غزة تشيع شهداءها بالهتافات والدموع ..أبو القمبز قضى بعد ثمانية أعوام من البطالة
نشر بتاريخ: 10/04/2008 ( آخر تحديث: 10/04/2008 الساعة: 17:56 )
غزة-معا- هبت تسبقها عاطفة الأم الجياشة كانت غير قادرة على الوقوف ولكنها بسرعة البرق قفزت من مكانها واختطفت ابنها من بين أحضان خاله قالت له:" حبيبي يما يا مدحت انت سندي الآن أرجوك أن تتماسك أرجوك".
قال لها وقدماه لم تحملانه :" أريد أن أرى والدي" وبلمح البصر أحضر المشيعون جسد الشهيد المسجى يحملونه على الأكف وفوق الرؤوس حاولت أن تتعلق بنعشه قالت ": أرجوكم أريد أن أودع زوجي وحاول ابنها إقناع قرابة عشرين رجلاً يحملون جثمانه قال لهم أنزلوه أرضاً فأمي تريد أن تودع والدي".
مشهد لا مثيل له...سيدات تخور قواهن ويتساقطن واحدة تلو الأخرى على أرض المنزل الصلبة وعلى عتباته، تلك الزوجة وقربها الابنة وبجانبها الشقيقة، هن أخوات وبنات الشهيد أبو القمبز وبدأن بلا إرادة بحملة مدوية من الصراخ، التكبير والعويل امتد من ساحة بيت الشهيد مازن أبو القمبز" 45" عاماً إلى أبعد الحدود حتى قارب بلوغ السلك الإلكتروني للاحتلال الذي أقامه بالقرب من منزل أبو القمبز شرقي حي الشجاعية بمدينة غزة أي على الحدود الشرقية المحاذية لقطاع غزة طولاً.
شقيقته الكبرى ام احمد فرت من بين أيدي الرجال حافية القدمين حاولت اللحاق بجثمان شقيقها وهي تشهق بصراخ مدو:" لماذا يأخذونه أريد أن اودعه آه يا شقيقي يا حبيبي يا سندنا لقد آلمتنا بفراقك وإنني أشهد الله أنني سامحتك فسلم على والدينا بالحياة الآخرة".
الزوجة نجاة أبو القمبز "43" عاماً قالت لمعا:" ليته يرتاح من هذه الدنيا القاسية فقد مكث بالبيت لثمان سنوات متتالية دون عمل فزهقت روحه وكان دائماً يردد زهقان أريد ان اموت"، أربع بنات وولدين تعلقوا جميعاً بجثمانه يريدون منه أن يبقى ولكن الاحتلال قتل أمنياتهم واختطف بإحدى قذائفه حياة والدهم.
وعلى بعد أمتار قليلة بقع منزل المواطنين عاطف وابن عمه الطفل أحمد الغرابلي "26" و"16" عاماً كانا على سطح المنزل يحاولان استطلاع ما يجري على الحدود لدى سماعهما أصوات اشتباكات مسلحة، كانا يحاولان حماية أقفاص العصافير من النيران المتطايرة فلم يستطيعا حماية نفسيهما حين باغتتهما قذيفة مروحية إسرائيلية عن السطح أسقطتهما أرضاً وكانت ذاتها القذيفة التي اختطفت حياة جارهما ابو القمبز وأنهت حياتهما دفعة واحدة.
وعلى بعد قريب من منزلي الشهداء الثلاث، كان موعد المواطن محمد أبو جبة "أبو العلاء "مع الموت عندما باغتته هو الآخر قذيفة إسرائيلية حيث كان يستطلع الأحداث بالقرب من ناحل العوز عن سطح محطة أبو جبة للبترول.
ابو علاء لم يعرف ان صعوده على سطح المحطة بعد ساعات العصر سينهي ساعات عمله في محطة العائلة، وبعد استشهاده بدقائق توغلت الدبابات الإسرائيلية بالمكان وأحاطت بالمحطة مانعة سيارات الإسعاف من نقل جثمانه.
اما غزة الحزينة والتي تفتقد إلى الوقود فقد حاول مشيعوها السير على أقدامهم خلف جنازات الشهداء الثلاث، وحمل فيها المشيعون رايات فصائل مختلفة وودعوا الشهداء بعد الصلاة عليهم في مسجدي العمري الكبير والتوفيق ثم واروهم الثرى الى مثواهم الأخير وسط حالة من الحنق والغضب الشديدين مطالبين بالانتقام لدماء الشهداء.