الحكومة تواجه الاضراب بقرارات صارمة والنقابة تعلن الاستعداد لمواجهة "الحرب المفتوحة"
نشر بتاريخ: 03/04/2008 ( آخر تحديث: 03/04/2008 الساعة: 13:53 )
رام الله- معا- كلفت الحكومة الفلسطينية اليوم الخميس وزيرة التربية والتعليم العالي لميس العلمي اتخاذ الاجراءات الكفيلة بتعويض طلبة المدارس عما فاتهم بسبب الاضراب.
كما قررت الحكومة في جلستها التي عقدتها في رام الله اليوم، عدم دفع رواتب عن أية فترة يتغيب فيها الموظف عن العمل، بسبب الإضراب، وذلك اعتبارا من صدور القرار.
وقال الدكتور سلام فياض رئيس مجلس الوزراء في مؤتمر صحفي عقده عقب الجلسة، الحكومة اتخذت عدة قرارات بخصوص إضراب موظفي القطاع العام بناء على توصيات تقدمت بها شخصيا خلال الجلسة.
وأوضح أنه تم التنسيب للرئيس محمود عباس بإصدار مرسوم يجيز لأية جهة متضررة من الإضراب اللجوء إلى القضاء بطلب وقف الإضراب.
وفيما يلي نص بيان مجلس الوزراء الذي تلاه د. سلام فياض في المؤتمر الصحافي الذي اعقب اجتماع الحكومة:
منذ أواسط حزيران الماضي، وبعد حوالي ستة عشر شهراً من تعثر السلطة الوطنية في الوفاء بالتزاماتها المالية، عملت الحكومة، ومن لحظة تسلمها لمهامها على بذل كل جهد ممكن، للتعامل مع احتياجات مختلف شرائح شعبنا، سواء على صعيد الرواتب، أو المخصصات الاجتماعية، أو مستحقات القطاع الخاص، إضافة لما يتعلق بالتحديات والمهام الأخرى المتعلقة بتحسين الأوضاع الأمنية والمعيشية، أو تنفيذ العديد من المشاريع بما يساهم في توفير مقومات الصمود لأهلنا في قطاع غزة والضفة الغربية.
إضافة إلى ذلك، وإذا أخذنا بالاعتبار حجم المسؤوليات الملقاة على المؤسسة التعليمية الحكومية، والتي تتحمل مسؤولية نحو 770 ألف طالب في المدارس الحكومية في الضفة والقطاع، وما عانته العملية التربوية في المراحل السابقة، فلنا أن نتصور مدى الضرر الذي يلحقه استمرار هذه الإضرابات وتأثيرها على التحصيل العلمي لما يزيد عن 530 ألف طالبة وطالب في مدارس الضفة الغربية، ناهيك عن تضرر الجهود التي نبذلها لتحسين الخدمات الصحية، وما قد يتعرض له الوضع الصحي من أذى.
ومن خلال العديد من اللقاءات والاجتماعات، وعلى كافة المستويات مع ممثلي المعلمين والموظفين، وما نشر في وسائل الإعلام، يمكن القول إن المطالب النقابية تمحورت حول القضايا الرئيسية التالية: المستحقات غير المدفوعة والتي سبقت عهد الحكومة الحالية، وموضوع تثبيت موظفي وزارة التربية لعامي 2006-2007 وموظفي وزارة الصحة والعلاوات المختلفة وبراءة الذمة.
ما أود التأكيد عليه هنا، هو أن معظم هذه القضايا قد تم علاجها من قبل الحكومة بالكامل أو هي في طريقها للمعالجة الجادة. وتحديداً:-
أولاً: قامت الحكومة، وبعد عدم انتظام في دفع الرواتب أو دفعها جزئياً لمدة ستة عشر شهراً، بالالتزام الدقيق في التسديد المنتظم للرواتب في الأسبوع الأول من كل شهر، تماماً كما وعدت منذ استلامها لمسؤولياتها. وانتظمت عملية دفع الرواتب لتسعة أشهر متتالية، وعلى نحو لم يعد فيه هذا الأمر يشكل هاجساً أو موضع تساؤل لدى أي موظف.
ثانياً: قامت الحكومة بتسديد مليار وأربعمائة مليون شيكل من مستحقات الموظفين عن الفترة التي سبقت عهد الحكومة الحالية، الأمر الذي أدى إلى تسديد كافة مستحقات ما يزيد عن 50,000 موظف بصورة كاملة لتاريخه. هذا بالإضافة إلى تسديد كافة مستحقات الأسرى، وأسر الشهداء، والشؤون الاجتماعية، والمتقاعدين المدنيين والعسكريين. وأما بشأن ما تبقى من مستحقات الرواتب، وقيمتها نحو مليار شيكل، فإن الحكومة ملتزمة بالاستمرار في التسديد بأقصى سرعة ممكنة، وفقا لما تتيحه الإمكانيات.
