهتمين في السياسة وبينهم أعضاء في حركة فتح وفصائل م.ت.ف، وقد تأثرت بهذه الأجواء وكنت أشارك في نشاطات الشبيبة المختلفة وكان الحادث الذي ترك تأثيراً عميقاً في حياتي هو أستشهاد عمي ربحي في الانتفاضة الأولى ولم أكن قد بلغت الحادية عشرة وكان يحبني كثيراً ويعطيني مصروف ويشتري لي ويعطف على كثيراً ويداعبني ويطلب مني أن أغني له أغاني وطنية دائماً وكنت أفعل ذلك وقد تعلقت به كثيراً وحين أستشهد غضبت كثيراً على اسرائيل والأحتلال مع أني لم اذرف دمعة وبقي الحزن في قلبي ومنذ اندلاع انتفاضة الأقصى شاركت في مظاهرات ومسيرات وفي القاء الحجارة في منطقة البالوع، وتأثرت كثيراً بما يحصل على الحواجز العسكرية حيث كنت أمر يومياً وأشاهد وأعايش حالة الذل والقهر التي يعيشها ابناء شعبي على هذه الحواجز. كما أن قرار أختيار الحاجز العسكري لتنفيذ العملية جاء بعد عملية عين عريك التي تأثرت بها كثيراً وبالدعوات لضرب الحواجز العسكرية التي أطلقها قادة الانتفاضة.
س6: كيف ينظر ثائر حماد، منفذ عملية عيون الحرامية، الى حالة الانقسام في الساحة الفلسطينية اليوم؟
ج6: لقد أيدنا الأنتخابات والوحدة الوطنية والشراكة وكان للأسرى دور بارز في وضع وثيقة الأسرى "وثيقة الوفاق الوطني" التي مهدت لأتفاق مكة وحكومة الوحدة الوطنية، وشعرنا بالألم الشديد بسبب الانقلاب على حكومة الوحدة الوطنية التي قامت به حركة حماس ومشاهد القتل والتنكيل في قطاع غزة وشعرت بالألم الشديد والخجل. ولا يجوز أن يحدث هذا بين أبناء الشعب الواحد وقد أخطأت حماس بهذا الأنقلاب وأضرت بالشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية وآمل أن تتراجع عن ذلك، وأن يتم الأتفاق على أنتخابات جديدة وحكومة متفق عليها.
س7: من يتحمل برأيك مسؤولية أنهيار السلطة في غزة؟
ج7: لقد أنهارت اجهزة السلطة بسبب الأنقلاب ولكن هزيمة هذه الاجهزة تتحمل مسؤوليتها قيادة الأجهزة نفسها والسلطة وقيادة حركة فتح في غزة ومن المؤسف أنه لم يحاسب أحد من المسؤولين بل لا زال معظمهم في مواقعهم ولم يسألهم أحد، ولا زلنا نراهم في وسائل الأعلام المختلفة. وأني أدعو حركة فتح الى محاسبة القيادات التي أوصلت الحركة الى هذه الحالة في قطاع غزة والى محاسبة القيادات العسكرية والسياسية في السلطة ولا أعرف لماذا يحمل هؤلاء كل هذه الرتب والأوسمة وأنهاروا بلحظة واحدة.
س8: كيف تتابع الجدل الدائر في حركة فتح حول أنعقاد المؤتمر السادس؟.
ج8: أنا لست خبيراً في المؤتمرات ولكني أستغرب هذا النقاش والجدل الذي يجب أن يدور ليس في الفضائيات بل في داخل هيئات الحركة، والمؤتمر يجب أن يعقد فوراً خاصة أنه عقد قبل عشرين عاماً وتغير كل شيء منذ ذلك الا القيادة، قد علمت من الأخ القائد المناضل مروان لابرغوثي أنه قد أرسل رسالة مفصلة حول المؤتمر وهي تعكس موقفنا جميعاً وتحمي مطالبنا وأدعوا قيادة فتح للأخذ بها وتحديد موعد نهائي لعقد المؤتمر ووضع حد للوضع المأساوي الذي وصلت اليه حركة فتح، وأدعوا حركة فتح للتمسك بخيار المقاومة.
س9: ما رأيك بقرار حل كتائب شهداء الأقصى؟
ج9: لا يستطيع أحد أن يحل الكتائب الا من أسسها وأقامها والمطلوب من قيادة حركة فتح رعايتها ودعمها والمحافظة عليها طالما بقي الاحتلال وأن سلوك بعض أفرادها مماً يدعون الانتماء للكتائب لا يعكس ولا يمثل الكتائب. والكتائب مهمتها الوحيدة هي مقاومة الاحتلال فقط وعدم التدخل في أية مسألة داخلية او صراعات داخلية مهما كانت الظروف وهذا ما أكد عليه دوماً الأخ القائد المناضل مروان البرغوثي (ابو القسام) مؤسس وقائد هذه الكتائب.
