خارطة الطريق الى حرب غزة!
نشر بتاريخ: 08/04/2008 ( آخر تحديث: 08/04/2008 الساعة: 15:23 )
بيت لحم- معا- رجحت صحيفة "الواشنطن بوست" ميل حكومة ايهود أولمرت إلى توجيه ضربة لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة.
ويقول التقرير: قبل سبعة أعوام كان فريق الساسة الخارجية في إدارة الرئيس الوافدة ينتقد إدارة سابقه بيل كلينتون على مسارعتها في اللحظة الأخيرة لعقد اتفاق سلام في الشرق الأوسط والذي انتهى باندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية. والآن ومع تبقي أقل من عشرة أشهر على نهاية ولاية الرئيس جورج بوش، يكرر نفس العملية المتسرعة هو ووزيرة خارجيته كوندوليسا رايس، ويبدو أنهما لا يدركان أن مبادرتهما قد تلقى نفس المصير وتنتهي بحرب فلسطينية إسرائيلية.
واضاف توجهت رايس مجددا إلى القدس في الأسبوع الماضي في محاولة للضغط على إسرائيل من أجل القيام بخطوات ملموسة في إطار الوفاء بما التزمت به في مؤتمر أنابوليس. ويبدو أن جهودها توجت بإزالة عدد قليل من بين مئات الحواجز والسواتر التي تقيمها إسرائيل في الضفة الغربية. لكن القادة الإسرائيليين الذين زاروا واشنطن مؤخرا نقلوا رسالة مفادها أن إسرائيل على طريق مواجهة جادة مع حركة حماس في قطاع غزة.
وكانت تلك المواجهة على وشك الحدوث قبل حوالي الشهر عندما أطلقت حماس ولأول مرة صواريخ إيرانية على مدينة عسقلان إضافة إلى الصواريخ محلية الصنع التي دأبت حماس على إطلاقها على مدينة سديروت على مدى عدة سنوات. وبعد عدة غارات إسرائيلية عقابية توقف القتال وبدأت مصر بتشجيع من وزارة الخارجية الأمريكية تبذل جهودا للتوصل إلى هدنة طويلة الأجل. وسبق أن تحدثنا عن تلك الهدنة واصفينها بأنها أهون الشرور بالنسبة لإسرائيل.
لكن المسؤولين الإسرائيليين يقولون أن أولمرت ووزير خارجيته إيهود براك غير معنيين بعقد اتفاق مع حركة حماس مع اعترافهم أن وقف إطلاق النار المتبادل قد يسهل مهمة المفاوضين، وأن اندلاع مواجهة شاملة يعني بالتأكيد موت مؤتمر أنابوليس. غير أن المسؤولين الإسرائيليين ينظرون إلى المواجهة مع حركة حماس على أنها أهم من الناحية الاستراتيجية من المحادثات الجارية مع الرئيس الفلسطيني "المعتدل" محمود عباس. والتوجه السائد في القدس - كما قاله لي أكثر من مسؤول إسرائيلي - يرى أن لا بديل عن التصادم العسكري مع حماس في غزة، وربما يكون ذلك قبل نهاية ولاية الرئيس الأمريكي جورج بوش.
وتنبع هذه النزعة الإسرائيلية للعنف بشكل أساسي حسب المسؤولين الإسرائيليين من استمرار تهريب الأسلحة إلى غزة تحت إشراف إيران مع غضة طرف مصرية لأن مصر وبرغم الضغوط الأمريكية تتجنب اتخاذ إجراءات صارمة خوفا من أن يندلع صدام بينها وبين حماس. أما حماس فتقوم ببناء ترسانة من الصواريخ على غرار ما قام به حزب الله المدعوم من إيران في الجنوب اللبناني. كما يقول الإسرائيليون أن مئات من عناصر حماس قد توجهوا إلى إيران لتلقي التدريبات على إطلاق صواريخ غراد والتي هي نسخة إيرانية عن الكاتيوشا السوفيتية.
ولتجنب ما عاناه الجيش الإسرائيلي عندما هاجم حزب الله في العام 2006، فإنهم يتدربون في مواجهة نقاط القوة عند حركة حماس في غزة. لكن المسؤولين الإسرائيليين يرون أنه كلما طال انتظار الجيش في توجيه ضربة ضد ما يعتبرونه خطرا استراتيجيا في غزة، كلما ازدادت فرص حماس في تكبيد الجيش الإسرائيلي خسائر ثقيلة وفي توجيه مزيد من الضربات الصاروخية للمدن المحاذية لقطاع غزة. وبحسب رأيهم فإن الهدنة التي تسعى مصر إلى تحقيقها (وتدعي حماس أنها تريدها) ستزيد الأمر سوءاً لأنها ستعطي حماس الفرصة الكافية لبناء ترسانتها.
ويرغب بوش ورايس بأن تتوانى أسرائيل في مواجهة حماس إلى أن يتوصل رئيس الوزراء أولمرت إلى اتفاق إعلان مبادىء يقود إلى اتفاقية سلام نهائية مع الرئيس عباس، كما أن أولمرت نفسه يرغب بهذه الصفقة، إلا أنه بات من الواضح لإسرائيل أن الحكومة التي يقودها عباس لن تتمكن أبدا من تطبيق تلك الاتفاقية. فبرغم الدعم العالمي المكثف، لا تعدو الإدارة الفلسطينية في الضفة الغربية مجرد كيان ضعيف يساعد الجيش الإسرائيلي على بقائه في السلطة. ويرى الإسرائيليون أن حماس ستكون قادرة على وقف العملية السلمية متى تريد عن طريق استئناف إطلاق الصواريخ على مدينة عسقلان. ومهما حدث في غزة، سواء أكان ذلك هدنة بين إسرائيل وحماس أو حرب مفتوحة، فإن الرئيس عباس سيكون الخاسر في كلتا الحالتين.
وطالما ألمح رئيس وزرائه سلام فياض أنه قد يفضل أن توجه إسرائيل ضربة لحماس لأن ذلك سيمكن حركة فتح التي يقودها محمود عباس من السيطرة على قطاع غزة. غير أن قوات الأمن التابعة للرئيس عباس لا تبدو من القوة بمكان لتسيطر على سكان غزة البالغ عددهم مليون ونصف المليون في الوقت الحالي.
ويتوقع الإسرائيليون أن المواجهة القادمة لا تتطلب بالضرورة إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل. وتحسبا لردة الفعل الدولية ضد هجوم إسرائيلي على غزة، وكذلك التغطية الإعلامية المباشرة لمعاناة الفلسطينيين، يفضل إيهود أولمرت انتظار ذريعة على شكل استفزاز صريح من حماس والتي قد لا يحصل عليها في الأشهر القريبة القادمة. لكن ما يقلق الإسرائيليين هو عدم استعداد إدارة الرئيس بوش لأن تحبط نزعتها لتحقيق السلام في الشرق الأوسط وتقع الحرب هناك بدلا من السلام.