ثالثاً: قامت الحكومة بإقرار الاعتماد المالي لما يزيد عن (5700 ) موظف في وزارة التربية والتعليم عن العامين 2006-2007, وبدأ ديوان الموظفين العام في انجاز معاملاتهم، وبُدء بدفع سلف لهم على رواتبهم، وذلك بالإضافة إلى ( 791 ) موظفاً تم اعتمادهم مالياً لوزارة الصحة.
رابعاً: قامت الحكومة بانجاز معاملات الترقية المستحقة لموظفي التربية والتعليم عن العامين الماضيين، والذين يصل عددهم إلى حوالي (15.000) موظف، وقامت بتنفيذها ماليا بتكلفة قدرها عشرون مليون شيكل.
خامساً: العلاوات:
أ. تم في بداية العام الحالي تنفيذ العلاوة الدورية، ونسبتها 1.5 بالمئة، وفقاً للقانون.
ب. وبالنسبة لعلاوة المواصلات، فقد استمرت الحكومة في دفع هذه العلاوة وفقاً للنظام القائم. وهناك لجنة تعمل على وضع مقترحات تهدف إلى تصويب عمل هذه العلاوة بما يحقق الإنصاف والترشيد الضروريين.
ج.وأما بشأن علاوة غلاء المعيشة، فيذكر أن معدل الأجور ارتفع بنسبة 27% خلال السنوات الثلاث الماضية لموظفي القطاع العام، مقارنة ب 14% في القطاع الخاص، علماً بأن المعدل التراكمي للتضخم قد بلغ 12% فقط خلال نفس الفترة.
وعلى أي حال، إذا كان الدافع المطلبي لطرح قضايا العلاوات هو زيادة الرواتب، فلا بد من أن نقول، وبمنتهى الصراحة والوضوح وأيضاً بما تقتضيه المسؤولية، إنه لا يمكن التفكير في زيادة الرواتب في الوقت الذي نواجه فيه صعوبات في دفع الديون والمستحقات. هذا بالإضافة إلى أن هناك مئات الآلاف من العاطلين عن العمل ممن يحتاجون لرعاية السلطة، وخاصة في ظل الأوضاع الراهنة الصعبة، سيما في قطاع غزة. كما وأن هناك حاجة ماسة لتوسيع نطاق عمل شبكة الأمان الاجتماعي وتنفيذ المشاريع التنموية الصغيرة التي شرعت الحكومة في تنفيذها في أواخر العام الماضي والتي بلغ عددها حتى الآن 320 مشروعاً، جوهر وظيفتها، الاستجابة لاحتياجات المواطنين وتعزيز صمودهم. وهذا بالطبع بالإضافة إلى ضرورة الاستجابة لاحتياجات المناطق المتضررة من الجدار والاستيطان، وكذلك الاستمرار في تسديد مستحقات القطاع الخاص من أجل حماية الأوضاع الاقتصادية ومكافحة البطالة.
سادساً: وأما بشان براءة الذمة، فانه، واعتبارا من مطلع الشهر الماضي، أصبحت المطالبة بها محصورة فقط بالقادرين على الدفع ممن لم يدفعوا، علما بان الحكومة التزمت بتوفير المساعدة المالية لهيئات الحكم المحلي للتعامل مع الفئات غير القادرة على الدفع، وذلك بما ينسجم مع حرص الحكومة على اجتثاث ثقافة عدم الدفع والتي أدت إلى هدر ما يزيد عن 500 مليون دولار من المال العام في العام الماضي، أي بما يعادل حوالي 20 بالمائة من موازنة ذلك العام. ومما يبعث على الارتياح أن تذمر المواطنين إزاء هذا الإجراء قد تلاشى خلال الآونة الأخيرة بعد أن تم، وبعد جهد كبير، حصر نطاق عمل آلية الإصلاح هذه في شريحة المتخلفين عن السداد ممن هم قادرون عليه. كما ولا بد من الإشارة هنا إلى أن ثبات الحكومة في تنفيذ هذا الإجراء، وفي وجه انتقادات حادة، قد أدى إلى تحقيق وفر للخزينة بمعدل 10 مليون دولار شهريا منذ بداية العام الحالي.
مما تتقدم، تتضح جدية ما بذلته السلطة الوطنية من جهد، لتجاوز الأزمة التي نمر بها، وإنهاء ما تراكم من التزامات قبل تولي الحكومة لمهامها.
وهذا الأمر يتطلب المزيد من الجهد والمسؤولية الشاملة، ليستمر صدق الالتزام في تنفيذ ما نعد به، وفي إطار من العدالة لمختلف الشرائح الاجتماعية. كما ويتضح مما ورد أعلاه، وبما لا يدع مجالا للشك، أن أية طلبات إضافية هي غير ممكنة التنفيذ. وما هو غير ممكن التنفيذ بدون إضراب لن يصبح ممكناً بالإضراب.