س10: كيف ترى نتائج المفاوضات، وما تقوم به القيادة الفلسطينية بخصوص الأسرى؟
ج10: أنا لست ضد المفاوضات ولكن يجب أن تستند دوماً الى المقاومة وأن نعمل على المحورين معاً وهذا هو منهج فتح الحقيقي ومن المؤسف أن البعض يريد أن يرهن الشعب الفلسطيني للمفاوضات فقط والمطلوب التمسك بالمفاوضات والمقاومة معاً وحتى الآن لم تثمر المفاوضات عن شيء فالحواجز العسكرية مكانها وتزداد والمجازر مستمرة والاغتيالات مستمرة، ونحن بالمناسبة لسنا ضد السلام الذي ينهي الاحتلال الذي بدأ عام 1967 ويسمح لنا بإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
أما موضوع الاسرى فأنه مع الأسف الشديد لا نشعر أن هنالك خطة فلسطينية رسمية بتحرير الأسرى ولا زال هنالك 11 الف اسير في سجون الأحتلال يذوقون المرّ والعذاب ويتوقون للحرية وأني أدعوا الرئيس أبو مازن وجميع الفصائل الفلسطينية دون أستثناء أن يهتموا أكثر بقضية الأسرى وأن يعملوا بصدق وجدية من أجل الوصول الى نتائج ملموسة في هذا المجال.
س12: كيف يعيش ثائر حماد داخل السجن؟
ج12: كغيري من الأسرى أعيش ظروفا صعبة جداً وزيارة عائلتي لي متقطعة وكان لي شقيقان في الأسر وخرج أحدهما وبقي الآخر وهو عبد القادر وهو محكوم 11 عاما، وقد تنقلت بين العديد من السجون بينها ايشل وأوهلي كيدار في بئر السبع وعسقلان واني معتقل الآن في سجن رامون في النقب، ونحن الأسرى نتعرض لهجمة شرسة وعدوانية من قبل مصلحة السجون ونعاني من سياسة التفتيش الليلي والأهمال الطبي والنقل التعسفي ومنع الأهالي من الزيارة والغرامات المالية التي تفرض بشكل تعسفي وعشوائي على الأسرى وما الى ذلك، ومن أهم القضايا التي يعاني منها الأسرى هي سياسة العزل الانفرادي التي ما زال يعاني منها العشرات من الإخوة ومنهم من يحتجز الآن للسنة الرابعة والخامسة على التوالي في زنازين العزل الانفرادي، وكذلك سياسة الأهمال الطبي المتعمد حيث استشهد عدد من الاخوة الأسرى هذا العام والوضع آخذ في التدهور، أما بالنسبة لي شخصياً فأني أحاول الاستفادة من وقتي هنا وأطالع الكثير من الكتب وهو أمر جديد بالنسبة لي حيث أنني أنهيت المرحلة الاعدادية فقط واضطررت بعدها للعمل في البناء وفي داخل السجن بدأت بالدراسة والمطالعة وكان آخر كتاب قرأته "سنوات الأمل" عن حياة الرئيس الراحل ياسر عرفات وأركز على دراسة التاريخ الفلسطيني والقضية الفلسطينية.
س13: ما هو أكثر شيء يشتاق له ثائر حماد؟
ج13: أن اشتياقي شديد أولاً لوالدتي التي أحبها كثيراً وأعتز بها وألى والدي الحبيب الذي علمني ورباني ووقف الى جانبي دائماً وشجعني وأنا اشتاق له جداً لانه لا يستطيع زيارتي ، واشتياقي كبير جداً الى بلدتي الحبيبة سلواد والى الاصدقاء فيها والاقارب واشتاق الى الجبال والوديان والى الصيد الذي اعشقه ولبندقية الصيد والى الحصان الذي رافقني الى الحقول الجميلة في وطننا الحبيب، وبالطبع انا مشتاق للحرية ورغم ذلك فأنا لا أحمل هم شيء وأرادتي قوية لا يكسرها شيء وأنتمائي عميق لشعبي الفلسطيني الصامد المكافح الذي يستحق أن نضحي من أجله، وأنا فخور بإنتمائي لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" ولكتائب شهداء الأقصى.