وهذا الأمر منطقي وشديد الوضوح حتى لمن يدعون للإضراب أنفسهم، مع التأكيد أننا سنواصل بذل أقصى ما نستطيع للتعامل مع مجمل الاحتياجات والاستحقاقات المطلوبة منا. ومرة أخرى لن يغير استمرار اللجوء للإضرابات من حقيقة هذا الواقع، لان التعامل مع ما هو فوق الإمكانيات سيؤثر وفق المعطيات المعروفة على تنفيذ الالتزامات تجاه القطاعات المختلفة، وكذلك على انتظام تنفيذ هذه الالتزامات. كما أنه لا يمكن القبول بمبدأ تسوية مستحقات فئة معينة (كالمعلمين مثلا) على حساب فئات أخرى، وخاصة منتسبي الأمن، والذين، لأسباب معروفة، فإن نصيبهم من دفع المستحقات قبل تولي الحكومة لمهامها كان الأدنى، مقارنة مع الفئات الأخرى. وقد سبق أن أوضحنا هذه الأمور في مناسبات عدة بصورة مباشرة ومن خلال وسائل الإعلام.
وبالرغم من مناشداتنا المتكررة، والتي كان آخرها مناشدة الحكومة في اجتماعها الأخير يوم الاثنين الماضي الموافق 31 آذار، إلا أن الإضراب استمر ولم تجد مناشدتنا ولا شكوى المواطنين آذانا صاغية.
ولذلك، ومن منطلق الحس بالمسؤولية والحرص على وضع الأمور في نصابها الصحيح بصراحة وأمانة ووضوح، وبناءً على توصيات تقدمتُ بها لمجلس الوزراء في الجلسة التي عقدها اليوم، فقد قرر المجلس ما يلي:
1.تكليف وزيرة التربية والتعليم العالي باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتعويض الطلاب عن الوقت الذي ضاع من جراء الإضراب.
2.عدم دفع رواتب عن أية فترة يتغيب فيها الموظف عن العمل بسبب الإضراب، وذلك اعتباراً من تاريخ صدور هذا القرار.
3.التنسيب للسيد الرئيس بإصدار مرسوم يجيز لأية جهة متضررة من الإضراب اللجوء إلى القضاء بطلب وقف الإضراب.
زكارنة :فياض تجاوز كل الخطوط الحمر مستهدفا الحريات
__________________________________________
وفي رده على قرار الحكومة اتهم بسام زكارنة رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية الحكومة بتجاوز القانون الأساسي وقرارات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمجلس التشريعي وخطاب الرئيس ابو مازن في شهر 8/2006 والتي أقرت بمشروعية الإضرابات للنقابات.
وقال زكارنة في بيان وصل "معا" نسخة عنه : "انه يظهر للجميع أن هذه الحكومة تخطط للمس بالحريات وتلغي المشاركة للجميع وخاصة أعضاء المجلس التشريعي والذين بادروا لاكثر من مرة لجمع الطرفين والمساهمة في حلول فيها مصلحة الطرفين وكذلك النقابات".
وناشد زكارنة الرئيس أبو مازن ورؤساء الكتل البرلمانية وأعضاء التشريعي للتدخل العاجل "لحماية الديمقراطية" متهما د. سلام فياض باعداد مشروع "لضرب العمل النقابي وشله نهائيا منذ أشهر".
وقال: "لدينا النسخ التي نوقشت من قبل وزارة التخطيط ودائرة التشريعات في مجلس الوزراء لعرضه على الرئيس ابو مازن لاعتماده كما علمنا ولم تكن هناك موافقة من الرئاسة وخاصة بسبب تجاوز المقترح للقانون الأساسي".
وأتهم زكارنة د. فياض برفض كافة الاتفاقات التي توصلت اليها النقابات مع الوزراء المفوضين قائلا: "إنه ( فياض) لا يعترف بالشراكة ويقرر من طرف واحد دون حسيب او رقيب كما يعتقد".
وبين "ان النقابة رحبت امس بتصريحات المالكي ودعت إلى تقديم شيء ملموس من مطالب الموظفين مقابل تعليق الفعاليات فورا".
وأكد زكارنة إصرار النقابات على الاستمرار في الدفاع عن حقوق الموظفين وفق القانون الأساسي. ودعا مجلس النقابة إلى البقاء في حالة انعقاد دائم مطالبا جميع النقابات بعقد اجتماع عاجل لمواجهة ما وصفه بالحرب المفتوحة.
الكتل البرلمانية ترفض قرارات الحكومة بحق الموظفين المضربين
رفضت الكتل والقوائم الانتخابية في المجلس التشريعي،اليوم،الإجراءات التي تضمنها بيان الحكومة بحق الموظفين المضربين،باعتبارها إجراءات مخالفة للقانون،ولقرارات المجلس التشريعي.
ودعت في بيان وقعت عليه كتلة فتح البرلمانية، والبديل، وأبو علي مصطفى، وفلسطين المستقلة،الرئيس محمود عباس لعدم إصدار أية مراسيم رئاسية تحد من الحريات العامة والنقابية،ومن ضمنها حق الإضراب الذي كفله القانون الأساسي.
ودعت الكتل والقوائم الانتخابية في التشريعي،الحكومة إلى التراجع عن هذه الإجراءات والالتزام بالقانون بما في ذلك التفاوض والاتفاق مع النقابات وتلبية حقوقهم المشروعة وإلى وقف العمل ببراءة الذمة عملا بقرار محكمة العدل العليا المؤقت.